إغلاق
 

Bookmark and Share

لم أشتم الدكتور وائل مشاركة ::

الكاتب: أحمد الكناني
نشرت على الموقع بتاريخ: 18/11/2006

السيدة أمينة المقدم؛

أحترم وجهة نظركِ، لكنني أعتبر أن القضية ليست جريمة بل أمر يقبل النقاش، ولا أقبل أن أسلم عقلي لشخص يلف مترين من القماش فوق رأسه. أنا لم أقصد الدكتور وائل بكلمة "طيور الظلام"، بل أقصد المتطرفين ذوي اللحى الشريرة والعيون الساخطة على الحياة، الذي يحرمون حتى الهواء بدعوى الفضيلة، مع أن الشعوب المسلمة من أشد الشعوب منافقة أخلاقيّا. ولستُ راقصة أو غيره كي اذكري لي هؤلاء وتربطيهم بالفتاوى، فأنا (بصراحة) لا أقبل الإسلام الذي يجبر المرأة على أن تكون كتلة سواد وأن يتطيّر بتنظيرات اجتماعية متخلفة صارت مسخرة للعالم كله.

أنا أجبت على مقال الأستاذ مسعود صبري، ولكن لم تنشر إجابتي منذ أشهر للأسف. وأظن أن إجابتي لمقالكِ الكريم ستكون بذات المقال الآنف الذكر فأرجو أن ينشر مع جزيل الشكر. زواج المتعة ليس جريمة فهو زواج بعقد وبه مسؤوليّة، وبعدها ماذا تريدين حضرتك من الناس؟ يمكنكِ أن لا تطبقينه، لكن لا يمكنكِ منعه، خصوصا وأنه يرمز لتحضّر الإسلام، وبفعله سيتزوج اثنان بشكل حقيقي لو أرادا تكوين أسرة، وتنحذف مصطلحات "نصيب" من الذاكرة وتبقى "إرادة وقرار" بدلا من زواج عشوائي بين شخصان يتزوجان لجنس ويقامران بحياة ممكنة معا أو لا، بينما يمكنهما الزواج مؤقتا وممارسة الجنس والتعايش لفترة ودراسة كلا للآخر وبعدها يقرران (كأناس متحضرين) إقامة أسرة.

هذا هو المقال:

الزميل الأستاذ مسعود صَبري:
إنَّه لمن دواعي سروري النقاش مع حضرتك، وآمل أن يمتد نقاشنا على شكل حوار ثنائيّ الجانب، مما يسمح للمتلقي بأن يقيم المقارنة المنطقيّة لاستخلاص ما يؤمن به من نتائج. ولذا، أودّ أن يكون هذا الرد فاتحة خيرٍ لنقاش موسّع حول الزواج المؤقت، الأمر الذي سيخولنا لخوض تجربة جديدة في مجانين، وهي تجربة "النقاشات الثنائيّة" التي تستمر عادة (في أغلب المواقع) لشهرٍ كامل. لأجل هذا، كنتُ قد فررتُ أن أدير أسلوب النقاش من المقالة إلى النقاش المباشر، وسأتّبع معالجة كل فكرة على حدةٍ وبنقطة مستقلّة.

أولا:
هناك سوء فهم -عندي على أقل تقدير- بمدى صحة استخدام مفردة "علمي" فيما نتناقش فيه. فإذا كنا نتحدث عن قضيّة دينيّة~اجتماعية فأنني لا أجد أي ترابط بينها وبين العلم أو العلميّة. لا أرى وجه مقارنة بين العلوم والدين، فمن جهة لا يوجد علم يساعد على اختيار النظام الأخلاقي الأمثل للفرد مثلا، ولا يوجد تأثير مباشر لعلم على المذاهب السياسيّة أو الأيدلوجيات الكبرى، ولم نسمع عن نظام "فيزيائي" لإدارة الدولة، أو نظام "علم المثلثات" في الممارسة الاجتماعية. مسألة شرح العالم على أسس علميّة تنفع للقضايا الماديّة البحتة، لأن العلم يتعامل مع المادة ولا علاقة له في ما ورائها من "أخلاق" و"سياسة" و"معتقدات" و"فن" .... إلخ.

