صالون خليل فاضل الثقافي
صالون خليل فاضل الثقافي الواحد والعشرون الجمعة 29 ديسمبر 2006 7 مســـاءاً
خاتمة:
الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية كانت دوما هي تلك المنعطفات الحاسمة التي غيرت ملامح الإنسان ورؤيته للوجود وأشكال تذوقه للحياة. فمن الثورة الزراعية إلى الثورة العلمية (عصر النهضة الأوروبية) إلى الثورة الصناعية (القرن التاسع عشر) إلى الثورة الرقمية (أواخر القرن العشرين)، كانت علاقات الإنسان بذاته ومحيطه تتغير. فكل مرة تغيرت فيها أدواته يجد نفسه قد تغير معها في نهاية المطاف سعيا للتكيف مع البيئة الجديدة والمعطى الجديد.
لكن تكييف الفيديو كليب كمعطى جديد في ثقافة التلقي البصري للموسيقى مع الواقع العربي لم يستلهم هذه القاعدة، على ما يبدو. فالفيديو كليب العربي استورد، عن جهل، ك"تقنية بصرية" جديدة في عالم التصوير الغنائي لغرض "ترويج" الأغنية في السوق. ولم يتم الانتباه إلى انه تم استيراده ك"أيديولوجيا" أمريكية لغرض "تثبيتها"، عن جهل كالعادة، في رؤوس أبناء الأمة العربية.
الإعلام العربي بين العوربة والعولمة ـ د. فيصل القاسم
قلت في مقال سابق لي بعنوان "العوربة تصرع العولمة بأدواتها" إن "العوربة" الإعلامية انتصرت مرحلياً على العولمة، من حيث إنها وحدّت الشارع العربي على الأقل وجدانياً وسياسياً ضد السياسات الغربية الجديدة شبه الاستعمارية، ووسعت الاهتمام بقضايا العرب الرئيسية من المحيط إلى الخليج، وصهرت الهموم السياسية العربية في بوتقة واحدة. لكنني أود أن أوضح في هذا المقال أن نجاح العوربة كان سياسياً فقط. أما ثقافياً، وهو الأخطر والأهم، فقد راح الإعلام العربي يلعب دوراً عولمياً واضحاً، بحيث أصبحت بعض وسائل الإعلام العربية، من سخرية القدر،السلاح الأمضى في أيدي سادة العولمة لنشر إنجيلهم العولمي عربياً وصهر العرب في البوتقة الغربية. أي إننا نتعولم "من كيسنا". فقد ترافق التضاد السياسي بين الغرب والعرب مع تهافت ثقافي عربي كاسح على منتوجات العولمة الإعلامية الغربية.
تبدو بعض الفضائيات العربية العاملة في مجال الترفيه مثلاً غربية في كل شيء، إلا في اللغة فقط. صحيح أن مادتها هي المذيع أو المذيعة العربية التي تستعمل اللغة العربية، لكن تلك الفضائيات غربية الهوى والشكل والمضمون قلباً وقالباً. هل تختلف مذيعاتنا العربيات اللواتي يتصدرن واجهات الفضائيات العربية من حيث الشكل عن المذيعات الغربيات؟ بالطبع لا، فهن نسخة طبق الأصل عن نظيراتهن في الغرب.
لا بل إن بعض المذيعات العربيات يزايدن من حيث المظهر على المذيعات الغربيات. وقد اختفت المذيعة المتدثرة باللباس التقليدي، كي لا نقول الإسلامي، خاصة أن بعض الفضائيات العربية تحارب المذيعات المتحجبات وتصدر الفرمان تلو الآخر لمنعهن من الظهور على الشاشة بالحجاب. وغدت المذيعة المتحجبة هي الاستثناء. وهذا بحد ذاته انتصار ساحق للتغريب على صعيد الشكل.
ولو اقتصر التهافت على مظهر المذيعين والمذيعات لهان الأمر، لكن التعولم انسحب على طبيعة البرامج العربية ومحتوياتها، فأكاد أجزم أن السواد الأعظم من برامج المنوعات والموسيقى والمسابقات والترفيه هو استنساخ أعمى للهياكل الإعلامية الغربية. فقد استسهل القائمون على وسائل الإعلام العربية الأمر وراحوا يتبنون الأشكال والصيغ الإعلامية الغربية بشكل أتوماتيكي.
