كتاب عقلاء المجانين1
ضروب المجانين
المجانين على ضروب، فمنهم المعتوه وقد مضى تفسيره ومنهم المرور وهو الذي أخرقته المرة، ومنهم الممسوس وهو الذي يتخبطه الجن والشياطين، ومنهم العاشق الذي تيمه الحب فأجنه.
سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن مسعود النسوي بها، يقول: سمعت أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى السركري؟ ببغداد يقول: سمعت زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري يقول: سمعت الأصمعي يقول: لقد أكثر الناس في العشق فما سمعت بأوجز ولا أجمل من قول أنشدنا بعض نساء الأعراب وسألت عن العشق فقالت: داء وجنون.
أنشدنا أبو محمد أحمد بن محمد بن إسحق الخزلحجي؟ بمرو قال: عبد الله بن بهلول بقرميسين.
ومـا عــاقل في الناس يحمد أمــره ... ويــــذكر إلا وهو في الحب أحمق
وما من فتى قد ذاق بؤس معيشة ... من الناس إلا ذاقها حين يعشق
سمعت أبا الحسن مظفر بن غالب الهمداني يقول: سمعت أبا بكر محمد بن يحيى الصولي قال: اعتل عبد الله بن المعتز فأتاه أبوه عائداً، وقال له: ما عراك يا بني؟ فأنشأ يقول:
أيـــها العــــاذلون لا تعــــــذلوني ... وأنظروا حسن وجهها تعذروني
وأنظروا هل تـــرون أحسـن منها ... إن رأيتــم شبيهها فاعــذلوني
في جنون الهوى وما بي جنـون ... وجنــون الهــوى جنون الجنون
(ومعنى الأبيات أن الناقدين واللائمين لحب الشاعر هذه الجارية عليهم أن ينظروا إلى مدى حسنها وجمال وجهها، فلو وجدوا من تشبهها جمالا فقط، وليس أجمل منها، فعندئذ يحق لهم لومه وعتابه على شدة حبه لها وتعلق قلبه بها، وأن ما به هو جنون العشق، وهو من أشد أنواع الجنون وقعا على صاحبه)
قال: فتتبع أبوه الحال حتى وقع عليها فابتاع الجارية التي شغف بها بسبعة آلاف دينار ووجهها إليه.
أنشدني أبو منصور مهلهل بن علي العنزي.
أبـــدر بدا أم وجهـك القمر السعد ... أليل دجا أم شعرك الفاحم الجعد
أنــرجسة هاتيـــــك أم هي مقلة ... أتفـــــاحة ذاك المضـــــرج أم خـد
أمــــوج إذا ولــيت أم كفـــل بــــدا ... أغض لجيـــن في الغــــلالة أم قد
كذا لو تأملت الذي بي لقلت لي ... أهــذا جنـــــــون ثابت بك أم وجد
(الكَفل بالفتح هي المؤخرة للإنسان والدابة، لجين: الفضة المذابة، الغلالة ثوب داخلي خفيف، القْدّ: الوسط، الوجد: شدة الحب)
سمعت أبا العباس الرازي الصوفي يقول: سمعت الشبلي يقول ذات يوم لأصحابه: ألست عندكم مجنوناً وأنتم أصحاء؟ زاد الله في جنوني وزاد صحتكم! ثم أنشد.
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... ما لذة العيش إلا للمجانين!
