أحب الأفلام العربية القديمة جداً، فأعشق براءة ليلى مراد وضحكتها الحلوة، والتمثيل المؤثر لفاتن حمامة ورومانسية ماجدة، ورقة زبيدة ثروت وجاذبية عمر الشريف وخفة دم عبد السلام النابلسي وزينات صدقي وغيرهم كثيرون من أصحاب الأفلام الأبيض وأسود.
وإن كنت ألوم بعض الأداء المتعمد أو الحوار غير الواقعي في بعض الأحيان إلا أن المجمل العام لأفلام زمان جيدة جداً وممتازة في غالب الأحيان وحسناتها تفوق سيئاتها بكثير. في حين أغتاظ جداً من أفلام سينما هذه الأيام التي ملئت كوميديا جوفاء وإفيهات بذيئة والأدهى والأمر هو القصة الملفقة التافهة المكررة، فالبطل دائماً شاب –هذا مؤكد في كل الأفلام السينمائية السائدة- وهو في الغالب لا يعمل وليس له هدف يشغله في حياته أبداً وأصدقائه طبعا لا شغل لهم إلا الثالوث (المقدس) الخمر والنساء والمخدرات باسمها المخفف الحشيش أو البانجو والذين صار تعاطيهما في السينما بشكل مكرر ومستفز، أما عن الأسماء للبطل وأصدقائه فهي السخافة و"العبط" بعينيه، فلا تتعجل لو وجدت أسماء مثل "ممس" أو "بيجامة"، وغيرها من السذاجات التي يتفنن فيها المؤلف.
وعلاقة البطل الشاب بأسرته مبتورة أو غير واضحة، وخاصة علاقته بأبيه فالعلاقة بينهما متوترة وعصبية وغير سوية لدرجة غير معقولة بل وغير مبررة، علاوة على أن كثير من الأفلام يظهر فيها البطل على مدار الساعين بلا أهل ولا أسرة! فهو في الغالب مقطوع من شجرة! فلا يظهر الأب ولا الأم ولا الأخوة ولا العم ولا الخال ولا أي قريب من أي نوع، وهناك ممن يفسر هذا الأمر بأنها رياح العولمة التي وصلتنا في علاقاتنا، التي انعكست على أفلام السينما.
والبطل يظل بلا هدف ولا أي أمر يشغله -مع كل قضايا المجتمع المشتعلة- حتى تظهر البطلة الجميلة -التي لابد أن تكون جميلة- التي يظل طوال أحداث الفيلم يلاحقها ويتفنن في إيجاد الطرق المختلفة للإيقاع بها في حبه، وهي طبعاً من بيئة اجتماعية أرقى منه ومثقفة ورشيقة وغيرها من سمات الفتاة السوبر وحين يتقدم البطل للزواج منها بالطبع وكالمعتاد وككل الأفلام العربية القديمة والحديثة يرفضه أب الفتاة، حتى لو لم يكن هناك مبرر وإلا لن يكون هناك فيلم من أصله!!
مزيج من التفاهة والسطحية وإظهار الشباب دائماً في صورة مشوهة قبيحة لا شغل يشغله ولا هدف يفكر فيه ويسعى من أجله، فهو شخصية مجوفة سطحية بلا أحلام وبلا ثقافة ولا أمل، شخصية هلامية وكأن كل شبابنا بهذه الصورة الكريهة.
ولا يتعلل أحد بأنه قلة النصوص الجيدة فالقريحة المصرية لن تعجز عن إخراج فيلم محترم عن الشباب يعكس صورته الصادقة كما نعيشها وكما نراها وكما تظهر في ملامح حياتنا، ولكنه ربما العجز أو الكسل أو الاستسهال وإن كان الكثيرون يرون أنها مؤامرة متعمدة على عقول الشباب حتى يظل "لذيذا"ً و(في الطراوة) بلا قضية وبلا أي أمر جاد يشغله ويعمل من أجله.
المحصلة النهائية أن سينما الشباب لا تقدم الشباب كما هم ولا حياتهم الحقيقية، ولا حتى جزءاً منها، ولا شيء من هذا إلا التفاهات والخيالات التي تفرزها عقول مريضة عاجزة فقيرة. وأقصى ما أطمح إليه هو أن تعبر سينما الشباب عن حالهم فعلاً بلا تزوير وبذاءة وسطحية.
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء: موضة أم / يوميات ولاء: باكره مصر؟ / حاجة وتلاتين!