قرأت لمفكر عربي راجح، نفيه لمصطلح "رجل دين"، فالدين الإسلامي لا يعرف هذه التسمية، وإنما هي بدعة سلبية لتخريب الدين. وعند تصفح بعض كتب التأريخ لم أعثر على هذا التوصيف، ولو كان موجودا لعثرت على "امرأة دين"، أم أن الدين محتكر من قبل الرجل، وإن كان كذلك فهو ليس بدين!! فالدين هو دين الإنسان!!
"رجل دين"، أو "رجال دين"، تسمية غامضة لا تتسم بالدقة والوضوح، ولا يوجد لها تعريف أو إشارة في القرآن والسنة وعند علماء وفقهاء الدين. فمن أين جاءت، وكيف تصدّرت وسادت القرن العشرين وما بعده؟
لا يمكن الجواب على السؤال بسهولة، لكن الواضح، أن الإسلام قد تعرض لهجمة شرسة وضغط غير مسبوق بعد هزيمة الدولة العثمانية، وتم اختراع المفردات والآليات اللازمة لإضعافه وإدامة ضعفه والاستثمار فيه، ويبدو أن هذا المصطلح هو من سيل المخترعات التي حُقِنتْ في المجتمعات الإسلامية.
فالقول برجل الدين، تعطي الحق للاندساس بالدين وتشويهه وتدميره، وهذا ما يحصل في الواقع المتصارع، والذي يقود مسيرة الويلات فيه مَن يسمون أنفسهم "رجال دين"، فيجيزون لأنفسهم حق التصرف بالدين وإعادة تشكيله وفقا لرؤيتهم ورغبتهم وتصوراتهم المبنية على عاهات باثولوجية، تتسبب في دمارات فائقة التأثير.
فالملقبون برجال الدين، هم الذين يفعلون ما يفعلونه بالدين وبأهله، ويتسببون بضعف الأوطان وخسران الإنسان. فوراء كل سيئةٍ مَن يدّعي بأنه "رجل دين"، وما أدراك مَن هو؟!!
ترى هل سنسمع من الفقهاء والعلماء تعريفا دقيقا لهذه التسمية، أو نفيها وتوعية الناس بضرورة فهم الدين القويم، وعدم الإمعان بالجهل والتبعية للمدّعين بالدين.
الدين روح إنسانية سامية الجوهر نبيلة الفعل صادقة المظهر، وعلى الجميع أن يعمل للتعبير عن دوره في الحياة كإنسان دين؟!!
واقرأ أيضاً:
النفس العدمية!! / التعفن الفكري!! / قراءة سلوكية لعام جديد!! / الإدراك الأرضي!!
التعليق: أستاذنا الفاضل د. صادق .... ذكرتني مدونتك هذه بتعليق سمعته وأنا في السنة الثانية من كلية الطب أي سنة 1983/1982 من واحد من زملائي هو الآن أحد زملائي من الأساتذة.
عندما قال لي يا وائل لا يوجد في الإسلام شيء اسمه رجل دين هذا كلام تليفزيون وراديو (طبعا لم تكن الفضائيات قد بدأت حصارها للبشر)... وقتها اتهمته بالتشدد بيني وبين نفسي لأنه كان ملتحيا .... ثم نسيت الموضوع ....
فإذا بك تذكرني بعد كل تلك السنوات بذكرك لهذه الحقيقة التي لم أكن أهتم كيرا بها فيما مضى من الزمان.... شكرا لك أيها الصادق الرائع.