أنشدنا أبو العباس أحمد بن سعيد المغربي قال: أنشدنا أبو عمرو محمد ابن إسماعيل الضرير قال حدثنا وأنشدنا أيوب بن غسان وهو يقول:
ودعتني بعبــــرة من جفـــون ... أضمرت فيضها حذار العيـون
ومضت خـــلفها وقد خلفتني ... إلف ضــــر وفــــورة وجنـــون
فشكوت الفراق بالنفس الدا ... ئم حتى هتكت سر الظنون
(أضمرت: أخفيت، فيضها: أي نزول الدمعة من عيني، إلف ضر: أي صاحب مضرة، الفورة: هي شدة الانفعال والجيشان، هتك السر: أي أفشاه)
أنشدني أبو سعيد أحمد بن زاوية الفارسي الكاتب:
ألا قل للأحبة يرفقونا ... فإن الحب أورثنا الجنونا
(يرفقونا: من الرفق وهو ضد العنف، ومنها المِرفق، ومنها قوله تعالى في سورة الكهف: "ويجعل لكم من أمركم مرفقا")
أنشدني أبي رحمه الله قال أنشدنا أبو محمد الزنجاني لبعض الأعراب:
أحبـــك حباً لو علمت ببعضـــه ... أصابك من وجد عليك جنون
لطيفاً على الأحشاء أما نهاره ... فسكت وأمــــا ليــــله فأنين
(الأنين: هو صوت المعتل من الألم والوجع)
وحكى لي عن حبيب بن محمد بن خالد الواسطي قال دخلت يوماً على علي بن هشام فوجدته باكياً حزيناً ذاهب النفس فأنكرته وسألته عما دهاه، فقال أعلم أني مررت الآن بالخريبة(المكان الذي خرب) فرأيت مجنوناً مصفداً بالحديد يتمرغ في التراب ويقول:
ألا ليت أن الحب يعشق مرة ... فيعرف ماذا كان بالناس يصنـع
يقولون خذ بالصبر إنك هالك ... وللصبر مني في مصابي أجزع
(يتمنى هذا الشاعر من الحب أن يَعشقَ ويحب حتى يحس ويشعر بعذاب المحبين ومعاناتهم، والناس تطلب منه الصبر في فقدانه لذلك الحبيب، ولا يعلم هؤلاء أن الصبر نفسه هو أشد جزعا وألما من ذلك الشاعر على فقدانه لذلك الحبيب!)
سمعت أبا علي الحسن بن أحمد القزويني يقول سمعت بعض السياح يقول رأيت مجنوناً في القفار وهو يرقص ويقول:
حبكم في القفار شردني ... آه من الحب ثم رآه
(القفار: بمعنى الصحراوات، شردني: نفرني وجعلني طريدا، رآه: أبصره)
وهذا الباب يطول شرحه إلا أنه يذكر في أثناء أخبار المجانين وستراه في موضعه إن شاء الله تعالى.
فصل من اعتقد بدعة وارتكب كبيرة فأدركه شؤمها فجن
حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن سبطم؟ الدهانيني البلخي قدم علينا حاجاً قال حدثنا هشام بن عمار عن سعيد بن يحيى قال رأيت مجنوناً بحمص مصروعاً قد اجتمع عليه الناس، فدنوت منه، فقلت آللّه إذن لكم أم على الله تفترون؟ فجرى على لسانه لسنا ممن يفتري على الله دعه يمت فإنه يقول بخلق القرآن.
أخبرنا أبو القاسم منصور بن العباس ببوشنج قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الهروي قال حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا الحسين بن عبد الرحمن قال لقيت بمنى مجنوناً مصروعاً كلما أراد أن يؤدي فريضة أو يذكر الله صرع فقلت على ما يقوله الناس إن كنتم يهوداً فبحق موسى وإن كنتم نصارى فبحق عيسى وإن كنتم مسلمين فبحق محمد صلى الله عليه وسلم إلا ما خليتم عنه، فقالت الجن لسنا يهوداً ولا نصارى ولكنا وجدناه يبغض أبا بكر وعمر فمنعناه من أشد أموره.
حدثنا أبو عبد الرحمن عمر بن أحمد بن علي الجوهري بمرو قال حدثنا أحمد بن الحارث بن محمد بن عبد الكريم قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مهزاد، حدثنا مسلمة، أخبرنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه جنوا (أي المجموعة التي خرجت على سيدنا عثمان بن عفان تطلب منه أن يعتزل الخلافة أو يعزل عبد الله بن أبي السرح عن ولاية مصر، ثم حاصروا بيته بعد ذلك لأيامٍِ كثيرة لدرجة أنهم منعوا عنه الماء والطعام، ثم اقتحموا عليه بيته وقتلوه).
