من بين أكثر من 23 ألف معتقل في السجون المصرية يوجد حوالي 2140 طالبا جامعيا، وما يزيد على الأربعمائة من طلاب الابتدائي والإعدادي.. تعتقلهم سلطة عصابات مجرمة تعرف قوتهم جيدا، وتعرف أنهم الشوكة الأقوى في حلقها، والعقبة الأخطر في طريق مسارها البائس.
ثورة 25 يناير قامت على أكتاف شباب جسور خرج فاتحا صدره للرصاص مما أجبر بعض الكبار على اللحاق به لتكون ملحمة تاريخية فارقة!!
في حين كانت جماهير الإخوان هي القاعدة والنواة والأقلية الصلبة في صمود الميدان طوال ال18 يوم، كان الشباب هم القوة الضاربة سريعة الحركة، جريئة الطرح، صامدة العزيمة، وبالتدريج ظهر فارق السرعات بين الأجيال، وأغلقت عصابات السيطرة المساحات التي فتحها الشباب بالدم والعرق والمبادرات، بينما فتحت نفقا واحدا هو المسار السياسي الوهمي الذي شاءت أن تسحب له الجميع، وتورط فيه الكبار جميعا، وانفصلوا عن قوة الثورة الضاربة تدريجيا، وتبعثرت التركيبة التي بدأت في الميدان بدلا من أن يتم تمتينها!!
هذا التفكك تديره أجهزة في داخل مصر وخارجها، يساعدها غباء الأطراف وضعف قدراتها على التفاهم والتكامل، وفصل القاعدة الصلبة عن القوة الضاربة يسهل مهمة المواجهة.. حيث كلا منهما على حدة!!
الانتهاكات في حق الطلاب تضمنت اقتحام الشرطة لشوارع ومدرجات ومعامل الكليات، ومدن السكن الجامعية، واعتقال الطلاب وأساتذتهم، والفصل التعسفي، والحرمان من آداء الامتحانات، وحتى كتابة هذه السطور فقد سقط 14 طالبا شهداء بإصابات في الرأس والصدر!! بحيث تحولت الجامعة من منارة للعلم إلى مقبرة لمن يعبر عن رأيه فيها. إهانة الكرامة، والتعذيب، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، والانتهاكات الجنسية هي بعض ما تناوله مؤتمر "الحرية للطلاب" الصحفي المنعقد منتصف الأسبوع المنتهي للتو!
على صفحة هذا الحدث على الفيسبوك علقت إحداهن بالعامية المصرية قائلة شوفوا يا جماعة.. أنتم عظماء جداً..
ببساطة.. أنتم حيطة إحنا كلنا ساندين عليها, حيطة بنسند عليها عشان بتخلونا نصدق أن رغم كل الظلمة والعتمة وانسداد الأفق اللي احنا فيه دلوقتي.. إن في ناس بتدافع عن "الإنسان" وحقوقه.. ضد الانتهاك لآدميته.. ناس بتفضل واقفة في وش الظلم.. ناس مؤمنة بأن إظهار الحقوق والدفاع عنه واجبها الإنساني.. شُكرا ليكم.. شُكراً جداً.. ربنا يسندكم زي ما أنتم ساندينا كلنا .
التعليق يعبر بجلاء عن الشعور بضعف المواجهة للمظالم والانتهاكات الواقعة على من يتحركون ضد مفاسد المرحلة، والمؤتمر الصحفي ناشد ضمير الناس أن يشاركوا كمتطوعين في حملة لتمكين الطلاب من آداء الامتحانات التي قررت السلطة تبكيرها بشكل غير مسبوق مما أربك الترتيبات المعتادة للعام الجامعي "المختصر/المسخوط" هذه السنة!!
كما ناشد المؤتمر جموع المصريين للتطوع في تدقيق وجمع وتوثيق بيانات الطلاب المعتقلين لتيسير المتابعة القانونية لقضاياهم!!
إذن.. هي حرب على جيل كامل أصبح يهدد مصالح كبرى تتحالف بين عصابات الداخل، وتواطؤ مكاتبهم الرئيسية في الخارج!!
حرب تستخدم فيها عصابات السيطرة أجهزة الدولة من أمن، ونيابة، وقضاء.. في تدمير مستقبل هذا البلد المتمثل في شبابه المتعلم، ورأسماله الاجتماعي غير القابل للتعويض، ويحصل هذا في ظل تغافل من كتل كاملة من المصريين، وضعف خبرات ومهارات الجزء المتعاطف مع المظلومين، بما يجعل بناء هذا الجزء لقدراته ومهاراته هو من أوجب واجبات الوقت!!
إتساع نطاق الانتهاكات يعني جلب المزيد من المناصرين المحتملين ضد المظالم في الداخل والخارج، الأمهات والآباء، والطلاب والشباب من الجنسين لابد أن يبدأوا التعرف على أساليب الدعم النفسي والقانوني، والتدرب على أعمال التوثيق والتدقيق، وبدء وتمتين التواصل مع الطلاب والنشطاء والمظلومين ومناصريهم في كل العالم.. لكسر الصمت المطبق الهش المفروض على ضحايا دولة تدمر أغلى ما يمتلكه شعبها .
التضامن مع فلذات الأكباد هي قضية جامعة يمكن أن يجتمع عليها فرقاء يختلفون في قضايا أو مواقف أخرى، فالمصريون جميعا يقدسون معاني الضنا الغالي، ويستميتون في التضحية من أجل أن يعيش أولادهم وبناتهم في وضع أفضل مما عاشوا.
حرب المفاهيم المسمومة المغلوطة التي يضخها الإعلام في أدمغة من يتابعه ليست بعيدة عن مناصرة المظلومين المنتهكين الذين يصورهم تضليل الإعلام إرهابيين، وأعداءا للاستقرار والوطن حتى سمعنا عن أمهات يبلغن أمن الدولة عن نشاط أبناءهن المناهض لعصابات السيطرة على السلطة والثروة في مصر!!
هي قضية مستقبلنا جميعا.. إذن.. نكون أو لا نكون!!
نعم.. عصابات السيطرة تريده صيفا ساخنا لتصفية جهود الطلاب في التشوق للحرية والغد المشرق، وواجب على كل أنصارهما أن يتحدوا و يعملوا معا!!
فليكن صيف هذا العام.. هو صيف الطلاب.. صيف التعلم والتدرب على مهارات نيل المطالب، وتحقيق الآمال، وبناء المستقبل، فليكن صيف مقاومة الظلم والظالمين.
حي على البناء.. حي على التعلم.. حي على خير الوعي والقول والعمل .
2/5/2014
نقلا عن موقع مصر العربية
واقرأ أيضاً:
المشروع الثوري... الثورة والمجتمع والدولة/ المشروع الثوري ثورة داخل الثورة/ في مديح التشفي/ أنا مهتم .. أنا موجود/ علم النفس الإيجابي/ في العتمة .. ضي مدخل مكمل .. عن الألم/فيما يرى الحالم المختبر.../صفحة جديدة.. ممكنة/ التربيط/ مسار الثورة لحظة محمد محمود 19/11/2013/ مسار الثورة 7 ديسمبر.... فرصة نادرة ! / التحرر من البرمجة/ كسر الصمت