أفتقدني..!؟
أعزائي القائمين على موقع مجانين ..تحية طيبة وبعد.. لا أعرف كيف أبدأ لكن سأحاول الإيجاز قدر الامكان، أنا لا أشعر بأي رغبة في التفاعل مع أي شيء حولي.. وأشعر بعدم جدوى أي محاولة لتغيير هذا الوضع.. بدأ الأمر تقريبا من بعد فض رابعة العدوية ..لم أحضر الفض ولم أكن من المعتصمين لكن الأمر ككل أحدث شرخا ما بداخلي.. حاولت فعل كل ما بوسعي لتغييره وبث الأمل فيمن حولي وفيا، لكن كل يوم كان يمر كانت الأمور تسوء ..من اعتقالات لقتل لقمع، لا أستطيع مشاهدة كل هذا العبث والجنون ومقاومته بعد الآن .. عبث عبث، على التليفزيون وفي الصحف كل الناس تردد نفس العبث.. ويصدقونه!! هذا أكبر من أن أستوعبه وأتعايش معه..
منذ ثمانية أشهر تم اعتقال أصدقاء لنا.. وهذا ما زاد الأمور تعقيدا عندي.. لم أعد كما كنت منذ تم اعتقالهم.. كنت أتحول من سيئ إلى أسوأ ..أفقد السيطرة أحيانا ..أشعر أنني لا أستطيع السيطرة وأشعر بالفزع ..وأتجنب كل الناس ..تستمر هذه الحالة لأيام..ثم أحاول مقاومتها... تمت خطبتي منذ أربعة أشهر وكنت سعيدة بهذا الأمر جدا (أعتقد أنها كانت أسعد فترات حياتي ) ..كنت في وقت أحتاج فيه بشدة إلى شخص يشاركني كل هذا بعدما فقدت كل دفاعاتي ..اجتهدت واجتهدت لإنجاح الأمر.. كنت أريد أن أبدأ بداية جديدة بعيدا عن عالم الكآبة الذي عشته لأشهر طويلة.. لكن بدون إبداء أسباب.. قرر الطرف الآخر إنهاء الخطبة من طرفه ..تلك كانت القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير.. وانتكاسة أخرى أحيا فيها حتى الآن.. ولم أستطع تجاوزها مطلقاً..
أصبحت أنام كثيرا.. آكل كثيرا.. واكتسبت بعض الوزن.. وهذا ما زاد إحباطي وكآبتي وشعوري بالقبح ..أشعر أنني عجوز رغم أنني مازلت في السادسة والعشرين.. أتأمل صوري منذ عام وأشعر أنني مختلفة جدا.. أبحث عني ولا أجدني ولا أراني.. لم يعد لدي رغبة في الكتابة ولا في القراءة ولا في العمل.. أنتزع نفسي من سريري انتزاعا للذهاب إلى العمل يوميا..وآخذ إجازات للبقاء في السرير لعدة أيام أحيانا.. أحافظ على الصلاة لكنني لم أعد أصلي بنفس الروح..وأشعر أنني مقصرة جدا ..
لا أجد رغبة في الاندماج مع من حولي حتى أصدقائي المقربين لولا اهتمامهم بالتواصل معي وإخراجي من هذه الحالة لم أكن لأتواصل أبدا.. لا أستطيع اتخاذ قرارات جادة خاصة بعملي أو أي شيء آخر خاص بحياتي الشخصية.. أفتقد أصدقائي.. وأشعر بالعجز لأنني لا أستطيع اخراجهم وكل الأبرياء من السجون...
أفتقدني.
شكرا لقرائتكم
20/11/2014
رد المستشار
فض رابعة حدث جلل في حياة كل بني آدم سواء كان معهم أو لا، ولا أكتمك سرا أن أقول لك: أنني أعالج بعض من قاموا بالفض أنفسهم من تبعات ما جنته أيديهم!، ولا تتصوري الآن أن هناك ما زال من يصدق بيقين أنهم يستحقون ذلك غير من ماتت ضمائرهم تماما أمام عبوديتهم لتحقيق ملذاتهم في السلطة والأموال والسيادة، أو من قرر أن يصدر دفاعات نفسية مريضه تجعله يتحمل ما وصل له من قهر وقتل ودماء طالت أطفال وأبرياء وغافلين ركعا وسجدا!