صحيح أنه ليس لدينا تراث إعلامي عربي يمكن الاعتماد عليه للتنافس، على عقول وقلوب الجماهير. وصحيح أيضاً أن الأنظمة العربية الحاكمة أخصت الإعلام وحولته إلى أبواق للتطبيل والتزمير لهذا الحاكم أو ذاك، وبالتالي تقوقع الإعلام العربي في قوالب جامدة ومحدودة، لكن كان من الممكن استنباط برامج وصيغ وأشكال ومواد إعلامية ذات هوية عربية بدلاً من الاعتماد الكلي على الهياكل البرامجية الغربية.
وأنا هنا لا أدعو إلى نبذ الأساليب الإعلامية الغربية، فهي رائدة بكل المقاييس وتـُحتذى في كل أنحاء العالم، لكن لا مانع من أن يكون لدينا ثقافتنا البرامجية الخاصة للتنويع على الأقل، إذا كان لنا ألا نذوب تماماً كحليب "النسلة" في بحر العولمة الإعلامية الغربية. ولو ظل الاستنساخ محصوراً في دائرة الصيغ والأطر لقلنا إن تركيبة البرامج الغربية مغرية ومن الصعب مقاومة اقتباسها، لكن المشكلة أننا بتنا نعالج قضايانا السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية من منظور غربي.
فالبرامج الإخبارية السياسية مثلاً غدت نسخة طبق الأصل عن البرامج الغربية ذات الشكل الديمقراطي من حيث تناول الموضوعات، وهو بلا شك شيء رائع، لولا أن تركيبة مجتمعاتنا وأنظمتنا السياسية والثقافية والذهنية تركيبة شمولية استبدادية متخلفة، بحيث تبدو البرامج العربية ذات الصبغة الديمقراطية غير متماشية مع الجو العربي العام، كمن يلبس بنطالاً قياس خصره أربعين بينما حجم الخصر أقل من ثلاثين.
بعبارة أخرى قفزنا إلى الديمقراطية إعلامياً دون أن نمر فيها عملياً. ولم لا، فالرمد يبقى أفضل من العمى. وأرجو أن نترجم تجاربنا الإعلامية الديموقراطية يوماً ما إلى واقع ملموس بحيث لا تبقى حبيسة الشاشات. ولعل التعولم الإعلامي على صعيد البرامج السياسية إذن ثمرة طيبة من ثمار العولمة.
وما ينسحب على البرامج الإخبارية ينسحب أيضاً على البرامج الاجتماعية والثقافية، فقد وصل الأمر ببعض التلفزيونات العربية إلى تناول قضايا اجتماعية في غاية الحساسية في مجتمعات ما زالت تعيش في غياهب القرون الوسطى، مما شكل صدمة كبرى للكثيرين. بعبارة أخرى رأينا التعولم الثقافي والاجتماعي على الشاشة قبل أن نلمسه على أرض الواقع، مع الاعتراف طبعاً بأن الغزو الثقافي العولمي اجتاح بعض مجتمعاتنا كالسيل العرم، وبات معظم شباننا وشاباتنا أقرب إلى النموذج الغربي منه إلى النموذج العربي والإسلامي، في المأكل والملبس والتفكير والتصرفات.
وحدث ولا حرج عن البرامج الترفيهية والموسيقية التي تجتاح شاشاتنا اجتياح النار للهشيم، فقد ترسخت لدينا في السنوات العشر الماضية مثلاً ثقافة الفيديو كليب الغربية بتأثيراتها ومضاعفاتها المتشعبة، فهي ليست مجرد تصوير فني لأغنية، بل لها آثار رهيبة. فعلى المستوى الفني أصبحت أغانينا الجديدة نسخة طبق الأصل عن الأغاني الغربية باستثناء لغتها، والألحان غدت مجردة من نكهتها العربية، وأمست مجرد إيقاعات راقصة خالية من أي طرب عربي أصيل.
