البريطانيون صوتوا في 23\6\2016 على الخروج من الاتحاد الأوربي، وقائدهم في هذا الإتجاه يأبى تحمل مسؤولية رئيس الوزراء. ومعظم البريطانيين في دهشة وحيرة مما سيأتي، خصوصا الشباب، وأبناء المدن الكبيرة، فالذين صوتوا على هذا الخيار هم من سكان القرى وكبار السن.
ترى لماذا حصل الذي حصل؟
ما جرى يستحضر حالة شائعة في المجتمعات الغربية مفادها، نعيش معا لكننا غير متزوجين، فالعلاقة زوجية لكنها ليست على الورق. أي لا توجد التزامات قانونية، لكنهما متزوجان ولديهما أطفال، والأب قد لا يعترف بالأبوة، والجميع يعيشون كعائلة، ويحققون فائدة كبيرة من النظام الاجتماعي. يحصلون على المعونات والعلاجات المجانية ولا يدفعون الضرائب، كما يحصل للمتزوجين.
نعم إنهم متزوجون ولكن لا يوجد عقد قانوني يثبت هذا الزواج. ويبدو أن بريطانيا أرادت البقاء في الاتحاد الأوربي ولكن من غير التزامات قانونية، أنا معكم ولكن لست وإياكم.
أنا في الاتحاد الأوربي ولكن لست عضوا رسميا فيه. وهذه اللعبة أدركها أعضاء الاتحاد الأوربي، وأعلنوا إسقاط جميع الحقوق والامتيازات، فأما أن تكون عضوا ملتزما أو لا تكون. فلا يمكن أن تتمتع بكافة حقوق ومنافع العضوية وأنت لست عضوا في الإتحاد.
هذا الموقف أوقع البريطانيين في مأزق سياسي واقتصادي مجهول، ولهذا يخشى أي سياسي واعي أن يتحمل وزر الآتيات، إبتداءً من رئيس الوزراء الحالي الذي أعلن استقالته الفورية، لأنه يدرك عواقب القرار. وقائد حركة الخروج من الاتحاد نفسه أعلن عدم رغبته بتحمل المسؤولية، لأن الحالة صعبة وتحتاج لمدبر ومفكر وسياسي مقتدر.
بريطانيا في محنة لأنها أبحرت عكس إتجاه التيار وكأنها تريد أن تعيد الزمن للوراء. فالعالم قد تعوْلم وامتزج، وصار التفاعل الأرضي مطلقا، لا يمكن إيقافه والانغلاق أو الانفصال عنه. والعالم يتصاغر ويتواصل ويتبادل ما فيه، وكل ما يحتويه يجري في الأرض كالمياه الهادرة في نهر دفّاق.
وهذا يعني أن بريطانيا ستدفع ثمنا باهضا، وربما ستتعرض لخسائر اقتصادية على المدى البعيد، وستجد أن عليها أن تعيد النظر بقرارها، لكي تتوافق خطواتها مع المسيرة العولمية التي فرضت نفسها، وأصبحت واقعا حيا وحيويا متجسدا في التفاعل الإنساني ومصيرا حتميا لا خلاص منه.
فهل أن خروج بريطانيا بُنيَ على الخداع والتضليل الجماهيري، أم أنه مرسوم ومحكوم بدراسات وتجارب وتقديرات غير متداولة؟!!
إن الأيام ستجيب، رغم أن المحللين من ذوي الخبرات يَرون أنه سلوك لا تُحمد عُقباه!!
واقرأ أيضاً:
رمضان والتقوى!! / إقطع ظهر الفتن بالقرآن!! / هل جعلوا القرآن عضين؟!! / مَن يبني الأوطان؟!