وأقول لك هذا بكل صدق ومسؤولية، ولكن المشكلة ليست في ضياع الحلم، وليست في طغيان الظلم، بقدر قصور وعينا وفهمنا وضآلة متانة أخلاقنا؛ فلا حلم يضيع ولا ظلم يبقى أبدا؛ فلو ضاع من بين أيدينا بما فعلته أيدينا حلمنا وحلم آخرون منا؛ فسيلتقطه من ورائنا ليحققوا بأيديهم الأكثر ثباتا ووعيا وفهما، فالاحتياج لتصديق ما نقوله صار هو النجاة، والعودة للإيمان بالله العلي العظيم حقا صار هو الملجأ الآمن؛ فلتنظري معي الفرق العميق جدا بين كوننا نعلم أن الله تعالى غفور وبين أننا نصدق أن الله غفور؛ فالفرق البين ستظهر آثاره في التفكير والإحساس والتصرفات؛ وهذا هو الإيمان: أن أصدقه؛ فلو صدقتي أن الله مقيت، وأن الله الحق، وأن الله فقط صبور ورشيد لما هزتك تلك المأساة هزة عنيفة وصلت لعمق جهازك النفسي فأربكته بالقلق والاكتئاب التي تظهر أعراضه بوضوح،والرغبة في الانعزال؛ فلتؤمني بالله يا ابنتي بأن تصدقيه، وحين تصدقين أن اسمك هو اسمك ستصدقين أن اسمه المقيت؛ وأن كل ما يحدث بتوقيت دقيق منه تعالى فلا ورقة تسقط على الأرض بدون توقيته، وأصدقه حين يقول من سيصدقني فلا يخاف أحدا إلا من عدم رضاي، ولا يطيع أحدا إلاي.
فلحينها... لن نجد زوجة تأتي لتشتكي مرارا طافحا من زوجها الغليظ الذي يطيح في كل من حوله؛ فلا يرضى، ولا يسمع، ويحول حياتها لسجن كبير؛ لدرجة منعها من زيارة والدها المريض مرض موته، وقطع علاقتها بأهلها لأنهم ليسوا على هواه، ولا يكف عن إهانتها وضربها ولا زالت تدور فلكه!، حينها سنكون ممن يستحق نصره؛ فتلك الزوجة ومن على شاكلتها من بشر في مساحات مختلفة جعلوا أشخاصا مكان الله سبحانه! فهم يسبحون بحولهم وقوتهم، ويتفادون عدم رضاهم، ويستكينون لأوامرهم طاعة وكرها وكأنهم الله! وتعود نفس تلك الزوجة لتقف على سجادة الصلاة لتصلي ظهرها وعصرها وتشهد بالتوحيد في صلاتها!!، أي عبث حقيقي هذا؟!؛ فكلنا وقعنا في أفخاخ كثيرة منا من فتح الله عليه سبحانه فتمكن من رؤيتها، ومنهم ما زال واقفا مكانه، ومنهم من لم ولن يتحركوا؛ فكأنك كنت تضعين كل شيء في ثورة لم يتم الاستعداد لها بصدق وقد أعطانا الله فرصة تلو الأخرى لتدارك الخطأ فلم نفعل، فلم نفكر ولم نتحد، ولم نصدقه حين تقول ألسنتنا لا إله إلا الله، ولم نصدقه حين كرر مرارا وتكرارا بأننا لابد وأن نعد العدة بما نقرؤه في صفحات تاريخنا منذ الملكية وحتى اللحظة، فكانت النتيجة أيادي ترفع بالدعاء ليلا ونهارا ولا ننتصر؛ فلتتوضأ قلوبنا وأيدينا أولا لتصدق الله وتؤمن به بصدق، لنستحق الاستجابة؛ فبراءة أحلامك وتوقعاتك ومحاولات زرع الأمل أيضا زيفا.
