السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السادة القائمين على الموقع، جزاكم الله خيرا كثيرا على ما تقومون به في هذا الموقع وجعله الله في ميزان حسناتكم، سأقوم بسرد تفاصيل مشكلتي مع ابني والتي أرجو منكم سرعة الرد عليها لأني لا أنام منذ حدوث تلك الواقعة.
أنا أم لطفلين مشكلتي هي ابني الصغير وعمره 9 سنوات، ابني يكذب طوال الوقت سواء أكان الشيء الذي يقوم بالكذب بسببه هام أم غير هام.
مع العلم بأنني حاولت ومازلت أحاول أنا وأبوه استخدام جميع الوسائل لإقناعه بأنه إذا قال الحقيقة وعود نفسه عليها لن نقوم بمعاقبته مهما كانت المشكلة أو ما يقوم بعمله وبأن الله لا يحب الكذابين والمؤمن لا يكذب أبدا لأنه لا يخشى إلا الله. ومع ذلك لا يلتزم إلا لمدة ساعات قليلة ويكذب مرة أخرى، لا نسأله سؤال عن أي شيء إلا ويكذب.
أما ما حدث مؤخرا هو الكارثة، لقد قام بسرقة علبة السجائر الخاصة بخاله ووضعها في حقيبته وهو صائم في نهار رمضان وعندما اكتشفت ذلك حاولت تمالك أعصابي وتحدثت معه في هدوء وسألته عن سبب أخذه للعلبة وسألته ما إذا كان يدخن مع زملاؤه في المدرسة ولكنه نفى كل ذلك، وقال بأنه أخذها لأنه في بعض الأحيان لا يستطيع أن يقاوم أخذ بعض الأشياء الخاصة بالغير، وأعطاني مثال بأنه قام بذلك من قبل حيث أخذ قلم أحد زملائه في الفصل.
سألته هل قمت بأخذ أي شيء آخر من قبل. مثل النقود أو أي شيء آخر قال لا. قلت له هل تريد مني مساعدتك على ذلك فقال نعم فطلبت منه إذا أحس بذلك الإحساس مرة أخرى أن يخبرني قبل أن يأخذ الشيء وسأقوم بمساعدتك.
ابني خياله واسع وذكي جدا وكذاب جدا أنا لا أدري هل هذا نوع جديد من الكذب أم أنها حقيقة وأنه مريض بالسرقة أكاد أجن من التفكير أنا لا أميل إلى تصديق أنه مريض بالسرقة لا أحس بأنها الحقيقة.
نقوم أنا وأباه بمتابعتهم جيدا على الرغم من أنني أعمل وأبوه معظم الوقت غير موجود بالمنزل، إلا أننا نعطيهم كامل اهتمامنا ووقتنا نحن ملتزمين دينيا نصلي الصلاة في وقتها، وأخته تصلي ولا تكذب أبدا.
نسيت أن أقول لكم بأنني أعاني من جعله يلتزم بأي شيء سواء الصلاة أو النظافة الشخصية أو أداء الواجبات المدرسية.، هذا على رغم من أنه ذكي جدا وجميع مدرسيه يشهدون بأنه ذكي وتحصيله عالي جدا ولكنه لا يركز أبدا أي شيء يمكن أن يشتت انتباهه.
نسيت أن أقول لكم بأننا والحمد لله ميسورون ماديا لسنا بالأغنياء ولكن الحمد لله. لا نرفض لأبنائنا أي شيء ما دام في استطاعتنا وما دام الشيء الذي يطلبونه فيه خيرا لهم سيسعدهم، أباهم رجل فاضل ومحترم وجميع من يعرفه يحبه. هو مثل ممتاز لهم في التدين والتفوق في العمل والتفوق الدراسي وبر الوالدين لا أدري لماذا لا يتأثر به ابني.
لا أدري ماذا أفعل، أنا مستعدة لعمل أي شيء لتحسين طباعه وأخلاقه.
آسفة جدا على إطالتي وأشكركم على وقتكم.
أرجو الرد سريعا إذا أمكن.
وجزاكم الله خيرا كثيرا.
10/10/2005
رد المستشار
سيدتي تقولين أن ابنك ذكى وهذا واضح من كل ما ذكرت في خطابك واسمحي لي بأن أشد انتباهك إلى بعض الأشياء التي قد تساعدك في حل هذه المشكلة:
تقولين أنك وزوجك تعملان معظم الوقت وعلى وجه التحديد تقولين "نقوم أنا وأباه بمتابعتهم جيدا على الرغم من أنني أعمل وأبوه معظم الوقت غير موجود بالمنزل، إلا أننا نعطيهم كامل اهتمامنا ووقتنا" .... هناك تناقضات عديدة في كلامك وأرجو أن يكون هذا مؤشرا لك في ما قد يكون قد تسبب في المشكلة أصلا.
تحليلي للموقف هو أن ابنك يمارس ذكائه بطريقة فيها شيء من الغضب إن لم يكن الكثير منه... فهو لا يحصل على اهتمامكما الحقيقي والكامل إلا حينما يخطئ أو يكذب أو يسرق...
