الشمس مصدر الطاقة والقوة والقدرة والحياة، أدركها منذ آلاف السنين أبناء الحضارات القديمة فعبدوها، وكانوا يتصورون ما تعطيه للأرض والإنسان، لكنهم ما كانوا يمتلكون الوسائل الكفيلة بتحويل معارفهم وأحداسهم إلى موجودات مؤثرة في الحياة. ومن الواضح أن الأرض تحمي نفسها من نيران الشمس بما فيها من نسبة عظمى من الماء، وبتقلبها الدائب، كما أنها ابتكرت وسائل خارقة لتحويل النيران إلى مخزون سائل أسميناه النفط، ولهذا فإن نضوب النفط من مستحيلات الوجود الأرضي الذي تتباين بقاعه بقدرات إنتاجه وتخزينه. فأينما توجد الشمس يوجد النفط!!
وكما هو معروف فإن اكتشاف النفط قد قلبَ موازين الاقتدار والتمكن، وحوّل الصراعات المتواصلة ما بين القِوى إلى دائرة مفرغة من التفاعلات المحتدمة، الهادفة للوصول إلى منابعه والسيطرة عليها. وقد لعب كولبنكيان دورا كبيرا وخطيرا في توجيه الأنظار نحو الشرق الأوسط، وخصوصا بلاد الرافدين، يعد أن اكتشف حقل بابا كركر، وكسب نسبة 5% من التعاقدات ما بين الشركات.
ففي ذلك الوقت لم يكن إلا القليلون الذين يدركون ما سيفعله النفط في الحياة البشرية، رغم أن أول اكتشاف له كان في أمريكا، واستخدم للإضاءة والدواء وحسب، لكن أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي أفسد أسواقه. ومع ذلك ما خطر على بال أحد بأنه سيكون نواة الحضارة الجديدة، فما أن انتقل العقل المبتكر من محركات الفحم إلى محركات الديزل والبنزين، حتى انطلقت البشرية نحو آفاق مطلقة من الحركة السريعة والمصنوعات اللامحدودة، لأن النفط أصبح المادة الأولية لما لا يُعد ولا يحصى من المنتوجات المطاطية وغيرها وخصوصا إطارات العجلات.
وعاشت الدنيا حضارة القرن العشرين النفطية، التي تحوّلت فيه مَواطن النفط إلى سوح للثبور، والحروب والنزاعات الهادفة للانفراد بالنفط وأخذه من أهله، ولا تزال اللعبة قائمة وعلى أشدها، لكي يتلهى أهل النفط ببعضهم ويكون نفطهم لغيرهم. وهذا هو جوهر ما يدور في بلدان الشمس الساطعة والنفط الوفير!!
وعاشت بلاد العرب أوطاني المحترقة بنفطها الغزير!!
واقرأ أيضاً:
زويل : إرادة أمةٍ تهزم ويل!! / الغُثاء له جولة وليس له بقاء!! / عدسات الرؤية!! / كلام وسهام!!