والزيف ليس معناه "فالصو"، ولكن أعني بها أنها ليست أنت؛ فالأمل لا نزرعه أصلا؛ فهذا أيضا هراء؛ لأن الأمل فطرة فينا وضعها الله تعالى فينا كالرغبة واحتياجاتنا للحب والاهتمام والأمان؛ وكل ما حدث من تشويه في التربية والتفكير والإيمان وغيره وضع ستائر ثقيلة الوزن داكنة الألوان من اليأس غطت على ما هو موجود من الأساس وهو "الأمل"!؛ فلتؤمني بالله يا ابنتي، أقصد أن تصدقي أنه يجد لك الخير بأنه يريدك "عايشة" وموجودة؛ ولتكوني على يقين لا يتزعزع؛ أن ما نتجرعه الآن لا يخص الظلم والبؤس والقهر في مجتمع طاهر نظيف مؤمن فيربكك ويقلق مضجعك ويجعلك حطام؛ ولكننا استدعينا الظلم والقهر والبؤس بأيدينا كما استدعى هو الإرهاب الآن؛ فأنا أصدق الله حين يقول لي ولك فاستخف قومه فأطاعوه، وأصدق الله حين يقول على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الله ولي المؤمن، وأصدق الله في نصر الحق على الباطل مهما طال؛ وأن الله وضعنا في تلك الفترة لأننا لنا دور؛ والدور ليس بالضرورة أن يكون إزاحة ظلم وقهر عشش في خلايانا لعهود وعهود بإفاقة حدثت لبعض منا دون الآخر، ولكن دورنا أن نتعهد أنفسنا من جديد نتعهد إيماننا وتصديقنا لله سبحانه بالفعل، وأن نستعد بالعلم والفهم والتخطيط السليم ،وأن نلقي في كل لحظة نعيشها بذرة صحيحة فارقة في كل من يحيط بنا؛ لأنه بداية النجاة الحقيقية، ونصدقه سبحانه حين يعلمنا في كل لحظة أننا نتعهد أنفسنا ووعينا وتأملنا وأخلاقنا ونزرع الخير في كل وقت لأننا لسنا موكولون بالنتيجة، ولن يتعلق أمر لقائنا بالله تعالى غدا بين يديه بما حققنا من نتائج بقدر ما فعلنا.
ولعل كان ما قصده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بــ "عدنا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر" هو ما أحدثك عنه؛ فلا أمل يضيع، ولا حلم ينتهي، ولكن تصحيح الفكر وفهم حقيقة الإيمان والاستعداد هو الطريق، وحتى موضوع خطبتك تعاملت معه بنفس الطريقة ولم تعطي لنفسك فرصة أن تري أنه رأى يأسك، وضعف عزمك، وجعلك له هو كل شيء ستعولين عليه كل كيانك فلم يعجبه هذا؛ فلتراجعي كل ما قلته بهدوء ولتكفي عن النحيب فيما لا طائل من وراءه، وهذا لا يعني ألا تتألمي لظلم من حولك والقهر الذي يطال الجميع الآن ولكن تألمي ألما شريفا، ألما يجعلك أكبر وأنضج؛ فلترفعي ظلمك أولا عن نفسك؛ فلترحميها وتزيحي السواد الذي تحيا فيه من قبل الفض؛ فالفض فقط كان جرس إنذار كبير تمكنت من سماعه؛ ولكن تذكري ما كان قبله فستجدين الإجابة، وقيمي تجربتك بحيادية مع خطيبك لتضعي يديك على ما جعله يتركك؛ فالحياة لم تنتهي والله سبحانه لا زال يمد لك يداه لتعيشي وتعطي نفسك وغيرك؛ فيأسك هو الشماعة السهلة التي تضعي عليها كسلك وعدم رغبتك في بذل جهد حقيقي لتزيحي وهما تعيشين فيه اسمه "خلاص باظت".
واقرئي أيضًا:
أنام.. مفتوحة العينين: وراء الأبواب الموصدة!
ثورة أم عورة ؟! عن ماذا كشفت 30 يونيو؟
بدون فيديو: مظاهرة روكسي 3 سبتمبر
الومضات المعرفية الشعورية لـ رابعة العدوية !
مصر بعد الانقلاب: الأمن عاد، والخوف ساد!
التعليق: الشكر موصول لموقع مجانين وللدكتورة أميرة بدران وأود لو يتفضل علينا موقع مجانين بتضمين إجابة الدكتور سداد إن أمكن.