منذ أن بدأ تعاملي مع الإنترنت في عام 1999 تقريباً وأنا لا أتوقف عن الاندهاش، لكل المفاجآت التي تحملها هذه الشبكة العنكبوتية لي سواء سعيدة أو سيئة، ولي حكايات كثيرة مع الإيميل (البريد الإلكتروني) تحديداً.
وما تعلمناه من الإعلام أن البريد الإلكتروني ما هو إلا تطبيق من تطبيقات عديدة من تطبيقات الإنترنت الكثيرة وأكثرها أهمية على الإطلاق، وما حدث معي يثبت هذا فعلاً. فقد أنقذني الإيميل ذات مرة أثناء فترة دراسة التمهيدي للماجستير، فقد نسيت أبحاثاً مهمة المفروض تقديمها لدكتورة إحدى المواد بالكلية وآخر موعد للتقديم كان الخميس وكنت نسيت ديسك الكومبيوتر الحامل للأبحاث في مكان عملي الأربعاء والخميس إجازة من العمل، وكانت مشكلة كبيرة تطيح بدرجات أعمال السنة كلها التي هي نصف مجموع درجات المادة التي تخصها هذه الأبحاث المهمة! وبرقت الفكرة في ذهني، فكلمت زميلة لي في العمل وطلبت منها أن ترسل لي الأبحاث المنسية على ديسك الكومبيوتر من خلال إيميلها (بريدها الإلكتروني)، وفعلاً تمكنت من استقبال الأبحاث وطباعتها من خلال إيميلي الشخصي، وهكذا أنقذني الإيميل في موقف صعب لا أنساه.
أما عن المواقف الطريفة التي لا أنساها أيضاً هو أن تقدم شخص للارتباط بي والزواج مني بعد تبادل بعض الرسائل دينية المحتوى، والتي كانت لهجته شديدة وحادة في البداية على طريقة (اتق الله يا أختي) ثم فوجئت به يعرفني بنفسه وأنه مهندس كمبيوتر تعلم في أغلى مدارس مصر ويعيش في منطقة راقية بالقاهرة، وبعد بعض الرسائل توقف الاتصال بيننا لعدم اقتناعي بالموضوع، وشكي في شخصيته خاصة وأنني أدعي أني أستطيع قراءة ما بين السطور، ولكنها كانت تجربة مثيرة هذه، تجربة (العريس الإلكتروني)!
رسالة أخرى من شخص بعنوان تحية وتقدير يعرفني فيها بنفسه بأنه صحفي، فحين عرفته بنفسي بدوري باعتباري صحفية عرض على عمل جديد في الموقع الذي أعمل مراسلته في مصر الآن وهو موقع لها أون لاين www.lahaonline.com براتب جيد، وطبعا كانت هذه من الرسائل السعيدة التي أفادتني كثيراً في حياتي العملية وحققت لي انتشاراً أوسع.
ورسالة أخرى سعيدة من أشخاص باعدت بيننا الحياة والأمكنة والأزمنة، فحصلوا على إيميلي وعادت الاتصالات بيننا من جديد. وكل هذا يشعرني أن البريد الإلكتروني هو أهم اختراع توصلت له البشرية خلال المائة سنة الأخيرة، ولكن خلال الأيام السابقة وصلتني رسائل مزعجة جعلتني أشعر بأن الإيميل يتحول أحياناً إلى لعنة تطارد صاحبه!
ففوجئت في صندوق بريدي برسالة بعنوان عناية الأستاذة فلانة الفلانية (اللي هي أنا) وفتحت الرسالة لأجد مجموعة من الألغاز الغريبة التي تدور حول أنه يجب أن أحذر وأبصر عمن أكتب ومن أتعامل معه، وألا أساعد على نشر أفكار المنحرفين، والأشخاص الفاسدين!
كل هذا كان في سياق تعليق صاحبة الرسالة على مقالي الذي نشرته عن المدونين والتي أقامها الدكتور أحمد عبد الله في صالون الجنوب الذي أصبح له رواد لا بأس بهم أبداً، وكانت المفاجأة هي نصوص الكلام المرفق بالرسالة المشئومة فما هي إلا حوارات بذيئة وخارجة عن الآداب العامة تظهر الرسالة أنها متبادلة بين فتاة مغربية والدكتور الصديق أحمد عبد الله! ففزعت من الأمر بشدة ولم أستطع أن أكمل الرسالة لأني لم أصدق هذا الكلام عن رجل أعرفه من فترة وأحترمه بل أتعاون معه في بعض الأمور ذات الهدف المشترك.
وتذكرت حادث الإفك الذي وقع للسيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، وما يجب من سلوك المسلم تجاه مثل هذه الحوادث،فما أعرفه في الإسلام أنه لا يجب أبداً تناقل مثل هذه الأحاديث حتى لو ثبتت، فطالما لم نر شيئاً بأعيننا فلا نصدق من يقول أبداً، فما بالك لو كانت التهم ملقاة على شخص غير مشكوك فيه، ولا في شخصيته وسلوكه مثل الدكتور أحمد عبد الله؟
والحقيقة أن الأمر زاد عن هذا الحد بوصول رسائل أخرى تشوه صورة الرجل المتهم في شرفه وأخلاقه لشبكة إسلام أون لاين أيضاً وموجهة لي شخصياً مرة أخرى! وصاحبة الرسائل تلومني بشدة أنني (تخاذلت عن نصرة الحق) وأنني لا أزال صغيرة السن ولهذا لم أصدق! ولكنني باعتباري من الشباب فلابد أن أحافظ على أخلاق الأمة كما تقول! والحقيقة أن هذه الجمل المتتابعة أضحكتني وشعرت ببعض الشفقة نحو هذه (المسكينة) التي أضاعت وقتها في مثل هذه المهاترات، فهل يعقل أن يجلس شخص ما على جهاز الكومبيوتر ليكتب رسالة طولها 15 صفحة؟ وأخرى طولها 48 صفحة؟ هل هذا إنسان سوي؟
وهذه الحادثة تكشف بوضوح عن السلاح الخطير الذي أتاحه البريد الإلكتروني للأفراد، فأي شخص يمكنه أن يقول أي كلام عن أي شخص آخر ويرسله لمئات بل آلاف الأشخاص، ولا رقيب ولا حسيب، وربنا يلطف بنا ويرحمنا من هذه المعمعة و(اللخبطة).
وفي النهاية أجدني أدعو مع أختي وصديقتي الدكتورة رحاب عبد الله أن يشفي صاحبة الرسائل المجهولة ويعافيها، ويرحمنا من مشكلات الإيميل وسنينه.
واقرأ أيضًا:
عن ما حدث بجامعة الأزهر / يوميات ولاء: تساؤلات مع العام الجديد / إلى فتاة معذبة: كوني فاعلة