ليس الإرهاب ماديا وحسب، وإنما هو نفسي وفكري وروحي وعقائدي ولفظي وأكثر، فللإرهاب بأنواعه امتدادات وتفاعلات وتداعيات.
الإرهاب اللفظي يتحقق بالكلمات المكتوبة في الصحف والمواقع والمنطوقة عبر وسائل الإعلام كافة، وهناك خطابات محشوة بالمفردات والرؤى والأفكار الإرهابية، التي تتسبب في تدمير البلاد والعباد، عن قصد أو غير قصد، لضعف مدارك قائلها ومحدودية فهمه للسلوك البشري في مستوياته المتباينة.
والجهل بالسلوك يدفع إلى المواقف الغابية المحكومة بالتفاعلات الانعكاسية المؤطرة بإرادة البقاء الشرسة العمياء.
وتبدو للعارفين بالعلوم النفسية والسلوكية، أن نسبة كبيرة من الكتابات والخطابات ذات مفردات وعبارات إرهابية، ونَفس يعبّر عن عدوانية الطباع ووحشية السلوك، مما يساهم في صناعة منعكسات بذات المعنى والمنطلقات.
ولا يمكن القضاء على إرهاب مادي قائم ودوامات الإرهاب اللفظي على أشدها، لأنها توفر له القدرات اللازمة للتواصل والنماء، والتفاعل مع العواطف والمشاعر وتسخيرها لصالح رؤاه، كما أنها تخلع العقل المتبصر من أصحابها، وتحوّلهم إلى طاقة داعمة ومعززة لسلوك الإرهاب الذي يتناولونه.
والكلمة الخبيثة لا تمحق الكلمة الخبيثة، وإنما تزرع الخبيث وتجعله مروجا وبساتينا، يموت بأثمارها الأبرياء والمغفلون من الناس أجمعين.
والكلمة الطيبة تنتصر وينتشر ضوعها ويفوح عطرها، فتعبقها النفوس والعقول والأرواح، فترى الأمل وترنو لآفاق الأنوار الدفاقة من ينابيع القدرات العلوية، ومن أفياض المحبة والوحدة الإنسانية، التي تجمع البشر وهم يتفاعلون في نهر الوجود الأرضي الجاري بقوة الدوران، التي تسعى لصناعة خليط متجانس ومحلول حياة رائق.
فالشر لا يهزم الشر كما نتوهم، والخير هو الذي يكتسح الشرور ويطهر النفوس، ويبني سعادة الحياة وأمنها واستقرارها، وبدون ثقافة الخير والكلمة الطيبة، فأن الحديث عن القضاء على مواطن الشر يشبه القول بمطاردة سراب. ولهذا فمن الواجب الوطني والإنساني، أن نهذب الألفاظ المنطوقة والمكتوبة والمقروءة، ونستحضر مفردات اللغة الطيبة، فالكلمة الطيبة صدقة، والخبيثة إرهاب!!
"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) " سورة إبراهيم - الآية 24 ...
تحية لكل قلبٍ يخفق بالمحبة والمودة والرحمة الوطنية والإنسانية، وسينهزم كل معادٍ لجوهر الحياة وناموس الأكوان، وإرادة أمّنا الكبرى التي تدور بنا ولا تتعب، وهي تقلبنا تحت شمسٍ ستحرقنا لو أنها توانت عن الدوران لبرهة قصيرة.
واقرأ أيضاً:
هل نراجع لكي نكون؟!! / الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية؟!! / نكون كما نكون!!