يوميات ولاء حكايتي مع الكتابة: "شعر المبلبعات"
لا أتذكر منذ متى تحديداً بدأت في تدوين مذكراتي، ربما من المرحلة الابتدائية، المهم أنني كنت أنوي من هذا أن أسجل أحداث يومي، ولم أكن أتصور أنني بهذه الطريقة أنمى بداخلي تلقائياً ملكة الكتابة، فقد ألهمني الله أن أفعل هذا دون أن أعرف قيمته أو أهميته ولم أكن أعلم أن هذه الموهبة البسيطة ستفيدني جداً في حياتي العملية وأن الكتابة ستكون ليست مجرد هواية فقط لي بل مهنة وحياة كاملة وهى الشيء الممتع بصدق في هذه الدنيا مع رفيقتها القراءة، وهي شيء حقيقي وصادق في عالم مزيف.
شجعني على هذا مجموعة من الصديقات وأبي رحمه الله الذي كان يفخر بي كثيراً كلما وجدني أقرأ، أو إذا وجد مكتبتي الصغيرة تتضخم مع الوقت – وأنا ما زلت طفلة ربما في العاشرة، والجميل الذي أتذكره هو أنه لم يكن في منزلنا مكتبة لأن غرف المنزل كلها كانت غرف نوم لأمي وأبي، ولي أنا وأخواتي الثلاثة، وغرفة صالون فكنت الجأ إلى تخزين الكتب في " كرتونة" ولا أزال احتفظ حتى الآن بمكتبتي الأولى " الكرتونة" !
ثم أصبحت ملتصقة بالقراءة، وبدأت بروايات الخيال العلمي والمغامرات والألغاز، والمقالات العادية والصحف، ثم أثمر هذا في النهاية كتابة بعض الآراء حول القضايا المختلفة مع كتابة الخواطر التي كنت اعتقد أنها وقتها شعراً، واللطيف أنني وأنا طفلة صغيرة كنت أؤلف شعراً مضحكاً له وزن ولكن مشتق من كلمة واحدة فقط هي "المبلبعات" ! وأنت لم تخطأ في قراءة الكلمة، فقد كنت ما أكتبه يضحك الأسرة كلها لدرجة انهم كانوا حين يريدون الضحك يطلبون منى أن ألقى عليهم شعري (المبلبع )! كان أقول مثلاً (تبلبع المتبلبع في المتبلبعات )!
وهكذا... أمر سخيف أن أجعلكم تقرءون هذا ولكنه كان مضحكاً جدا لأني كنت صغيرة جداً لدرجة أنني كنت أتصور أن ما أقول هو شعر ولكنهم هم الذين لا يفهمون !!
ولطبيعة مرحلة المراهقة أو لطبيعتي الرومانسية التي تعشق الطبيعة والمناظر الطلقة (وتذكروا معي مقال متهمة بالرومانسية)، فقد بدأت في كتابة الخواطر والشعر المقفى – غير الموزون – في المرحلة الإعدادية.
وظل الأمر يزيد مع الوقت حتى تشجعت في المرحلة الثانوية وعمري 16 عاماً وأرسلت مقالاً للنشر، وفوجئت به ينشر في رواية للشباب اسمها كوكتيل 2000 عن دراسة يجريها الكاتب "د.نبيل فاروق" الذي يعرض له حاليا مسلسل العميل 1001على القناة الأولى، وعنوان الدراسة "المرأة مشكلة، صنعها الرجل" وكتبت باستفاضة وتحليل يتناسب مع سنوات عمري البالغة ستة عشرة عاماً عن رؤيتي للعلاقة بين الرجل والمرأة، وطرت من السعادة لنشر المقال كاملا وسط مئات الرسائل المرسلة للكاتب، وسعد بي أبي للغاية وسرت أمي أيضا، وشعرت أنا وقتها بالفخر وأنني أنجزت شيئاً مهما وحققت حلما غالياً، وأن ما أقوله ليس فقط (شعر المبلبعات) المضحك الذي ليس له أي معنى، بل يمكنني أن أقول ما هو افضل وأكثر قيمة منه، وفوجئت بصديقاتي تتصلن بي لتهنئتي بالنشر .
ومن يومها أدركت أن السهم أصاب هدفه، وأنني وضعت قدمي على الطريق، وكبر حلم الكتابة أكثر بداخلي، ونما حلمي أن أكون صحفية وأن أكتب وأن أبلغ الناس صوتي، وأخبرهم ما بداخلي. فوضعت الخطة وبدأت التنفيذ، وجاءت النتيجة أفضل مما تخيلت كثيراً. فها هي كلماتي بين أيديكم اقصد على شاشات حاسباتكم تحتل جزاء من الفضاء الإلكتروني. واعتقد أيضا أن لها معنى وليست مثل (شعر المبلبعات) هذه المرة.
والقصة لم تنتهي بعد ولكني أكملها في المرة القادمة.
فشكراً لسعة صدركم.
ويتبع >>>>: يوميات ولاء حكايتي مع الكتابة (2)
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء : نيولوك أم قولبة ؟ / المصالحة مع النفس / يوميات ولاء في عيد ميلادي ...أنا متفائلة