السلام عليكمأشكركم على الجهد الذي تبذلونه للتغلب على المشاكل التي تواجه مجتمعنا العربي والإسلامي، بارك الله فيكم، وبعــد،، لن أطيل عليكم.مشكلة ابنتي تتلخص في مشكلة (اضطراب الهوية الجنسية)، وهي كمثل باقي الحالات التي كنتم سبق و عرضتموها لنا، وسأوجز حالة ابنتي بإسهاب حتى يتسنى لكم مساعدتي بأسرع وقت ممكن، حفظكم الله ورعاكم،، فأنا والدة لفتاة في السادسة عشر من العمر، لاحظت أنها تميل للّعب مع الصبيان من أولاد ومن أقارب منذ أن كانت في الثامنة من العمر، وشيئا فشيئا أصبحت ترتدي القمصان مثل الأولاد وقصت شعرها مثل الأولاد، وأصبحت تمشي مثلهم وتتصرف مثلهم بالضبط، وكل هذا لاحظته فجأة في غضون تقريبا سنتين على فترات متباعدة، إلى أن لاحظنا ذلك متأصل بها في غضون حوالي 4أشهر تقريبا، فأصبح أسلوبها خشنا كالأولاد، وتلبس مثلهم وتشتري من نفس محلات الصبيان، وفي المدرسة ما زالت للآن تصادق البنات، ولكن على مضد حيث ليست المدرسة مختلطة، ولكن على الرغم من خشونتها في الفترة الأخيرة، فإنها كريمة حنونة طيبة القلب وذكية ولكنها لا تحب الدراسة، مع العلم أنها كانت من المتفوقات إلا أنها الآن العكس، تحب طبعا الألعاب التي فيها جهد وعنف ولياقة بدنية مثل الأولاد تماما. وأنت أعلم ببقايا أعراض الحالة تماما،، لن أطيل عليكم.. لقد تم عرضها على دكتور نفساني، وشخص بسرعة فائقة مرضها (اضطراب في الهوية الجنسية) وأخبرنا أنها يحب أن تُعالج حاليا عند أخصائية سيكولوجية (نفسية) على جلسات لمدة 4أشهر تقريبا، جلستان في كل أسبوع، كل جلسة لمدة ساعة ونصف، وأخبرنا بعدم الحاجة لإجراء أي تخطيط للمخ أو عمل فحص الهرمونات (كما سبق وأن ذكرتم أنتم في حلكم لمثل هذه الحالات).. وأخبرنا أنه في حالة عدم تجاوبها نهائيا في الجلسات، سوف تضطر للبقاء في المصحات النفسية لعلاجها. سؤالي المهم الآن: إلى أن يتم عرضها على الجلسات النفسية (مع أنني سوف أجري لها تحليل الهرمونات(ما هي طريقة التعامل معها مبدئيا) ولا تقل لي رجاءً إن الأخصائية المختصة سوف تخبركم بعد عدة جلسات بما يجب أن تقوموا به تجاهها) أرجــــــــــــــوك أكيد أنت من الممكن أن تساعدني مبدئيا بعدة إرشادات أعانك الله.. حيث في بداية الأمر وقبل أن نعرف أنها مريضة، كنت بعض الأوقات أقسو عليها من شدة غضبي من تصرفاتها الصبيانية،، وبعض الأوقات الآن وبعد مرضها أُشفق عليها،، أريد أن أعلم ما هي الطرق التي يمكن عن طريقها أن أكون جزءً من التسريع في علاجها؟؟ كما أرجو منكم أن ترسلوا لي بريد أحد الدكاترة الذي من الممكن أن يساعدني في حالتها، إذا كان وقتكم لا يمسح بالمساعدة .. شكرا جزيلا لكم أم محمد / الكويت
الأم الفاضلة أهلا وسهلا بك، وشكرًا على ثقتك صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن إفادتك أثارت في عديدًا من الشجون، وسأقول لك بعضًا منها في هذا الرد، كما سأحاول أن أضع يديك على ما يلهمني الله عز وجل من إرشادات لأفضل الطرق للتعامل مع مثل هذه النوعية من الابتلاءات التي ابتليت بها مجتمعاتنا الإسلامية، وأبدأ الحديث معك من نقطة في منتهى الخطورة وهي ماذا يعني أن طبيبا نفسيا شخص حالة ابنتك بسرعة على أنها اضطراب الهوية الجنسية؟ ولا أريد أنا للأمر أن يبدو تشكيكا في ذلك الطبيب النفسي، فليس هذا هو المقصود أبدًا، وإنما المقصود هو أن أبين لك إلى أي شيء يستند الطب النفسي الغربي في تشخيص مثل هذا التشخيص؟ فقواعد التشخيص طبقا للتصنيف الأمريكي للأمراض النفسية هي كما يلي: (1) نزعة قوية ودائمة للتماهي (التعرف على الذات) مع الجنس المغاير cross-gender identification، وليس فقط مجرد رغبة بسبب وضع اجتماعي أفضل للجنس الآخر، وفي المراهقين والراشدين يظهر الاضطراب بأعراض مثل: الإقرار بالرغبة في أن يكون من الجنس الآخر، التصرف غالبا كفرد من الجنس الآخر، أو الرغبة في أن يعامله الآخرون كفرد من الجنس المغاير، أو القناعة التامة بأنه ينتمي للجنس المغاير ويشعر بمشاعره ويتفاعل بطريقته. (2) ضيق دائم وعدم رضا عن شعوره بعدم ملاءمة الدور الاجتماعي الذي يمليه عليه الدور الاجتماعي لجنسه التشريحي، وفي المراهقين والراشدين يظهر ذلك بأعراض مثل: الانشغال بالتخلص من صفات وأعضاء الجسد الجنسية التي تنتمي للجنس المرفوض فيطلب مثلا العلاج بالهرمونات لتغيير نبرة الصوت وربما يحلم بالجراحة لتغيير تلك الأعضاء حتى يشبه أفراد الجنس المغاير، ومنهم من يعتقد أنه ُولد خطأ بهذا الجنس! (3) يجب ألا يشخص هذا الاضطراب في حالات الخنثى (أي التداخل البيولوجي الفعلي بين الجنسين، وليس النفسي فقط). (4) يجب أن يكونَ الاضطراب مصحوبا بخلل وعدم راحة في التصرف اجتماعيا أو وظيفيا أو غير ذلك من مناحي السلوك. وأنا من هنا أبدأ في السؤال أولا عن كيف تبدو ابنتك أصلا؟ هل هناك ما يشير إلى أنها ليست أنثى كاملة النمو والتطور؟ هل تبدي ضيقا من نهودها مثلا؟ هل تكره صورة جسدها ؟ هل تتمنى لو أنها لا تحيض؟ يا سيدتي إن الأمر لا يمكنُ ببساطة أن يشخص بسرعة كما تصفين، والأغلب أن الأخصائية النفسية التي أحالك لها الطبيب النفسي ستتابع البحث في جذور ما أُفضل تسميته بعدم الرضا عن الهوية الجنسية الاجتماعية أو الجندر كما يسميها البعض، أو الضيق بالجندر Gender Dysphoria ، وأقصد من هذا الكلام أن أقول لك إن التشخيص ليس نهائيا ولا أكيدا، فهناك كثيرٌ من الحالات التي تظهر فيها نفس الأعراض التي ترينها على ابنتك وبعضها أكثر خطورة وانحرافا، وبعضها أقل من اضطراب الهوية الجنسية. المهم هنا هو أن تشخيص هذا الاضطراب في حالة لا نجد فيها في الجسد أو الكروموسومات أو الهرمونات ما هو غير متماش مع الجنس الحقيقي هو أمرٌ محفوف بالمخاطر وبالمسئولية أمام الله عز وجل، لماذا؟ لأن من الممكن أن يكونَ الدافع لسلوك البنت أمرًا آخر تماما، ربما ترى مثلا أن الرجال أفضل حالا وإن كان هذا أصبح مستبعدا في الآونة الأخيرة في الخليج، وربما (واعذريني في تخميني) يكونُ الأمر متعلقا بميول سحاقية، أو بتحرش جنسي وأنت لا تدرين عن ذلك شيئا طبعا، هناك يا سيدتي من تطلب التحول إلى رجل لأنها تميل جنسيا للإناث، وهناك من تطلب ذلك وتظهر الرغبة فيه لأنها تكره أن تكونَ ضحية للرجل بعدما عممت مشاعرها تجاه من يتحرش بها على كل الرجال، وتظن أنها بتحولها إلى رجل تهرب من ذلك الدور! معنى ما أقوله لك هو أن حالة ابنتك ما تزال في حاجة إلى كثير من البحث داخل كيان البنت النفسي، ومن المهم أن نعرف أكثر عن طبيعة علاقتها بالبنات والأولاد؟ وكيف يشعرون بها ويعاملونها؟ إن ما لا تعرفينه يا سيدتي هو أن هدف العلاج النفسي القائم على المعطيات الغربية هو الوصول بصاحب حالة اضطراب الهوية الجنسية إلى الرضا عن جنسه وعن دوره الجنسي الاجتماعي، وليس الهدف هو الإصلاح بما يتماشى مع قيم المجتمع الذي يعيش فيه، فليست هناك قيم في الطب النفسي الغربي، إلا قيم المريض نفسه، وهي التي يعمل المعالج في إطارها! ، وتلخيصًا ينقسم العلاج النفسي والطبي إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى: يتم فيها استقصاء كل ما يمكن جمعه من معلومات حول نفسية المريض، وبيئته وملابساتها ودوافعه الحقيقية لتغيير جنسه، وكثير ما يظهر ذلك الاستقصاء إن كتب له النجاح أمورا أخرى غير اضطراب الهوية الجنسية أقلها هو عدم تأكد الشخص من هويته الجنسية الاجتماعية، فإذا اقتنع المعالج بحقيقة وجود الاضطراب فإن المرحلة الثانية تبدأ. المرحلة الثانية: وهي التي يبدأ فيها المريض بالحياة كفرد من أفراد الجنس الآخر، أي أن ابنتك ستطلب تغيير اسمها إلى اسم ولد ثم تخرج إلى الشارع مرتدية لباس الأولاد وربما طلبت تناول بعض الهرمونات الذكورية لكي ينبت الشعر في وجهها وجسدها ولعل صوتها يصبح أكثر خشونة، وستخبر الأهل والمدرسين والجيران بأنها ولد، وتجرب الحياة بهذا الشكل!!!! ، ولا تبكي يا أختي إن قلت لك أن المذكور في كتب الطب النفسي المحترمة هو أن "كثيرين يفضلون البقاء في هذه المرحلة أي يعيشون عيشة المخنثين"!! ولله الأمر من قبل ومن بعد!، وأما من يطلبون المزيد فهم من يدخلون المرحلة الثالثة. المرحلة الثالثة: هي مرحلة التدخل الجراحي، لتغيير خلق الله، أو العبث به، فإما أن يتم التحويل الجنسي تماما من رجل إلى امرأة، أو العكس (لإنتاج مسخ مشوه طبعا)، أو الإبقاء على الأعضاء التناسلية الأصلية وإضافة أعضاء الجنس الآخر (من خلال زراعة الأعضاء أو تكوينها من مناطق أخرى من الجسد نفسه) أي أننا نجد عندنا خنثى صناعي! لم أقصد بالطبع أن أسود الصورة في عينيك، وإنما أردت أن أنبهك إلى ضرورة التعامل مع الموقف لا على أن وجود الاضطراب المزعوم عند ابنتك حقيقة لا تقبل الجدل، وإنما يجب أن نبحث وأن نتفهم، وذلك من خلال الطبيب النفسي أو الأخصائية النفسية، أو من هو على استعداد للعمل في إطار من الشرع والدين، وأحيلك هنا إلى هذا الرابط لتعرفي منها لماذا يعتريني القلق الشديد على مجتمعاتنا: صبيك .. ماني .. شنو : فجوة لهجات ومعلومات !، إذن عليك أن تكملي الاستقصاء طبيا بتحليل الهرمونات، وكذلك الكروموسومات، لمعرفة مدى التطابق بين جنس ابنتك البيولوجي وبين جنسها الظاهر جسديا، وبين سلوكها الاجتماعي، وبعد أن تعرفي النتائج أخبرينا بها وتابعي من خلال صفحتنا معا نربي أبناءنا، وأما عن كيفية التعامل معها من أجل التسريع بعلاجها؟ فإن الرأي عندي هو أن تعامليها بشكل طبيعي كأم ، فاقبلي منها ما يمكن قبوله داخل محيط الأسرة أولا ثم حاولي أن تعرفي منها سبب التغير الحادث لها في إطار من الاحتواء والمودة، فهي في جميع الأحوال مريضة ولكننا لا نستطيع الجزم بكون المرض نفسيا أو اجتماعيا أو عضويا، فالعلم له وحده، وأهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك.