|
|
|
صالون خليل فاضل الثقافي الثاني والعشرين2 ::
الكاتب: د. خليل فاضل
نشرت على الموقع بتاريخ: 07/06/2007
صالون خليل فاضل الثقافي الثاني والعشرين 1
مقترحات حلول متكاملة للمشكلة: ليس حل إشكالية القاهرة المعاصرة في المزيد من إجراءات توسيع الطرق لمزيد من السيارات أو إنشاء طريق دائري ثالث مكلف ثم نهدره بالتعمير حوله وعليه يصبح طريق خدمة داخل المدينة. المقترحات الآتية هي حلول متكاملة بمعنى أن الواحد ينبني على الآخر وقد يسبقه زمنيا ولكن لا يجب نسيانه بل يتبإلى بعد فترة كمكون أساس كامل. • لماذا نعيش حضارة السيارة في الوقت الذي نحن فيه من فقر أمام غائلة ارتفاع أسعار مكونات الحياة. لماذا السيارة الخاصة في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد من هم أغنى منا في أوربا باستخدام وسائل النقل العامة وترك السيارة إلى رحلات العطلات. النقل العام هو أهم بكثير في طرح حل تطبيقي وبخاصة العودة إلى الترام الحديث والمترو وما لهما من طاقة نقل اكبر وأأمن من الميكروباص والأوتوبيس اللذان يجب استخدامهما كوسائل نقل مكملة للترام والمترو – أي تنشأ الشبكة بحيث تصبح الباصات مغذية للخطوط الحديدية ومتعامدة عليها. • الحل المكمل هو منع غالب أشكال الاستثمارات الجالبة للعمال في منطقة القاهرة الكبرى، وتوجيهها إلى محافظات أخرى في الوادي والدلتا.
• إعادة تخطيط الجزء القديم السكنى من القاهرة كالسيدة والخليفة وباب الشعرية وشبرا الخيمة وإمبابة وبولاق الدكرور الخ بحيث تصبح جاذبة لإعادة الأعمار بشكل جديد لسكن راق مع الإكثار من الحدائق التي نفتقر لها في مدينة حارة متربة معظم السنة.
• الحل الأخير الذي يشكل جذور الإشكالية هو تقليل مركزية القاهرة الحكومية وتفويض حكومات المحافظات سلطات فعلية أوسع وتدعيم الحكم المحلى من اجل رقابة الديمقراطية على الأجهزة التنفيذية.
عن تنظيم المرور وأخلاقيات السائقين ـ د. محمد رياض في ايطاليا المشهورة لدينا بأن السكان قريبي الشبه بالمصريين في تصرفاتهم المرورية فإنني في رحلتي الأخيرة في مدن وقرى الشمال لم أجد هذا التشابه الذي لاحظته منذ أزمان سابقة في المدن الكبيرة مثل روما ونابولي وفلورنسه. كيف انتقل الحال إلى غير ما عرفناه منذ عدة عقود؟ وحيث أن مشكلات المرور هي موضوع مشترك بين طرفين هما إدارات المرور وتصرفات الناس راكبين أو راجلين، فإن المسألة تبدو بوضوح في التفاعل الملتزم بين الطرفين كما سأحاول توضيحه في الآتي:
1. الطرف الأول: تقوم إدارات المرور بتخطيط مروري واضح للعين لا تخطئه في كافة شوارع وطرقات وحارات المدن والقرى معلمة بخطوط بيضاء وصفراء وزرقاء يعاد تلوينها كلما تقادمت. واسهم شديدة الوضوح تشير إلى اتجاه حركة السير إلى الأمام أو اليمين. وهناك مساحة واسعة مخططة عرضيا لمن يريد الانحراف إلى اليسار وعلامات ضوئية في مفارق الطرق تنتقل بين الأخضر والأصفر والأحمر في ثوان متأنية بحيث لا يخطف السائق العلامة الصفراء وبالتالي يقف تماما عند الحمراء ولا يتحرك إطلاقا مع الصفراء قبل أن تخضر الإشارة تاركا بذلك الفرصة لسيارة مسرعة وبالتالي تجنب الاصطدام أو عرقلة السير.
هذا فضلا عن علامات على جانب الطريق تبين انحناءات الطريق وتقوساته والسرعة المطلوبة. أرقام الطرق المتقاطعة مبينة حتى لا يفقد السائق طريقه المدون على الخريطة أمامه، وكذلك تكتب أسماء القرى أو المدن والأبعاد بالكيلومترات وأنصاف الكيلومترات، بالإضافة إلى الارتفاعات بالأمتار فوق سطح البحر في المناطق الجبلية. بل في أحيان إشارات إلى مناطق جميلة المنظر تستحق عمل استراحة واسعة على جانب الطريق للاستمتاع بتا.
وكذلك هناك علامات تبين المسافة إلى الاستراحة القادمة وما إذا كانت تحتوى على حمامات أو مطاعم أو محطات البنزين وكم هي المسافة إلى الاستراحة التالية الخ... وفضلا عن ذلك فأماكن وقوف السيارات في شوارع المدن معلمة بوضوح ولا يمكن تجاوزها لا طولا ولا عرضا كما أن بتا مكان أو اثنين لسيارات أصحاب الإعاقات لا يمكن الوقوف محلها لغيرهم إطلاقا وإن ظلت طول النهار شاغرة الخ.
