شاهدت اليوم فقط الفيلم الجميل ميكانو فيلم رقيق مشحون بالمشاعر الدافئة الناعمة أبدع خالد الصاوي كالمعتاد ووجد أخيراً في تيم حسن نداً له خاضا معاً أكثر من مباراة تمثيلية سجلا فيها نقاط عديدة لصالح الفيلم، جسد الأول دور الأخ المخلص الراعي لأخيه المريض بمرض نادر ببراعة اعتدناها منه، واستطاع أداء تيم حسن أن يلمس قلبي بقوة فأجبرني دون وعي أن أتعاطف معه في جميع مشاهده، مشهد الندم المخلوط بالاضطراب المرسوم بقوة في عينيه أثناء لوم أخيه له على مغادرته المنزل، ومشهد بوح الأخ الأكبر بمكنون العشرين عاماً ونظرات الألم والتوتر التي تطل من عين تيم.
وقدمت نور أفضل أدوراها ببساطة وهدوء ملفتين فيعتبر هذا الدور إضافة حقيقية لها.
وراء هذا العمل الراقي مؤلف موهوب مبدع هو وائل حمدي ومخرج متمكن هو محمود كامل.
اسم الفيلم لا يخلو من معنى فلسفي، فميكانو ليست مجرد اللعبة التي يهواها البطل، ولكنها حياتنا ذاتها ، ففي حياة كل منا لقطات وذكريات متباينة بين الفرح والحزن والسعادة والألم، ونحن نختار الأجزاء التي نركبها معاً لنصنع منها شكلاً ما هو إلا حياتنا ذاتها، وجاء المعنى في طيات حديث البطل مع البطلة حين حدثته عن سيئات أخيها فقال لها:(السخيف انك بتفتكري هذه الذكريات، لكن هناك ذكريات أخرى جمعت بينكما، خروجة حلوة، سر بسيط من وانتو صغيرين ما حدش يعرفه غيركم لحد دلوقتي لعبة حلوة كنتو بتلعبوها سوا وانتو صغيرين).
فلعبة الميكانو بها كل الألوان، مثل حياتنا تحوي كل أنواع المشاعر والمواقف واللحظات الإيجابية والسلبية، ولييصنع البطل للبطلة بيتاً هدية من لون واحد هو الأبيض استعمل 12 علبة، وهكذا حياتنا فحتى نصنعها من اللحظات الحلوة السعيدة وحدها فنحن نحتاج لعلب ميكانو كثيرة أو سنوات طويلة وتجارب عديدة.
وكأي عمل إنساني لا يخلو من الثغرات أكبرها قدرة البطل على القيام بتصميمات هندسية مبدعة في الأصل مبنية على علوم ونظريات درسها من سنوات وهو دائم النسيان لكل شيء فهو لا ينسي المواقف فقط مثل موت أمه ولكن أيضاً المعلومات مثل رقم تليفون أخيه.
ثم البساطة التي يروي بها طبيبه المعالج حالته لكل من يسأله وكأن لا يوجد ما يسمى شرف المهنة أو قسم الطبيب .إلا أن محاسن الفيلم والحالة الإنسانية المؤثرة التي يضع فيها المشاهد تغفر هذه الأخطاء والتي لن نجد فيلماً أبداً يخلو من الهفوات حتى الأفلام الأجنبية التي تحقق شهرة عالمية واسعة المدقق فيها سيجد أخطاء عديدة في السيناريو وأحياناً أتفه من هذه بكثير.
الفيلم في المجمل يشبه معزوفة موسيقية ناعمة تضعك في حالة حالمة هي مزيج عجيب من الرومانسية والألم. وساعد على صنع هذه الحالة الفريدة موسيقى تامر كروان البديعة.
سؤال أخير: طالما لدينا تأليف وإخراج وأداء تمثيلي بمثل هذا الروعة.... لماذا لا نشاهد أفلاماً مثل ميكانو إلا نادراً؟
18/7/2010
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء الخدعة الكبرى / نعم... الاعتذار لأمجد لا يكفي / مؤتمر الشباب وبناء المستقبل