يوميات ولاء: الطريق إلى أوربا
يوميات ولاء: الطريق إلى أوربا1
حينما تحلم أن تلمس السماء بيديك، وأن تقترب من نجومها، وأن تحادث القمر حديثاً طويلاً وممتعاً، فهذه أحلام جميلة ممتعة، والأجمل والأمتع منها أن تحققها، وأن يأخذ بالله بيدك إلى أحلامك وإلى سعادتك، هو أروع ما يمكن تصوره لو كنت ممن يحبون الحياة، ويعشقون الأحلام، ويصممون على تحويلها لواقع ملموس.
وهذه مقدمة تصف مشاعري لحظة حصولي على ترتيب الرابع على الجمهورية في شهادة الثانوية العامة لعام 1995 بعد إضافة المستوى الرفيع. وأصحاب الذاكرة القوية سيتذكرون أنها كانت الدفعة المزدوجة التي ضمت السنة الخامسة والسادسة معاً في دفعة واحدة في الطريق للسنوات الجامعية قبل إلغاء الصف السادس –طبعا عاد من جديد مؤخراً- ولأني لا أنوي أن أتحدث عن مشكلات التعليم في هذا المقال، فأنتقل معكم للحديث عن الطريق إلى أوربا، وكم كان الطريق ممتعاً!
بعد التأكد من أن أنا أنا، أي أنني فعلا حصلت على المركز المذكور في الثانوية العامة، وصراخي وسعادتي وضحكي المختلط بدموعي، بدأ الإعداد لرحلة أوربا، من جانب المنظم للرحلة وهى دار التحرير أو جريدة الجمهورية، وقتها طبعا كان سمير رجب هو رئيس التحرير، وفوجئنا بمكالمة من مكتب الأخير شخصياً تخبرنا بضرورة الانتقال من كفر الشيخ للقاهرة من أجل حضور اجتماعات تجهيزية وتأهيلية للسفر لأوربا...
يااااه... هم قبل من نسافر هيأهلونا؟ هكذا تعجبت من الأمر وقتها لكنني اكتشفت بعدها كم كان هذا ضرورياً وهاماً.
وبدأت رحلات مكوكية بين القاهرة ومدينتي الصغيرة فوه –مسقط رأسي- من أجل حضور الاجتماعات والدورة التأهيلية للسفر، وكانت اجتماعات عديدة قام بها رجل تربوي سابق من وزارة التربية والتعليم هو أستاذ أحمد أمين (وسأحكي لكم عنه كثيراً لاحقاً).
وفى هذه الفترة كنت أسافر ما بين القاهرة وفوه مستغرقة ثلاث ساعات في الطريق من أجل حضور حفلات التكريم التي أحاطتني بها محافظة كفر الشيخ متمثلة في السيد المحافظ –صبري القاضي وقتها- الذي أقام لي حفلة فنية خصيصاً من أجلى ولا أدري من أين جاء بالفرقة الغنائية التي كانت تحيي الحفل! فقد كانت أشبه بكورال أو فرقة موسيقي عربية، وكنت مندهشة أن يغنى آخرون من أجلى! علاوة على اندهاشي من وجود فرقة كهذه في محافظة في أقصى شمال مصر وبعيدة عن مركز مصر الفني وأعني به القاهرة! وكانت المرة الأولى التي أشاهد واستمع لفرقة موسيقية عربية، وتوالي حضوري لحفلات فيما بعد سواء أثناء دراستي بجامعة القاهرة أو بعدها.
ومن المواقف الطريفة التي حدثت أثناء الحفل أن سكرتير المحافظ سألني:
يا ترى هتدخلي كلية طب بقى؟
ضحكت طبعاً وأجبت: يا ريت لو عندي واسطة!
فرد متعجباً: واسطة ليه؟ دا أنت الأولى على المحافظة والرابعة على الجمهورية! فأجبت صادمة له: أصل أنا كنت أدبي! وهادخل كلية الإعلام إن شاء الله.
ما علينا دعونا من السخرية والتهكم على خلق الله حتى لو كانوا لا يفقهون، المهم أنني أريد أن أوصل لكم أنني في هذه الفترة من حياتي كنت في قمة سعادتي وكنت مبتهجة بشكل تعجز اللغة معي عن وصفه، بلا مبالغة فأنا أحاول أن أصف هذه السعادة وهذه البهجة منذ عام 1995 وحتى الآن، وكانت النتيجة هي أنني فشلت بلغتي المحدودة.
ومن أكثر ما كان يسعدني أنني أدخلت البهجة والسعادة على قلب والدي المريض(رحمه الله) وشرفته، ونجحت في أن أجعل الناس يقولون: (محمد الشملول عرف يربي). وطبعا محمد هو اسم والدي الحبيب، وصدقوني استشعر مسئولة عظيمة ملقاة على عاتقي أن أحمل اسم هذا الرجل النادر، فقد كان فارساً نبيلاً بحق.
ولن تكفي مدونات مجانين كلها للحديث عنه، ولكن أعدكم بمزيد من الحديث عنه فيما بعد، ليس لأنه أمر شخصي، أو أنني أريد أن أخلد ذكراه فقط، ولكن لأنه يعتبر نموذج تربوي ناجح لأب تميز في تربية أبنائه، وتربوي نجح في تربية أجيال محترمة ومتفوقة.
ولأنني أسعدت هذا الرجل فقد كانت سعادتي مضاعفة لأنني بهذا العمل استطعت أن أخفف آلام مرضية كثيرة عاني منها أبي الحبيب قبل وفاته، ونجحت في تخفيف معاناته وعذاباته، وأحمد الله علي فضله علي أن جعلني أفعل.
نسيت أن أخبركم أنني أثناء حضوري للدورة التأهيلية للسفر لأوربا تعلمت واكتشفت عالما جديداً جداً بالنسبة لي، ولكني أترك الحديث عنه للمرة القادمة.
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء : نيولوك أم قولبة ؟ / المصالحة مع النفس / يوميات ولاء في عيد ميلادي ...أنا متفائلة