وأخيرا فإن أماكن عبور المشاة معلمة جيدا ولا يمكن لسيارة عبورها إلا إذا خلت تماما من العابرين ويلتزم الجميع بذلك دون إطلاق "كلاكس" السيارة أو إبداء أي انفعال آخر. وبعض أماكن العبور هذه مزودة بإشارات كهربية في طرق الحركة الكثيفة لتؤمن الطريق للعبور الراجل فلا يمكن العبور بدونها لوقف سيل الحركة مؤقتا.
2. الطرف الثاني: إزاء كل هذا فهناك وعى كامل للسائقين بكل هذه الإرشادات والويل لمن يخترقها من غرامات تؤخذ فورا تبلغ بين ما يعادل 80 إلى 150 جنيها مع إثبات تكرار المخالفات فإذا بلغت عشرة أو عشرون مرة (حسب جسامة المخالفة) فإن رخصة القيادة تسحب فورا لمدة شهر أو تزيد مع غرامة قد تبلغ عدة مئات من الجنيهات.
3. إذا كان الأمر كذلك فلا عجب أن يستجيب الساقون والمشاة فالعلامات وإرشادات المرور واضحة... والغرامات والعقوبات مانعة!
4. لا أريد الكلام عن ألمانيا أو النمسا أو بلجيكا وغيرها من دول الغرب الأوربي فهم الآن يفوقون الجميع في المحافظة على آداب المرور حفاظا على الأرواح وعلى سلامة السيارات معا. ولا يعنى هذا أنه لا توجد مخالفات فالأمر لا يخلو من شباب طائش وعقابهم كبير خاصة إذا تبين تعاطيهم الخمور ولو بنسبة صغيرة عند القيادة.
5. لم أعرف كيف يتم الفحص السنوي على السيارات: هل هو مجرد أرقام الشاسيه والموتور كما هو الأمر الغالب لدينا أم إلى جانب ذلك أشياء أخرى منها صلاحية إطارات السيارة شتاء أو صيفا حسب مواسم الثلج والمطر، وصلاحية الكوابح (الفرامل) ودقة الموتور وعدم اطلاق العوادم الضارة الخ.
وأخيرا أريد أن اكرر ما سبق أن نشرته مرات عديدة أنه برغم ما يبدو من كثرة السيارات في المدن الأوربية إلا أن وسائل النقل العامة متكاملة مع بعضها وتفي ربما بأكثر من نصف الحركة اليومية للعمل. وعلى رأس هذه الوسائل الترام وشبكة مترو الأنفاق والباصات. وقد شاهدت ومارست الانتقال في هذه الوسائل مئات المرات في عدة مدن مثل فيينا وكولونيا ودسلدورف وبون وميونخ وسالزبورج وفينيسيا (الباصات العائمة) وروما الخ التذكرة في معظم هذه المدن واحدة تركب بها الترام والمترو والباص ما دمت في اتجاه واحد، كما أن هناك تذكرة للمسافات القصيرة وأخرى للطويلة مع وجود بطاقات أسبوعية أو اشتراكات نصف سنوية وما إلى ذلك الشيء الكثير.
أزمات مرور القاهرة: حيت أجمع أزمة على أزمات فإن ذلك لسبب أنها عانت في فترات كثيرة اختناقات مرورية مستدامة. وأقدم ما وقع عليه نظري يعود إلى نحو 125 سنة مضت كتبها الشيخ حسين المرصفي المتوفى 1890. ونقلا عن نبيل فرج (مجلة الديمقراطية –يوليو 2006 ص ص129-134) نص بقلم حسين المرصفي في كتابه "رسالة الكلم الثمان" يقول عن الوطن: "... وحق المدينة أن يتوجه نظر جميع أهلها إلى صلاح شوارعها وطرقها حتى لا يتزاحموا فيها تزاحم البهائم العطاش عند ورود المياه فيقدروا مقدار راحتهم عند ترددهم في حوائجهم، لا كما هو حاصل الآن حيث ترى الناس في حال كريهة يزاحم بعضهم بعضا في الطرق لا يرحم قوى ضعيفا..." لقد كان المرصفي يتكلم عن المشاة وراكبي الحمير وعربات الخيل الفارهة، وهو ما يمكن إسقاطه الآن على المشاة والسيارات الخاصة والباصات والسرفيس ونصف النقل واللواري وبعض كاروو الحمير في اختلاط الحابل بالنابل!!
وحين أذكر الترام يظن كبار السن أنني أتكلم عن الترام القديم أو المترو القديم، لكن الترام الحديث لا يطلق ضجيج القديم ويتخذ أشكالا انسيابية متطورة وكلها تسير بالدقيقة والثانية من محطة لأخرى وبدون كمسارى شأن مترو الأنفاق لدينا. ولكن ذلك لا يمنع من مرور مفتش يتأكد من صلاحية التذكرة في أحيان متباعدة والغرامة كبيرة جدا تبلغ نحو خمسين مرة ثمن التذكرة الواحدة. ليس معنى هذا أن الكل كالملائكة محافظون على النظام فإن هناك البعض الذي يحاول التملص خاصة مع وجود مهاجرون فقراء أو سياحا لا يفهمون الأنظمة...
وختاما فإن ما يلي هو دعوة إلى ما أعتقد أنه جانب من إصلاح أزمة المرور القاهرية (وربما أيضا في مدن وعواصم الأقاليم المصرية): أن يذهب إلى ايطاليا أو غيرها من دول الاتحاد الأوربي وبخاصة النمسا بعض منظمي المرور لدينا في دورات قصيرة لتقصى أنظمة المرور المطبقة والتعرف على أوجه النقص التشريعي والإلزام التطبيقي للقوانين بعد الشرح المستفيض بالمضمون الجديد للمرور سواء بالتلفاز أو الراديو والنشرات للسائقين –وقد أعذر من أنذر.
