إنها نفس النظرات القاسية اللامبالية، أعرفها وسط آلاف العيون مهما تغير الزمن، مهما كبر السن وضعف النظر، ما زالت لها نفس القسوة تمتلك هذه البرودة التي تجمد الدم في العروق ما زلت أخشاها رغم مرور كل تلك السنوات ما زلت أشعر في مواجهتها بأنني طفلة صغيرة تحتاج الحماية.
ما زالت تربكني تقتحمني رغم محاولتي المستميتة لإظهار الشجاعة الزائفة فهي الوحيدة القادرة على هتك هذا الستار لأجدني في مواجهة غير متكافئة مع مخاوفي التي ظللت لسنوات أختبئ منها وقد أوهمت نفسي أنني قد برئت تماما لم أعد أخشى نظراتهم الجليدية حتى الأمس.
بالأمس فقط انهارت حصوني هذا السد المنيع الذي أقمته بيني وبين مخاوفي فظهرت الحقيقة جلية للعيان لا أدرى هل التقطتها العيون القاسية؟
أم أنني استطعت أن أقنعها بعكس ما يدور داخلي؟
لم يعد يعنيني أن اهتزت صورتي أمام نظراتهم، ولكن ما يؤلمني هو اكتشافي لزيف شجاعتي!
عادت لي الذكريات المؤلمة حين التقت العين بالعين شعرت بأنها تقول لي لا تتصنعي الشجاعة أعرفك فلن ينطلي علي هذا الوجه الهادئ الذي يخفي خلفه هذا الرعب من مواجهتي سألعب على أوتار ضعفك لأعزف أنشودتي المفضلة.
يطربني أن أراك مرعوبة
انسحبت سريعا بعد أول معركة لي معها، انسحبت فضلت ألا تهتز صورتي أمام نفسي أكثر من ذلك، وتركت خلفا نظراتهم الساخرة وهي تتبعني وصوتها يصرخ في أذني جبانة فاشلة.
واقرأ أيضًا:
التفاصيل الصغيرة / مصدر كل الشرور / حجرة صغيرة تفضي إلى النور