عبء الاختيار في الزواج...!؟
بسم الله الرحمن الرحيم..
جزاكم الله خيرا على مجهودكم الرائع أنا فتاة أعاني من اختلاف معايير الزواج بيني وبين أهلي مما يترتب عليه رفض دائم للمتقدمين لي، ذلك لأن أهلي يختلفون عني في الفكر، هم ُيصلون ويُصومون ويتحرون الحلال مثل باقي العوام، أما أنا فأحاول جاهدة أن أسلك طريق الدعوة، وأدعو أن يوفقني الله فيه ؛إلا اننى أرى أن إيمانياتي ونشاطي الدعوي أقل كثيرا من أخريات نشأن في بيئة ملتزمة، لأنى مؤمنة أن البيئة الأسرية عامل أساسي في التكوين الديني (السليم)، إذ أنني أتأثر كثيرا بما يفعله الأهل ولا أستطيع التأثير فيهم، في الأمور الحياتية المعتادة، وأشعر بشيء من الازدواجية خارج نطاق المسجد وداخل نطاق الأسرة لذلك أصبح هدفي الزواج ممن هو مماثل لي في الفكر والاتجاهات حتى أتجنب هذه الازدواجية، وتقدم لي الحمد لله الكثير من هذا النوع إلا أنني كنت أرفض لأن مستواهم المادي والاجتماعي لا يناسبني،وكنت في ذلك صريحة وواقعية مع نفسي لأنني لن أتحمل النزول عن مستواي وكذلك لن يقبلوا الأهل..
المشكلة الآن أننى قد تقدم لي شاب رشحته ليّ إحدى الأخوات الداعيات بالمسجد، له نفس اتجاهاتي وميولي وطريقي في الدعوة، وهو مناسب ليّ من حيث المستوى الاجتماعي والمادي بل أن تقدير الله الحكيم العليم قد جعلته مشابه لي من حيث الظروف الأسرية وهي طلاق الأب والأم، فكان متفهم لظروفي ولم يقف عن تلك النقطة مثلما وقف وتردد بعض ممن قبله وجدته يقول أننا علينا أن نجنب أولادنا ما استشعرنا قسوته وذقنا مرارته من قبل في ظل أبوين منفصلين وقد استرحت لكلماته والحمد لله وهذا هو نفس مايجول بخاطري وأسعى لتحقيقه..
إلا أن والدتي لا تقبله لسبب هو أنه قد زارانا حتى الآن مرتين (وإيده فاضيه) أي لم يقوم بواجبات الزيارة، وأنا نفسي كنت أرفض هذا النوع من الشخصيات وأصنفه لصنفين لا ثالث لهم إما أن يكون بخيل وإما مفتقد للذوقيات وكنت أنصح صديقاتي بأن يأخذن حذرهن ويرفضن هذا النوع من المتقدمين للزواج إلا أنني حين وضعتني الأقدار في نفس الموقف وجدتني ألتمس له الأعذار أمام أمي وأقول لها ربما لم يعتد ذلك في بيئته التي نشأنها ومن الممكن أن يتحول عن ذلك بعد الزواج...
إلا أنني أتأثر كثيرا في قرارة نفسي بهذا الموضوع وأخشى أن يكون بخيل أو مفتقد للذوقيات فهل أرفضه لهذا السبب؟؟ وإن قبلته فسوف تتقبله أمي على مضض فهي تقول دوما لي افعلي مايحلو لك أنا لا أوافق على هذا !!! وهي بكلماتها هذه تضعني في مأزق إذ أنني أخشى من عبئ الاختيار، حين يكون واقع علىّ بمفردي وحين أواجه به الجميع وأتحداهم فهذا يتطلب أن أكون على ثقة مائة بالمائة من الشخص ومن جهة أخرى فإنى لا أثق أبدا بآراء أمي وأراها للأ سف غير حكيمة، فقد كانت ترتضى لي شخص احمق وزير نساء لا لشيء إلا أن مستواه المادي رائع.ووقتها خضت التجربة لا لشيء إلا لأثبت لها فساد رأيها
المشكلة الثانية التي تؤرقني وأتمنى أن أوفق في شرحها هي إنني رغم حلمي في إقامة بيت مسلم وملتزم داخل البيت وخارجه والبعد عن الازدواجية التي نشأت فيها ..إلا أنني مترددة ومتخوفة من أسرة هذا الشخص حيث أنهم ملتزمون لدرجة كبيرة وهذا يختلف عما نشأت عليه فهم غير مختلطين مثلا وأنا نشأت في وسط منفتح ومختلط كذلك فهم يتعرضون دوما لمضايقات أمنية وحبس بسب اشتغالهم بالدعوة بما في ذلك الشخص المتقدم لي، فماذا سيكون رد أهلي إذا ما تعرض أثناء زواجنا لمثل هذه الأمور (وهذا أمر وارد جدا) هل من الممكن أن تتفاقم الأمور؟؟ وهل سأتحمل أنا هذا؟؟؟ مع العلم أن هذه الأمور لا تشغلني الآن واستشعر في نفسي الثبات إن شاء الله وثبتني...
