أم سيد؛
وأم سيد هذه بطلة إحدى القصص القصيرة للدكتور مصطفى محمود، يروي لنا فيها قصة الجدة في إحدى قرى مصر المحروسة التي لم تغادر قريتها منذ ولدت، يتجمع حولها أطفال القرية كل مساء لتحكي لهم عن مصر (تقصد القاهرة طبعا)، بأسلوب الجدة الشيق تبدأ فتقول:
مصر يا وله دي شوارعها مرشوشة كولونيا؛ يهتف الأولاد والنبي يا خالتي احكي كمان.
مصر يا وله هو أنتم قد مصر.
وتظل الجدة تحكي وتروي عن مصر الأعاجيب، طبعا هذا كلام لا يدخل دماغ طفل عنده خمس سنوات اليوم، ولكن حين كتبت هذه القصة كانت القرية المصرية ما تزال ببراءتها قبل أن يقتحمها الدش والنت، المهم نكمل قصتنا أم سيد تقرر أن تزور أحد أحفادها الذي يقيم في قاهرة المعز وقد تولى أحد المناصب الهامة، تحضر أم سيد الكعك اللذيذ والفطير المشلتت، يتجمع حولها الأطفال؛ خدينا معاك والنبي يا خالتي.
فترد الجدة أخدكم فين هو أنتم قد مصر، تركب القطار وتحلم بلقاء الحفيد الذي طال انتظاره سوف تأخذه في أحضانها وستعطيه من كعكها اللذيذ، ولكن حين تصل أم سيد لا يقابلها الحفيد بل يرسل إليها بضع جنيهات مع الخادم؛ أم سيد لا تريد إحسان هي تريد أن ترى حفيدها تشبعه قبلات.
تعود أم سيد لقريتها لتحكي نفس حكايتها عن مصر المحروسة وشوارعها المرشوشة كولونيا، هذه هي مصر المحروسة في عيون أم سيد بطلة قصة الدكتور مصطفى محمود، كم جدة يا ترى هي أم سيد!! تعيش أحلامها عن زمن جميل مضى؛ كان الصغير يحترم الكبير ويحبه، هل مازالت أم سيد وأمثالها يرون مصر المحروسة بنفس عيونهم، عيونهم التي ترى الجمال في كل شبر من مصرنا المحروسة.
أنا كذلك مثلها أرى شوارعها وقد رشت كولونيا على حد تعبيرها، كولونيا من عرق الكادحين وراء لقمة العيش والستر الذي أقصى ما يحلمون به، أحب كل شبر فيها رغم الزحام، رغم كل شيء سأظل أراها أجمل الأوطان.
واقرأ أيضًا:
مدونات مجانين: أمي أنا حقا طفلة مذعورة / مدونات مجانين: أيها الآباء رفقا بأبنائكم