الدين -في المقابل- لا يجب أن تكون له علاقة بالعلوم وممارستها، ويجب أن تنحصر علاقته (كتيارات الفلسفة الصغرى) بالفرد والمجتمع من الناحية السياسية والأخلاقية والاجتماعية والفكريّة العليا المتمثلة بالمذهب الفكري للبلاد أو المجتمع. ويمكن للدين التدخل بالمسارات العلميّة عندما تكون ذات تأثير اجتماعي كقضيّة الاستنساخ أو الإجهاض أو زرع الأعضاء الحيوانية بالإنسان.

ما أراه هو سيطرة الخطاب المادي علينا، ولعل كلمة "عِلم" قد غزت حياتنا بسبب أمرٍ خطير وهو "سرعة الحياة" مما يعني أن الآلات والمصنوعات قد سيطرت علينا وعلى طريقة تفكيرنا (أو سيطرت على بعضنا) وهذا ما يريد الدين والفلاسفة التنبيه له وإنقاذ الإنسان من قبضة الآلة وإعادة جوهره الحضاري من أخلاق وصدق ونبل بغض النظر عن تطوره المادي والصناعي.

إن كتاب الفيلسوف Kant "كانط" (The Critique of Pure Reason) قد كُتب لمعالجة العميانيّة الإنسانية تجاه العلوم، خصوصا وأنها عميانيّة قد وصلت أوجها بحقبة كانط، حيث أعلن بعض المتبجحين (بعام 1789) أن كل أسرار الكون سيكشفها العلم خلال الثلاثين سنة التالية، ومن جديد يعلن العظيم كانط تفوقه وتفوق أسلوبه الفلسفي العميق بمعالجة المشكلة العويصة التي ولدتها الفلسفة المادية عندما أرجعت الإنسان (وبالتالي حياته ومسالكه الفكرية والاجتماعية) للمادة، وبما أن التفسير الوحيد للمادة هو العلم، فإن حياة الإنسان مرتبطة بالعلم، ولكننا نعود لأصل الدائرة المفرغة ونعلن أن العلم لا يحل محل الدين أو العقائد الفكريّة الكبرى. هذا ناهيكَ من أن العلم متغيّر باستمرار، وهو يعلن دوما بأن كل ما يتوصل إليه غير مثبت ولذا فهو غير مطالب بالدفاع عما يعلن عنه.

وبما أنني أعتبرك مؤمنا لا ماديا، فأنني سأخمن بأنك عنيت معنا آخر للعلم، وهو المعنى العربيّ القديم (لغويا) إلا أن الخطأ عند حضرتك هو استخدامك له على شكل حديث مما أثار التناقض. فكلمة "عِلم" باللغة العربيّة لا تعني الكلمة الإنجليزية Science فالأولى تتحدث عن "تخصص" و"الدراية بالشيء" وهكذا يقال "علم التفسير" و"علم الفقه" و"علم الكلام" و"علم الاجتماع"... إلخ. أما في المفهوم الغربي فالعلم هو كل ما يخص المجالات البحثيّة في المادة، ورغم وجود مسميات مثل Political Science إلا أنها تبقى تسميات رمزيّة حديثة لما كان يسمى قبلا Political Philosophy حيث وجد أن التسمية الأخيرة لا تناسب موضوعيّة المادة التي تتناول دراسة النظريات السياسيّة، إلا أنها لا تدرس الفلسفة السياسية لأن الأخيرة إنتاج فردي.