ردوا عليا سريعا لعلكم تساعدوني في حسم أمري .وشكرا لكل من منح لي جزء من وقته جعلها الله في ميزان حسناته...
03/06/2005
رد المستشار
أهلاً بك يا "س.س" أتقدم إليك أولاً بالتهنئة بمناسبة عيد الفطر أعاده الله علينا هو ورمضانه أزمنة عديدة وأعاننا على العمل الصالح فيه وتقبله منا بأحسن ما يتقبله من عبادنا الصالحين.
وثانيا: قد تأتي إجابتي على مشكلتك متأخرة جدااااااااااااا لدرجة أنك ربما لم تعودي بحاجة لها .. ولهذا أتقدم بالاعتذار الشديد عني وعن الموقع لحدوث خطأ أدى إلى هذا التأخير الشديد, وعلى كل حال: قدر الله وما شاء فعل, ومع ذلك فإنني سأجيب وسأنصحك بما أراه حقاً فربما استفدت للمرات القادمة وربما استفادت أخريات أيضاً..
قبل أن أتكلم عن مشكلتك التي أرسلت بشأنها, لدي شيء أحب أن أناقشه معك وهو عن علاقتك كملتزمة متدينة بأهلك, أحسست من كلامك عن أهلك أنك ترين أنهم دون المستوى المطلوب دينياً وبدرجة كبيرة, مع أنك قلت أنهم "يصلون ويُصومون ويتحرون الحلال", ألا يكفي هذا –برأيك- ليدخل بيئة منزلكم في عداد البيئات الملتزمة المؤمنة؟؟
ثم هم يسمحون لابنتهم أن ترتاد المساجد وأن تكون لها أنشطتها الدينية, ألا يعتبر هذا التزاماً أيضاً؟
أم أنك لا تعتبرين الناس ملتزمين إلا إذا كانوا من كبار الدعاة والعلماء؟
قد تكون لهم أخطاؤهم , وهل هناك بشر بدون أخطاء ؟
أريد من هذا الكلام أن الفت نظرك إلى أنني أجدك متحيزة قليلاً ضد أهلك في مسألة الالتزام والتدين, مع أنني أجد العكس, أجد أن بيئة أسرتك ملتزمة بقدر المستطاع وتتيح لأولادها الاستزادة من الالتزام والتدين.. وهنا يأتي دور الأولاد ليأخذوا بأيدي أهاليهم نحو المزيد من التدين ولكن بأرق وألطف الأساليب والتي يتطلبها واجب البر بهم.
ثم لا تنسي أنه ليس مطلوباً من الإنسان أن يكون على مستوى عال جدا من العبادة ليكون مقبولاً عند الله عز وجل, دليلي في ذلك حديث النبي عليه الصلاة والسلام, حين جاءه رجل أعرابي يسأله عن ماذا فرض الله عليه في الإسلام, فكان رسول الله يخبره عن الفرائض, عليك خمس صلوات في اليوم والليلة, فيقول الرجل: هل علي غيرها, قال لا إلا أن تطوّع, وهكذا في كل فريضة من فرائض الإسلام, فولّى الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على ذلك, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أفلح إن صدق أي سيكون من أهل الجنة إن استطاع الوفاء بما قاله وهو الالتزام بالفرائض فقط..
معوّل الأمور في نهاية الأمر يا عزيزتي هو مدى إخلاص القلب وخشوعه لله عز وجل, وليس بمقدار العبادة التي يؤديها الإنسان.. والأدلة على هذا المعنى أكثر من ان تُحصى في الكتاب والسنة..
