زنا المحارم وفشل التدبير
الدكتور الفاضل أحمد عبد الله،
تحية واحتراماً لشخصك الكريم. قرأت رسالة زنا المحارم وفشل التدبير ولكني لم أفهم منها شيئاً.. أعتقد لو أن الرسالة احتوت تفاصيل فجة أو خارجة زيادة عن اللزوم من حق الموقع أن يحذف منها ما يراه حفاظاً على الذوق العام، وأيضاً حتى لا تجرح شعور القراء، لكن أن يحذف الموقع الرسالة كلها هذا ما لا أفهمه لأن بعض التفاصيل سيدي الدكتور أحمد تعطينا نحن القراء بعض الخبرة الحياتية، خصوصاً وأن النفس البشرية شديدة التعقيد والفهم لنا نحن القراء العاديين عديمي الخبرة النفسية.
أعتقد أن الموقع قد أورد من قبل مشاكل من قبل القراء في نفس السياق ألا وهو زنا المحارم، وقد نشر الموقع كثيراً من تفاصيل الرسائل ولم تحدث أية مشكلة على الإطلاق، العكس تماماً إننا قد استفدنا من هذه التفاصيل، أقول أن من حق الموقع أن يحذف بعض التفاصيل ولكن أن يحذف كل الرسالة فما هي الفائدة من نشرها؟!.
وأذكر هنا على سبيل المثال أن إحدى القارئات من سوريا الشقيقة قد أرسلت للموقع رسالتها في سبعة وعشرين صفحة كما ذكر الموقع وقد اختصر الموقع الكثير جداً من تفاصيل الرسالة، ولكنه أيضاً نشر الكثير من التفاصيل التي تعاطفنا جميعاً نحن قراء الموقع مع صاحبة الرسالة، وكانت عن زنا المحارم أيضاً. كان والد صاحبة الرسالة يمارس معها الجنس منذ أن كانت صغيرة وحتى وقت إرسال الرسالة، وقد استفدنا كثيراً من التفاصيل التي وردت بالرسالة، ولكن ما فعلته سيدي الدكتور كان أن حذفت كل الرسالة تقريباً، فأرجو من هذا الموقع الذي يحظى باحترامنا نحن قراؤه من أن نعرف بعض التفاصيل حتى تعم الفائدة للجميع.
شكراً لكم جميعاً، أساتذتي الأطباء القائمين على هذا الموقع المتميز.
وجزاكم الله كل خير وجعله في ميزان حسناتكم جميعاً.
المخلص أحمد السيد
قارئ متابع للموقع
25/6/2009
أرسل مجهول من مصر يقول:
لكم ما أردتم "وأرجو أن يدلنا هؤلاء الذين يفعلون هذا على بعض تفاصيل خبرتهم لنفهم أكثر" لقد استجبت لهذه الدعوة وسأخبركم عما تريدون:
يوجد أشياء لا يستطيع الإنسان أن يخبر بها أقرب الأصدقاء إليه ولا يستطيع أن يتفوه بها بصوت مرتفع حتى وإن كان يعيش وحده، لهذا فهذه الأشياء تظل في داخلك لا تخرج أبداً، وهنا يأتي دور المحلل النفسي الذي يستمع لكل شيء سواء كان حقيقياً أم ملفقاً وبما أنكم مشكورين أنشأتم أول عيادة نفسية على الإنترنت فلا بد أن تتحملوا هذه الريادة التي لا أعرف -على حد علمي- أحداً غيركم قام بها.
ألم تسألوا أنفسكم ما الذي يجعل بعضهم يرسل إليكم بقصص ملفقة رغم أن أمامه مواقع جنسية عديدة متخصصة في نشر القصص الجنسية ودون أي رابط على استخدام الألفاظ، ويذهب لموقع قد يحذف نصف ما يكتبه وقد لا ينشره أصلاً؟! السبب هو أنه يريد أن يشعر أن هناك من يتعامل مع ما يكتبه على أنه شيء حقيقي وليس أنه كتابات عابثة، ولهذا نجده في النهاية يطلب النصيحة رغم أنه لا يريدها أصلاً ولكن هذا لإضفاء مصداقية لما يقول.
