القانون الفاعل في الواقع العربي، ومنذ نهاية الإمبراطورية العثمانية وحتى اليوم، يتلخص في "أقتل العرب بما يريدون"، وقد تم تطبيقه بدقة وإنجازية عالية وفائقة النجاح، وبتكرار متواصل، والعرب يتدحرجون وينفذون ويقتتلون، والقانون جاري والدماء تنزف والثروات تبدد والطاقات تهدر.
أراد العرب دولتهم العربية، فتم تقسيمهم إلى أوطان متناحرة، وعندما أرادوا الاستقلال قتلوهم به، وحينما قرروا أن تكون لديهم أنظمة جمهورية ذبحوهم بها أفظع ذبح، وعندما نادوا بالوحدة مزقوهم بها إربا إربا. وعندما شكل العرب الأحزاب الثورية والقومية والوطنية حوّلوهم إلى فئات تمحق بعضها البعض، وأسسوا لهم أحزابا إسلامية تتقاتل وتفتك بكل شيئ، وبعد اكتشاف النفط في ديارهم تسخّرت عائداته لشراء الأسلحة البائرة لقتلهم أجمعين، وتخريب مدنهم وما عمّرت الثروات النفطية بل خربت ودمرت.
فكل أمرٍ أراده العرب وجدوا مقتلهم فيه، وفي هذا العصر الجهنمي، عندما إندفعوا نحو الديمقراطية قتلوهم فيها وبها قتلا مروعا، وعصفت بديارهم النكبات والويلات وأعاصير الملمات التي أتت على الأخضر واليابس. وهناك شعوب آسيوية تعرضت لأقسى مما تعرض له العرب، لكنها تمسكت بإرادتها ووحدتها الوطنية واستجمعت قدراتها، وجابهت وعانت وانتصرت وحققت فوزا حضاريا متميزا.
والأدلة لا تنتهي أبدا، ولا يمكن إدانة القوى الفاعلة لأن الهيمنة شرعها والإفتراس عقيدتها، والإستحواث على مصائر الشعوب ديدنها، لكن المُدان دائما هو البشر الذي لا يتعلم من التجارب، ولا يستخلص الدروس ويستوعبها، ولا يستجمع العقول والقدرات للتحدي والتبصر والتفاعل المتسم بالإعتصام بحبل الوطن والمجتمع، والذي يعلي قيمة الإنسان ويحترم حقوقه ويوضح له واجباته.
وبفقدان هذه القدرات التفاعلية الوطنية الحضارية الضرورية للقوة والنماء، مضى المجتمع العربي في طاحونة الإقتتال والخراب وعدم الخروج من وحل الخراب والضياع، بل تحوّل إلى مستنقعات للفساد والإفساد والخسران المهين. فما يجري في الأرض العربية من أقصاها إلى أقصاها، يخصع لهذا القانون الالتهامي الذي لا يمكن لرؤوس الكراسي أن تستوعبه وتدرك فحواه، وإنما تجد نفسها عجلة من عجلاته التي عليها أن تدور أو سيتم استبدالها، وهكذا واقع دنيا العرب، وقد تكالبت عليها الوحوش، وارتضت أن تقوم بدور الضحية، وتستلطف الاستحالة إلى أباديد.
ترى، هل سيعرف العرب مناهج وآليات تحقيق ما يريدون، لا أن يُقتلوا بما يريدون؟!!
واقرأ أيضاً:
يوم السلام!! / التحالف العربي العربي!! / العرب عدو العرب!! / الشعوب والأواني المُستطرقة!!