اكرر –ربما للمرة العاشرة- استعادة شبكة ترام جديدة لحل أزمات حركة مرور السيارات التي نعرفها جيدا والترام بلا شك أفضل في الخطوط الطويلة وأقدر على تحمل ثلاثة أو أربعة أضعاف الباصات الكبيرة من الركاب، بينما تعمل الباصات في خطوط متعامدة متكاملة مع الترام أو تكون وسيلة نقل للضواحي أو بالتوازي فيما بين خطوط الترام المتباعدة. بذلك أتوقع أن تخف حالة أزمات مرور السيارات إلى النصف تدريجيا من ناحية، سوف يكف الناس عن شراء أو استخدام السيارات القديمة التي ترسل ضجيجا وعوادم قاتلة مع الاكتفاء بما يقدمه النقل العام من يسر حركة كما كانت القاهرة في ماض غير بعيد. وأخيرا أن يكف الناس عن الترهل والبدانة بحكم أنهم يقضون معظم يومهم قعودا في البيت والسيارة ومكتب العمل دون حركة مشى ولو مائة متر يوميا لتزييت عضلات الجسم وأجهزته بدلا من تزييت سيارة بلغت من الهرم ما استوفي تقاعدها للأبد.
عين الكتكوت وعين القط وأسنانه؟! للدكتور خليل فاضل فرح المصريون عندما صرح مسئولي الأمن والمرور بأن هناك خطة لتنظيم المرور، غير أنهم لم يصدقوا أنفسهم، وبالفعل اتضح أن المسألة وقتية وتخص انعقاد كأس الأمم الأفريقية في القاهرة يناير 2006، وكان د. محمد رياض قد تساءل في مقالة قوية نشرت في (الأهرام 12- 10- 2005- اختناق المرور.. الحلّ دون جدوى)، يتساءل: هل هناك مشكلة مرورية أم نفسية؟ هل هناك حلّ؟!
نعم هناك مشكلة مرورية نفسية مركبة ومعقدة للغاية لدى جموع المصرين، خاصة القاهرين منهم ويختصون بها عن دون خلق الله في كل أنحاء المعمورة، نعم للأسف. لم تكن السائحة الغربية تبالغ حيثما التقت بأسرة مصرية في إحدى المنتزهات العامة في سويسرا، قالت ما معناه: هاي يا بناة الأهرامات ويا أصحاب أعجوبة العالم الثامنة أيضاً: (أعجب مرور في العالم!!) فوضي شاملة، حوادث بالجملة، نزيف الإسفلت، السير عكس الاتجاه حتى لعربات الحكومة والشرطة، (بل أنها أول من يفعل ذلك)،تلك الرغبة المحمومة في كسر النظام، سير المشاة في تناحة ما بعدها تناحة بعرض الطريق مما يعرض لموت محتوم، الالتصاق ولعب الأتاري، المناورة والمراوغة، والسباق الخروج فجأة من الجانب الأيمن، الانحراف يساراً من الجانب الأيسر إلى الأيمن والاتجاه عكساً دون أي سابق إنذار، اللهو بعجلة القيادة، إحداث زمجرة عنيفة في محاولة لإخافة العربات الأخرى، السير اللولبي، إطلاق الأبواق (الكلاكسات) دون حسان وبفزع مثير للأعصاب، (البصبصة) استخدام العربات المرتفعة للنظر إلى سيقان البنات، وللكسر على العربات الأخرى، استباحة الطريق والظن بامتلاكه، الغيظ والغيظ المقابل، (الفرْسة)، والتوتر والغلّ.
ناهيك عن التباهي والتفاخر والغلاسة، وارتباك المرور في ميادين مثل روكسي حيث تأتي فجأة العربات من كل الاتجاهات ووسطها، المترو كسيحاً حزيناً يحاول شق طريقه، وفي المنتصف (مندوب أمين شرطة) في زيه الأسود وجهازه اللاسلكي، وكأنه يقود معركة حربية، ولا يعيره أحد اهتماما ولا هو قادر على التحكم في أي أحد، لا في حركة السير، ولا في المخالفات كل همه التشدق باللاسلكي وارتداء ثوب القائد المغامر رغم فشله الذر يع.
تصادف أن يكون (الشاكي) بدلاً من (المريض) سواق تاكسي، اشتكي من أنه لاحظ بعد فترة من قيادته السيارة في شوارع القاهرة. التوقف والتحرك، التأني والسرعة. المحاورة والمناورة. التحرش النفسي من قبل رجال المرور. التحرش في السير من قبل أتوبيسات النقل العام الضخمة. إزعاج الزبائن ومماطلاتهم، لاحظ أنه يخطف اللقاء الزوجي مع أمرآته، يخطفه ويسرع به، ويجعله كاللحظة، يختصره في ومضة، يحول له إلى لقاء عابر، يخلف وراءه إحباطاً وإحساسا مريراً متعاظما بالفشل وعدم الإشباع وفقدان الارتواء بل والخوف من استمرار هذا للأبد.
هذا الشاكي (سائق التاكسي) عانى من القذف المبكر ولما ذهب إلى طبيب يفهم في فن الحياة لم يعطه عقاراً ولم يحقنه بحقنة، وإنما طلب منه التوقف عن قيادة السيارة كل ساعة ونصف أو ساعتين وكذلك التريض والسير على الأقدام في الهواء الطلق ويا حبذا على كورنيش النيل، أن يمشي رجليه، أن يدوّر الدورة الدموية في حوضه، استجابت أجهزة الرجل، استجابت تلك الغدد المسيطرة على الحواس الجنسية في المخ (ارتاحت)... وتلك الأعصاب المشدودة كالأوتار، وارتاحت منطقة الحوض من الاحتقان الناتج عن كثرة الجلوس وكثرة الرًّج والاهتزاز والخبط والاصطدام بالمطبات وبعيون القط وأسنانه أو التعرض من الاصطدام بالمارة والخوف من هول السيارات الضخمة.