أقول هذا الكلام لخشيتي عليك ان تكوني واقعة في مشكلة: الحكم على أهلك وتقييمهم دينياً, مع أن هذه من اختصاص الله عز وجل فقط . خصوصاً وأنك قلت" فإني لا أثق أبدا بآراء أمي وأراها للأسف غير حكيمة؛ فقد كانت ترتضي لي شخص أحمق وزير نساء لا لشيء إلا أن مستواه المادي رائع ووقتها خضت التجربة لا لشيء إلا لأثبت لها فساد رأيها"..
أخشى أن تكون علاقتك مع والدتك هي من باب التحدي وثبات وجهات النظر, رغم أن الحق معك ولكن طريقة التحدي هذه طريقة غير صحيحة, لأن حظوظ النفس تدخل فيها, وهذا ما نُهينا عنه, هذا لا يعني أن تستسلمي لرغبة والدتك, بل اعترضي وارفضي ولكن حذار من أن يكون الرفض انتصارا للنفس لا للحق..
ثم إن كلامك عن تأثير البيئة الأسرية في تنشئة أبنائها على الدين كلام سليم, وهذه هي القاعدة, ولكن من رحمة الله تعالى أنه لكل قاعدة شواذ: فهذا إبراهيم عليه السلام مؤمن مع أنه ابن بيئة الكفر, وهذا ابن نوح عليه السلام: كافر مع أنه ابن بيئة الإيمان, الحقيقة يا عزيزتي أنحياتنا نصنعها بأيدينا ولا يمكننا أن نلقي بأخطائنا على عواتق أهالينا .. لقد كبرنا ونضجنا بما فيه الكفاية, وآن الأوان لنتحمّل بأنفسنا مسؤولية حياتنا..
أما عن مشكلتك التي أرسلت تستشيرين بشأنها, وهي مسألة زواجك من ذلك الشاب المتقدم لك..
فهناك أمرٌ أريدك أن تعرفيه أولا, الزواج عشرة وحياة كاملة بكل ما في الحياة من جوانبها السارة والمزعجة, فإذا ما وضعنا لشريك الحياة صورة نموذجية خالية من أي منغصات كنا واهمين وسرعان ما ستتكسر هذه الصورة على صخور الواقع, فنصاب حينها بخيبة الأمل والإحباط الذي قد يفضي بنا إلى ما هو أكبر من ذلك, أعاذنا الله جميعاً مما هو أكبر من ذلك..
الحل هو أن نضع المعايير الواقعية لشريك الحياة, وأن نتوقع حدوث الأخطاء ورؤية الخلل في هذا البشر الذي فيه كل نقائص وتناقضات البشر, والكياسة والحكمة تكون حين نقدر أن نخرج من شريك ا لحياة افضل ما عنده بلباقتنا وحُسن تصرفنا ولا تنسي أن "المؤمن كيّس فطن"..
اتفقنا؟..
إذاً أريدك أن تراجعي المعايير التي تنتظرينها في شريك حياتك وتخضعيها للواقعية.
أنت تهربين من الازدواجية التي تحسين بها ما بين المسجد والبيت, ويا ليتك أعطيتنا بعض الأمثلة عن الأمور التي تحسين بالازدواجية فيها, لكنت فهمتك أكثر, وبما أنني في إجابتي على هذه الجزئية كمن يتلمس طريقه في الظلام, فسأفسّر كلامك على حسب ما أعرف وما عليك إذا وجدته خطا إلا أن تتابعيني
إذا كنت تقصدين بالازدواجية, أنك في المسجد تكونين في حالة من الروحانيات العالية, فإذا ما عدت للبيت وعدت للحياة قلّت هذه الروحانيات, فهذا يا عزيزتي ليس من الازدواجية, بل هو من الطبيعة البشرية, بل إن هذه الحالة تماما وجدها الصحابة في انفسهم فشكوا للنبي خوفاً ذلك من أن يكون ما يجدونه نوعا من أنواع النفاق, ولكنه صلى الله عليه وسلم طمأنهم إلى أن هذه طبيعة البشر
فعن حنظلة الأسيدي قال: "لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة. حتى كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات. فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة. يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وما ذاك؟" قلت: يا رسول الله نكون عندك. تذكرنا بالنار والجنة. حتى كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات. نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة" ثلاث مرات. رواه مسلم فالأمر ليس فيه ازدواجية مادام ضمن نطاق الطبيعة البشرية, وندخل في الازدواجية المحظورة حين يدخل الخبث في القلب وفي التفكير فنبطن غير ما نعلن سواء في أفكارنا واعتقاداتنا أو في تعاملاتنا مع الناس .
