الأكل الليلي أو المسائي Night (Nocturnal) Eating ::
الكاتب: أ.د. وائل أبو هندي
نشرت على الموقع بتاريخ: 03/01/2005
اضطرابُ الأكل الليلي أو
المسائيNocturnal (or Night) Eating disorder:
كثيرا
ما نسمع الشكوى من مريضاتنا أو مرضانا، غالبا من
الواقعين في براثن الحمية المنحفة(الرجيم)،
من قيامهم وسط الليل وهم بين النوم واليقظة ثم فتحهم
للثلاجة أو لأحد أصناف المحفوظة خارجها في المطبخ، حيث
يلتهمون كميات كبيرةً من الطعام غالبا من الأصناف التي
يتجنبونها أثناء النهار، وأحيانا كثيرةً يكونُ الأمر
مجرد ظاهرة عابرة، لكنه في بعض الحالات يأخذُ شكلا
مرضيا.
جدُ بينَ اضطرابات الأكل النفسية الموصوفةِ في
الدوريات العلمية الغربية ما يوصفُ مرةً
بزملة الأكل الليلي
Nocturnal Eating Syndrome
ومرةً بزملة الأكل المسائي
Night Eating Syndrome
والحقيقةُ أن التفريقَ بينَ هاتين الزملتين غير واضحٍ
تمامَ الوضوح(S.C.a.R.E.D.,2002)،
حتى أنهُ من غير المعروف على وجه الدقة إن كنا نتحدثُ
عن زملتي أكلٍ نفسيتين منفصلتين أم عن زملةٍ واحدةٍ قد
تأخذُ أكثرَ من شكلٍ في مختلف الحالات، فقد وصفَت
زملةُ الأكل المسائيStunkard et al.,1955)
Night Eating Syndrome)لأول مرةٍ عام
1955، ولم تحظ بالكثير من الاهتمام لفترة نصف قرن من
الزمن، وقد وصفت المعايير التشخيصية لزملة الأكل
المسائي في مختلف الدراسات(Coates,1978)و(Kuldau
& Rand,1986)و(Rand
& Kuldau,1986)و(Stunkard
et al.,1996)و(Rand
et al.,1997)و(Adami
et al.,1999)و(Birketvedt
et al.,1999) كما
يلي:
(1)القهم
الصباحي Morning
Anorexia:ويقصدُ به فقد شهية الشخص للطعام في
بدايةِ اليوم، حيثُ لا يجدُ الشخصُ شهيةً للطعام في
الصباح للإفطار، وربما أحسَّ بنوعٍ من القلقِ
والانشغال حولَ ما أكلهُ في مساءِ اليوم السابق.
(2)القشم
المسائي Evening
Hyperphagia:ويقصدُ به زيادةُ شهية الشخص
للطعام في المساء، بحيثُ أن أكثرَ من نصف الغذاء
اليومي يتمُّ تناولهُ بعد العشاء أو بعد هبوط الليل،
وعادةً ما يأكلُ الشخصُ بعدَ العشاءِ أكثرَ مما
تناولهُ خلال وجبة العشاءِ نفسها، ويشعرُ الشخصُ
بالتوتر والانزعاجِ وربما بالذنب أثناءَ الأكل، وعادةً
ما يختارُ الأغذيةَ الغنيةَ بالنشا والسكريات، كما أن
الأكلَ في هذا الاضطراب لا يتمُّ في مدةٍ قصيرةٍ، بل
ربما استمرت عمليةُ الأكل خلال ساعاتٍ طويلةٍ من
المساءِ، ويختلفُ في ذلك عن الأكل في اضطراب نوبات
الدقر.
(3)الأرق
Insomnia:ويقصد به
صعوبةُ الخلود إلى النوم في المساء سواءً كانت
الصعوبةُ صعوبةَ الدخول في النوم أو صعوبةَ الاستمرار
فيه، وعادةً ما يحسُّ الشخصُ بحدةِ مزاجه أثناءَ
المساءِ، وربما أحسَّ بوجوبِ الشعور بالامتلاءِ لكي
يستطيعَ الدخولَ في النوم، وكثيرًا ما يستيقظُ من نومه
بعد الدخول فيه وربما ذهبَ للأكل عدةَ مراتٍ في
الليلةِ الواحدة، وأحيانًا في حالةٍ تتأرجحُ بينَ
النوم واليقظة، والأكل بالطبع هنا يشعر الشخصَ بالذنب
والضيق أكثرَ مما يشعرهُ بالمتعة.
