الإستعمار قائم والإستعباد دائم، والمجتمعات هي التي تقرر بين أن تكون كذلك، أو أن تمتلك حريتها وتقرر مصيرها. فالآخر لا يأتي إلى غيره، إلا عندما يوفر الغير له الفرص المواتية ويمنحه المغريات والمعززات لتدخله والتحكم بمصيره. وبعض المجتمعات وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، لديها ميل عجيب للإذعان والتبعية والخنوع، وكأنها تشعر بالسعادة والراحة عندما تولّي غيرها عليها، فتجد العديد من الحكومات مرهونة المصير بقوى خارجية إقليمية وعالمية. ولهذا تجدها مهتمة بما يحصل في الدول التي سلمت لها أمرها وإعتمدت عليها في حياتها.
فأنظمة الحكم فيها تعتمد كليا على غيرها التي تخولها بكل شيئ وتوفر لها قدرات البقاء في السلطة. فتجدها كالدمى التي تتحرك وفقا لإرادة المتحكم بها أو الذي يجعلها تتحرك وفقا لما يريد تقديمه للمشاهدين. ومعظم دول الشرق الأوسط تربط مصيرها بأمريكا، وكأن حبلها السري مرتبط بها وتخشى أن ينقطع لأنها ستموت لعدم قدرتها على الحياة من دونها.
وما يجري في ربوع هذه القوة العظمى يؤثر بقوة على واقع الحياة في تلك الدول ويتحكم ببوصلة الأحداث والتطورات الحاصلة فيها. ذلك أن معظمها تعتمد في سلاحها وأمنها عليها ، وهي مرعوبة جدا أن تتخلى عنها "ماما أمريكا". وهذه الدول تتناسى أو تتجاهل القول الواضح الصريح المكرر مرارا، بأن أية خطوة لا يمكنها أن تكون في المنطقة إلا إذا كانت لصالح هذه الدول المدللة لا غير، لكن المعتمدين على غيرهم يتغافلون ولا يريدون إلا التوسل بالبقاء في أحضان القوة التي تمتلك مصيرهم وتؤكد وجودهم، ولا خيار لهم إلا أن يقدموا أروع آيات الإذعان والاستسلام والتبعية.
فلا يعنيهم الشعب والمواطن. فالمهم الكرسي المحمي بقوى الآخرين الذين يفرضون إرادتهم ومصالحهم ومشاريعهم، ومَن يجرؤ على القول "لا"، فإنه سيسقظ هامدا من كرسيه المُستقوي بالآخرين!!
ترى متى ستستقوي الكراسي العربية بالشعب؟!!
واقرأ أيضاً:
الأمور ستتعقد وتتطور!! / كاسترو والقدرة النفسية!! / النجاة الفكرية!!