كانت هناك محاضرة عن صعوبة اكتشاف دواء جديد وكان المحاضر هو أحد البارزين في دائرة صناعة الدواء والآن ومنذ عام يعمل كمدير لأحد الجمعيات في دائرة الصيدلة، وهو في جولة كبيرة إلى جميع أنحاء الدولة –السويد- ليقابل أكبر عدد ممكن من أعضاء الجمعية ليعرف عن نفسه ويتعرف عليهم ويجمع أفكارا جديدة لمشاريعه.
كان وقت المحاضرة قد حدد في الساعة السابعة مساءا ويكون هناك أكل خفيف من الساعة السادسة والنصف.... وعندما ألح مديري في العمل علينا للانضمام إليه والذهاب إلى المحاضرة وجدت في نفسي اشتياق إلى أيام الجامعة ووافقت....
حقا إن الجامعة صرح علمي لا يعلم الإنسان قيمته إلا بعد مغادرته إياها. وأتى المحاضر ولم يجد سوى ثلاثة أشخاص مديري وأنا ومنظم المحاضرة وكنا في انتظار أربعة أشخاص آخرين وبعد الانتهاء من حديث ما يأكله وما لا يأكله الإنسان المسلم... وقد أصبحت الساعة السابعة بدأنا بالقلق لعدم حضورهم وتذكر أحدهم بأننا قمنا بتغير مكان المحاضرة واتصل المنظم بالمكان القديم وهو قاعة في فندق فأجاب الموظف بأنه قد أتى أربعة أشخاص وسألوا عن محاضرة وذهبوا منذ نصف ساعة .
إذن قد بان الموضوع.. لا يضم أكثر من أربعة أشخاص بما فيهم المحاضر وأصابني بالدهشة حين قرر بأن لا يخيب آمالنا ومع قلة عددنا إلا أنه ألقى المحاضرة وكان هناك نقاش شيق وهو يتكلم عن قلقه لهروب الباحثين من أوروبا إلى أمريكا والفرق الشاسع بين اكتشاف دواء جديد من 20 سنة واكتشافه الآن، وبأن مصانع الدواء في أوروبا تحتاج إلى مساعدة المجتمع لكي تجتاز هذه المحنة حيث كان من عشرين عاما 8 عقار من أصل 10 عقار جدد من اكتشاف أوروبا أما الآن فقد انخفض العدد إلى 2 من أصل 20 دواء.
وبما أن اكتشاف عقار جديد يستغرق 10 أعوام فإن التكلفة قد زادت، وكذلك المتطلبات لتسجيل عقار جديد زادت أيضا من حيث التجارب بمراحلها المختلفة.... وتكلم المحاضر عن أكبر تخوف لديهم وهو ازدهار بحوث الصين والهند فهم يشكلون جزءا لا يستهان به من عدد سكان الأرض وكيف أنهم يستطيعون أن يخربوا مصانع الدواء الغربية لو فتحوا هيئة لتسجيل العقاقير ووضعوا مقاييسهم الخاصة لذلك وضربوا بمقاييس أمريكا وأوروبا عرض الحائط وبدؤوا بتصنيع الأدوية فإن اقتصاد غرب سوف يتأثر سلبا.... وقد بدؤوا فعلا لعمل بحوث لحل هذه المشكلة التي لم تحدث بعد وقد تشكلت ثلاث لجان للبحث.
وتطرقت المناقشة أيضا إلى سبب عدم حدوث المشكلة بعد وهو ليس لعدم وجود الكفاءات العالية في الشرق وإنما لوجود الدكتاتورية التي تكبس على أنفاس الناس، فالحرية والإبداع يمشيان معا يد بيد فلن يستطيع أكبر عالم على الأرض أن يكتشف شيئا لو حبسته في غرفة حتى وإن أعطيته مال الدنيا كلها... وعندما تطرقت إلى احتمال غزو أمريكي لتلك البلاد قال وهو مستنكر ربما تستطيع أمريكا أن تغزو العراق ولكنها لن تستطيع غزو الصين أو الهند.
وتساءلت هل الغزو يشترط أن يكون مسلحا!؟ أليست للغزو أشكاله المختلفة؟! وجال في خاطري ماذا لو فعلت هذا بلادنا المسلمة وتخلصنا من دهون الخنزير في أدويتنا؟؟ ومتى يرجع علماؤنا إلى بلادنا الحرة.
الحقيقة المرة هي أن الغرب لا يرانا حتى كخطر مستقبلي لأننا غارقون في كل ما يقمع التفكير الحر.
وأتمنى من الله العزيز القدير أن يخيب آمالهم وتزدهر بلادنا المسلمة علميا واقتصاديا ونبحث في حلول لمشاكل لم تحدث بعد
اقرأ أيضاً على مجانين:
الإسلام في المدارس السويدية/ لفتات جنان: غياب الوازع الديني / مصر أم الدنيا