السعادة ممكنة..رحابة النص
ما أجمل أن يكون الإنسان رجلا، ويا حبذا لو كان زوجا، إذا لم يكفه دخله فزوجته مسرفة، فشلت في أن تأخذ عن أمه وأخته وخالته وعمته وجارته التي كان سيتزوجها لولا القسمة والنصيب مثلا في التدبير. وإذا فشل في أن يصل إلى مكانة مجتمعية ما فهي التي شغلته بتوافه الأمور ودفعت به نحو عالمها الضيق في حين نجحت زوجة رئيسه في استيعاب طموح زوجها ودفعت به إلى عالم ذي أفق رحب استطاع أن يتحقق خلاله.
وإذا جاءت نتائج امتحانات أبنائهما على غير المتوقع فهي التي انشغلت عنهم بعملها أو بصديقاتها أو بمتابعة المشاكل التي نشبت أخيرا في عائلتها. وإذا مرض أحد الأبناء فهي التي أهملت صحة الطفل وإذا ما اشتد المرض فهي التي لم تستوعب تعليمات الطبيب وإذا ما راقت إليه أخرى فهي التي اضطرته لذلك حين أهملته وانشغلت بالبيت والأبناء على حساب تتويجه ملكا في كل وقت وحين.
ونجد هذا الرجل (الزوج) دائما رافعا لشعار (المفعول به) وهو دائما مرتاح الضمير، هادئ البال، منفرج السريرة، فقد أقام جسرا دفاعيا حصينا لإثبات حالة اللاذنب، ومن لا ذنب له لا هم له أيضا.
وبالتالي فهو لا يسعى أن يكون فاعلا على الإطلاق، بينما تحاول الزوجة (الفاعل) إثبات نجاحها في كل ما كلفت به فقد وقعت في فخ الاستزادة في العطاء والمسئولية المباشرة عن كل شيء والتي قد تصل إلى حد ترطيب الجو في أيام الصيف الجافة، وتصدق أنها قد أخفقت في الوصول ببعض الأمور إلى المستوى المطلوب من وجهة نظر (المقيم) فتضاعف من مجهودها مع الأبناء وفي البيت وفي عملها. وفوق كل ذلك تبذل كل طاقاتها لأن تشعره دائما أنه الأبقى والأخلد والأحق بكل اهتمام في هذا الكون. وتظل تجري وتلهث وراء تحسين صورتها وهو يزداد غرورا بفضل التقييم الذي أعطاه لنفسه كحق وليس بفضل الفعل.
والنتيجة دائما تثير الضحك فهي بكل عطاءاتها تصبح غير واثقة بقدراتها وتبحث عن شهادة الأيزو من رجل يزداد غرورا وكبرياء وتعنتا في التقييم دون أن يدري أن تقييمه هو العائق الوحيد في حياة هذه المرأة التي استطاعت بالفعل أن تنجز كل ما أنجزت.
مطلوب:" أن يقوم كل بدوره دون مبالغة أو تراخ وأن يقيم كل نفسه أولا وأن نعتاد أن نصارح أنفسنا بمواطن الضعف فينا وأوجه التقصير لأن ليس كل منا لديه من يرمي عليه بكل نواقصه، وإذا وجد فلن يجده طوال الوقت فسيتمرد هذا الكائن بعد حين ويرفع الغطاء ليكتشف الآخر حجمه وقدراته المتواضعة وقدره الهزيل وعطاءه المحدود وفاعليته التي تساوي الصفر!!
واقرأ أيضا:
لا غيابَ بعد هذا الحب / الحب وجنون الحب / السعادة ممكنة..رحابة النص