الساعات الأخيرة من كل سنة تدعونا للنظر في بدن السنة الجديدة ومحاولة قراءة مفرداتها وإجراء التشريح النفسي لتفاعلاتها وما يحتجب فيها.
وفي الساعات الأخيرة من عام 2016 رأيت أن ألقي بعض الأضواء على ما سيبدو في خزائن الأيام المحتشدة بالطاقات المؤهلة للانبثاق في اتجاهات متلاحقة.
وهناك حقائق نغفلها دوما ونتوهم بغيرها، فتنحرف رؤانا وتخطئ حساباتنا، وتهرب عقولنا "وتتسيّد عواطفنا وانفعالاتنا" وتتمترس في خنادق داجية دكناء.
فالبشرية ومنذ الأزل أمام ثلاثة تحديات لا تتوقف أبدا، وهي الأمراض والحروب والنواكب الطبيعية، وقد اجتهد البشر بالانتصار على الأمراض ومقارعة الأوبئة، وبدأت علائم قدراتها تأتي أوكلها في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، الذي صار فيه للمضادات الحيوية ومن ثم اللقاحات دور فعّال في التصدي للأوبئة والأمراض.
وخلال العقود الخمسة الماضية أنتجت مصانع الأدوية الكثير من الأدوية واللقاحات "والمضادات الحيوية التي تقتل البكتريا والجراثيم الحالة في الأبدان" فتنقذها من أخطارها الفادحة، لكن الميكروبات بأنواعها تعلمت وأوجدت مهارات تقاوم بها المضادات الحيوية، مما تسبب بظهور أجيال ميكروبية ذات قدرات قتاكة قد تعجز البشرية عن مواجهتها، وربما ستستكين لوبائيتها وعنفوان إبادتها للجنس البشري "بذات القدرة التي تمكن فيها البشر من إبادتها ومنعها من قتل البشر" وبهذا تنامت الأعداد وستتجاوز السبعة مليارات عمّا قريب.
وفي ذات الوقت فإن الحروب تشتد "ومصانع الأسلحة تمكنت من تصنيع ما يمكنه أن يبيد ما فوق الأرض بوقت قصير" فالأسلحة الفتاكة التي تمتلكها البشرية أخطر وأفدح من أي وباء قد يجتاح الدنيا في المستقبل.
ويُخشى ان يُمسك بمفاتيح الوباء التدميري الفتاك شخص واحد لا يحتاج إلا لضغطة زر! ليبدأ بمتوالية هندسية من الإبادات المروعة في أرجاء الأرض.
ومن المعروف أن البشرية يقرر مصيرها ومسيرتها الأفراد دوما.
أما بخصوص النواكب الطبيعية، فإن البيئة الأرضية تتعرض لأخطار كبيرة وتغيرات سيئة، يتسبب فيها الانحباس الحراري الناجم من احتراق النفط فوقها "فالنفط يدير المحركات في كل بقعة ويُطلق الغازات" التي تساهم في هلهلة الغلاف الجوي للأرض، مما سيستجلب إليها نيران الشمس المحرقة وبكثافة قد تهدد الحياة على سطحها.
ووفقا لهذه المخاطر الجوهرية الثلاثة ، فإن البشرية ستتفاعل بأساليب تعززها وتديمها على أكثر تقدير، وفي هذا مجلبة للويلات الجسام، لأن الأرض كائن حي ومتفاعل مع إرادات الأكوان، ويسعى للبقاء والدوام في رحلة الدوران، وأي اختلال في بدن الأرض يؤثر على علاقتها بنظامها الكوني، مما ينذر بزوالها أو بانتفاء الحياة عليها ، وهذا ما لا ترضاه ولا تسمح به، وستقاومه بعنفوان غير مسبوق في تأريخها، وقد تستعدي على البشر طاقاتها الميكروبية الفتاكة، لأنها تخشى من قدرات حروبه وصراعاته، لأنها تزعزع ذات الأرض وتؤذي قلبها.
وفي نفس الوقت فأن النفط مخزون الأرض الطاقوي، الذي ربما يكون هو الذي ساهم في ديموتها الدورانية، ونحن نسرقه منها، ونخنقها به، بعد أن كانت تكنزه كوسيلة دفاعية من حرارة الشمس والطاقة الواردة إليها منها، ومعنى ذلك أن لابد له أن يكون آلة الأرض للحد من الوجود البشري وقمع السلوك، مما سيؤدي لتفاعلات مريرة وإنهيارات شديدة حول خزائنه.
وعليه فإن السلوك الأرضي في السنين القادمة سيبقى مرهونا بهذه التحديات الثلاثة التي سترسم خارطة الحياة للأجيال القادمة ولا بد للعبة أن تدور "وبدون قدرة دورانية" يتحقق الفناء الحتمي المطلق!!
31\12\2016
واقرأ أيضاً:
رأس السنة الميلادية 2011 سامحوني / على باب الله: الدكتور أحمد في رأس السنة / كل عام وأنت عادي / السّنة الجديدة، هي العام الماضي! / الأمة يستعبدها المُستورَد!!