الرفق بالحيوان سلوك تحضّ عليه التعاليم الدينية والإنسانية، وذلك لأهميته ودوره في صياغة السلوك المتوافق مع آليات الحياة الصالحة وإيقاع التواصل والبقاء. وفي المجتمعات المتحضرة يحسب عدم الرفق بالحيوان سلوكا ينذر بتفاعلات عنيفة، فالشخص الذي يكون عنيفا وقاسيا مع الحيوان، يتوقع منه أن يكون كذلك مع غيره من البشر، والكثير من مرتكبي الجرائم تجد في سجلاتهم ما يشير إلى شراسة التعامل مع الحيوان.
وعند الأطفال يؤخذ هذا السلوك بجدية قصوى لأنه يشير إلى العدوانية الكامنة، واحتمال أن يكون الطفل عدوانيا ومؤهلا للإجرام في صباه وبعد ذلك.
والمجتمعات التي يتنامى فيها العنف، لا تعير اهتماما للرفق بالحيوان، وإنما الشائع فيها القسوة المروعة على الحيوانات بأنواعه، وخصوصا الكلاب والقطط، التي تبدو في مأزق العدوان الدائم عليه، ويظهر ذلك في طريقة التعامل معه، وقد نشأ الكثيرون على أن القسوة على الحيوان سلوك مقبول.
وفي بعض المجتمعات تعاني الكلاب من القسوة المفرطة، لأسباب وتصورات ومعتقدات، تساهم في بناء العدوانية وتعزيزها في دنيا البشر وعبر الأجيال.
وهذا السلوك العدواني الموجه ضد الحيوانات يعزز تنمية المشاعر العدوانية في السلوك العام في المجتمع، ويؤدي إلى القبول بها وتحويلها إلى عادة سلوكية مكررة، فالقسوة على الحيوان تنتقل إلى سلوك القسوة على البشر، والعدوانية على الحيوان تترجم إلى عدوانية على الناس، وهكذا يتحقق بناء السلوك العدواني الذي يتضرر به الجميع.
إن الرفق بالحيوان سلوك تربوي يبدأ في البيت ورياض الأطفال والمدرسة، والعلاقة الحميمة مع الحيوان تساهم في بناء الأسس الصحيحة لعلاقات بشرية حميمة، فالحيوان له دور مهم في صياغة السلوك البشري، وبسبب ذلك ومن دون وعي البشر، تمكن من التآلف مع حيوانات متنوعة عبر العصور، ربما لإدراكه الغريزي أنها ضرورية لتهذيب سلوكه وتطويعه، وتصريف الكثير من طاقاته السلبية.
ولهذا فإن من الممارسات المهمة لتقليل درجات العدوانية وإضعاف القسوة، أن تنتشر ثقافة الرفق بالحيوان، والتشجيع على رعايته والعناية به، واحترام حقه في الحياة، لكي نتمكن من إدراك ضرورات احترام حق الحياة للجميع.
واقرأ أيضاً:
الإرهاب اللفظي!! / نكون كما نكون!! / البيئة والسلوك!!