الكذب صفة ذميمة وعادة قبيحة، تحذر منها الأديان والأعراف والتقاليد في مجتمعات الإنسان كافة، فالكذب غير مرغوب فيه، والكذاب مُهان ومنبوذ بين الناس.
وفي المجتمعات المتقدمة يُعدّ الكذب جريمة يُعاقب عليها القانون، ولهذا يجب أن يتحلى الناس بالصدق والشفافية فيما يقولونه ويفعلونه، لكيلا تنكشف أكاذيبهم ويصيبهم الخزي والعقاب.
وفي مجتمعاتنا صار الكذب سلوكا مقبولا وتفاعلا متداولا بين الناس، فترى الذين يحدثونك عن الدين والقيم والأخلاق يكذبون ويبررون كذبهم بما يشتهون، وكأنهم يخوّلون لأنفسهم الكذب على الناس، لأنه حرفتهم وتجارتهم المربحة، وهم يرتدون جلابيب الدين ويتمظهرون به.
وينسون قول الله تعالى:
"ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون" البقرة : 10
"يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" الصف: 3، 2
"واجتنبوا قول الزور" الحج : 30
وقول النبي الكريم:
"إياكم والكذب فأن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار"
ويقول الشاعر:
"لا يكذب المرء إلا من مهانته
أو عادة السوء أو قلة الأدب"
وهذه العادات أو الصفات الذميمية تحوّلت إلى اعتياد، وسلوك متعارف عليه لا يُواجه بالنكران، لأنه مُعزز بمخفزات ومتواليات اقتدار وتأسد وتوحش وإغتنام.
وفي زمننا المعفّر بالاضاليل أصبح الكذب مهارة سياسية لتمرير المشاريع والبرامج والخطط الخبيثة، بل أنه أضحى دستور القوى الكبرى، التي تكذب وتكذب حتى يصدق الناس وتُنفذ مشاريعها، وفي الأمم المتحدة انتصر الكذب وخُدِعت الدنيا، وتم تدمير وطن بأكمله وتشريد شعبه، ولا تزال ماكنة الكذب تنتج وتفعل فعلها في الواقع القاسي الأليم.
وما عاد هناك مَن يخجل من الكذب، بل إن الكذب سياسة وتجارة وشطارة ومهارة، وقدرة على أكل الأكتاف، وتدمير الشعوب وتخريب الأوطان.
وحبل الكذب قصير، لكنه صار أطول من محيط الأرض أضعاف المرات، ودخلت البشرية في دائرة مفرغة من الأكاذيب والحماقات التدميرية، ويترافق الكذب مع السرقات، ولهذا عمّ الفساد في مجتمعات الكراسي الكذّابة والمُستأجرة.
والكذابون يعيشون على حساب مَن يصغي إليهم من الناس المغرر بهم، ولولا الآذان الصاغية للكذب لما تواصل وتسيّد.
وبين الكذب والصدق إنتفت المسافات والحدود في زمن العولمة المجنون، والتواصل الفتاك الذي يمزق رؤوس البشر!!
فإلى متى يُمتطى الكذب ليدوس رأس الصدق ويرديه؟!!
واقرأ أيضاً:
هل جعلوا القرآن عضين؟!! / الخروج من فضاء العولمة!! / مَن يبني الأوطان؟! / شعوبٌ تقرأ وأخرى تزرأ!!