أيام قليلة ويبدأ فصل الشتاء جغرافياً وإن بدأ فعلياً...
أيام قليلة وتبدأ بهجة قلبي المشتاق للحظات الشتاء الجميلة الباردة...
أشتاق كل عام للشتاء وجماله وبرودته اللذيذة ونسماته التي أحبها. أنتظره كل عام بصبر وحب انتظار المحب الولهان المتحرق على نار ملتهبة. أحب الشتاء وأعشق المطر، وأشعر أن المطر هو الهبة الإلهية التي تمنحها السماء للأرض لتعلن عن حبها وقربها لها. وأشعر باستمتاع شديد وأنا أتأمل السماء بغيومها الكثيفة الداكنة وألوانها المتدرجة التي تشعرك بقرب السماء منك وجمالها، وفي لحظات أخرى تتسرب أشعة الشمس البراقة من بين السحب فتبدو متكسرة متدرجة فتبدو متسللة في صراع وجود مع السحاب، وتنجح بعض أشعتها القليلة في التلصص على الأرض فتشعر البشر ببعض الدفء في الشتاء.
ولا أدري سر عشقي الكبير للشتاء، هل لأنه فصل نزول المطر، الفصل الذي تقبل فيه السماء الأرض في حنو وعطف وحب، بعد شهور إجداب؟هل للسعة البرد التي ترعشني؟ أم لأنني من مواليد الشتاء؟ ربما لكل هذا معاً... لا أردي، ولا يهم أن أدري... المهم أنني أعشق الشتاء.
أعشق الشتاء بكل تفاصيله ولمحاته، بهطول أمطاره، وتسارع الخطى لتجنب المياه الساقطة من السماء، وتدثر الأجسام وبحثها المستمر عن الدفء وخلو الشوارع من المارة. ولا أزال أبحث في أسرار المطر، وأتلهف كي تبتل يدي منه، وأن أجمع قطراته الصافية العذبة البراقة بين أصابعي واستمتع بملمسها علي يدي، وكأنني أتطهر بها من ذنوبي! وأحاول أن أبحث بعيني عن مصدر سقوط المطر من السماء، عن أبعد نقطة فيها يمكن للعين أن تصل لها.
ما أجمل الشتاء وألطفه ! ففيه أشعر أن نفسي تطير وتحلق في السماء ذات الغيوم، وأشعر أنني أنطلق وأسافر لعوالم أخرى، أشعر أنني أتفاعل مع الطبيعة، ويدور بيننا حديث لا ينتهي بل أحياناً أشعر أنني جزء منها وأتمنى لو أعيش فيها للأبد.
أعشق التمشية على الكورنيش أثناء نزول المطر، أتأمل النيل من فوق كوبري قصر النيل وأتشرب البشر وأبحث في وجوههم عن شيء جديد حي، وأقرا الوجوه بتعبيراتها المختلفة، فالشتاء يخرج ما في القلوب. وأحب ارتعاشة الجسد من البرد وابتلاله من المطر، بل أتمني لو تهطل الثلوج أيضاً وليس المطر!
المطر... عشق آخر... لا أدري منذ متى وأنا أحبه، فالمطر قصيدة حب السماء للأرض وترنيمة عشق أبدي، فيأيها الشتاء الجميل... مرحباً وأهلاُ وسهلاً بك.
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء: الملاذ الأخير! / يوميات ولاء: المدونون ما لهم وما عليهم / في عيد ميلادي..ورحلة البحث عن السعادة