تخيل معي شخصاً يشتهي أمه ويريدها عشيقة له في ظل غياب الممارسة الطبيعية التي لا يستطيع الحيوان أن يحتمل الحرمان منها، وفي نفس الوقت الأم تلهبه بارتدائها أمامه لملابس شفافة دون أن تدري ما تفعله بابنها الذي تكبله القيود الاجتماعية والأخلاقية من أن يفعل معها ما يريد، ولهذا يغلق على نفسه الباب ويظل يكتب ويكتب ويقول أن أمه تنتظر نوم أبيه لتأتيه بملابس النوم وتعرض عليه جسدها وتتذلل له حتى يفعل بها، وقد ضاق بها ويريد التخلص منها! كل هذا طبعاً غير صحيح ولا هو نفسه يتخيل حدوثه فعلاً، ولكنه لم يعد يجد ما ينفس به عن نفسه إلا هذه الطريقة وأنتم تريدون حرمانه منها بدعوى أن موقعكم سيتحول لمعرض للقصص الجنسية، وكأن الحرمان ليس سبباً لكثير من الاضطرابات النفسية لأبناء هذا الوطن! وعليكم أن تتعاملوا بمبدأ أنه ليس لمن يصيد السمك الحق في التأفف من رائحته.
أقترح أن تتعاملوا بعقلية المحترف وليس الهاوي الذي يقبل كل شيء ويحلله ويقول رأيه فيه، ولا مانع أن يكتب في التعليق أننا لا نعتقد بصحة هذه الرواية وننصح الراسل بكذا وكذا، وفي النفس الوقت لا أرى ما يمنع من وضع تحذير على بعض المشكلات أنها قد تحتوى على وصف جنسي قد يؤذي القارئ وكل شخص مسؤول عن نفسه إن أراد الاستمرار من عدمه.
25/6/2009
رد المستشار
هذه المشاركات موجودة في حقيبتي منذ ما يربو على ستة أشهر، ولا يمنعني من الرد عليها وعلى غيرها إلا أنني أحياناً لا أجد ما أرد به أو بالأحرى أضيف جديداً لسيل من الكلام حول كل القضايا صار يتدفق من كل فم أو نافذة إعلام أو شاشة وميكرفون دون أن يتحرك شيء من مكانه إلا قليلاً!! وسأحاول أن أضيف جديداً، والله حسبي.
أولاً، فيما يخص إجابة "زنا المحارم، وفشل التدبير" والتي قمت أنا بحذف أغلب النص أو حتى كله فإنني أعود وأكرر مؤكداً أن ما حذفته لم يكن ينطوي على أي إفادة أو نفع على أي مستوى -من وجهة نظري-، والذين يطالبون اليوم بنشر التفاصيل ويلومون على حجبها لا يختلفون عندي عمن أرسلوا لي وأنا أبدأ أول خدمة استشارات نفسية واجتماعية منذ عشر سنوات، وكانوا وقتها يصرخون من نشر التفاصيل، ويسمونها إشاعة للفاحشة، ويكتب أحدهم أن ما تقدمه الصفحة هو عبارة عن "بورنو إسلامي". والبورنو لمن لا يعرفه هو التمثيل المصور للعري وممارسة الجنس، والمقطع مترجم عن الإنجليزية pornography، وناقشت هؤلاء في حينه وسارت الأمور حتى صار الحديث عن الأمور الجنسية أمراً عادياً على المواقع كلها، وفي الفضائيات، وعلى ألسنة الناس، ولكن بنفس الوضوح والاحترافية وضمير العلم والفهم والمعرفة التي أبشر بها وأدافع عنها، فإنني أجد أن بعض ما وصلت إليه الأمور في هذا الميدان هو محض ابتذال لا علاقة له بالعلم فضلاً عن أن ينفع الناس، وهذا هو قصد النشر إذا كنت قد فهمت فهماً سليماً لما أقوم به، وما اتفقنا عليه معكم!.
إذن سيظل منهجي هو تحري النفع أينما كان وعدم حجبه بدعوى الحفاظ على الأخلاق، فالمعرفة السليمة هي من أهم شروط تحقيق الفضيلة وحمايتها، والجهل هو مرتع الرذيلة المفضل، ولدينا منه ومنها لذلك الكثير!.
على كل حال أنا لست من أنصار الحذف ولا الرقابة ولا المصادرة، ولكن بالوقت ذاته أنا حريص على الاحترافية، وأن يبقى العلم والمعرفة المدعومة بالخبرة والبرهان والدليل هي طابع هذا الموقع بإذن الله، فكيف يمكن التوفيق بين حرية تداول المعلومات، والحفاظ على طبيعة الموقع؟! سأحاول الوصول إلى إجابة لاحقاً خلال السطور القادمة.