وبعد تعريفه بأنهُ"اضطرابٌ
يتميزُ بالقسم المسائي والليلي، والأرق، والقهم
الصباحي"، نشرت
المعايير التشخيصيةُ لزملة الأكل الليلي عام 1999،
بالشكل التالي(Birketvedt
et al.,1999)و(Yager,1999):
(1) القهم
الصباحيُّ -حتى ولو الشخص يتناولُ إفطاره-
(2) قشمٌ مسائي
حيثُ يتناولُ الشخص ما يعادلُ أو يزيدُ على نصف ما
يتناولهُ من سعرات حرارية خلال اليوم مبتدءًا من بعد
وجبة العشاء الأخير.
(3) درجةٌ ما من
الأرق، مع الاستيقاظ مرةً على الأقل بعد الدخول في
النوم.
(4) التهام وجبات
لا يستهان بها (تصبيرات)
أثناء مرات الاستيقاظ تلك.
(5) أن تستمرَّ
الأعراضُ السابقةُ لمدةٍ لا تقلُّ عن ثلاثة شهور.
(6) ألا تنطبق
على الشخص معايير تشخيص اضطراب النهام العصبي أو
اضطراب نوبات الدقر،
والاضطراب هو أحدُ
الاضطرابات التي يجبُ البحثُ عنها بينَ مبتدئي الحمية
المنحفة، ويشيرُ الباحثون إلى أن مساره قد يكونُ نوبيا
وقد يتزامنُ مع فترات الكرب
الحياتية
ويصفونَ آكلي الليلNight Eaters
بأنهم (Birketvedt
et al.,1999)و(Yager,1999):
-1- يتناولونَ
تقريبًا ضعفَ ما يتناوله الشخص في العينة الضابطة من
السعرات الحرارية اليومية.
-2- تنتابهم
نوبات أكل بمعدل ضعف الأشخاص في العينة الضابطة خلال
الأربعة وعشرين ساعة(9.3
مقابل 4.2).
-3- عند السادسة
من مساء اليوم يكونون قد تناولوا فقط 37% من معدلهم
اليومي من السعرات الحرارية مقابل 74% في أفراد العينة
الضابطة.
-4- بعضهم غير
بدين، لكن معظمهم يعاني من البدانة ونسبةُ من يعانون
من ذلك الاضطراب تصلُ إلى 25% في المعانين من البدانة
المفرطة.
-5- قد يعانون من
صعوبة الدخول في النوم.
-6- بعضهم قد
يعاني من اضطراب نفسي مصاحب غالبًا ما يكونُ اضطراب
مزاج.
وأما زملةُ الأكل الليلي
Nocturnal Eating Syndrome
فوصفت عام 1990 في تصنيف الجمعية الأمريكية لاضطرابات
النوم(Thorpy,1990)
بأنها"الاستيقاظُ
المتكررُ من أجل الأكل عدةَ مراتٍ بعد الخلود إلى
النوم ثم الرجوعُ الطبيعيُّ إلى النوم بعد أكل الطعام
المرغوب" واعتمدت
عدةُ دراساتٍ(Spaggiari
et al.,1994)و(Greeno
et al.,1995)و(Manni
et al.,1997)هذا
التعريف للزملة والواقعُ أن وصف هذا الاضطراب ضمن
اضطرابات النوم، ربما يمثلُ المحكَّ الرئيسيَّ لتفريقه
من زملة الأكل المسائي، فزملةُ الأكل الليلي تعتبرُ
اضطرابَ نومٍ لا اضطراب أكل حيثُ تُدرسُ بينَ اضطرابات
النوم تحتَ عنوانِ اضطراب الأكل الليلي المتعلق بالنوم
Nocturnal Sleep-Related Eating
Disorder،
كما أن هناكَ ما يشيرُ إلى أن المريض بزملة الأكل
الليلي يكونَ في مستوىً بينَ الوعي واللا وعي أثناءَ
الأكل الليلي، أو أنهُ يأكلُ أثناءَ النوم(وهوَ
نائم) وغالبًا لا
يتذكرُ شيئًا عن ذلكَ الأكل أو ربما يجدُ ذاكرةً
جزئيةً فقط عما حدثَ، وكثيرونَ منهم يبدي استغرابهُ
وتعجبهُ من دلائل استهلاكه لكمياتٍ من المأكولات
السكرية والدهنية التي غالبًا ما يمسكُ نفسهُ عنها
أثناءَ اليقظةِ، وربما ينكرُ بعضُهم حدوثَ ذلك عندما
يواجههم ذووهم بحدوثه أثناءَ الليل، ولعلَّ هذا الأكل
بين الصحو واليقظةِ مع احتمالٍ عدم تخزين الفعل في
الذاكرةِ هوَ ما يعطي الانطباع باختلاف زملة الأكل
الليلي عن زملة الأكل المسائي وإن كانَ نفسُ هذا الأمر
قد وصفَ مرتبطًا بزملة الأكل المسائي كما يتضحُ من
القاعدة التشخيصية الثالثة تحت عنوان الأرق، والواقع
أن معظمَ الدراسات لا تهتمُّ كثيرًا بالتفريق وتستخدمُ
فيها التسميتان الإنجليزيتان للإشارة إلى اضطرابٍ واحد(Schenck
et al.,1991)و(Schenck&
Mahowald,1994) و(Lennernäs
et al.,1995).