سائق التاكسي لم يلغ أي من ذلك، لكنه تحايل عليه تقسيمه على فترات. أراح نفسه. ومن ثم لم يحتاج إلى عين الكتكوت، وهي تسمية يطلقها الناس في الأحياء الشعبية وغيرها على حبوب ذات تأثير نفساني تفيد أحياناً في علاج القذف المبكر)، حُلت مشكلته ولكن لم تحل مشكلة المرور في مصر لأنها ليست بسيطة، إنها مشكلة سلوكية مرورية نفسية مركبة جداً ومعقدة للغاية أطرافها الداخلية، البشر الهائمون على وجههم، إدارة مرور القاهرة مصلحة الطرق والكباري. محافظة القاهرة. هيئة النقل العام والمسئولون عن أمور أخري ليست لها علاقة مباشرة بالطريق العام ومركباته وإنما لها علاقة بالغذاء والكساء والدواء والإلهاء والتناحة والفجاجة والفظاظة وتدني الذوق العام، تخبط القرارات، عشوائية التفكير والتدبير عدم القدرة على الحسن فقدان الهيبة في المؤسسة والبيت في المدرسة والحيّ، وفقدان القدرة على الحب. نعم فقدان القدرة على الحب....
في القاهرة اختناق مروري دائم يزيد صباحاً ومساءاً، بجانب مواسم الذروة كدخول المدارس وحلول شهر رمضان الكريم والأعياد الدينية، يرصد د. رياض أن من ضمن أسباب هذا الزحام المبرر هو سلوكيات الناس الشرائية، والتي نراها نحن مثل عزومة الفرح أو أي بوفيه الكل بيجري مرة واحدة، زحمة، والتصاق ولهفة وخوف وإحساس طاغ بعدم الأمان، ثم انقضاض على الأكل بطبق أو أكثر، واستخدام العيال لزوم المساعدة، ثم ملء الأطباق فوق الحاجة، ثم النظر إلى ما غرفه الآخرون في أطباقهم، ثم الاندفاع أيضاً لكن ببعض التمهل إلى كراسيهم وترابيزاتهم ليأكلوا (يمكن ربع أو تلت الذين غرفوه)، ويأتي الجرسون ليلم الباقي، والنتيجة إن البوفيه بيخلص بسرعة ولا يوجد أكل ثاني، مما يتسبب في أن ناس تقف أو تقعد جوعانة فعلاً، لا حول لها ولا قوة.
مشهد (البوفيه) هو مشهد كوبري 6 أكتوبر مثلاً وهو مشهد أحياناً ما يكون شبيهاً بالأفلام التاريخية، أو مشهد نفق الأزهر صباحاً. أليس هناك تشابه بين تلك الازدحامات المرورية وبين مشهد البوفيه الشهير؟! بجانب كل ذلك تتأثر صحة الإنسان المصري سلبياً وبشدة بكافة أنواع الملوثات السمعية والبصرية: الأضواء المهرة دونما سبب- كشافات عالية عَّمال على بطال/ أو من باب الهزار- أو أضواء خافتة أو لا ضوء إطلاقاً في طرق مظلمة أو شبه معتمة ومشاة يسيرون الهوينى وكأنهم يتمنون الموت، مبان عشوائية قبيحة المنظر والمحتوي تقتحم الرؤية (جوانب الطريق الدائري الشمالي بين مدينة السلام وشبرا الخيمة إلى بولاق الدكرور وما بعدها كمثال).
يثير د. رياض (نفس المصدر السابق) أموراً هامة تبدو غاية في التقنية، لكننا نراها غاية في الأهمية من الناحية النفسية والصحية والاجتماعية، ألا وهو لجوء المسئولين عن شوارع القاهرة إلى إجراءات وقائية لمنع تهور السباق المحموم ببين سائقي العربات الملاكي والميكروباصات وغيرها بعمل مطبات بعرض الطريق لتهدئة السرعة والمطبات، يشير د. رياض إلى أن تلك المطبات تخالف الشكل الهندسي الانسيابي المعروف في دول العالم متقدمة كانت أم متخلفة، فأمر تلك المطبات في مصر يترك بحرية لتقدير عمال الإسفلت، ومن ثم أصبحت المطبات مثل البشر لها أشكال وأوزان مختلفة (تخينة ومتبعجة ونحيفة ونص نص!!).
ومما يثير الدهشة أنه في الشارع الواحد من الممكن أن تفاجأ بتضاريس كثيرة ومثيرة، وكأنك في رحلة جبلة خطرة غير ممتعة، فالمطبات أما منخفضة أو عالية، وأحياناً في جزء منها منخفضة يحفظ مكانها بعض السائقين فينحرف بسيارته بدلاً من اتجاههاً الصحيح يمينا إلى اليسار تفادياً للجزء العالي فيصبح اتجاهه عكسياً مما يؤدي إلى تصادم مع القادم في اتجاهه الصحيح والراغب جداً في المطب المنخفض، كما توجد أيضاً مطبات عريضة أو ضيقة، حادة أو يسيرة.