ثانياً، أشدد وأؤكد أن حياة أي موقع عامة، وموقعنا هذا خاصة إنما تأتي من النقد "المتعوب عليه"، ومن الإصغاء له، والتطوير المستمر استجابة للتحديات والتغيرات والاحتياجات المتصاعدة للجمهور في ظل قصور منافذ الترشيد أو التوجيه، وإضافة مساحة جديدة أو خدمة زائدة معناه المزيد من العبء على طاقم إدارة مجانين المنهك أصلاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا نتلقى منكم إلا القليل من العون بالنسبة للنقد "المتعوب عليه".
وبالنسبة للدعاية ونشر المعرفة بالموقع حتى صرنا نتأخر في الترتيب العالمي رغم أهمية المحتوى، والسبب في رأيي يكمن في غياب التطوير المستمر للموقع، وغياب التسويق المنظم للموقع أيضاً، وإذا كان لدى إدارة الموقع عذر في عدم القدرة على تحمل أعباء جديدة، فما هو عذر جمهور الموقع في عدم الترويج حتى يصبح الموقع الأول عربياً، وما هو عذر جمهور الموقع في عدم قدح زناد فكرة في مقترحات للتطوير لا تلقي أعباءً جديدة على طاقم الإدارة؟! ولماذا لا نستلم منكم غالباً إلا المديح أو نقد متهافت يشبه الوجبات السريعة، والكلمات العابرة، والكليشيهات المكررة والمتوقعة، أو محض السباب مما تمتلئ به صفحات الشبكة العنكبوتية!.
أنا أنتهز هذه الفرصة لأشكر أصحاب النقد والمشاركات "المتعوب عليها" وقليلاً ما أفعل، ربما لأنني أعتبرهم شركاء لنا في التأسيس والتطوير والإدارة، وقليل ما هم!.
ثالثاً، يسعدني جدا ويهمني فعلاً رصد الواقع ونقده وتحليله، ولا يمارس أحد هذا -فيما أعرف- مثلما أفعل، ولكن تظل عيني الأخرى على انهيار الواقع دون أن يتحرك أحد لينتقل وعياً أو ينشر حقاً أو يدافع عن فهم مخالف للسائد والشائع والمكرر الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه، وهذا الكسل والتخارس لمن عرفوا -ولو بعض الحق- من شأنه أن يترك الراصد الواعي، والمحلل المتعمق، والناقد البصير وحيداً مستوحشاً، و"مسدودة نفسه" كما يقول المصريون، وهو لا يسمع إلا الشكوى ولا يتلقى إلا الأنين، وحتى لو قال فلا يصله أي إيجابي، فهل النشر والتحليل والرصد مقصود لذاته؟! وما هي دلائل استفادة القراء من نشر هذه التفاصيل أو تلك؟! وما هو الفارق الذي أحدثه "مجانين" في حياة من يقرأ ويتابع؟!.
نتلقى كلمة مديح أو مقدمات إطراء في سطر أو سطرين ودمتم، وأنا أعلن من الآن فصاعداً أنني لن أجيب على أية استشارة ما لم تكن مسبوقة بتقرير مختصر عن طبيعة الاستفادة التي تحققت للسائل من قراءة الاستشارات أو المدونات أو أية مادة على مجانين، وسأظل أتشكك في أن تغييراً يحصل في وعي أحد، أو أن لكلماتنا أثراً حتى أرى شيئاً ملموساً أو أسمع -على الأقل- تقريراً بنوعية أو طبيعة الإضافة التي أقدمها أنا وزملائي، فلا تحدثني يا أخي الكريم عن استفادة عظمى تحصل دون أن تقول لي ما هي هذه الاستفادة، وكيف كانت وتكون!.
معاً بدأنا "مجانين" لمصلحتكم وإصلاح الواقع، ومعاً نستمر بدأب وحب وتعب، أي نتعب وتتعبون، وبغير التعب نتحول إلى جزء بائس من واقع بائس، ولا أتطوع أنا وأبذل من جهدي ووقتي وأعصابي فيما لا طائل من ورائه!.
