لطالما كان عيد الأم المناسبة الأرق والأجمل وكان دائماَ يوما جميلا في حياتها, وكبقية الفتيات الساذجات فكرت لربما ستكون في يوم ما أماً وسيكون إطعام صغارها ورعايتهم هو همها الأكبر تأملت كيف ستلاعبهم كيف ستراقب أولى خطواتهم كيف ستحضنهم كيف ستتضرع للسماء لتحفظهم؟ ترقبت أي أول كلمة ستنطق بها؟ كيف تراقب شغبهم اللذيذ؟ لطالما أحبت التجول في محال ألبسة الأطفال؟ وكانت وكانت وكانت؟ سطور خطتها لمستقبل دافئ هانئ؟ لم تكن في مخيلتها الصغيرة قبل الوصول لتلك اللحظات ستلتقي كائن كريه؟ الرجل؟؟؟
والآن هي أم نعم؟؟؟ لكن ليست تلك المقطوعة السعيدة التي طالما سمعتها في عقلها؟ ليست اللحظات الدافئة التي طالما تمنيتها؟ هي أمومة مع وقف التنفيذ والصلاحيات والكثير الكثير من القهر والألم
هي أم تكره عيد الأم؟ أيعقل؟ نعم؟؟
أنا هي من تكره عيد الأم؟ حدثتكم عن الكائن الكريه الرجل؟؟ إذ سلبها حياتها؟ أطفالها؟ انسلخت عن المجتمع بأكمله وتعيش انفصاما خفيا؟؟؟
هي ضمير مستتر بين الكلمات؟ هي حاضرة غائبة؟ في عيد الأم تختفي في غرفتها؟ تغلق النوافذ؟
تغلق كل وسائل الاتصال وتطلب من الزمن أن يمحو يوماً كهذا يذكرها بأن ثمة طفل هي أمه؟ لا يعرفها ولا يعلم بوجودها إنما ينادي غيرها بماما؟ وهذا يقتلها؟ يدمي قلبها؟ يذكرها بفشلها؟ أي فشل وأي فقدان هذا؟ حتى الحيوانات تحمي صغارها؟
تجاهلت أمها حتى وتمنت لو ابتلعتها الأرض؟ أو تمنت لو تفقد ذاكرتها لتمحو ما اختزل من ألم وعار؟
حاولت الانغماس بأي شيء يلهي قلبها عن ذلك البرعم الغض البريء الذي انتزع بالقوة وأضحت شجرة متهالكة تعصف بها الدنيا؟ تنتزع الرياح أوراقها؟ وتبتعد قطرات المطر عنها؟ تذبل وتجف وهي في طريقها للموت؟
واقرأ أيضاً:
مجنون في زمن العقلاء / رحلة خارج الزمن / وحدي مع النجوم
التعليق: أما آن للغيوم أن تنقشع؟
ألم تثر رياحك لتأتي بعاصفة فتنقشع الغيوم؟
فالسماء في الأصل مقامها الصفاء, وإن كانت داكنة الآن فهذا مجرد حال.
كنت أنظر إلي ارتفاع السماء منذ أيام وأشعر أنني أعيش في خرم إبرة، وقد ضاقت علي الأرض بما رحبت، وأقول كيف أشعر بهذا الضيق والسماء بهذا الاتساع؟
جميل أن تكوني مثل السماء، فالسماء تصفوا بعد الغيوم ولا تظل داكنة أبدا.