مقطع مؤثر للنجم روبرت دينيرو؛ بكى الرّجل وابتلع كلماته واختنقت عبراته وهو يتحدث عن الدور الذي أدّاه في فيلم (Silver Linings Playbook) تدور أحداثه عن مريض عقلي يخرج من المصحة ليواجه العالم، مجرد تمثيل الدور أثرّ في الرّجل وأظهر فيه جانباً إنسانياً لم نرَه من قبل! مجرد تمثيل لكن بأداء صادق أثار تلك المشاعر، وتلك المقابلة أثارت شهيتي للحديث عن معاناة المريض النفسيّ وأسرته والعار الذي يلحقهم، وإلصاق صفة الجنون بهم! إذ يصبح الجنون لعنة تحلّ عليهم ولا تفارقهم وتمتد لأبناء أبنائهم إن نجحوا أصلاً في سبر غور الحياة من جديد.
المحزن أكثر هو أن يدرك المريض شدة مرضه وعمق الحفرة التي يجد نفسه فيها لكنه وحيد دون أي دعم يذكر، يناضل من أجل الظهور بأفضل صورة ويخفي آثار ألمه ومرضه ليحفظ لنفسه صورة بارقة لامعة بعيدة عن وصف الجنون. كم من مريض يرتدي ثوب الصحة على بدن ونفس متعبين؟ أما آن لمجتمعنا تغيير موروث بالٍ قديم كهذا وتبني الطرف الآخر وقبوله بكل علله ومشاكله؟.
في زمن قاسٍ كهذا، في ظروف حياتية قاهرة مؤلمة، في جو مثقل بالهموم تسود فيه شريعة الغاب ويتخلى البشر عن إنسانيتهم، قد يعصف الجنون بأي واحد منا، قد يستتر ويعشش في خلاياك وقد يظهر لتبدو فريدأ من نوعك بنوبات جنونك واستعار ألمك وإطباق همومك عليك.
لا تبالي صديقي المريض، لا تبالي بمدّعي الحكمة والعقل، في هذا الزمان الكل مرشح لنيل لقب "مجنون" فلست وحدك، وكما قلت إما مختبئ في الظل هو وجنونه أو في العلن يُجلَد لمرضه ليس إلا! ولعل للجنون جماليات لا ندركها، لعل للجنون حكمة لا نعرفها!!.
صديقي صاحب الجنون؛ سواء كان جنونك خفيفاً أو ثقيلاً فوصمة الجنون تتربص بك وتهمة ملتصقة بك، إذ يصدر الحكم دون محاكمة عادلة أو محامٍ أو هيئة محلفين حتى، فقط قاضٍ يدعي العدل والعدل ليس من صفات البشر إنما هو الله فقط من ينصف عباده، فلا تنتظر نصرة أخيك الإنسان ولا تنتظر دعمه.. فالشفاء من عند الله وليس بيد البشر.
أتمنى لك الشفاء.
واقرأ أيضاً:
انفصال / عيد الحب في زمن الكراهية! / رحلة خارج الزمن
التعليق: يكفي المريض النفسي شرفا أنه يدرك مرضه ويسعى لأن يتعافى.
العيب كل العيب على هؤلاء الذين يمتد المرض إلى أفكارهم فيعيبون على الشخص أنه مرض، وهو حقيقة أقوى منهم لأنه يسعى للتعافي.
هي ثقافة مجتمع نستطيع بأيدينا أن نغيرها بإذن الله.