الوطن وعاء موجود, وبودقة كينونة وانصهار, وقوة تلاحم وامتزاج, والوعاء السليم يحافظ على ما يحتويه, وإذا انكسر أو انثقب فإنه سيسكب ما فيه.
فإذا سقط الوطن يتناثر ما يكنزه من الموجودات, وتنتشر في أرجاء المكان والزمان, باحثةً عن مأوى ومستقر, وفي هذه الحالة تنبعج فيه القِوى الإقليمية والعالمية وتستثمر في المحتوى المسكوب.
وسقوط الأوطان من أفدح المصائب التي تقع على شعب أو أمة من الأمم, ولهذا يتم التأكيد على السيادة الوطنية والمَنعة والقوة والحفاظ على وحدة المحتوى, وصلابة القدرة على اللم والتماسك والتواشج والتشابك والامتزاج المتجانس ما بين مكونات أي شعب وأمة.
وحالما يسري تيار التفرقة والشقاق في أي مجتمع مهما كان, فإنه يتسبب في صناعة مجالات تنافرية متعددة تؤدي إلى تصادمات نارية دامية, وتشتد باستعارها فتحطم الوعاء الوطني, وتبعث في مكوناته المتناثرة تعجيلا افتراقيا شديدا يساهم بإدامة الدمار والانهيار.
فالأوطان البشرية, لم تتكون اعتباطا, وإنما هي أعشاش وجود وحواضن صيرورات تفاعلية, لتنمية الأقتدار الجماعي المتفاعل المشترك للمخلوقات المتعايشة في العش الصيروراتي, الحاضن لبراعمها والمؤهل لكينوناتها الأرقى.
ولا يمكن البقاء والنماء من غير أوعية أو أعشاش تحتضن الطاقات الواعدة والقدرات الصاعدة. فكل رقاء بحاجة لوعاء, وكل ابتداء لا بد له من حاضن يرعاه, وبوجود الوعاء الوطني وسلامته وانصهار ما فيه من العناصر والمفردات تتحقق الحياة الأقوى, ويتجسد الإبداع الحضاري الإنساني الأصيل.
فالمحافظة على أوعية الأوطان ضرورة مصيرية واجبة!!
واقرأ أيضاً:
امرأة دين!! / الإدراك الأرضي!! / أنتمْ مُخطئون فلا ترموا بعضكم بحجر؟!! / الاقتصاد يحكم ويُجرم!!