وإذا أنشغل همومه المصرية (وهي كثيرة) وإذا كانت الدنيا ليلاً فإنه سيرتفع فجأة بصدمه وصوت رهيب إلى أعلى، ثم ينزل إلى أسفل السافلين خائفاً مرتعداً ربما عاني من آثار توتر ما بعد الصدمة الشهرPTSD إذا أخذ باله في آخر لحظة فإنه سيتخدم الفرامل فجأة وسيحدث صريراً عجيباً وسيجد أولاده مخبوطين في رءوسهم امرأته أنه تصرخ منهاره، وربما طلبت الطلاق فلبي هو إذ وجدها حجة وقد يتوقف تماماً يتصبب عرقاً فيشتمه من وراءه ومن جاء جنبه ويصرخ فيه الجميع ويعلون من أبواق سياراتهم كأنهم في فرح لم يتمخذ باله في آخر لحظة فأن هناك خاصية مصرية للمطبات أنها فعلاً تفاجيئ أي (تفجع) و(تخص) و(تفزع) السائقين أحياناً فلا إشارة لوجودها أو قرب وجودها، لا تلوين خاص لها باللون الأصفر كما هو متعارف عليه ولا خطوط الحمار الوحشي (zebra)، ولا الكرات العاكسة للضوء ولا علامة (يافطة) على الطريق، ومن ثم فأن السائق (كثيراً ما يكون غير الخبير) يصطدم فجأة بالمطب ويصاب بحالة هلع وينتفض جسمه وينشال ويسخط في لحظة درامية بائسة تهدنفة وجده (نفس المصدر السابق).
ناهيك عن المطبات (الأهلية) أي تلك التي يقوم بها الناس بأنفسهم (صناعة محلية) أمام بيوتهم ومدارسهم خوفاً من تهور الشباب وغيرهم، وهي مطبات غير سليمة وتتسبب في أضرار جسمية للعربة وللسائق وقد تؤدي إلى حوادث سير واصطدام بالمشاه وكلها أمور لا تحمد عقباها.
ويوضح د. رياض مفهوم أسنان القط بأنها تلك الدبابيس المربعة التي في الشوارع إيذاناً بوجود مطب، أو مدخل نفق مثلما تلك التي تسبق أنفاق شارعي الطيران ويوسف عباس إلى صلاح سالم، ويلجأ بعض السائقين إما إلى البطء الشديد وتشغيل الاشارات الضوئية الأربعة (الفلاشلت) أو السرعة الخاطفة (لأكل) الأسنان ولقد شاهدت بأم عيني ليلة الثلاثاء 13/12/ 2005 أثار حادث بشع اصطدمت فيه خمس سيارات ببعضها البعض وبجوانب النفق وغالباً ما كان ذلك بسبب (اللخبطة) الشديدة والخلط بين السرعة والبطؤ، التهور والفهلوة جعل أرض النفق مسافة للسباق أسنان القط غير عيونه، الأسنان تهز السيارات وترجها ترج الجهاز العصبي والجسم وتترك أثاراً تراكمية لا يدري بها البشر إلاّ بعد حين وربما لا يدركون أما يعانون منه سببه تلك التضاريس الغريبة على أسفلت القاهرة هل من الممكن تحويل الأسنان إلى عيون وهل لازم ولا بد أن تكون لنا عيون الذبابة المركبة التي تري من كل اتجاه وفي كل اتجاه وصوب؟!.
بيع أرصفة وميادين للشركات التي تؤجرها من الحيّ ويسرح فيها (السياس) بزي جديد (يونيفورم) لزوم الجوّ ودفتر إيصالات وهمي وتحصيل صورى ومقاول يحضر آخر النهار ويستلم المبلغ المعلوم حسب التقدير (لأن كل في مصر أصبحت حسب التقدير، الجمارك والضرائب والإعلانات والعمليات) المصدر (عفريت لكل سيارة- ملحق عالم النقل- الأهرام- العدد الخامس- مارس 2005).
كنت وأنا طالب في كلية طب عين شمس في أواخر الستينات وأوائل السبعينات أفطر مع زملائي في المدينة الجامعية، وكنا في دخولنا وخروجنا من المبني الخاص بنا أو من بوابة المدينة يواجهنا (ماسح الأحذية) يخبط في عنف بفرشاته على صندوقه تاجراً إلى كل منا في قسوة وكأنه يأمره بالامتثال له ووضع ساقه النحيفة على مكان الحذاء حتى يبدأ في عملية الطلاء بالصبغة والورنيش ثم التلميع والخبط ثم القبض على الفلوس واستدعاء من يلمه فوراً انتابتنا نحن الطلبة حالة من الاستسلام للأمر الواقع والدهشة وأحياناً الرغبة في الرفض لكننا لم نملك الاعتراض فلقد كان (ماسح الأحذية) قوياً في فرضه للأمور وفي سيطرته على الواقع إلى حَدّ لم يمكننا نحن الطلبة من الانسحاب أو حتى الابتعاد عنه.
ذكرنا هذا الموقف الصعب بحال السايس في شوارعنا وحاراتنا ودنيتنا وأرصفتنا التي لم تعد لنا وإنما للسايس فهو الذي يحكم ويتحكم ويشير عليك بالدخول أو الخروج، يمسح أو لا يمسح لك بالانتظار من عدمه. يطلب منك (تمور) تترك الفرامل أو المفتاح وتركن صف تاني وممكن وأنت تفعل ذلك تجد السيارة تنزاح إلى الخلف وأنت تفتح الباب وهو يصيح بأعلى صوته (يا باشا يا باشا حاسب يا باشا الخطأ ممنوع والزعل مرفوع) ثم وأنت تمضي لابد وأن يستوقفك ليحكي لك قصة البنت التي تعمل غسيل كلوى من سنة وهو يحكي الحكاية ويطلب مساعدة أهل البر ويدعو لك يخليلك الهانم ويزيد في الالحاح إلا أحس أنها (الجوّ) وليست (أم العيال). ألمهم هذا السايس في كل زمان ومكان، يستخدم المفردات المشهورة (أقفل المراية) (هتغيب سعادتك) (نهارك قلّ) (عجلة ورا يا بيه).
