تعليقا على بين الحلال والحرام ... الزنا مشاركة! كتب مستشار الموقع أ.د سداد جواد التميمي يقول: طلب زملائي على الموقع الأستاذ أحمد عبد الله والأستاذ وائل أبو هندي التعليق على مشاركة الأخت التي استشارت الموقع سابقاً ثم قرأت بعدها مقالاً للأستاذ أحمد عبد الله بعنوان الزنا تم نشره في يناير 2010.
مشاركتي في هذا الموضوع من زاويتين. الزاوية الأولى هو تحليل محتوى المشاركة من زاوية طبية نفسية. الزاوية الثانية هو عرض عام للهيكل الديني لبعض المشاكل الاجتماعية والنفسية بوجه عام.
المشاركة:
الأفضل هو تحليل ومن ثم صياغة محتوى الرسالة من منظور طبي نفسي بعيداً عن الخوض في الجوانب الحضارية لمستشيرة الموقع. لا شك بأن أي طبيب نفسي سيصل إلى نفس الاستنتاج وهو أن هناك ثلاثة مراحل مرت بها مستشيرة الموقع وهي:
1- المرحلة الأولى: تشير المستشيرة إلى طفولة ناقصة وقاسية في نفس الوقت. استمرت هذه المعاناة كذلك في مرحلة المراهقة. من جراء ذلك يمكن القول بأنها طفولتها لم تعطها تعلقا Attachment آمنا وصحيا بل على العكس كان تعلقها قلقاً Anxious Attachment حملته معها بعد دخولها مرحلة البلوغ. التعلق الآمن والصحي هو الأساس الذي يبني عليه الإنسان موقعه في الحياة وعلاقته مع الآخرين.
2- المرحلة الثانية: من جراء التعلق غير الصحي اكتسبت مستشيرة الموقع صفات شخصية حدية Borderline Personality Traits وأسرفت كما هو الحال مع وجود هذه الصفات في استعمال ما نسميه الانشقاق Splitting في التعامل مع الحياة والآخرين. أفضل أحياناً استعمال مصطلح الانشطار بدلاً من الانشقاق لأن هذا يذكر الجميع بالطاقة الهائلة التي تنتج من انشطار الذرة. تميزت مرحلة البلوغ بتقلبات مزاجية والبحث عن الكمال والسعادة بدون جدوى مع عدم القدرة على اكتساب هوية شخصية ترضى بها وتستعملها بقناعة بعيداً عن الخوض في صراعات حضارية مع المجتمع الذي تعيش فيه.
3- المرحلة الثالثة: الصفة الشخصية التي تتسلط على مستشيرة الموقع هي ما نسميها التجنب – الاعتماد على الغير Avoidant – Dependent هذا البعد في شخصية الإنسان يمنع الإنسان من الدخول في علاقة شخصية آمنة حاله حال التعلق القلق في الطفولة ولا تستطيع المرأة ولا الرجل احتمال شدة أو كثافة العاطفة في العلاقات الحميمية. من جراء هذا الفشل تدخل المرأة في حلقة مفرغة من البحث عن منفذ للهروب من اكتئاب ناتج عن العلاقة العاطفية لتدخل بعدها في علاقة أخرى تفشل هي أيضاً في سد احتياجاتها العاطفية الناقصة.
يصيغ الإنسان حالته النفسية ويحللها ضمن إطار حضاري معين وفي هذه الحالة تم استعمال الإطار الديني الذي هو أكثر شيوعاً واستعمالاً في دول العالم الثالث ومنها العالم العربي.
الهيكل الديني في الصحة النفسية الاجتماعية
مصطلح الزنا في حد ذاته مصطلح قوي يؤدي بحد ذاته لتشويه سمعة الإنسان مدى الحياة ناهيك عن العقوبات الجسدية من جلد ورجم وغير ذلك. رغم ذلك يصعب على الإنسان الذي فشل المجتمع برمته في سد احتياجاته الفكرية والعاطفية والجنسية القبول بمثل هذا المنطق وإصدار مثل هذه العقوبات بحق المستضعفين دون الأغنياء وعملاء السلطة الدينية الذين يسدون احتياجاتهم عن طريق زواج عرفي وزواج مسيار وزواج متعة وتعدد زوجات وبعدها جواري وما ملكت أيمانهم. هذا هو ما نسميه الانشطار والصفة الحدية في استعمال وتطبيق المعتقدات الدينية.
ولكن ليس هناك مفهوم أفضل لاستيعاب مفهوم الخطيئة مثل التمعن في قصة مريم المجدلية؟؟.
يتصادف عيد مريم المجدلية مع عيد ثورة يوليو في مصر. يمكن أن نشبه مفهوم مريم المجدلية كعمل فني قديم جداً تم تعريضه هذه الأيام لعملية تنظيف وتعديل جذرية من أجل العثور على جذوره الأصلية. يقول العهد الجديد لنا بأن المجدلية تخلصت من شياطينها التي تسلطت على الروح البشرية وأصبحت بعدها تلميذاً للسيد المسيح عليه السلام. كذلك يقال بأن المجدلية حضرت صلب السيد المسيح ودفنه وكانت موجودة يوم قيامه.
لو تتبعنا قصة المجدلية في القرون الأولى في الكتاب المقدس سنرى بأنها مُزجت مع قصص لعدة نساء وعلى وجه الخصوص امرأة مليئة بالذنب لم نعرف اسمها ويُقال أنها غسلت أقدام السيد المسيح بمرهم ودموع وجففتها بعد ذلك بشعرها الطويل. من جراء هذا الخليط في الروايات أنتجت القرون الوسطى لنا شخصية ذات قوة خيالية لامرأة آثمة قادرة على الغفران وأصبحت أشبه بمنحة المعتقدات الدينية السماوية للتاريخ والبشرية واستوطنت بعدها الوعي البشري للإنسان من ذلك الوقت حتى يومنا هذا.
لكن كيف نفهم الخطيئة اليوم عن طريق استيعاب قصة المجدلية؟
الوعي الإنساني اليوم يبحث دوماً عن بداية جديدة ينطلق منها وتحدد اتجاه مسيرته في المستقبل. لكي يمضي في طريقه فعليه البحث عن طريق جذري جداً بدلاً من طريق تم تبليطه وتحديد مساره بمفاهيم أخلاقية من الماضي.قد يعترض البعض ويقول التاريخ يعيد نفسه ولكن النزاعات والخلافات تعيد نفسها أيضاً وتجاوزها لا يتم إلا عن طريق البحث عن عمل جديد وابتكار حديث وطريق يبدأ تصميمه في خيال الجيل البشري الجديد.
ويتبع : ............. بين الحلال والحرام ... الزنا متابعة مشاركة !
اقرأ أيضاً:
كيف نعيش جنسياً؟! تقرير بناتي- مشاركة / الجنس في حياة الفتاة العربية! / الاستغلال الجنسي للطفلة: التحرش الجنسي / من يعلم الجنس لأولادي !؟