أما على المستوى الثقافي فقد كرست ثقافة الفيديو كليب تسليع المرأة على الطريقة الغربية، بحيث غدت الفتاة العربية، حسب النظرة الفيديوكليبية الجديدة، مجرد سلعة للعرض والبيع والمتعة. وقد ترجموا ذلك على أرض الواقع إلى تجارة الجنس السياحية، بحيث غدا الجنس أحد أهم عناصر الجذب السياحية في بعض البلدان العربية، تماماً كما هو الوضع في الغرب.
أما على مستوى الزي، فقد كانت ظاهرة الفيديو كليب القناة التي مرروا من خلالها ثقافة الأزياء الغربية ورسخوها لدى الجنسين في العالم العربي. ومما زاد في تكريس صرعة الفيديو كليب هذا الانتشار الرهيب للفضائيات الغنائية التي أصبح عددها بالعشرات والتي تتفنن في استنساخ البرامج الموسيقية والغنائية الغربية التي لها تأثير على الجيل الصاعد أكثر من أي شيء آخر، وذلك حسبما نراه من إقبال على الاشتراك فيها ومتابعتها والتصويت للمشاركين فيها.
ولعل إحدى إيجابيات تلك البرامج الغنائية ذات الطابع الغربي أنها أدخلت لنا الديمقراطية عن طريق الغناء، حيث بدأت الجماهير تشارك في عمليات التصويت الحقيقية لهذا المشارك أو ذاك، وتـُنجح متسابقاً وتسُقط آخر بالاقتراع الحر، بدلاً من البصم بالعشرة لهذا الزعيم أو ذاك بكلمة "نعم" في استفتاءات مفبركة من رأسها حتى أخمص قدميها في أقبية وزارات الداخلية العربية المظلمة.
لكن هذا لا ينفي الحقيقة المرة، وهي أن هذا العدد الهائل من الفضائيات الغنائية تغريبي بامتياز، ولا يوجد له مثيل في أي ثقافة أخرى، وكأنه مطلوب منا أن نتحول إلى أمة من الراقصين والراقصات. وهو أمر ألمح إليه البروفسور والإعلامي الأمريكي المعروف عبد الله شلايفر حيث قال : "إن التأثير الإعلامي الأمريكي حوّل العرب إلى أمة من الراقصين على طريقة مايكل جاكسون".
وفي هذا السياق يذكرنا الكاتب صالح الراشد في مقال طريف بعنوان: "من يقود الشارع: هيفاء وهبي أم الإسلاميون؟" بالحفلة التي أحيتها الفنانة اللبنانية في سلطنة عمان ضمن الحفلات الغنائيّة لمهرجان مسقط 2006، وحضرها أكثر من مائتي ألف شخص، وقد بدؤوا بالتوافد إلى الشاطئ قبل ساعات من بدء الحفل، ولم يتمكن عشرون ألفاً آخرون من الدخول إلى الشاطئ بسبب الكم الهائل الذي أتى لمشاهدة الحفل.
هذا الخبر في تقدير الراشد "يحمل الكثير من المؤشرات، التي تؤكد أن ثمة أغلبية تتزايد في الشارع العربي، تمردت على الخطاب التقليدي، أو أنها لا تحفل به، هذه (الأغلبية) هي الآن (صامتة) وغير فاعلة (سياسياً) في الوقت الراهن، لأن جلهم من صغار السن، بينما أن هذه الأغلبية ستكون مؤثرة وطاغية مع مرور الوقت، من حيث الفعل والتأثير السياسي والاجتماعي".
ويمكننا من خلال هذه "العينة المختبرية هنا أن نستشرف المستقبل، وأن نتنبأ بتطورات الأوضاع الثقافية والسياسية، واتجاهات الأمزجة اجتماعياً، على اعتبار أن مثل هذه الكتل البشرية، التي زحفت بهذه الأرقام الكبيرة لحضور هذا الحفل الفني عندما نقيسها بالقياسات العلمية، تعتبر تعبيراً دقيقاً عن اتجاهات (مزاج) الشارع العربي؛ هذا ما يؤكد المتخصصون في سبر التطورات الاجتماعية وقراءة مدلولاتها.