فصل من يسمى مجنوناً بلا حقيقة
كالشاب والمتصابي والسكران
كانت العرب تقول الشباب شعبة من الجنون. أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحارث المؤدب ببوشنج عن أحمد التمامي إنه أنشده وقال:
ما العيش إلا بجنون الصبــي ... فإن تولى فجنون المدام
كأساً أذا ما الشيخ والى بها ... فيتــــردى بـــــرداء الغلام
(هنا يميز الشاعر ثلاثة أنواع من الجنون، وهم جنون الصبي، وفي منطقة الخليج قد يسمون المراهقين: الجُهال، وجنون شارب الخمر أو المُدامة، وجنون الشيخ المتصابي)
فصل من جن من خوف الله سبحانه
حدثنا أبو الفضل العباس بن هزار بن محمد بن هزار بن الخطيب، بمرو، قال حدثنا أبو القاسم بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال حدثنا علي ابن الجعد أخبرنا شعبة قال بغني عن عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز النخعي إنه كان يصلي في مسجد على عهد عمر رضي الله عنه فقرأ الامام ذات ليلة "ولمن خَافَ مَقَامِ رَبِّه جَنَّتان" فقطع صلاته وجن وهام على وجهه ولم يوقف له على أثر.
حدثنا أبو الحسن بن موسى السلامي بهراة (بشمال شرق إيران)، قال حدثنا أحمد بن يعقوب البسطامي حدثنا خلف بن عمر الصوفي قال سمعت أبا يزيد يقول: جننتني بي فمت ثم جننتني به فعشت ثم جننتني عني فغبت ثم أوقفني في رجة الجنون وسألني عن أحوالي الثلاث فقلت الجنون بي فناء والجنون بك بقاء والجنون عني وعنك ضناء وأنت في كل الأحوال أولى بنا (ضناء: معاناة).
حدثنا أبو الحسن المظفر بن محمد بن غالب قال حدثنا أبو علي الحسن ابن محمد بن أحمد البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن مسلم عن صالح المري أن رجلاً من الزهاد مر ذات ليلة برجل يقرأ "وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللّهِ مَا لَم يَكُونُوا يحتسبُون" فجعل يصيح ثم مزق ثيابه وغلب على عقله، فأخذ وقيد ومات على ذلك.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن منصور قال حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا الصلت بن مسعود الجحدوي: حدثنا فضل بن سليمان عن يونس بن محمد بن فضاله قال: خرجنا مع الربيع بن خيثم فمررنا على حداد ومعنا فتى فقام الربيع ينظر إلى حديده في النار فوقع الفتى فأغمي عليه فتركناه ومضينا لحاجتنا فعدناه فإذا هو على تلك الحال ثم بلغنا إنه جن فمات في جنونه.
حدثنا محمد بن سليمان قال حدثنا ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن الحسين حدثني مالك ابن ضيغم قال: مر بكر بن معاذ برجل يقرأ "وأنذرهُم يَوْم الآزفة إذ القلوبُ لَدَى الحناجر كاظِمِين مَا لِلْظَالِمين مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطاع" فاضطرب وخرثم صاح ارحم من أنذر ثم لم يقبل إليك بعد النذير! ثم غلب على عقله فلم يفق حتى مات.
وحدثنا أبو جعفر محمد بن شيب حدثنا هشام بن عبد الله قال: نظر الحارث بن سعيد في قبر منخسف فوقع مغشياً عليه ثم رفع وقد زال عنه عقله فبقى كذلك حتى مات. حدثنا أبو زكريا محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن معبد الآملي قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الدريدي: حدثنا العباس بن الفرج الرياشي عن محمد بن يونس البكري قال: سمع حذيفة العابد رجلاً يقرأ وعرضوا على ربك صفا فهام على وجهه ولم ير بعد.