ويحكي د. سمير محمود (نفس المصدر السابق)، عن تجربة موظف يدعي أحمد عبد الرحمن خرج سيارته بصحبة زوجته لتناول العشاء في جو روحاني بسادة المسجد الحسيني فقرر الوقوف في أحد الشوارع الجانبية، وقبل أن يوقف محرك السيارة انشقت الأرض وخرج منها رجل يشبه "أبو رجل مسلوخة" يجر ساقه على عكاز خشبي متحدثاً في صعوبة آمراً إياه بدفع (عشرة جنيهات كاملة، لأن المكان سياحي).
المهم طلب الموظف إيصالاً وطلب ما يثبت أنها تعليمات المحافظة لكنه لم يجد سوي منطق القوة والأمر الواقع (منطق الفرض) و(ماسح الأحذية) الذي تحدثنا عنه في بداية الفصل. كذلك فإن كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر الشرطة (التي هي دائماً في خدمة الشعب) أما المسئول الكبير بمحافظة القاهرة (سابقاً) فيتحدث عن تجربته مع (السيس- العفريت) الذي يعلق لافتة معدنية على صدره وصفارة تتدلي إلى جواره وفي يده دفتر مطالباً بدفع مبلغ ثلاثة جنيهات وعن المساومة التي تمت بيهما، أنهت بمحاولة دفع نصف جنيه فقط لكن السايس رفض ولما علم بوظيفة المسئول تمتم (أوامرك يا سعادة الباشا) (نفس المصدر السابق).
الحكايات كثيرة ولا تنتهي بسمح بأصحاب العاهات واللصوص والبلطجية بأن يؤجروا أرصفة وشوارع مصر دون خجل ودون زارع، يتربصون بالناس وسياراتهم وبحياتهم وأموالهم. فوضي ما بعدها فوضي تضاف إلى سلسلة الضغوط على حياة المصرين خاصة في عاصمتهم القاهرة.
حقائق عن (نزيف الإسفلت)
ملحق 1
2020 |
1990 |
1. مرض القلب. 2. الاكتئاب. 3. إصابات الطرق. 4. الأمراض المخية (السكته). 5. الداء الرئوي الانسدادى المزمن. 6. أمراض الجهاز التنفسي . 7. السل. 8. الحروب. 9. أمراض الإسهال. 10. فيروس فقد المناعه. |
1. أمراض الجهاز التنفسي. 2. أمراض الاسهال. 3. ظروف الفترة المحيطة بالولادة. 4. الاكتئاب. 5. مرض القلب. 6. الأمراض المخية (السكته). 7. السل. 8. الحصبة . 9. إصابات الطرق. 10. التشوهات الخلقية. |
المصدر ـ الأهرام ـ ملحق النقل ـ ص14 المصدر ـ ملحق عالم النقل ـ الأهرام ـ العدد 11 ـ سبتمبر 2005 ـ ص 18
(تقدر الإحصاءات عدد الوفيات نتيجة حوادث الطرق بـ 3 أضعاف الوفيات نتيجة استخدام الأسلحة النارية. تقدر عدد حالات الوفاة التي أسفرت عنها تصادمات الطرق في عام 2002 بنحو 1.26مليون حالة وفاة، إضافة إلي60مليون إصابة كما اضطر الملايين إلى دخول المستشفيات، ووجود خمسة ملايين حالة عجز دائم، أذا استمر الأمر كذلك فسيتصاعد معدل الوفيات والإعاقات السنوية الناشئة عن إصابات حوادث الطرق بنحو 60% بحلول علم 2020، لتحتل المرتبة الثالثة في قائمة منظمة الصحة العالمية لأسباب الأمراض والإصابات في العالم بدلاً من المرتبة التاسعة) (نفس المصدر السابق).
حجم المشكلة في مصر 2005 • بلغ عدد حوادث (عام 2004) 9111 ، حادثة بنسبة زيادة 7.5% عن 2003. • بلغ عدد الوفيات 6766 وفاة بزيادة 11% عن (2004). • بلغ عدد المركبات 3398000 بزيادة 3.4% عن (2004)
أسباب الحوادث في مصر 2005 • سلوكيات السائقين 72%. • الحالة الفنية للمركبات (سلوكيات سائقين) 22%. • الأحوال الجوية 4%. • حالة الطريق 2%.
15% من نسبة إشغال أسرة المستشفيات لأشخاص أصيبوا في حوادث المرور. في 2005 تعد حوادث المرور رقم 3 بعد أمراض القلب والاكتئاب في نسبة الإصابة العليا في مصر (أنظر الجدول المرفق)
الفترة العمرية لمصابي الطرق في مصر • اقل من 17 سنة ـ 30%. • 17 ـ 45 سنة 57%. • أكبر من 45 سنة 13%.
آخر الإحصاءات: 9 حالات وفاة نتيجة حوادث المرور في مصر لكل 100.000 نسمة من السكان تقريباً (مقارنه مع 1.2 حالة في بريطانيا).