وعلى هذا المنوال لنفترض أن نفس النجمة هيفاء وهبي أحيت حفلة مماثلة في (الرياض) عاصمة السعودية، وفي الوقت ذاته ارتص كل (نجوم) الصحوة السعوديون في محاضرة (وعظية) أو تثقيفية، فكم سيحضر هنا وكم سيحضر هناك؟، لا أعتقد أن ثمة مقارنة!"
وما ينطبق على البرامج الفنية ينسحب على برامج المسابقات التي تنتشر على شاشاتنا ليل نهار، وهي ليست مجرد مشاركة أو فوز في مسابقة، بل جزء لا يتجزأ من عملية التسليع الإعلامية والاجتماعية والثقافية العولمية الساحقة.
زد على ذلك أن بعض الجهات العربية تبرعت بنشر الثقافة الغربية صباح مساء من خلال تخصيص العديد من الفضائيات لبث الأفلام والبرامج الأمريكية على مدار الساعة وترجمتها. ويجب أن لا ننكر أن بعض تلك القنوات استطاعت كسب السواد الأعظم من المشاهدين من فئة الشباب العرب.
ولا داعي للتذكير بأن المجلات ذات الألوان المصقولة والمحتوى السخيف باتت تكسو رفوف المكتبات في بلادنا العربية وتبيع من النسخ أكثر مما تبيع كل الجرائد السياسية والدينية والثقافية مجتمعة. والمشكلة في هذه المجلات أنها، كالفضائيات، تغربت بشكل أعمى، فلو أن مجتمعاتنا العربية وصلت إلى ما وصل إليه الغرب من تقدم صناعي واجتماعي وثقافي، لقلنا لا ضير في وجود تلك المجلات على اعتبار أنها "استراحة محارب"، لكننا لم نحارب، وما زلنا نعيش في الحقبة ما قبل الصناعية بينما تجاوزنا الغرب إلى حقبة ما بعد التصنيع. وبالتالي فإن إصدار مجلات على الطريقة الغربية يكاد يكون أشبه بأكل القشرة وترك اللب.
لا أريد أن يفهم أحد من هذا المقال أنني أدعو إلى مقاومة العولمة الإعلامية، فهذا لا يفعله إلا الدونكيشوتيون المحاربون بسيوف خشبية. لكنني أريد ترشيد التعولم وتسخيره لمصالحنا كي لا نصبح مثل الغراب الذي حاول تقليد مشية الحجلة، ففشل في تقليدها ثم نسي مشيته.
فتيات الفيديو كليب.. وأخلاقيات العري الزائد..!!
باسمة محمد حامد ـ سوريا
أعتقد أننا نعيش في زمن اختلفت فيه كل القيم.. فما كان حتى عهد قريب يعتبر عيبا.. أصبح الآن عاديا بمقاييس العالم الجديد.. فقد أصبح العري الزائد بوابة الباحثات عن الشهرة في عالم الفن اليوم.. وتشجيعا على المزيد من التعري أنشأت قنوات فضائية خاصة ببث الأغاني (العارية) من ورقة التوت ليس فقط من ثياب المغنيات وإنما من اللحن والكلام والأداء والحضور وأي مقياس آخر للأغنية الجميلة.. وانحسر تنافس فتيات الفيديو كليب بمدى نجاحهن في إثارة الغرائز وإبداء الجزء الأكبر من أجسادهن المتراقصة على وقع كلمات بذيئة سوقية ولحن رديء ومساهمتهن في انحطاط مستوى الأغنية..
الكاسيات العاريات في زمن الفضائيات حولن الغناء إلى عروض أزياء وإظهار المفاتن والحركات المبتذلة والرقص الغرائزي!!
