إنه صباح ماطر جيوش من حبات المطر تغير على الأرض وحباتها وعندما يلتحم الجمعان تنمو الحياة في الأرض وتزهر ويطل ربيع جميل رغم معارك الطبيعة الطاحنة, في البيت أسمع تلك القطرات تصادم نافذتي, صغيري يتراكض حولي كفراشة مغترة برشاقتها تنثر جمالاً لن يكتمل الربيع من دونه, يسأل عن ما أعددت له؟ لست محترفة في صناعة الأطايب من الطعام لكني أحاول لرسم ابتسامة صغيري وما أثمنها من ابتسامة، نعم حبيبي انتهيت لكن أرجوك أن تستحق شفاك الغضة, ليس هناك أجمل من مراقبة الصغير يبتلع الطعام ويغوص ووجهه الملائكي بالشوكولاتة وتبدو سعادة بادية على محياه سرقتها من الزمن لأجله, لا أكتفي من مراقبته ولا أكل من شقاوته, لا أنتهي من حبه، لا أدري أي سحر وأي حب يجمعني به, لا أدري كم حضناً احتضنته, كم قبلة نال مني,كم سينال مني أيضا؟
بينما أرتب الفوضى التي أحدثها المشاكس يفاجئني بعناق ويطبع فوق جبيني قبلة تنسي ما فات وما هو قادم, أشكر السماء لوجودك.
لأول مرة أريد أن أعيش طويلا من أجلك, وبدأت كالعادة برسم مستقبلك برأسي وبل أخطط للتفاصيل الصغيرة منذ الآن أريد أن تكبر لأراك تصبح شاباً مهذباً وتتزوج بفتاة جميلة لتصبح ابنتي التي لم أنجب ويمتلأ المكان بمشاكسين صغار يدفعون عجلة التاريخ في بيتي بعدما أحسست بتوقف الزمن للحظات, لوهلة بدا كل شيء جميلا وعذبا, بدا في الأفق بارقة أمل لم أكن لأراها إلا بضحكاتك وهمساتك.
لو أقدر لعقدت صفقة مع القدر خذ حياتي مقابل حياته خذ سعادتي وأعطه كل ضحكاتي, أريدك أن تحيا برغد الحياة ولا توقفك نوائب الدهر, أريدك أبتلع عنك الآم الزمن, لكن ليس كل ما أريد يمكن تحقيقه, يبقى لي سِبحة وسجادة صلاة لأدعو من خلقك وخلقي أن يحفظك ويرزقك بِري ورضاي ومحبتي فهذا ما أقدر عليه.
وددت لو أبقيتك في جنبات قلبي, وددت لو حفظتك في عيوني, وددت لو أسكنك فوق السحب وقمم الجبال, صحوت من جملة أفكاري على جذب طفلي يريدني أن أشاركه لحظات لعبه وقلب البيت رأساً على عقب, ولم لا ليس هناك ما أجمل من هذه الفوضى.
قلبي وعقلي مع أمهات سوريا, لساني يلهج بالدعاء إلحاحاً وطمعاً برحمتك يا كريم يا غفور بأن ترحم عبادك وتقتص من الظالم آمين يا رب العالمين.
واقرأ أيضاً:
تائهة بين سطور الحياة : نص اكتئابي / هو وهي / صداقة الموتى / انفصال