ملحد... ملحد! المهم أن تعالج
ملحد... ملحد! المهم أن تعالج مشاركات
أساتذتي الكرام، أصدقائي الأعزاء السلام عليكم،
في الحقيقة لم تصدمني أو تستفزني رسالة الأخ العزيز وإعلانه أنه ملحد، لأني صادفت الكثير من الشباب (والمراهقين للأسف) يعلنون نفس الإعلان، كما أن هناك موقعا ضخما على الانترنت يحتضنهم وينشر الأفكار ويدعمها.
لا يجب علينا الآن أن نندهش ونصب جام غضبنا على صديقنا العزيز، ولكن يجب أن نتساءل أين المشكلة (لأنه بالتأكيد هناك مشكلة وخلل خطير) لنتناول (كما تعلمنا من أساتذتنا) أصل المرض ولا نركز اهتمامنا كله على الأعراض.
السبب في رأيي المتواضع يكمن في الآتي:
- أن الأطفال (خاصة المسلمين) يولدون وهم مسلمون طبعا والحمد لله ولكنه يجد أباه أو أمه لا يعلمانه شيئا عن دينه، وإذا قاما بتعليمه فإنهما يعلمانه (الصلاة، الصيام، قراءة القرءان) أي ممارسة شعائر الإسلام، ولكنهما لا يعلمانه ما هو الإسلام لا يوضحان له عظمة هذا الدين، وفائدة الصلاة والصيام والقرءان، فهو لا يعرف عن إسلامه إلا أنه ولد وهو يحمل في شهادة ميلاده لقب مسلم، وتمر المشكلة بسلام إلى أن يدخل مرحلة المراهقة.
- تبدأ في مرحلة المراهقة (وأساتذتي في علم النفس وخاصة الدكتورة داليا مؤمن التي درستني المراهقة أعلم بذلك مني) يبدأ المراهق في التفكير في كل شيء حوله ويبدأ في البحث عن هويته ويحاول أن يفسر ويفهم كل ما حوله، وغالبا فإن أفكاره في تلك المرحلة لا يوقفها حد.
- عندما يبدأ تفكيره بالاتجاه ناحية الدين (وكثيرا ما يمر في تلك المرحلة بفترات من التدين الشديد) لا يجد من يشرح له الإسلام كدين ولكن يجد من يقول له إن لم تفعل كذا ستدخل النار ستعذب في القبر، ستخلد في النار، ويجد قلة يقولون له عن الجنة ونعيمها.
- مشكلة الشاب في تلك المرحلة أنه لم يعتنق الإسلام اقتناعا (كما فعل المسلمون الأوائل) بل ورثه (إن جاز التعبير) لأن جيل الآباء (ليس كلهم بالطبع) لا يحاولون أن يفهموه الدين وعظمته، وهنا يحدث إما أن يتجه هو نفسه للبحث في الدين ويبدأ في قراءة الكتب والاستماع إلى الشرائط والمشايخ إلى أن يقتنع، أو يظل على حاله.
- المشكلة في الحالة الأولى أنه في رحلة البحث تلك لا يستطيع أن يفرق بين المصادر، بين الحقيقي منها والزائف فقد يصبح متطرفا، وقد يقع على كتب مليئة بالإسرائيليات، أو (للأسف) يقع على موقع مثل الذي تحدثت عنه في البداية فيتلقفونه هناك (وهم خبراء في اختيار الهدف) ليبدؤوا بإقناعه بأفكارهم بشكل أفكار مرتبة توضح له المزايا، وتسرد له أسباب اعتناقهم للمذهب (إلحاد، أو لا دين،...... الخ) ومن ناحية أخرى يبدؤون في إقناعه بأن الدين الذي يعتنقه (أي دين سماوي) ملئ بالعيوب) ويبدؤون بإقناعه بل ويجلبون له أمثلة من القرآن أو الإنجيل (وطبعا معروفة طريقتهم في فعل ذلك)، فيجد الشباب نفسه أمام من يظهر له احتراما لعقله ويحاول أن يقنعه بأفكار مرتبة (وهو الموقف الذي لم يتعرض له من قبل) فيقتنع بتلك الأفكار العظيمة (في نظره) ليعلن نفسه ملحدا أو لا ديني.
