كنت قد قطعت عهدا على نفسي منذ زمن إلا أكتب عن أي شيء يخص سياستنا الرشيدة من قريب أو بعيد وأن أتوقف عن الحديث عن الحال والأحوال ليس خوفا من بطش أو عدوان وليست هذه شجاعة مني ولكنه اطمئنان من حكمة ألي الأمر في مصرنا الحبيبة ففكرة أهل الحكم في وطننا السعيد مبنية على حكمة واحدة (دع من يتحدث ليتحدث وليبحث عن من يستمع إليه)، ولكن ماذا نقول والنفس أمارة بالسوء، فقط أشفق عليها من هذا الحديث المثير للشجون.
لقد حاولت قصارى جهدي أن أكون كما يريدني الآخرون... أعيش وأربي العيال أنشغل بهمومي الصغيرة، أشيح بوجهي عن كل ما هو مؤلم وفي الليل أنام مرتاحة الضمير وقد أوهمت نفسي بأنني قد بذلت كل ما أستطيع، ولكن وآه من لكن هذه فهي سبب كل بلاء؛ فكلما نظرت إلى الوجوه البائسة والأحلام الصغيرة التي لا تتعدى الستر بأي حال من الأحوال! وبالرغم من ذلك ضاعت وسط طوفان الفساد.
وطن أصبح يضن على أبنائه برغيف خبزا نظيف وكوب ماء لم تلوثه مياه الصرف الصحي وطعام لم يرش بمبيدات مسرطنة؛
أحلام بسيطة في زمنا توحش ووطن أصبح يدار بمنطق التكية لا مكان فيه للفقير الذي يسحق تحت عجلات هذا النظام المترهل الذي أسلمنا لسلسلة من الكوارث لا نكاد ننتهي من أحدها إلا وتلحق بها الأخرى وأحيانا ما تتزامن عدة مصائب في نفس الوقت لتنهال على هذا الجسد المنهك المثخن بالجراح... وبرغم كل هذا ننام مستريحي الضمير زاعمين لأنفسنا أننا قد أدينا كل ما علينا.
فنم يا أخي إن استطعت قرير العين
واقرأ أيضًا:
اللقب إنسان / التفاصيل الصغيرة / مصدر كل الشرور