"أحمد زويل" عالم مصري عربي نبغ في الكيمياء ونال جائزة نوبل في عام 1999، ولمع إسمه في آفاق المعرفة الإنسانية، وأصبح علما عربيا خفاقا في أرجاء الأرض، وقبلةً يحج إليها الساعين إلى العلم والطامحين للابتكار والنبوغ، وقد غادر الدنيا في 2\8\2016، بعد أن برهن على أن الإرادة العربية الحضارية حيّة ومساهمة في صناعة أنوار العصر.
نعم إن العرب يساهمون في بناء الحضارة الإنسانية، وما إنطفأت أنوارهم وعطاءاتهم المشرقة في أرجاء المعمورة، فهم متواجدون في جميع ميادين التفاعلات المعرفية بأنواعها وتخصصاتها، ولا يوجد حقل علمي إلا وتجد للعرب دور فيه. فلو ألقينا نظرة فاحصة في مراكز العلوم والبحوث والمعارف في المجتمعات المتقدمة كافة لتبين لنا التواجد العربي المتميز فيها، فلا يخلو مركز علمي وبحثي في قارة أوربا وأمريكا من العلماء العرب، ولا جامعة واحدة فيهما من الأساتذة العرب، ولا يمكن القول بأن هناك مستشفى فيهما لا يتواجد فيها أطباء عرب.
ومن المعروف أن (ستيف جوبز) العقل الابتكاري الإليكتروني الذي أسس شركة أبل هو من أصل عربي، فأبوه سوري، والعديد من المبدعين الآخرين فيهم موروثات (جينات) عربية تُطلق ما فيهم من القدرات والطاقات الإبداعية. ويمكن لأي باحث أن يستحضر مئات الأسماء العربية المساهمة في صناعة الوجود الحضاري الإنساني المعاصر، والعديد منها يستحق جائزة نوبل وأكثر.
ولهذا فإن القول بأن العرب لا يساهمون في صناعة الحضارة المعاصرة، فيه الكثير من المغالطات وعدم الإنصاف، فالحضارة اليوم هي عالمية، تشارك فيها عقول جميع الدنيا، والإبداعات التي تلصق بهذه الدولة أو غيرها، إنما هي من نتاج العقول التي توطنت فيها، ومشكلة العرب أن واقعهم لا يوفر لهم الظروف الكفيلة بالعطاء والابتكار، ولهذا فأن العقل العربي يهاجر ويساهم في الإبداع في غير موطنه، فتنسب إنجازاته للبلد الذي حلّ فيه.
والمشكلة الأخرى التي تدمر العرب أن الحديث السلبي التيئيسي هو الشائع في وسائل الإعلام والخطابات السياسية وعلى مدى عقود، مما رسخ في وعي الأجيال الشعور بالدونية والعجز والاندحار، وهي مشاعر وتصورات تجانب الحقيقة، وتسعى للتدمير لا للتثمير وإطلاق الطاقات العربية الأصيلة.
ورموز حضارية إنسانية من أمثال العالم المصري العربي (أحمد زويل)، تدحض هذه الحالات، وتؤكد بأن العرب أمة حضارية حية ذات قدرات إبداعية مطلقة، ولن تنطفئ أنوار العرب ولا يمكنهم أن يتخلو عن دورهم العالمي المنير، فهم رواد الحضارة وحُداتها، ويؤكدون ذلك في كل عصر، مثلما يحققونه في هذا العصر الذي يُراد فيه إغماط دورهم وتفتيتهم، والاستفادة من طاقاتهم واستثمارها في غير أوطانها.
تحية للعالم العربي الذي توهج وسطع، ولن يخبو وهجٌ علمي عالمي ساطع، فالتوهج الحضاري ينتصر على الموت، ولن يموت مَن أعزّ أمته وأعادها لجوهرها، وأعلمها برسالتها الإنسانية الرائدة في المعارف والعلوم والإبداعات كافة.
فهل سندرك جوهر ما فينا وقيمتنا الإنسانية، ونعيد للإنسان العربي دوره وقيمته في دياره، لكي تسطع أنوار العرب؟!!
واقرأ أيضاً:
الأقلام "الممولة"!! / غاب الدنيا!! / القِوى بين الربط والتحدي!! / الغُثاء له جولة وليس له بقاء!!