المجتمع الموريتاني: "السحوة"
''التبلاح''عادة موريتانية أصلية، خاصة بالمرأة بشكل عام، والعروس بشكل خاص، وعندما شرعت في كتابة المقال حدثت مفارقة طريفة جدا؛ حيث أن لي صديقة تقوم بتجهيز نفسها للزفاف خلال شهرين من الآن.. وهذه الفترة تقريبا هي ما تحتاجها العروس الموريتانية لتتم عملية ''التبلاح'' بنجاح!!.
أعتقد أن المقارنة بينهما ستكون طريفة، فصديقتي تخضع لنظام حمية قاس كي تخسر وزنها الزائد بسرعة قبل ليلة زفافها.. بينما العروس بموريتانية تخضع لنظام قاس أيضا ولكنه ليس بحمية ولا إنقاص وزن ولكنه ''التبلاح''!!.
''التبلاح''هو المصطلح الذي يطلقه الموريتانيون على برنامج تسمين الفتيات، هذه العادة ما زالت تمارس على نطاق واسع بسبب الاعتقاد السائد بين الموريتانيين، بأن الجمال يرتبط بالوصول إلى درجة معينة من السمنة تبرز مفاتن الجسم، وخطوطه وتفاصيله!.
يتطلب الحصول على الجسم الممتلئ الصبر والتحمل والخضوع لأوامر صارمة من الأم أو المشرفة على برنامج ''التبلاح''، حيث يعهد لنساء كبيرات بالسن بمهمة تأهيل الفتاة المقبلة على الزواج، واكتسابها البدانة اللازمة من خلال تشجيعها على تناول الطعام بكثرة!!.
"التبلاح" لا يعني السمنة وزيادة الوزن فقط!
وبرحلة بحثي عن هذه العادة، والتي تختلف تماما عن مجتمعنا المصري -بل أعتقد أنها أيضا غير موجودة بباقي بلاد الوطن العربي- وجدت حديث مع عائشة بنت أحمد القاضي إحدى المتخصصات في تسمين الفتيات "التبلاح" بأحد المنتديات حيث قالت:
"إن الوصول إلى مستوى معين من السمنة والامتلاء يقتضي الالتزام ببرنامج قاس يعد الفتاة للزواج، يقوم على تناول كميات كبيرة من الأكل الدسم؛ مثل لحم الضأن والنشويات وشرب كميات كبيرة من حليب الأبقار والإبل.
وأوضحت أن الحصول على وزن يفوق المائة كيلو، وتخزين الشحوم في البطن، والصدر وأعلى الجسم ليس الهدف من "التبلاح" في موريتانيا.
بل أن الهدف منه هو إبراز مناطق محددة من الجسم مقابل الإبقاء على منطقتي الخصر والصدر في حجميهما الطبيعي ما أمكن ذلك!!.
وأضافت أن المتخصصة ببرنامج "التبلاح" تقوم بضرب الفتاة بعيدان رقيقة في مناطق معينة كالساقين والساعدين والأرداف، وذلك بغية انفصال الجلد عن العظام وتوسيع الفراغ بينهما!!!.. فالسمنة ليست هي الغاية بذاتها بل الغاية هي بروز أعضاء الجسم بحجم معين!!".
نظام غذائي صارم "للتبلاح"
في حقيقة الأمر كنت في حيرة كبيرة، حيث لا أعلم أيهما أقسى.. الحمية أم "التبلاح"؟!.. ولكن بعدما قرأت إحدى الطرق المتبعة في تسمين الفتيات المقبلات على الزواج، قلت عاشت الحمية وأدام الله علينا نعمة الرجيم!!.
ففي أحد أكبر المنتديات الخاصة بالموريتانيين وجدت السطور الآتية، التي تشرح إحدى الطرق "للتبلاح":
"تبدأ الفتاة الخاضعة لبرنامج "التبلاح" يومها من أولى ساعات الفجر، حيث يتم إيقاظها طوعا أو كرها لشرب كميات كبيرة من حليب الإبل، ثم تعود إلى النوم، وحين تستيقظ ترغم على شرب أكبر كمية ممكنة من الحساء، وتناول التمر والحلوى والشاي، وتختم وجبة الفطور بشرب كمية من حليب البقر، وفي الظهيرة تتناول وجبة دسمة مكونة من لحم الإبل المشوي، أو طبق مكون من لحم الضأن والبطاطس، وفي وجبة الغذاء ترغم على تناول كمية كبيرة من الأرز أو الكسكسى أو المعكرونة، وقبل المغيب تعود الفتاة إلى تناول الحساء والتمر، لتختم يومها بوجبة العشاء والتي غالبا ما تتكون كمية وفيرة من النشويات!!.
أثناء عميلة التبلاح لا يسمح للفتاة أن تشعر بالجوع، ويقدم لها بين ساعة والأخرى شراب أعشاب تساعد على تنظيف الأمعاء، وتوسيع الجهاز الهضمي ليستطيع احتواء المزيد من الأطعمة!!.
كما تلتزم الفتاة أثناء هذه الفترة بعدم القيام بأي مجهود عضلي يمكن أن يفقدها الوزن الذي اكتسبته، إذ تقضي أغلب ساعات يومها ما بين النوم أو تطبيق وصفات العناية بالبشرة والشعر. وغالبا ما تظهر علامات السمنة على جسد الفتاة في ظرف خمسة أسابيع!!".
من وجهة نظري الشخصية، أن اتباع الحمية شيء هين، حيث أننا نقوم بالصيام الكامل عن الأكل لما يفوق النصف يوم، ولكن إرغام الفتاة كرها على الأكل بكميات كبيرة جدا -حتى إن كانت لا تشعر بالجوع- شيء قاسي للغاية، وقد يضر بصحتها بحسب ما جاء بالهدي النبوي..
"روى الإمام الترمذي في صحيحه عن المقدام بن معدي كرب قال: سمعت رسول الله: يقول: "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس".. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح".
وجدير بالذكر أن كلما زاد وزن الفتاة، كلما زاد فخر العائلة!!.. فالسمنة لدى الفتاة الموريتانية دليل على ثراء وعز العائلة، وأعدكم بالكثير من عادات موريتانيا الشقيقة بالقريب العاجل.
واقرأ أيضاً:
البدانة من الجمال إلى القبح / أسيرة الفكرة والصورة مشاركة / فخ الصورة: أول الملف، م