وتحدثُ أعراضُ زملةِ الأكل المسائي
Night Eating Syndrome
في نسبةٍ تتراوحُ بينَ 8% و27% من مرضى البدانة(Gormally
et al.,1982)و(Schenck&
Mahowald,1994)و(Lennernäs
et al.,1995)،
كما تقدرُ نسبةُ حدوثها في أفراد المجتمع بشكل عامٍ
بما بين 1% إلى 2%، وهيَ نسبةٌ كبيرةٌ بالطبع إلا أن
من المهم الإشارةُ إلى السريةِ الشديدة بل التي تكادُ
أن تكونَ مطلقةً من ناحية المرضى، فهم لا يذكرونَ هذا
العرضَ وإن ووجهوا به حاولوا الإنكار غالبًا، ونفس
السرية نراها مع أعراض زملة الأكل الليلي
Nocturnal Eating Syndrome
التي تقدرُ معدلات حدوثها بما بينَ 1% إلى 3% من
المجتمع، بينما تحدثُ فيما بينَ مرضى اضطرابات الأكل
المختلفة بمعدلات بينَ 10% و15%، وهو ما يوحي بدورٍ
للحرمانِ أثناءَ النهار في إحداثِ الأعراض أثناء النوم
إذ يضعفُ تحكمُ الشخص أثناءَ نومه.
ومرضى زملة الأكل الليلي
Nocturnal Eating Syndrome كثيرًا ما توجدُ
لديهم اضطراباتُ نومٍ أخرى مثل اضطراب السير أثناء
النوم أو السَرْنَمَةِ
Somnambulism أو اضطراب البهر(انقطاع
النفس أو عسر التنفس)
أثناء النوم Sleep Apnea
، أو زملة تململ الرجلين
Restless Legs Syndrome(وهوَ اضطرابٌ
يتميزُ بكثرةِ تحريك الأرجل أثناء النوم)،
وهذا التواكبُ المرضيُّ أيضًا يوحي بانتماء زملة الأكل
الليلي إلى اضطرابات النوم أكثرَ من انتمائها
لاضطرابات الأكل، إلا أن من المهم التنبيه إلى أن
اضطرابًا كاضطراب البهر أثناءَ النوم من الممكنِ أن
يكونَ من مضاعفات البدانة نظرًا لضغط محتويات البطن
على الحجاب الحاجز مما يحدُّ من قدرة تجويف الصدر على
الاتساع أثناء التنفس كما أن الكثيرَ من أعراض
اضطرابات النوم المختلفة قد وجدَ في أكثرَ من 50% من
مرضى البدانة وبوجهٍ خاصٍ في أولئك اللذين توجدُ لديهم
زملةُ الأكل المسائي أو الليلي(Cerú-Björk
et al.,2001)،
ولعلَّ في نوعيةِ الأطعمةِ التي يلتهمها المرضى بزملة
الأكل الليلي أو زملةِ الأكل المسائي والتي غالبًا ما
تكونُ غنيةً بالسكريات والنشويات أو الدهنيات، ما
يفتحُ بابًا للبحثِ في إمكانيةِ وجود علاقةٍ ما بينَها
وبينَ اضطرابات المزاج فمن المعروف أن أكلَّ هذه
المواد يزيدُ من تركيز ناقلات عصبية كالسيروتونين، من
خصائصها أنها تشعرُ الشخصَ بنوعٍ من السعادةِ أو لعلها
تقللُ من اكتئابه وهوَ يداوي نفسهُ بنفسه.