ما يهمني الآن هو أنك استخدمت مصطلح "بحث علمي" أي أنك عنيت العلم بالمفهوم الحديث، مما يجبرني على أن أذكركَ يا عزيزي بأن هذا المصطلح لا يخدم المعنى الفعلي الذي تريد أن تتكلم عنه، ألا وهو "منطقي". نعم كنت تريد أن تقول "بحثا منطقيّا" ولا يُقال بحثا علميّا على شيء غير مرتبط بالعلوم. لذا، الدين له تخصصاته بالمجتمع، و أعتقد أن قضية اجتماعية بحتة كهذه من اختصاص الدين والفلسفة (وبالتالي المنطق) لا العِلم.


ثانيا:
عليّ أن أبريء نفسي من تهمة التحيّز الطائفي، ذلك أنني لا أعتبر نفسي تابعا خالصا لطائفة بعينها، وإنما أؤمن أن كل هذه التسميات إنما هي تسميات تعكس تخلفنا الاجتماعي، وشللنا الفكري الذي أدى بنا للتشرذم. فبالأساس لا يذكر التأريخ أن هناك طائفة تدعى "السنّة"، وإنما السنّة هم أربع طوائف (أو مدارس) وعدّ الأزهر الشيعة الإماميين مدرسة خامسة لهم. ومن الطريف أن هذا التجمع السنيّ بمذاهبه الأربعة لم يتم إلا بعد جمعه من قبل العثمانيين في الأسيتانة، ورغم أن المذهب الرسمي للعثمانيين لم يكن أيا من هذه المذاهب، وإنما كان مذهبا مشتقا دعي بالمذهب "الماتريدي" الذي انبثق من المدرسة الحنفيّة، مما أعتبر الأخيرة مصدرا للأحكام الشرعيّة.

وفي المقابل، تم طرد المذهب الإمامي الجعفري (أو الإثني عشري) من هذا التجمع، بسب تشرذم وسوء العلاقات بين فقهاء المدارس السنيّة والشيعيّة لأسباب سياسيّة بدأت من التنافس على العرش بغداد إلى التنافس السياسي بين العثمانيين السُنة والصفويين الشيعة بإيران، الذين كانوا يريدون مدّ نفوذهم على العراق وعلى الخليج العربي أسوة بالأتراك.

من هذا كله، ندرك أن تسميات "الشيعة" والسنّة" هي تسميات باطلة، والحقيقة أنهم جميعا مدارس فقهيّة انبثقت من بعضها بعضا، وشاءت الأقدار أن المدرسة الأم لكل هذه المدارس هي المدرسة الجعفريّة الشيعيّة! وأن الخلافات كانت فرعيّة، إلا أن الاحتدام السياسي قد سيسها وحولها لمعضلات نعاني من أوارها اليوم، بعد أن تحول الصراع الطائفي لعنف يومي يستغله الإمبريالي أفضل استغلال.

ومن هذا كلّه، أجدني أقف رافضا تهمة كوني طائفيا، ذلك أنني لم أعرّج على السُنّة من قريب أو بعيد، وإنما عرجت على مذهب السلفيين الوهابيين، وهو مذهب أنتجه عرب صحراء شبه الجزيرة العربيّة، وأعتمد على تقزيم العقل وفرض منطق السيف والرعب والكبت على المجتمع، ومن سوء حظنا أن النفط وجد بأرض هؤلاء، فنشروا مذهبهم وشلوا الأزهر الشريف (الذي بناه الإماميون عندما كانت مصر شيعيّة) وطمسوا نور الإسلام الحقيقي. لذا أنا أنتقد هؤلاء لا غيرهم.

ثالثا:
لقد أوردتُ مقالا مطولا عن الحياة الاجتماعية، لأوضح التباين بيننا وبين من سبقونا. كي أري حضرتك كم كنّا نختلف عن حاضرنا بماضينا، وكم نحن نعاني وننزلق بدوامة من التخلّف والسطحيّة والكبت، بينما تتحول الحياة لمادة بعيدة عنا وتتحول مقاييسنا ومفاهيمنا لقلاع رمليّة بوجه قوة موجة العولمة التي تختصنا بالهجوم دون غيرنا. لذا، المقالة ذات صلة ولا تبتعد كثيرا عن صلب الموضوع.

