السياسي الحقيقي الناجح النافع لوطنه وشعبه، هو الذي يمتلك مهارات ربط القوى الوطنية مع بعضها، وصناعة سبيكة الوجود الوطني الأقوى، أما السياسي الفاشل الضار بوطنه وشعبه، فهو الذي يفتقد تلك المهارات وينهمك بانفعالية وهمجية وعدوانية، متحديا القوى الوطنية ويفرض قوته الشخصية والحزبية والفئوية على الآخرين، وبهذا يدخل المجتمع في مسيرة استنزافية مرعبة.
المجتمعات المتقدمة تبحث في تطوير مناهج وآليات ربط القوى الوطنية، وتسخيرها لتنمية الاقتدار الوطني في كافة المستويات والاتجاهات السياسية، الثقافية، العلمية، التكنولوجية وغيرها من ميادين التقوية والنماء والرقاء. ولهذا فهي ترعى أية قدرة مهما كانت صغيرة ولا تفرط بها وتمنحها الفرصة الكفيلة بالتعبير عما فيها، بل وتمدها بالمصادر اللازمة للرعاية والانطلاق، فتجدها قد تواصلت في مسيراتها التقدمية وإبداعاتها الحضارية الأصيلة. وفي مجتمعات متأخرة تزخر بالطاقات والثروات الحضارية يتم التعادي والتحدي، والتصارع والاقتتال ما بين القوى الفاعلة في المجتمع، مما يؤدي إلى الخسائر والاستنزافات والإضعاف على جميع المستويات.
ذلك أن الفرق شاسع ما بين تثمير القِوى وتبديدها، ونرى ذلك بوضوح في واقعنا المنهمك بنشاطات إتلافية وتفاعلات سلبية تحت مسميات وتوصيفات تدميرية لا يربح منها أي طرف، وإنما الجميع يتدحرج في مهاوي الخسران والبهتان.
وعليه فإن على ساسة مجتمعاتنا دراسة وتعلم مهارات الربط ما بين القِوى الوطنية، لا حفر الخنادق وبناء الحواجز بينها، وتأجيج الصراعات والتفاعلات الإقصائية التدميرية المخزية، التي تجعل المجتمعات الأخرى تنظر إليها باحتقار واستهجان، وتمقت ما تقوم به وتنكره.
فالمسؤولية الكبرى تقع على الذين يسمون أنفسهم (ساسة) في هذه المجتمعات المبتلاة بأميتهم وجهلهم وحمقيتهم، وانفعالاتهم التي تحرمهم من أي تفاعل وطني مفيد. وهذه المسؤولية تتلخص بتعلم مهارات ربط القوى وسبكها في الوعاء الوطني، لكي ينهض الوطن ويستشعر الشعب السعادة والأمل والأمن والسلام.
فهل سيستيقظ أصحاب الكراسي من الغي المهين، ويؤمنون بأن الاتحاد قوة والقوة بالاتحاد!!
واقرأ أيضاً:
إرادة جمال وأمّةٌ تُدال!! / الأقلام "الممولة"!! / غاب الدنيا!! / زويل : إرادة أمةٍ تهزم ويل!!