أخبرنا أبو القاسم منصور بن العباس حدثنا محمد بن إبراهيم بن خالد الهروي حدثنا أبو الطيب محمد بن أحمد اليافي بفلسطين حدثنا الحسن بن محمد بن المبارك الصوري عن أبيه قال: قرأ رجل بين يدي معاذ ابن نصر "وانذِرْهُم يَوْمَ الحسْرَةِ إذْ قُضِيَ الأمْرُ" الآية فجعل يتمرغ في التراب ويضطرب ويصيح ثم هام على وجهه ولم يوقف له على أثر.
وأخبرنا منصور عن محمد بن إبراهيم عن أبي الدنيا عن محمد بن الحسين عمار بن عثمان عن بشر بن عبد العزيز قال: كان عمر بن ذر لا يخرج إلا إلى الصلاة أو الجنازة فسمع قارئاً يقرأ "وَمَا أمرُنا إلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمحٍ بِالبَصَرِ" فصرخ صرخة فخولط فلم يزل على ذلك حتى مات.
فصل من تجان وتحامق وهو صحيح العقل
وهم ضروب، فمنهم من تعاطي ذلك ليرى شأنه ويستره على الناس سمعت أبا موسى عمران بن محمد بن الحصين يقول: سمعت إبراهيم بن الحارث الكرماني يقول سمعت أحمد الدورقي يقول قال مالك بن دينار: رأيت بالمصيصة شيخاً في عنقه غل وسلسلة والصبيان يرمونه وهو يقول:
إن من قد أرى على صور الناس ... وإن فتشوا فليسوا بناس
(أرى: اطلع)
قال فتقدمت إليه فقلت أمجنون أنت؟ قال أنا مجنون الجوارح لا مجنون القلب القلب (استوقفني هذا المعنى الجميل؛ فهل هناك من هو متصل القلب والعقل بالله عز وجل، ولكن تصرفاته بين الناس هي تصرفات وسلوكيات المجانين؟! أظن أنني قابلت القليل منهم في حياتي) ثم مر وأنشأ يقول:
واريت أمـــري بالجنون عن الورى ... كيما أكون بواحدي مشغول
يا من تعجب في الأنام لمنطقي ... ماذا أقول ومنطقي مجهـول
(واريت: أخفيت، الورى: الخلق، بواحدي: يقصد الله عز وجل)
سمعت أبا نصر منصور بن عبد الله الأصبهاني يقول سمعت أبا بكر ابن طاهر الأبهري يقول سمعت عمران بن علي الرقي يقول: كان إبان ابن سيار الرقي رئيس القراء والفقراء بالرقة (مدينة على نهر الفرات بالعراق، كانت مصيفا لهارون الرشيد، وموجودة إلى اليوم) وكان مع ذلك أهل علم فأكل الذئب بنياً له وكان واحده، وكان مشغوفاً به، ولم يتمالك، وهام على وجهه، فغاب ملياً ثم عاد وقد برم بالناس. فجنن نفسه، وجعل لا تطمئن به دار ولا يستقر به قرار، فخبرت بشأنه فأتيته بأصحاب لي، فألفيته في الجامع يكلم بعض الأساطين، فقلت يا إبان أجننت؟ قال نعم عندك وعند اضرابك. فقلت كيف؟ فأنشأ يقول:
جننت عن عقلي لديكم وما ... قـــلبي واللّه بمجنـــــون
أجــــن مني وإلــــه الـــــورى ... من اشترى دنياه بالدين
(البيت الأخير: فيه الشاعر يقسم بإله الكون أن المجنون هو من يشتري الدنيا بالدين، أي يبيع دينه وآخرته بثمن بخس رخيص وهو الدنيا، وحول هذا المعنى يدندن مؤلف هذا الكتاب ابن حبيب النيسابوري).