هذا هو النفاق الذي أعرفه والذي نهانا عنه الشرع الحنيف .
وأما بالنسبة لاختلاف البيئة الاجتماعية بين البيئة التي نشأت بها وبين بيئة هذا الشاب, فالأمر يحتاج إلى الكثير من التروي لأن التكافؤ مطلوب بين الزوجين في نواحي مهمة منا التكافؤ في البيئة الاجتماعية فالزواج ليس زواج شخصين بل هو زواج أفكار وعادات وعائلات .. على كل حال, الأمر ليس بالمستحيل لكنه يحتاج إلى القليل من التفكير , لهذا أنصحك أن تفكري بهذه الطريقة: احسبي مزايا الزواج بهذا الشاب, واحسبي سلبياته, ووازني وفكري: هل تستطيعين التضحية وتحمل السلبيات للحصول على المزايا, أم أن التضحية بالنسبة لك مش مستاهلة؟
كثيرات هنّ اللواتي كنّ يعتقدن ن الحب يصنع المعجزات, فوافقن على الزواج بشروط صعبة اعتقاداً منهن ان الحب سيذلل كل الصعوبات والتي منها الفارق في البيئة الاجتماعية, ولكن هذا لم يحدث, لأن الحب لا يصلح أن يكون مرتكزاً قوياً نبني عليه بناءً شاهقاً يدوم لسنوات طويلة يظلل الأسرة الأطفال في فيئه
وبالمقابل, فقد رأيت من قبلت أن تتزوج بمن هو أقل منها في البيئة الاجتماعية, ليس فرقاً ساشعاً, بل فرق يمكن التأقلم معه, ونجح الزواج عندما وحّدتهما رسالة واحدة تفضي إلى إرضاء الله عز وجل.
وكما أن الحب لا يصلح أن يكون أساساً وحيداً للزواج, فكذلك التعاطف والشفقة لا تصلح أن تكون أساساً متيناً للزواج, أنت تتعاطفين معه لأنه عاش في بيئة أسرية مضربة مثلك, ولكن عليك أن لا تنسي أن البيئة الأسرية المضطربة ستترك آثارها لامحالة على نفسية أبنائها, وبالتالي لا تتفاجئي إذا تبدّت لك بعد الزواج أمور لم تكن بالحسبان كالعصبية وعدم الاتزان في اتخاذ القرارات وربما تصل الأمور إلى درجة عدم تحمّل المسؤولية, لا تفهمي من كلامي بأن الشاب هو كذلك فعلا, بل كل ما أريده هو أن أفتح عينيك على احتمالات قد تواجهينها إذا ما تم الزواج, كل هذا لتنتبهي من الآن إلى هذه الجوانب في شخصيته وتقيسيها لتدخليها في حسابات المزايا والسلبيات التي ستبنين عليها قرارك ولا يكفي الكلام باللسان دليلاً على استقامة الفعل, كلاكما يريدان ان يجنب أبناءه ما عاناه من مشاكل بسبب انفصال الوالدين, ولكم رأيت أشخاصاً كانوا يريدون ذلك, وإذا بهم بعد الزواج قد أخذوا يكررون نفس الأخطاء التي فعلها معهم آباؤهم, وهذه ليست قاعدة, أي ليس بالضرورة كل من أسيئت معاملته صغيراً أن يسيء هو معاملة صغاره, ولكن يحتاج لأن يخرج الانسان من هذه النتيجة إلى الكثير من الجهد والوعي والاصرار
كلنا نقول: سنتوب إليك يا رب, كلنا نقول: سنتلافى التقصير الذي وقعنا فيه في سابق أيامنا, ولكن كم منا يلتزم فعلاً بهذا القول؟؟!
فادرسي الشاب جيداً من هذه الناحية, تستطيعين التوصل إلى نتائج من خلال ملاحظتك لمعاملته لأولاد إخوته وأخواته, أو أولاد جيرانه, وحاولي أن تري تعامله الحقيقي معهم والذي لا يكون أمامك فقط, فكلنا نتجمّل أمام الآخرين, وعندما نخلو بمحارم الله نظهر على حقيقتنا فإما أن ننتهكها أو أن نحفظها.