*والواضحُ من
استقراءِ المعلومات المتاحة في الدراسات المنشورة في
الدوريات العلمية(رغم
قلتها فيما يتعلقُ بموضوع الأكل الليلي)
أن هناكَ ما يجمعُ بينَ هاتين الزملتين أكثرَ مما يفرق
بينهما، أو لعل إحداهما تكونُ جزءًا من الأخرى، فصحيحٌ
أن تعريفَ كلٍّ منهما يختلفُ عن تعريف الأخرى لكنَّ
الأمرَ أثناءَ الممارسة العملية يجعلُ التفريقَ صعبًا
ففضلاً عن نزوع معظم المرضى إلى كتمان سلوكهم الليلي
واعتباره سرًّا أو أمرًا مخجلاً لا يجوز الحديثُ عنهُ
فإن كلَّ أعراض زملة الأكل الليلي
Nocturnal Eating Syndrome
تمثلُ في الكثير من الأحيان جزءًا من أعراض زملة الأكل
المسائي Night Eating Syndrome،
ولعلَّ الأهم من التفريق بين هاتين الزملتين في هذه
المرحلة من تراكم المعلومات الخاصة بهما هوَ اكتشافُ
وجودهما مع البدانةِ، لأنَّ الأكل أثناءَ الليل هوَ
أحدُ أكثر السلوكيات المصاحبة للبدانة، كما أن من
المهم الإشارة إلى أن حدوثَ الأكل أثناء الليل قد
يكونُ أمرًا عابرًا يحدثُ مرةً أو مرتين في فترةٍ ما
من العمر ولا يتكررُ بعد ذلك، ولكن الحالات المرضية
التي نتكلمُ عنها إنما تحسبُ بمثابة المرض فقط عندما
يصبحُ السلوكُ مزمنًا.
المراجع العلمية:
1. S.C.a.R.E.D.
(2002) : Support , Concern and Resources for Eating
Disorders Compulsive Over-Eating Disorder
http://www.eating-disorder.org/scared.html
2.
Stunkard AJ, Grace WJ, Wolff HG. (1955) : The
Night-Eating Syndrome. Am J Med; 19: 7886.
3.
Stunkard A et al.(1996) : d-Fenfluramine treatment
of binge eating disorder. Am J Psychi.
153:1455-1459.
4.
Coates TJ. (1978) : Successive self-management
strategies towards coping with night eating. J Beh.
Ther & Exp Psychiat 9: 181-3,
5.
Kuldau JM & Rand CSW.(1986) : The night eating
syndrome & bulimia in the morbidly obese. Int J
Eat.Disord 5:143-148.
6. Rand
CSW, Kuldau JM. (1986) : Eating patterns in normal
weight individuals: bulimia, restrained eating, and
the night eating syndrome. Int J Eating Disord 1986;
5: 75-84,
7. Rand
CSW, Macgregor AMC, Stunkard AJ. (1997) : The night
eating syndrome in the general population and among
postoperative obesity surgery patients. Int J Eating
Disord 1997; 22: 65-69,
8. Adami
GF, Meneghelli A, Scopinaro N.(1999): Night eating &
binge eating disorder in obese patients.Int J Eat.
Dis.25:335-338.
9.
Birketvedt GS, Florholmen J, Sundsfjord J, Osterud
B, Dinges D, Bilker W, Stunkard A. (1999) :
Behavioral and neuroendocrine characteristics of the
night eating syndrome. JAMA; 282: 657-663.
10.
Yager J. (1999) : Nocturnal eating syndromes: To
sleep perchance to eat. JAMA. 282: 689-690.
11.
Thorpy MJ (ed). (1990) : The international
classification of sleep disorders: diagnostic and
coding manual. American Sleep Disorders Association,
Diagnostic Classification Steering Committee. Allen
Press: Lawrence, KS, 1990,
12.
Spaggiari MC, Granella F, Parrino L, et al., (1994)
: Nocturnal eating syndrome in adults. Sleep 17:
339-344.
13.
Greeno CG, Wing RR, Marcus MD. (1995) :Nocturnal
eating in binge eating disorder and matched-weight
controls. Int J Eating Disord 1995; 18: 343-349,
14.
Manni R, Ratti T, Tartara A.(1997):Nocturnal eating:
prevalence & features in 120 insomniac
referrals.Sleep20:734-738.
15.
Schenck CH & Mahowald MW.(1994):Review of nocturnal
sleep-related eating disorders.Int J Eating Disord
15:343-356,
16.
Schenck CH, Hurwitz TD, Bundlie SR, Mahowald MW.
(1991) : Sleep-related eating disorders:
polysomnographic correlates of a heterogeneous
syndrome distinct from daytime eating disorders.
Sleep 1991; 14: 419-431.
17.
Lennernäs M, Hambraeus L, Åkerstedt T.(1995): Shift
related dietary intake in day & shift
workers.Appetite25:253-265.
18.
Gormally J, Black S, Daston S, Rardin D. (1982) :
The assessment of binge eating severity among obese
persons. Addict Behav 1982; 7: 47-55.
19.
Cerú-Björk , C. Andersson , I. and Rössner , S.
(2001) : Night eating and nocturnal eating : two
different or similar syndromes among obese patients?
International Journal of Obesity.Volume 25, Page :
365-372.
اقرء أيضاً على
صفحتنا البدانه والنحافه :
التوقُ (أو الاشتهاءُ)الملحُ للسكريات
تأرجح الوزن (تَـرجافُ الجسدِ) :
الكاتب: أ.د. وائل أبو هندي
نشرت على الموقع بتاريخ: 03/01/2005
|
|