- وقد مررت أنا بتلك المرحلة (وكنت من النوع الأول الذي يبحث ويطلع) ولكن والحمد لله لم أكن على صلة كبيرة بالانترنت، كما أن عمي (رحمه الله) فطن لحقيقة المرحلة وبدأ يتحدث معي وبدأ يحضر لي كتبا (موثوقا منها ومن مصدرها) أي أنه عاملني كما عامل المسلمون الأوائل في مرحلة الدعوة الأقوام الذين كانوا يدعونهم للإسلام، ولم يكن يذكر لي العذاب والعقاب إلا في مرحلة متأخرة.
أعتذر عن التطويل
وأرجو التصحيح إذا كان هناك أي خطأ.
20/5/2006
رد المستشار
الابن العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على مشاركتك القيمة، أنا متفق معك في أهمية ما ذكرت من نقاط في إيصال الحال إلى ما هو عليه إلا أنني أرى أن ما ذكرته جزءٌ فقط من الحقيقة فهناك أسباب أخرى ربما تكونُ أعمق تأثيرا منها ما آل إليه حال الأمة الإسلامية كلها من ضعف وتحلل بحيث لم يعد من المصدق عند كثيرين من شبابنا أن لدى هذه الأمة أو كان لديها ما هو جدير بالاحترام.
ومنها أيضًا ثورة الاتصالات وإتاحة أو قل سيولة المعلومات والصور والقيم، وهو ما يدعم فراغ حياة كثيرين من المعنى، وفي مجتمعاتنا -وغيرها من مجتمعات أو هشيم مجتمعات العولمة- يربك غياب المعنى الشاب خاصة في مرحلة المراهقة أيما إرباك، فتجده فريسة سهلة للكفر بكل شيء وإنكار وجود الخالق المدبر سبحانه وتعالى.
ومن الأسباب أيضًا شيوع الفكر المتزمت بين كثيرين من المتدينين خاصة في مواجهة الوجه الإنساني (الكاذب أو الخادع) الذي تظهره آلة الإعلام والثقافة الغربية ففي الوقت الذي يجد الشاب فيه نفسه بين فلقي الرحى فيما يتعلق بما أشارت إليه ابنتنا صاحبة مشاركة اعترافات فتاة حول هواجس الحب والنقاب، حين قالت بكل صدق وروعة في الوصف (حياتنا بين مد وجزر، بين رادع الدين، ودافع الغريزة، رادع الدين لا يعززه إلا الخوف من الله، ودافع الغريزة يعززه في اليوم ألف معزز... ولذلك نحن في صراع مستمر..)، في مواجهة ذلك يقف كثيرون من الدعاة المتشددين فالحين فقط في التنفير من الدين واقرأ مثلا على ذلك في حكاية الجماعة الأدبية، ولعل هذا أحد أهم أسباب نشوء ظاهرة الدعاة الجدد خاصة المتسامحين منهم وهم كثر بفضل الله، إلا أن تيار إفساد العقول والقلوب المجابه لهم يصل ما يزال قوي التأثير.
أحسب أنني قد لمست بعض النقاط -وليس كلها- التي جعلت شيوع فكر لا ديني في مجتمعاتنا ممكن ولا أخفيك أنني تألمت كثيرا لسماع بعض هؤلاء اللا دينين من مرضاي وأصدقائي القدامى من أيام الجماعة الأدبية، وطلبت مني الكتابة عن تلك الخبرة على موقع عشرينات ولكنني تجنبا للألم لم أكتب
هيه يا ابن عباس..... الموضوع شرحه المؤلم يطول وأنا والله جد مشغول، سعدنا بك وبمشاركتك، وأرجوك دقق لغويا فيما تكتبه لمجانين كي لا تتعبني في التصحيح، وأهلا بك دائما.