وأما كونه بخيل أو مفتقد للذوقيات, فوالدتك معها حق, وتخوفك أنت أيضاً في مكانه, وما عليك إلا أن تتحري عن هذا الموضوع, بالسؤال غير المباشر عنه ممن يعرفونه, وبملاحظة تصرفاته السابقة. وقد يكون لديه مبررات دينيه لفقدان هذه الذوقيات في التعامل من أن هذه الأمور قشور لا يهتم لها الاسلام الذي يهتم بالجوهر وما إلى ذلك, وهذا فهم سقيم جداً للدين الذي كان أول من وضع أسس الذوقيات في التعامل, هذه الذوقيات التي تفتح القلوب وتهدم الجدران العازلة بين البشر فيصبحون كما لو كانوا على قلب رجل واحد, وهذا بحد ذاته مقصد تشريعي أصيل من مقاصد شريعتنا الغراء "كمثل الجسد الواحد"
وأما كونه يتعرض لمضايقات أمنية وللحبس, فهذا يعني أنك يجب أن تضعي في حسبانك الاحتمالات الأسوأ : احتمال ان تفقديه وأنت لا تزالين عروساً و أو حاملاً في طفلك الأول, وكم رأيت من هذه الحالات, وكم كانت مآسي أسرية بسبب هذه الملاحقات الأمنية لا أريد من كلامي هذا ان أثنيك عن قرار الزواج به, ولكنني أريدك أن تكوني واعية لكل تبعات الزواج ومسؤولياته, وعندها تختارين على بيّنة.
ثم إنك تحسبين أنه وحتى تبنين بيتاً مسلماً وحتى تستطيعين التفاهم مع زوجك, أنك يجب أن تختاري من يسلك مثلك طريق الدعوة لتستطيعي التفاهم معه في حياتك, ولكن هذا يا عزيزتي لا يستقيم, فلو كان كلا الزوجين يعملان في حقل الدعوة فمن للأطفال والبيت ؟ سيكون كلا منهما منهكاً مشغولاً دااااااااائماً, فكيف سيقومان بأداء حقوق بعضهما, بل كيف سيقومان بأداء حقوق أطفالهما
ما أعرفه من حالات دعوية ناجحة, هي تلك التي كان أحد طرفيها فقط هو المنهمك في أعباء وأعمال الدعوة, أما الآخر فقد يكون له دوره الدعوي البسيط, وقد لا يكون لتفرغه للبيت وللطرف الآخر وللأولاد
وهذا لا يتحقق إلا باتفاق الطرفين ومنذ بداية اختيارهما لبعضهما على التضحية والبذل والعطاء لأن الدعوة كما تعلمين الدعوة تحتاج إلى الكثير من البذل والتضحية والعطاء والزوجة حين تضحي بزوجها لأمتها ودينها فستكون شريكته في كل الأجر الذي يعطيه إياه الله عز وجل والزوج كذلك وهذا كله يحتاج إلى اتفاق منذ البداية لتستقيم الحياة , فلي من الدين في شيء أن يجد الأطفال أنفسهم بلا أب ولاأم لأن كلا منهما مشغول بالدعوة فـ"كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول"
أرجو أن أكون قد وُفّقت لإضاءة بعض الجوانب التي كانت مظلمة لديك وأرجو أن لا تنسي من متابعة هذا النقاش في هذا الموضوع المهم جدا ,لأرى أفكارك وانطباعاتك ووجهة نظرك خصوصاً وأن هناك بعض جزئيات إجابتي قد بنيتها على تخمينات مني
وفقك الله لاتخاذ القرار السليم وإلى ما يحب ويرضى وادعي بهذا الدعاء: "اللهمّ أرني الحق حقاً وارزقني إتباعه, وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه" .
وهذه بعض الروابط لاستشارات سابقة ستفيدك بإذن الله في هذا ..
اختيار شريك الحياة : هل من ضابط ؟
على مائدة الاختيار : العقل والعاطفة.
أريد حلا ؟؟ : أيزو الزواج !
التضحية في الزواج...ما هي الضوابط؟
عصفور النور: جناح المتعة وجناح المسئولية.