وكنت قد ابتعت ضيعة من بعض السلاطين فعلمت انه يعنيني فتسورت ووالله ما عاودته بعد.
وقال الفرزدق أمر عمرو بن هند ملك العرب لطرفة وجرير المتلمس بكتابين إلى عامله بالبحرين بإهلاكهما وهما لا يشعران فمرا برجل على قارعة الطريق يحدث ويتفلى ويأكل، فقال المتلمس بالله ما رأيت أحمد من هذا، فقال الرجل وما رأيت من حمقي، أخرج خبيثاً وأدخل طيباً، وأقتل عدواً، أحمق والله مني من حمل حتفه بيده. ففك المتلمس كتابه فإذا فيه أما بعد فإذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً فرمى بالكتاب وأنشأ يقول:
قذفت بهذا القط من جنب كافر ... كذلك أرمي كل قط مطلل
وقال لطرفة: فك كتابك، فقال: هو لا يجتريء على إهلاكي، فذهب بالكتاب فإذا فيه إذا أتاك طرفة فاقطع أكحله ولا تشده حتى يموت ففعل وأنشأ طرفة يقول:
كل خليل كنت خاللته ... لا ترك اللّه له واضحـــــه
كلهم أروغ من ثعــلب ... ما أشبه الليلة بالبارحة
فصل من تحامق لينال غنى
سمعت أبا نصر محمد بن مزاحم البدخشي، قدم علينا حاجاً، قال: سمعت سعيد بن علي بن عطاف الطاحي بالبصرة يقول: كان عندنا رجل عاقل أديب فهم شاعر يقال له عامر وكان مع أدبه محروماً مجازفاً، فقال لي رجل من أصحابي إن صديقك عامراً قد جن، فجعلت أطلبه حتى ظفرت به في بعض القرى والصبيان حوله يضحكون، فقلت له: يا عامر مذ كم صرت بهذه الحال؟ فأنشأ يقول:
جننت نفسي لكي أنال غنى ... فالعقل في ذا الزمان حرمان
يا عــاذلي لا تلم أخــــا حمق ... تضحك منـــه فالحــمق ألوان
وعلى هذا علي بن صلوة القصرى كان ممن يجيد الشعر وكان محروماً لا يؤبه له، ومن جيد شعره:
لسان الهوى في مقلتي لك ناطق ... يخبــــر عني أننـــي لك وامـــــــق
ولي شاهد من ضر جسمي معدل ... وقـلب عليــــل في ودادك خــــافق
وما كنت أدري قبل حبك ما الهــوى ... ولكن قضاء اللّه في الخلق سابق
ثم تحامق وأخذ في الهزل فحسنت حاله وراج أمره حتى أن الملوك والأشراف أولعوا به، ومن قوله:
غياث بن عبد اللّه يطعم ضيفه ... رؤوس الجدايا طبخها بأرياجها
وهذا مجال في الطعام لأنمــــا ... رؤوس الجدايا حقها سكباجها
(الجدايا: أبناء الماعز)
وما أشبه ذلك: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن الجنيد يقول سمعت محمد بن زكريا الغلابي يقول: مر بعض الأدباء بمجنون يتكلم، فتأمل كلامه، فإذا هو رصين يدور على الأصول، فقال له ما حملك على التحامق؟ فقال:
لما رأيت الحظ حظ الجـاهل ... ولم أر المغبــــون مثل الـــعاقل
دخلت عيشاً من كرام نائل ... فصرت من عقلي على مراحل
أنشدنا أبو نصر محمد بن أحمد التميمي بسرخس (من مدن خرسان شمال شرق إيران حاليا):
إن كنت تهوى أن تنال المالا ... فالبس من الحمق غداً سربالاً
ويتبع >>>>>>: كتاب عقلاء المجانين3
اقرأ أيضاً:
أوجه الشبه بين قتل صدام والمستعصم / صفحات من تاريخ الطب النفسي(2)