رابعاً، غياب الممارسة الطبيعية للجنس؛ تقول كلماتي طوال عشرة أعوام أن وراءه ترسانة من الغباء والجهل والانغلاق العقلي والثقافي والاجتماعي، والأم الجاهلة المتكشفة أمام أولادها الذكور في سن اندفاع الغريزة، والابن المتفاعل مع هذا الجهل بخيالات ساذجة، والعاجز عن أن يجد لنفسه خيالاً أنظف أو أرقى أو أكثر جمالاً من أمه (لا أعتقد أن أي أم ستكون موضوعاً لخيال جنسي ممتع إلا لشخص محدود الأفق والخيال والعقل)، هذا الشخص العاجز حتى عن الخيال، الذي يستسهل فيلتقط صورة أمه بقميص النوم لتكون موضوعاً لخياله، هل هذا الشاب يمكن أن يتحرك ليطالب بحقه في ممارسة إنسانية جنسياً أو غيره؟! وهل من الأمانة العلمية والاجتماعية المسؤولة أن نقره على استخدام أسلوب التنفيس البائس العاجز؟! هذا مع ما سمعته عن انتشار غير مسبوق لممارسات زنا المحارم فعلاً، وهو ما أدلى به أستاذنا الدكتور يحيى الرخاوي في لقاء شهري ينعقد بدار المقطم (مستشفى يحيى الرخاوي) حيث أفاد سيادته بأنه حالياً يرى انتشاراً لزنا المحارم بشكل يفوق كل ما رآه خلال ممارسة للمهنة (نصف قرن) متعه الله بالصحة والعافية.
إذن العجز والاستسهال والجهل والتخلف في حالة أم تتكشف، وابن يتخيل، ومجتمع يتواطأ ويتجاهل ويتخارس ويغض الطرف في عملية قوادة جماعية، هذا العجز العام بأنواعه ومستوياته هل مطلوب منا أن نقف متفرجين عليه، وأن نساعد الطفل الجنسي بداخل كل منا أن يظل طفلاً يشتهي أمه في الخيال، أو يصبح منحرفاً معها بالممارسة الفعلية؟!
إن أمة تعيش الجنس، بل تعيش الحياة كلها في الخيال والأماني والأغاني والأفلام والأوهام، أمة هكذا هي أمة ميتة يا عزيزي، ميتة بالحياة، ولا يساعدها التنفيس لأنه يطيل أمد البؤس، ويعيق النمو العقلي والنفسي والاجتماعي كما تعيقه فتاوى مشايخ التحريم، وصعوبات تحقيق الحد الأدنى من الإنسانية بسبب الغباء والجهل المركب والانغلاق السائد، وعلى كل حال فإن في صفحات أخرى على الانترنت متسعاً لهذا التنفيس لمن أراده!.
أتفق معك أن الحرمان من الجنس وغيره من أبسط متطلبات الحياة الآدمية هو من أسباب الاضطراب النفسي والاجتماعي، بل من أسباب التخلف واقرأ لي: التفسير الجنسي للتخلف، ولأتفق معك أن من يصطاد السمك لا ينبغي أن يتأفف من رائحته، ولكني لا أتفق أن التنفيس -على أهميته- يمكن أن يؤدي إلى استمرار الوضع على ما هو عليه، وأقرأ لي أيضاً: الكلام في الجنس... متى ستمارسون؟.
سأقترح هنا حلاً أراه معقولاً بالنسبة للقبول والدراسة والتحليل والرصد... إلخ، لكنني في ذات الوقت لا أملّ ولا يفوتني تكرار التأكيد أن الحركة وحدها، والفعل لتغيير أوضاع أدنى من أوضاع الحيوانات إلى أوضاع أكثر إنسانية، هذه الحركة وهذا الفعل هي أولاً أهم دليل على نبض الإنسانية في العروق، وهي السبيل للحصول على الحقوق، وليس التنفيس أو الكلام الساقط أو الخيال البائس رغم أهمية دراسته والإصغاء إليه وتحليله.
وأقترح على إدارة "مجانين" أن تفتح مدونة خارج الموقع تكون مخصصة لنصوص يرسلها القراء بشأن ما يحددونه أنه خيال جنسي أو ممارسات فعلية يودون الحديث عنها، وتكون هذه المساحة تحت أعين الجميع مستشارين وقراء دون التزام من أحد بشيء إلا كما يتسع له وقته، بحيث يضمن المرسل نشر نصه كاملاً غير منقوص، ويضمن أن هناك فرصة للاطلاع على هذا النص من القراء والمستشارين دون أن يتوقع التزاماً كاملاً بالرد على هذا النص سواء من القراء أو من المستشارين، وهكذا يتحقق النشر دون أن نضيف عبئاً جديداً على أحد، ودون مبالغة في التوقعات، وإحباطها بعد ذلك حين نصطدم بصخرة محدودية الوقت والإمكانيات والطاقة العاملة في "مجانين".
أرجو أن تكون الفكرة واضحة ومستعد للمزيد من نقاشها إن لزم الأمر، والله من وراء القصد.
الصيغة المطروحة إذن هي النشر والمشاركة بالاطلاع والرصد الاختياري من الجمهور والمستشارين، دون أدنى تعهد بالرد أو التعصب إلا في حدود اختيار ما يقرره كل مستشار أو قارئ بنفسه لنفسه.