ملحق 2 نفس المصدر السابق ص 21 أحمد عاصم
أزمات المرور، الأسباب ارتباط وثيق بين العشوائيات كسكنى، عشوائيات الحياة اليومية، عشوائيات الإدارة، وعشوائيات المرور بين الميكروباص والعشوائيات السكنية التي بلغ عددها في القاهرة وحدها 82 منطقة عشوائية، بينما يقول سعيد محمد سعد سائق ميكروباص بدون لوحات معدنية، بدون أبواب وبدون مقاعد، يعنى قطعة حديد متحركة، للصحفي أحمد عاصم (نعمل إيه يا بيه عايزين نعيش) ولما يخبره أحمد عاصم أن العيش لا يتعارض مع شروط السلامة يجيب السائق (يا بيه الكلام حلو ومحدش يقدر يقول لأ لكن) في منشأة ناصر كثافة سكانية هائلة وهناك أتوبيسين نقل عام فقط، لذا يلجأ الناس إلى علبة الصفيح كما يسمونها ويتمتمون (يعنى هنعمل إيه هنروح أشغالنا ازاىّ ـ إيه اللي رماك ع المُرّ؟) إللي أمَرّ منه! اللواءات الكثيرون يتحدثون ليل نهار عن المشروعات (القومية) للنقل الجماعي، وأنهم حرروا في القاهرة 23 ألف مخالفة في أسبوع واحد لسيارات الميكروباص مخالفات مثل (فتح الأبواب أثناء السير، الوقوف العشوائي، وتعطيل حركة المرور).
الأبعاد النفسية لحوادث المرور في مصر ـ د.خليل فاضل (كان المانشيت عريضاً يدخل في قاع العين ويستقر في سويداء القلب كالرصاص الدمدم في مأساة مروعة أمام "حنفية" مياه عمومية ـ أتوبيس رحلات يقتحم الحنفية ويقتل ثلاث سيدات وطفلاً.. ويصيب (14) بإصابات خطيرة، الأهالي يشعلون النيران في الأتوبيس انتقاماً من سائقه ويغلقون الطريق في منطقة سقيل بالجيزة ـ (الأهرام 22يوليو 2004).
مع حلول فصل الصيف تكثر سفريات الناس إلى المصايف وتزيد معها حوادث الطرق، مما أصطلح عليه ب "نزيف الاسفلت"، تشير آخر الإحصاءات - نفس المصدر السابق إلى (1500ـ2000) قتيل سنوياً وثلاثة أضعافهم من الجرحى، وكان عدد ضحايا عام (2001) نتيجة حوادث السيارات على الطرق السريعة بين المحافظات (1850) قتيلاً و(7129) جريحاً في (2419) حادثة (المهندس أحمد فؤاد رئيس الهيئة العامة للطرق والكباري). وأرجع المهندس فؤاد (65) في المائة من الحوادث إلى السرعة الزائدة، (9%) إلى الأحوال الجوية و (12) في المائة إلى عيوب في إطارات السيارات و(13%) إلى سلوك السائقين الخاطيء و(1%) إلى عيوب في الطريق وتدل الإحصائيات على أن خمس الناتج القومي المصري يضيع في حوادث الطرق (حوالي خمسة مليارات جنيه).
كما أظهرت الدراسات المنشورة في الأهرام والتي يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها أن أغلبية الحوادث تعود إلى العنصر البشري (69%) مثل اختلال عجلة القيادة، الإرهاق، عدم الالتزام لقواعد المرور، التخطي الخاطئ من اليمين، تغيير الحارة، الوقوف الخطأ على الطريق وبروز أو ارتفاع حمولة أو حمولة زائدة في سيارات النقل. وفي إحصائية أخرى وصل عدد السيارات في القاهرة الكبرى إلى (5) مليون سيارة، وأن أعلى نسبة حوادث مرور شهدتها الجيزة حيث بلغ عدد حوادث المرور بها (3696) حادثاً أسفرت عن مصرع أكثر من (500) شخص وإصابة (3777) مصاباً.
هل لنا أن نقتدي بنيجيرياً حيث فحصوا عقول (608) من السائقين المخالفين فوجد شخص واحد غير سليم عقلياً وعشرين منخفضي الذكاء للغاية وغير مؤهلين للقيادة. لكن ماذا عن السائقين العاديين، مكتملي الذكاء والوجاهة، لماذا هذه السرعة الجنونية والإصرار على القيادة في عكس الاتجاه؟! هل هي سمات جديدة للشخصية المصرية التي ربما صارت باحثة عن التوتر؟! ترى هل بعض أو معظم تلك الحوادث سلوك تدميري للذات، وهل هي عملية ذهنية نفسية. مما لاشك فيه أن حوادث المرور هي المحصلة النهائية لسلوكيات (مركبة) ذات علاقة بسلوكيات أخرى، وبأمور أخرى ليست بذات أهمية للطب النفسي مثال حرارة الجو شخصية عسكري المرور، درجة تدفق المركبات في اتجاهات مختلفة فجأة في منتصف الليل (ميدان روكسي) مثالاً.. مع كل ذلك فإن حوادث السير ليست عشوائية فحوالي (90%) منها سببه سلوك السائق، شخصيته، دماغه، إدمانه، إجهاده، عامة فهناك نوع من البشر يكون معرضاً للإصابة أكثر من غيره بمعنى أنه (Accident Prone). ويعني هذه العوامل المتعلقة بالشخصية والتي تؤثر على عادات (السياقة) والتي لها دور نافذ ورئيسي في حوادث السيارات، بمعنى أن هناك عادات مرورية للمشاة ولسائقي المركبات تؤدي إلى الحوادث، وهنا يمكن تصنيف المعرضين للحوادث إلى نوعين (ذوي الحوادث المتكررة والكثيرة، وذوي الحوادث البسيطة)، النوع الأول يتسم بالاندفاعية، العدوانية، انخفاض أو عدم القدرة على تحمل ضغوط الحياة اليومية، الاعتماد على الآخرين، الانغماس في الذات وعدم اعتبار الآخرين، التعرض لضغوط اجتماعية شديدة، وكثيراً ما يكون تاريخهم الشخصي مليئاً (بالتزويغ من المدرسة، المشاجرات الدائمة، تعاطي المخدرات، تغيير الوظائف بكثرة ـ الحجز في أقسام الشرطة لسبب أو آخر..). غالباً ما نجد أن مرتكبي حوادث السير قد مّروا بإحباط أو بتحمل مسئولية كبيرة فجأة، والتعرض لانهيار عاطفي، عدم نضج شخصي، اكتئاب أو ميل غير طبيعي له.
