يوميات ولاء حكايتي مع الكتابة (2) : الطريق إلى أوربا
أعرف أنني تأخرت عليكم كثيراً...لكن أرجو أن تلتمسوا لي العذر– لمن انتظر هذا المقال وأرسل لي يسأل عنه- لانشغالي الشديد في الكثير من الأمور العملية والشخصية، وعدم وصولي لحالة نفسية تجعلني أكتب عن ذكرياتي السابقة مع الكتابة.
أعود فأقول أن أسوأ ما حدث في يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة لعام 1995 –عام حصولي على الثانوية العامة- هو الكابوس الذي حلمت به ليلتها أنني حصلت على مجموع لا يكفي لتحقيق حلمي بدخول كلية الإعلام وهو 71% !! وآه يا قلبي المسكين الذي انزعج جداً من الكابوس...!
عندما كنت أحضر الإفطار مع أمي وأختي في المطبخ وفي تمام العاشرة والنصف صباحاً من يوم 13/8/1995 رن هاتف منزلنا ليرد أبي المريض المثقل بألم وضعف لم يعرفه جسده الرياضي من قبل فهو رأس الحربة الشهير لفريق محافظة كفر الشيخ والذي كان شهرته بين أصدقائه "كابتن مارادونا"، وهذا بجوار عمله كمدرس ومربٍ (وأشياء أخري كثيرة تكفي لأن تحملها دفتا كتاب من القطع الكبير).
رد أبي الحبيب –رحمه الله- على الهاتف ليرد بهدوء كعادته وبصوت واثق سمعته يردد: ألو، نعم فعلاً، التاسعة؟ جميل... شكراً... مع السلامة.. وأنا كنت أسرعت نحو الهاتف مع الرنين- ولا تسألوني لماذا على الرغم من أن أبي كان بجوار الهاتف–وسمعت حوار أبي بدهشة وقبل أن أسأله فوجئت به يبتسم بحب وحنان لا يمكن نسيانهما: ولاء مبروك.. أنتِ طلعت التاسعة على الجمهورية! ما أجمل الجملة! وما أروع كلماتها! من أروع ما سمعت في حياتي من كلمات، ألا تشعرون بالسعادة لمجرد قراءتها؟ فما بالكم بي أنا؟
تريدون طبعا أن تعرفوا ماذا كان رد فعلي وقتها، والحقيقة أنني سأوفيكم حقكم تماماً في المعرفة هنا، فالسعادة كلمة قليلة تصف حالاتي بعد سماع الخبر الرائع المبهج، تسمرت في مكاني لحظات، وصرخت من الفرحة: بابا أنت متأكد؟ معقول؟ فعلا؟ أكيد أنا مش حد تاني؟ مش تشابه أسماء؟ بجد يا بابا؟
وأشفقت عليه بعدها من كثرة الأحضان والقبلات التي أنهكته بها في سعادة أقرب للجنون في الواقع (حصلت علي اللقب مبكراً قبل كتابة مذكرات شابة مجنونة لو تتذكرونها)، أصبحت لا أعرف هل أنا أبكي أم أضحك أم أصرخ؟ تداخلت الدموع مع الضحكات مع الكلمات في مزيج لا يمكن تفسيره أبداً ولا يمكن فصله عب بعضه البعض، طرت مسرعة نحو الجريدة التي أحتفظ بها بأسماء الدول الأوربية التي تتضمنها رحلة أوائل الثانوية العامة لأوربا لمدة شهر، طرت لأمي أقول لها كالمجنونة: (هسافر يا ماما... هروح اتفسح في أوربا!) كم كانت لحظات سعيدة!
حلم جميل تحقق، وربما ترون معي أن السبب تافه الذي جعلني أجتهد من أجل أن أكون في رحلة أوربا هذه، ولكنني كنت أريد في نفس الوقت أن أسعد وأسعد أسرتي المحبة معي، كنت أريد أن أتمتع وأبتهج، وهذا هدف نبيل ومشروع وممتع، ولي الحرية في اختيار أسبابي، خاصة لو كانت ممتعة. وهكذا بدأ الطريق إلى أوربا. فانتظروا تفاصيل الرحلة والاستعداد لها في المقال القادم ولن أتأخر عليكم هذه المرة بإذن الله، فلكم كل الحب والتقدير ويسعدني تواصلكم معي.
ويتبع >>>>: يوميات ولاء: الطريق إلى أوربا2
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء : نيولوك أم قولبة ؟ / المصالحة مع النفس / يوميات ولاء في عيد ميلادي ...أنا متفائلة