من ناحية أخرى قد تكونا قد دللتماه كثيرا وعاملتاه بطريقة أصغر من سنه وكأنه لا يكبر عن سن معين... قلت "لا نرفض لأبنائنا أي شيء..." من المهم جدا أن تخاطباه بما يتناسب مع سنه وذكائه المرتفع وليس كمجرد طفل نعطيه الأوامر والإرشادات التي عليه أن يطيعها و يتبعها.
ابنك أيضا يحاول بهذه الطريقة أن يثبت لكما ولنفسه وللجميع أنه أذكى من الكل وقد يكون فعلا كذلك... وبما أنه ذكى و يعامل معاملة الأطفال فهو يفتقد الإحساس بالالتزام والمسئولية من ناحية ويفتقد التقدير الذاتي الجيد من ناحية أخرى... الطفل الذي لا يعاقب أبدا يفقد الثقة بنفسه ويكون تقديره الذاتي سيئا للغاية ويخفى هذا عن نفسه وعن الآخرين عن طريق الكذب أو اختلاق الأعذار أو استغلال الآخرين والأساليب الملتوية في التعامل.
قد يكون زوجك مثلا وقدوة جيدة في الالتزام والصلاة والتدين والتفوق الدراسي وبر الوالدين ولكن قد يكون غير موجود أو غير مشارك بالقدر الكافي...
من ناحية أخرى قد يكون تفوقه في كل هذه المجالات يجعل ابنك يشعر بأن عليه أن يثبت التفوق وعليه أن يفوق والده أو على الأقل أن يماثله وهذا شيء بالغ الصعوبة لفارق السن والخبرة وفارق الحجم إن لم يكن أي شيء آخر...
هذه الأشياء تشعر ابنك بالدونية... فعليه من وجهة نظره أن يؤدى أداءً خارقا في كل المجالات لكي يضاهى أباه.. وبما أنه يشعر بأن هذا مستحيل فهو يلجأ إلى الشيء الوحيد الذي يمكنه التعامل فيه بسهولة وهو أن يقول ما يرضيكم بغض النظر عن كون هذا كذبا أم حقيقة.
في بعض الحالات يتجه الأطفال والمراهقون إلى السرقة كتعبير عن الغضب لاكتشافهم سرا يشين الأبوين أو أحدهما وبالتالي يعاقبه أو يعاقبهما بطريقة رمزية عن طريق السرقة..
من ناحية أخرى إذا كان إحساسه هو أنكم تعبرون عن حبكم بطريقة مادية أو أن المادة بديل للطريقة التي يريدها هو، فعندما يحتاج إلى الحب أو الإحساس بالقيمة أو التقدير فإنه يلجأ للسرقة لأن المادة (سواء المال أو قلم زميله أو علبة السجائر) رمز للحب أو يعتقد أنها سوف تعطيه قيمة أكبر... فهو يحاول أن يشبع رغبته في هذا الحب والإحساس بالقيمة الذاتية... ولا شك أنه إذا فعل ما هو جرئ مثل أخذ علبة السجائر إلى المدرسة فهو يبهر زملائه ويتبارى معهم في مظاهر الشجاعة والعنترية الكاذبة...
طبعا المسألة تتفاقم عندما يرتكب الخطأ لأن تقديره الذاتي يسوء وبالتالي يحتاج إلى تعويضه ورفعه مرة أخرى فيلجأ للسرقة أو الكذب مرة بعد مرة وتصبح المسألة حلقة مفرغة كلما فعل ما يعتقد أنه سوف يعطيه الراحة وقع في المتاعب مرة أخرى ولا يجد ملاذا من هذا إلا ما يوقعه في المزيد من المتاعب.
أقترح عليكما أن تعطياه اهتماما حقيقيا وحوارا ناضجا يكون الغرض منه أن يعبر هو عن نفسه وليس مجرد استجواب له أو نصائح أو أوامر... من ناحية أخرى قد يكون هناك صدع في العلاقة بينك وبين زوجك والذي يحس به ابنك بدون معرفة مغزاه وملابساته.
على أي حال يجب تشجيعه والاهتمام به والانتباه له عندما يفعل أي شيء ولو صغير في اتجاه إيجابي.. وقد يكون من الحكمة أن يبدأ في الحوار مع معالج نفسي متخصص في مشاكل الأطفال والمراهقين والعلاج الأسرى... لاحظي يا سيدتي أن هذا الطفل هو نتاج البيئة والعائلة التي يعيش فيها ... لقد شكلته هذه الأشياء ويجب إعادة النظر فيها وصياغتها بطريقة مختلفة كي يحدث التغيير في الأبناء.
نرجو المتابعة معنا وإعطاءنا تفاصيل أكثر.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.
*ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخت العزيزة أهلا بك ليست لديَّ إضافة بعد التحليل الرائع والتوجيه الأروع الذي قام بهما مجيبك الاستاذ علاء مرسي، فقط أقول لك أني أشعرُ مثلك أن المشكلة الرئيسية هي الكذب، وأننا بحاجة إلى تفاصيل أكثر حتى تكونَ تحليلاتنا أكثر تحديدا، وأحيلك إلى قراءة الروابط التالية من على مجانين:
البنت الشقية والكذب القهري
سرقةٌ وكذب وعدوانية : اضطراب التصرف
تلغراف: ابن أختي يسرق وأختي تفتقد الحب
واقرئي على باب تربية مجانين عن قواعد الصحة النفسية للطفل(4) وكذلك عن كيف نُعد دستورًا أسريًا؟(2)
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.