إلى روح الفارس النبيل
إلى الشرف والإخلاص والأمانة
إلى أبي
بهذه الكلمات بدأت بحثي للماجستير الذي أهديته لروح أبي ولأمي الحبيبة.
واليوم 18 مارس عيد ميلاد هذا الفارس النبيل الذي أحمل اسمه (محمد جمال الدين الشملول)، وفي هذه الذكرى تخنقني العبرات فلا أكاد أرى الشاشة التي تحمل كلماتي. وهذا يوم فارق في حياتي فقدوم هذا الرجل للعالم هو الذي منحني الحياة، وكونه أفنى 18 عاماً في تربيتي تربية سليمة قويمة هي مجموع السنوات التي عشتها معه فهذا يشعرني بالفخر والسعادة بل والتميز لأن من رباني كان رجلاً عظيماً!
وفعلاً لا أدري كيف أتحدث عنه ولا من أين أبدأ هذا الحديث. كتبت في الشكر والتقدير في بحثي للماجستير:
أبي الحبيب؛ رحمك الله وطيب ثراك وأسكنك فردوسه الأعلى، أشكرك فلولا كل ما فعلته معي لما ظهرت هذه الرسالة للنور، ولم كنت أنا أنا....
نعم فقد صنعني هذا الرجل الفخورة أني أحمل اسمه وصفاته.
وإذا كان الجميع يعتقد أنه مات فأنا أرى أنه حي بداخلي وأن صفاته التي أحملها تجعل عداد حسناته يعمل بنشاط لأنه من علمني الخير والأخلاق الحسنة. وإذا كان الجميع يعتقد أنه مدفون بكفر الشيخ فأنا أعلم علم اليقين أنه قبره الحقيقي في قلبي.
وروعة أبي الحقيقية لا تتمثل في كونه معلماً مثالياً على مستوى الجمهورية لعام 1989 أو لكونه نقيباً مثالياً للمعلمين لعام 1990 أو لأنه جمع بين كونه معلماً ولاعب كرة وزجال وصاحب ومدير مطبعة وفقط، ولكن روعته الحقيقية أنه استطاع مع أمي أن يخرج للمجتمع أربعة من البشر (أخوتي وأنا) صالحين! وكم اكتشفت أن هذا صعب وشاق في الزمن الأصعب. فماذا أقول عنه؟
فهو لا تكفيه عشرات الكتب ولا المدونات ولا المذكرات، فمهما أكتب لن أوفيه حقه على، ومهما أقول عنه فسيكون هذا كمن يمرر إبرة في بحر لعلها تحمل شيئاً منه!
ولكن حنانه ودفئه ولمعان عينيه كان أكثر ما يميزه وأكثر ما ترك بصمته بداخلي، فلم أسمع من قبل عن أب لا يضرب ولا يعنف ولا يصيح في وجه ابنته، وكان حين يريد معاقبتي على خطأ ارتكبته يكتفي بمخاصمتي، وكان هذا أقسى ما يمكن أن أتعرض له، أن أُحرم من الحديث معه، وكنت سرعان ما أتراجع وأشعر بفداحة ما ارتكبت كي أعود لحديثه الحنون الدافئ.
لي معه ذكريات كثيرة جميلة ولحظات إنسانية سعيدة مر عليها الآن 11 عاماً منذ وفاته في 7/6/1996 ولكنني أتذكرها وكأنها كانت أمس، لأن اللحظات الثرية في حياتنا لا تُنسى مهما مر الزمن، ولأن هذا الرجل أكثر من مروا بحياتي تأثيراً بنفسي وأفكاري وحياتي كلها، فلولا وجود هذا الرجل في حياتي ربما ما وصلتكم كلماتي الآن، ولم حققت نجاحاً واحداً في حياتي، ولم استطعت أن أكون ما أريد.
رسالتي إليه
بابا؛ أعرف أين أنت الآن، أعلم علم اليقين أنك في درجة رفيعة بالجنة، واعلم أنك تريد أن تفخر بي، وأنا لن أخذلك حتى آخر لحظة في عمري ما دمت أحمل اسمك، وما دمت أحمل بعضاً من صفاتك، فأنت لم تمت بعد، ولن تموت أبداً حتى أموت أنا، أعدك بهذا.
ابنتك المخلصة
ولاء محمد الشملول
18/3/2007
واقرأ أيضًا:
إلى فتاة معذبة: كوني فاعلة / يوميات ولاء: لحظات إنسانية / يوميات ولاء: يا رب