.. وبدت المعادلة سهلة وواضحة جدا للفتاة الباحثة على الشهرة والنجومية.. إنه الغناء باللحم لا باللحن يا سادة.. نعم إنه العري أولا و أخيرا! فالاحتشام لا يضع المطربة على طريق الشهرة حتى وإن كان الصوت جميلا كما تؤكد المغنية المصرية غدير حيث تقول: ((اللي تقلع اكتر تنجح اكتر!!.. لم يعد الغناء بمفرده يحقق نجاحا مع جمهور الشباب خاصة بين الفنانات الجدد، ولا بد أن يكون هناك بعض من العري حتى يقبل الشباب على مشاهدة الفيديو كليب.. وجمهور الشباب لا يحب إلا الأغنيات التي تغنيها مطربة مثيرة، أما غير ذلك فهو يغير المحطة على الفور ويبحث عن مطربة أخرى أكثر إثارة، وأنا لا اعرف سببا في مهاجمة المطربات المتحررات.. فلو صورت كليب وأنا محتشمة فلن يراني أو يسمعني احد))!!
وتشهد الساحة الغنائية أعدادا متزايدة من الباحثات عن الشهرة والمال، والتقنيات الصوتية الحديثة كفيلة بتنقية الصوت وتحسينه حتى ولو كان أشبه بثغاء الماعز أو نهيق الحمار أو خوار البقرة!! والقنوات الفضائية تفتح أبوابها لكل من هب ودب إلى عالم (العري كليب) وتتبارى فضائيات عربية عديدة في تقديم كل ما هو جديد في الرقص والخلاعة والأغنيات الهابطة في الشكل والمضمون.. وتتسابق في ما بينها لبث ثقافة المصاصة والعلكة والمايوه والبكيني دون حياء أو مراعاة للذوق العام..! بل تخصص برامج بأكملها لاستضافة بطلات العري والإباحية والملابس الساخنة على أنهن الشكل الحضاري المشرق للثقافة العربية الجديدة!!
ولكن الغريب العجيب واللافت حقا في كل ما يحدث من هبوط وإسفاف في مستوى الأغنية هو أن الكثير من مغنيات الفيديو كليب اليوم متورطات في فضائح أخلاقية ويتباهين أمام الإعلام بالانحدار الأخلاقي المريع الذي يتمتعن به.. فلا تخجل إحداهن من الاعتراف بأنها سارقة بل تتشدق بالفم الملآن أنها مشغولة بالتحضير لأغنياتها الجديدة ولا يهمها ما تقوله المحاكم!!.. وها هي واحدة أخرى تدعى نيللي مقدسي تعترف لمجلة التايم الأمريكية أنها قامت بتصوير أفلام إباحية مع مشاهير الأفلام الإباحية الأمريكيين قبل احترافها للغناء..!! وعندما سألها الصحفي الأمريكي عن سبب قيامها بتصوير تلك الأفلام رغم ما هو معروف عن تمسك العرب بالقيم؟ ردت بالقول إن ما قامت به تعتبره ((على سبيل التمثيل)) وهذه الأفلام تدخل في نطاق العمل الإغرائي ودافعت عن توجهها ذاك بالقول أن هناك فنانات شهيرات عربيات قدمن تلك الأفلام وقد رفعهن الجمهور إلى سماء الفن العربي.. وعما إذا كانت ستقبل تمثيل أفلام إباحية مجددا أجابت: أنها ستدرس العروض التي ستأتيها وستوافق عليها مهما كانت تحويه من آثار.. والجمهور العربي سيتعامل معي بشكل عادي لأننا:
((نعيش في عصر الفضائيات وهذه الأمور لم تعد مخجلة كما كانت في الماضي))..!!
أما المغنية المصرية روبي –الزبونة القديمة في المحاكم المصرية- والتي اشتهرت برقصها الفاضح والمثير للغرائز في أغنيتها الثانية.. ظهرت في كليب أغنيتها الأولى تسير في الشارع وهي ترتدي بدلة رقص!! وقد أثارت تلك الأغنية حنق الجماعات الإسلامية في مصر مما أدى إلى اختطافها وضربها ضربا مبرحا وتهديدها بالقتل إن هي واصلت تقديمها لهذا الشكل المستفز من الفن الرخيص.. والمدهش حقا هو إصرارها بعد الحادثة على تقديم الأسلوب المبتذل ذاته في الغناء المثير نكاية بالمجتمع والتقاليد والمحافظين والجماعات الإسلامية!!
على ما يبدو.. وبفضل ثقافة الفيديو كليب.. يحق لنا أن نتساءل اليوم عن طبيعة الواقع الأخلاقي الجديد الذي يفرض علينا كشر لا بد منه بأشكال مختلفة –وبداعي التحرر والانفتاح-؟؟!
ويبرز السؤال الأكثر إلحاحا هنا:
- ما مدى أهمية حماية الذائقة الغنائية العربية من التدهور مقابل التركيز على آثار الإسفاف و الانحلال الذي تسببه فتيات الفيديو كليب لدى المراهقين والشباب؟؟!
- من يحمي الذائقة الاجتماعية والأخلاقية من اللواتي يتمردن على العادات والتقاليد والأخلاق بشكل سافر ليس من خلال ما يقمن به من إهانات يومية لجسد المرأة فحسب.. بل ومن خلال ما يتفوهن به على الفضائيات من آراء هدامة..؟!
الفيديو كليب (سوق الإيماء الجديد)
قبل الحديث عن الفيديو كليب لابد من مقدمة عن الرقص في حياة الشعوب والذي يمثل صلب الفيديو كليب… لقد عرفت الشعوب الرقص منذ القدم، وهذا ما أكتشفه الباحثون في الآثار التاريخية حيث وجدوا آثار من العصر الحجري ونقوش وتماثيل لأقوام يرقصون…
وجميع الشعوب تتبع الحركات الإيقاعية في الشعر، والموسيقى، والرقص، والتعبد، حيث كان المكسيكيون القدامى يعقدون حلقات الرقص إكراماً لإلهه القمح ،وفي أمريكا الشمالية كانت بعض القبائل تجتمع عند تأخر المطر لترقص رقص جماعياً، وكذلك بعض القبائل في جزر الفيليبين، وجزر بولينيزي، وأفريقيا، ولقد ورد في الأثر أن الأحباش رقصوا في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام بالحراب ،وأجاز النبي عليه الصلاة والسلام الدوف للنساء لإعلان النكاح، والدوف للرجال في حال الحرب وقدوم غائب كما فعل الأنصار عندما قدم عليهم رسول الله ولا ينفرد الإنسان بأداء الرقص بل يشاركه الحيوان في حال التزاوج…
إذاً هو نوعاً من اللهو البريء الذي ينفس عن الإنسان ويدخل البهجة في نفسه، وأنا هنا لست في مقام المحرم له أو المبيح إنما هي مقدمة عن تاريخ الرقص في حياة الشعوب… نعود إلى الحديث عن مادة المقالة لقد تحول الرقص من لهو بريء إلى هواية للمراهقين والمرهقات والبالغين أقيمت له المدارس المتخصصة وأصبح نوعا من الهوس والجنون والفجور ولعل آخر صيحات هذا الجنون الفيديو كليب…
فالناظر لهذا العفن يرى نوعاً من تأجيج الغرائز، ومسخ لهذا الكائن البشري وتحويله عن هدفه الذي خلق له إلى نوع من التشيىء كأي شي مستعمل يرمى عند الانتهاء منه… وعند النظر إلى هذه المادة التي يعتمد مخرجوها على مجموعة من المرهقات وإخراجهن شبه عاريات إلا من ملابس تخفي القبيح وتظهر الفاتن بل في بعض الحالات تكون الملابس أجمل من مرتديتها ولقطات سريعة تصيب بالدوار تنتقي أجملهن وفي مواضع معينة… ليمارس هنا المراهق خياله المريض ويطلق غرائزه التي لن يرويها البحر ولو شربه ولن أطيل في شرح هذه المادة القبيحة التي تخدش الحياء بل تقتله……
والعجيب ليس ما يمارس هؤلاء بل العجيب هو السكوت عنه ولا ترى إلا بعض المقالات والمقابلات على استحياء تناقش هذا العهر، والله أنه نوعاً من سوق الإماء في هذا العصر الذي يدعي منظروه تحرير الإنسان من التخلف… لكن ما هو موقف مثقفي هذه الأمة وعلمائها من هذا الفجور لا أحد يتطرق له من قريب أو بعيد…
أني أطالب من هذا المنبر وقف هذا الشر المستطير وإعلان الحرب عليه من كل شرائح المجتمع فأن هذا العفن يهدد كل قيمه من قيمنا ويستهدف فلذات أكبادنا…
ناقشت المخرجة والممثلة الأردنية مارغو حداد رسالتها في الماجستير بالجامعة الأردنية عنوانها "التنميط الجندري في أغاني الفيديو كليب العربية". تناولت هذه الدراسة موضوع التنميط الجندري في أغاني "الفيديو كليب" العربية، وكانت تهدف إلى وصف وتحليل صورة المرأة والرجل في أغاني "الفيديو كليب" العربية والتي تبث على القنوات الفضائية العربية المتخصصة بالموسيقي، كما هدفت إلى تحليل الصورة واللغة والرموز الخاصة بصورة ودور المرأة والرجل في "الفيديو كليب" وطبيعة العلاقة بينهما والرموز والدلالات التي تصاحب ظهور المرأة والرجل في "الفيديو كليب".
