تألمت كثيراً قبل وأثناء كتابة هذا المقال، وكان الحل للتخلص من بعض الألم وإبراء الذمة أمام الله وأمام عذاب الضمير الذي انتابني لقلة الحيلة والإحساس بالعجز. فقد قرأت من أيام وربما أسابيع عن إحالة أحد ضباط الشرطة للاحتياط والتحقيق بعد حادثة تعذيب لأحد المواطنين عند الزعفرانة السياحية، وعند هذا الحد لم يذهب ذهني لما هو أبعد من التعذيب التقليدي لرجال الشرطة للمواطنين الأبرياء سواء في أقسام الشرطة أم السجون والمعتقلات، إلا أن الحقيقة المرة التي سيقت لي بعد هذا أن المواطن المسكين المعتدي عليه لم يتعرض فقط لضرب وتعذيب معروف من الشرطة وإنما تعرض لما هو أفظع من هذا، من كل ما يمكن تصوره ولا يمكن تصوره من اعتداء للكرامة والإنسانية والرجولة أيضاً>
فالاعتداء عليه شمل أنواع متنوعة وشاذة وحقيرة من الاعتداء الجسدي والجنسي المهين الذي نفذته الأيدي الآثمة بلا ذرة ضمير أو وازع أخلاقي أو حتى إنساني، فنحن لا نسمع أبداً أن حيواناً اعتدي بمثل هذا الاعتداء على زميله الحيوان، ولم نسمع أن إنساناً عذب وأهان كلباً لهذه الدرجة القذرة المتدنية الخالية من أبسط قواعد الإنسانية، فما بالك بمن يعتدي بمثل هذه الحقارة على إنسان مثله!
ولمن أرد الإطلاع على تفاصيل الاعتداء الجسيم على المواطن الذي كان أمنا في بلده أمجد مختار حسين أسوق له هذا الرابط للكاتب عادل حمودة لمقال كتبه في جريدة الفجر بعنوان فضيحة سرية جديدة للداخلية.
ومما أثارني في القضية أنني أعلم وفق ما تورده تقارير منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية أن حالة أمجد ليست الوحيدة، وربما لن تكون الأخيرة، ولكن تم اتخاذ اللازم من عقوبة للضابط المذكور، فتساءلت تري ماذا كان يمكن أن يكون رد فعل المسئولين في الداخلية لو لم يمتلك والد الضحية أمجد نفوذاً مثل والده؟ ماذا لو تجاهل المسئولون الأمر! كما يفعلون في حالات أخرى كثيرة؟
كل ما أنا واثقة منه أن المسكين أمجد المعتدي عليه لسبب غير مفهوم ولا مبرر، لن يكفيه أبداً الاعتذار ولا معاقبة المعتدي، بل سيظل ما حدث مترسباً في عقله هادما لك معاني الحياة بداخله يشعره بجحيم لا ينتهي ولا يتوقف في كل لحظة تمر عليه بعد أن تعرض لإهانات لا يقو عليها بشر واعتداء وحشي أخجل من ذكر تفاصيله وأترك لكم التصفح في الرابط السابق.
وما جال بخاطري أيضاً أثناء الاطلاع على الموضوع أن منفذ التعدي والتجاور الرهيب كان يتصرف وكأن الأمر معتاد وتقليدي، وكأن هناك من أفهمه أن بقية الناس في المجتمع من طبقة دنيا لا ترقي لطبقة الضباط والعاملين في مجال الأمن، وما جال بخاطري أيضاً هو من أين جاء الضابط المعتدي بهذه الأفكار الآثمة غير السوية لو لم تكن تحدث ولها تطبيقات أخرى فى الداخلية؟
فالأمر حدث وكأنه أمر معتاد لدي الضابط ومعاونيه! وهذا ما يؤلمني ويصيبني بمزيد من الألم والإحباط.
فإذا كان هذا هو حال المواطنين الأبرياء من غير المتهمين في أي قضية، فما حال المتهمين إذاً؟
والخبر يأتي في الوقت الذي أعلنت فيه منظمات حقوق الإنسان في مصر أن هناك 2000 حالة وفاة بسبب التعذيب خلال عام 2000 إلى عام 2005 ، وأن هناك حالة وفاة كل شهر بسبب التعذيب في مصر ،ولكن ما حدث لأمجد أمر بشع، يجب أن تتحرك لأجله كل منظمات حقوق الإنسان وكل ما لديه غيرة وحب لهذا الوطن وأبنائه، حتى لا تتكرر مثل هذه التعديات المخزية والوحشية غير الإنسانية على المواطنين الأبرياء، ولعل الحملة التي دشنها موقع ولاد البلد ضد ضرب المواطنين المصريين بداية جيدة.
ولعل الرسالة التي نشرها الأستاذ مجدي مهني للأستاذ بهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والتي يطالب فيها بالتخلي عن السياسة الأمنية الحالية للداخلية خطوة جادة على الطريق http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=30160
واقرأ أيضًا:
تعالوا نفهم الشيطان / يوميات ولاء الخدعة الكبرى / ميكانو.... لقطات حياتنا المتناثرة