رابعا:
عظيم أنك نفيت قضيّة تحريم الخليفة عمر بن الخطاب لزواج المتعة، وهكذا بقي أمامنا رأيك بأن الرسول من حرّمه. وواقعا لم أعد أميل للنقاش من خلال الأحاديث المتواترة، إذ يبدو أن هناك أحاديث تخدم كل الأطراف عند حدوث النقاش. لنتكلم بعقلانيّة مفرطة بالحياد، ولنتساءل أيحق للرسول أن يحرّم أمرا ما بكامل أرادته؟ كيف يمكن لرسول الله أن يقول للناس أنه "حلل" زواج التمتع ولكن الله حرّمه؟ لا ندري هل حلل الرسول بالأساس الأمر من عنده؟ وكيف يمكن لهذا أن يعقل والقرآن يصفه بأنه لا ينطق عن الهوى؟ أي عن رغباته وتطلعاته الشخصيّة، وإنما هو ينفذ الوحي بحذافيره. لا يمكن للرسول أن يحرّم أمرا أو يحلله، وأرجو أن نكون قد انتهينا من هذه القضيّة تماما.

أما نسخ الآية الأولى التي تبيح الزواج المؤقت، فهذا ما لم يثبت قطعا، والطريف أن الفريق الذي يحرّم زواج المتعة يؤكد أنها حرّمت وسمح بها ثم حرمت ثم سمح بها ثم حرمت للأبد. لا نفهم هنا لماذا هذا التحريم والتحليل وهل يجوز هذا لهيبة القرآن أولا؟ ثم أين مواضع نسخ الآية التي تبيح المتعة؟ وأين الآية التي تشير له من جديد؟ وأين الآية التي تحرمه من جديد؟ أمامنا آية تبيحه بقبول السنة والشيعة، وآية تنسخه (تحرمه بعد تحليل) عند السنّة. وهنا يأتي الإماميون فيحاججون.

فأولا، الآية التي سمحت بزواج المتعة هي الآية التالية: بسم الله الرحمن الرحيم

(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25 سورة النساء)

وأما السُنّة فيوافقون على الآية، لكنهم يعلنون أنها نسخت بهذه الآية: بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) سورة المؤمنون)

والقضية يا سيدي أن الآية التي تبيح المتعة هي "مدنيّة" بينما التي تنسخها "مكيّة"! كيف لشيء كهذا أن يحدث؟ من المفترض أن آية النسخ تلي الآية التي تبيح صح؟ ولكن كيف لآية تحرم ما لم يحلل أصلا؟

هنا هي المشكلة، فالإماميون يلجئون للمحاججة التأريخية البسيطة، بينما يلجأ من يحرم المتعة عادة للحديث النبوي عن التحريم والتحليل والتقويل، ولهذا رفضت أنا أن نتحاجج بالأحاديث، لأنها غزيرة وموجودة عند الجانبين، أما محاججة تأريخية بسيطة كهذه يمكن أن تضع النقاط على الحروف.

خامسا:
لا بأس أن نختلف بوجهات النظر، ولكن المخيف هو أن هناك من يكفرنا لهذا الخلاف، وهم السلفيون الأصوليون، الذين أعلنوا الجهاد ضد الشعب العراقيّ البطل لأسباب طائفية، يمكن لزواج المتعة أن يكون بطليعتها إن لم يكن الثاني بالقائمة. ثم، ومن جديد، أدعوكَ لتدمير مصطلح شيعي وسني، ولنعالج الأمور من باب واحد وأن نندمج بشكل كامل بلا أي طائفيّة، لأنني أراك تعزل نفسك عن "الشيعة" بدعوى "مارسوا إسلامكم واتركوا لنا إسلامنا"، وهذا غير مجدٍ بظل ظروف صعبة ومريرة.