ولتحقيق تلك الأهداف، تم إجراء الدراسة على عينة عشوائية بلغ عددها (50) أغنية مقسمة مناصفة بين أغاني يؤديها مطربون ذكور وأغاني تؤديها مطربات، حيث تم اختيار العينة من المحطات الفضائية الخمسة التالية: روتانا موسيقي، ميلودي ارابيا (MELODY Arabia)، مزيكا (Mazzika)، قناة نجوم، ميوزيك بلس (Music Plus) التي شكلت مجتمع الدراسة، اعتمدت الدراسة المنهج الكيفي، وبالتحديد الأسلوب السيميائي (semiology) في تحليل صورة المرأة في أغاني "الفيديو كليب" وتحليل المحتوى في الحالات المتعلقة بتحليل النص.
وقد توصلت الدراسة إلى أن هناك صورة نمطية تقدم من خلال "الفيديو كليب" عن المرأة والرجل، كما توصلت إلى أن الرموز والدلالات التي تصاحب ظهور المرأة والرجل في "الفيديو كليب" تركز على إيحاءات جنسية صريحة، وعلى أن علاقة الرجل بالمرأة في "الفيديو كليب" هي بين محب وحبيب، وأن الأدوار التي يؤديها الرجل والمرأة في "الفيديو كليب" تركز فقط على الجانب العاطفي كعاشقة وعاشق. ولقد لوحظ إلى أن هناك صورة نمطية تقدم عن المرأة والرجل من خلال تحليل الكلمات، ظهور نمط جديد في أغاني "الفيديو كليب" وهو ظهور الهوية الجنسية المثلية بالإضافة إلى الهوية الذكورية والأنثوية التقليدية، وجد أنه يتم التركيز على مناطق الإثارة من أجزاء الجسد المختلفة للمرأة، بالإضافة إلى ذلك لوحظ ظهور نمط جديد من الموضوعات التي تركز على جرائم الشرف ولوحظ استخدام الفتاة المراهقة في "الفيديو كليب"بدور العاشقة وهو دور مبكر لفتاة في هذا العمر.
سبب اختيار هذا الموضوع ازدياد استخدم المرأة في "الفيديو كليب"، بشكل ملحوظ حتى أصبح من النادر أن تخلو أغنية من وجود امرأة مما يشكل دعما للنموذج النمطي. أهمية الدور المفترض "للفيديو كليب" في عملية التأثير على التكوين الثقافي للشباب والشابات، خصوصاً مع ظهور النمط التفاعلي الذي يمكن المشاهدين من إرسال الرسائل من خلال هذه المحطات والتي تظهر على الشاشة ويمكن مشاهدتها من قبل الآخرين، أو ما يطلق عليها sms.
وتأتي أهمية هذا الدراسة من الدور الذي تلعبه وسائل الاتصال المرئية خاصة في نشر القيم الثقافية التي تكرس صورة المرأة النمطية في المجتمع وبالتالي تقليص مساهمتها في نواحي الحياة المختلفة
اقرأ أيضاً :
الأبعاد النفسية للحرب السادسة / سيكولوجية الضرب بالجزمة / خيانة المثقفين ... سيكولوجية خاصة