يكفينا تراجعا أننا لم نكتب تفسيرا واحدا للقرآن الكريم منذ سبعة قرون! سبعة قرون كاملة من الجمود الفكري، وسبعة قرون ونحن نفهم الآية التي تقول "اضربوهن" بأنه الضرب الجسدي وفقا لتفسيرات متطرفة قديمة (ليست كل التفسيرات القديمة متطرفة) دون أن نعي أن لمعنى "ضَرَبَ" ستة عشرة مفهوما بلغة العرب، وإحداهن ممارسة الجنس الحميم، والأخرى المواجهة، وأخرى الهجر أو التجاهل وأخرى الابتعاد.

أنظر للواقع يا زميل دون عواطف. سترى شباب حزين، ونساء أرامل وهن عذراوات. سترى تديّنا أعمى وثقافة دين يعجز عن مواجهة الغزو الفكري الليبرالي المتوحش وكذلك عجزنا عن استنباط نظام يستبدل الرأسمالية. ولا تفهم بأنه لم يوجد هذا النظام، وإنما لم ينشر لأن العقول الشابة أعجز من فهمه. تماما كعجز طالب أمريكي اليوم من استنباط فكرة بسيطة، إذ كنا نأخذ محاضرة عن الفن الفرعوني (عصر رعمسيس الثاني) وإذا به يسأل على نحو غبيّ: هل هؤلاء الناس سبقوا الرب عيسى؟ عندها صحت بشكل لا أرادي: حسبك ربي ونعم الوكيل على غباء بعض خلقك. ومن الطرف الآخر انفلتت ضحكة لشاب عربي نتيجة غضبتي، وتأملته، فلم أجد به شخصا يختلف عن هذا عندما نتطرق للدين وقضاياه الفكريّة.

زواج المتعة (أو المؤقت) لا يعني تجريدا من العواطف، بل يعني علاقة صداقة وتقارب بين اثنين، تليها علاقة حميمة ووفاء. ذلك أننا أمة يجب أن تكف عن النفاق، ويجب أن ننظر للواقع بدراية وتصميم على أننا يمكن أن نقدم للعالم نورا إسلاميّا قويا لإغراقهم جميعا به. يجب أن يكف شبابنا عن اختلاس النظرات لنهود الزميلات بالجامعة، وأن يتحسسوا جيوبهم الخاوية بألم وغضب. يجب أن تنتهي قصة الأحلام الطويلة الأمد عند الفتيات دون قدوم فارس الأحلام.

يجب أن ننشر الوعي والمسؤولية والقوانين الصارمة عند موافقتنا على زواج كهذا، وهو مجرد إجراء محدود لمن لا يمتلك المال أو من هو على سفر أو بحالة لا تسمح له (أو لها) بالزواج الدائم، وهو بين المسلمين فقط، فالزواج الدائم أو المنقطع على الكتابية حرام للرجل والمرأة ولنا بهذا موضوع آخر. إن أردت الحقيقة فأنا لست مقتنعا بأن الزواج المؤقت هو حل للمجتمع، فلا غنى عن الزواج الدائم، ولكنه وجد لحالات الكبت الشديد والحل هو بتحسين الاقتصاد والسماح للاختلاط الصحي بين الرجال والنساء وبث الثقافة الإسلاميّة العميقة والمتنورة.

على الجميع أن يفهم أنه زواج للجنس، وهو موضوع لحالات محددة وليس فرضيّة دائمة، لأن الوضع الطبيعي والحقيقي هو شاب يتزوج فتاة بالسنة الأولى أو الثانية من الجامعة، ويمارسان الحياة وهما بمنزل أسرتهما، وبعدها يؤسسان منزلا مشتركا ويسمحان للأطفال بالولادة. عندما يكون عندنا هذا الوعي، ستجدني أول من يشجع الشباب على هذا.

دمتَ للحياة



الكاتب: أحمد الكناني
نشرت على الموقع بتاريخ: 18/11/2006