وفي إحدى حوادث الطرق تزيد إلى الضعف في هؤلاء المكتئبين وكأنهم يسعون (لا شعورياً) إلى الموت (دون عناء محاولات انتحار مؤذية لمشاعر الأهل أو لأن الانتحار حرام لكن قتل النفس على الطريق حلال). وفي دراسة شيقة أخرى تم فحص (60) حالة مريض نفسي (33) منهم صنفوا على أن لديهم ميول انتحارية قوية ارتكبوا (89) حادث سيارة (يعني تقريباً كل واحد مسئول عن ثلاثة حوادث).
أما ال (27) مريض (بدون ميول انتحارية) فلقد ارتكبوا (36) حادثة مرورية (بمتوسط حوالي 1.3 لكل منهم). نعود إلى الموت في حادث سيارة عند اليأس والراغب في الموت عملية توفر له فرصة خطيرة لا يواجه فيها نفسه بالرغبة في الانتحار فالسيارة هنا تكون الأداة المستخدمة، توفر نفسها ولأنها تستخدم باستمرار فإنها توفر فرصة الموت على مدار استخدامها.
الحياة اليومية العصرية في مصر أصبحت مليئة بالضغوط التي تدفع دفعاً إلى احتمال الإصابة بالاكتئاب الذي إما يشير المريض فيجعله في حالة هياج مستمدة أو أنه يتحوصل على نفسه ويكون بطيئاً فاقداً التركيز مما يؤدي إلى التعرض للإصابة بسهولة فنجد أن التغيرات الحياتية المؤدية إلى الإجهاد والاكتئاب تفسر ظاهرة انتشار حوداث الطرق مع كل الاعتبار لكافة العوامل الأخرى: سلامة الإطارات (32% ). وعدم تقدير الفجوة المرورية، مثلاً.
أما عن دور المخدرات في الحوادث فهو معروف وموثق خاصة في سائقي (اللوري) على الطرق الطويلة وفي الشباب (سائقي السيارات الخفيفة على طريق الساحل الشمالي مثلاً، تعاطي المخدر اعتقاداً يقتل الوقت أو عدم الإحساس به يؤدي إلى التشوش وعدم تقدير المسافات وقلة التركيز في اتجاه معين).
لوحظ في عدد من متكرري الحوادث عوامل شخصية أهمها قلة الاعتبار الذاتي، عدم القدرة على ضبط النفس، انخفاض الإحساس بالمسئولية، التفكير والإحساس بالاضطهاد، الاكتئاب، العدوانية وغيرهما.. من هذا المنطلق نحتاج في مصر إلى تخفيف سيل السيارات على العاصمة، نحتاج إلى نظام مروري جديد وجيد نحتاج إلى قسوة في تطبيق القانون وإعادة النظر في فجواه، نحتاج إلى دراسة الأبعاد النفسية لسلوكيات الناس في الشوارع المختلفة والطرق السريعة. ونحتاج إلى ترسيخ مفهوم الأمن والأمان لدى المواطن العادي الاختناق المروري يخنق الناس ويضطرهم إلى كسر القواعد وتكرار ذلك يجعلهم يعيدون الكرة ويستمتعون بالأمر مما يزيد الطين بله، ربما كان للصبر حدود، لكن احترام حق الآخر في الطريق وتقدير مفهوم أن القطار لن يفوتك وأن شعار القيادة فن وذوق وأخلاق ليس مكانه المتحف المصري القديم.
نطرح هنا سؤلاً مهماً، أو علّه طلباً ملحاً هل من الممكن أن يشترك أطباء النفس مع مهندسي الطرق والكباري وعلماء الاجتماع ومهندسي السيارات إلى التنسيق ولتكن لجان السلامة المرورية بحق أمر يستحق الاهتمام.
في زاويته المهمة والطريفة (بساط الريح) كتب صلاح منتصر (ملحق السيارات جريدة الأهرام) وتحت عنوان... وأخرج شومة حطم بها القانون.. منذ أسابيع أصدرت محكمة شمال الجيزة الابتدائية حكماً يلزم الممثل سعيد صالح دفع 5610 جنيهات قيمة نفقات إصلاح سيارة صحفي بالأهرام (عبد الفتاح يونس) كان الممثل قد صدم سيارة الصحفي وهشمها من الأمام والجنب الأيمن (كما ذكرت الصحيفة التي نشرت الخبر) وأحدث بها تلفيات كبيرة، وعندما طلب الصحفي من سعيد صالح تحمل نفقات الإصلاح رفض مما اضطر الصحفي لرفع دعواه.
أخذ العدل هنا مجراه وهنا الحكم يطمئن أي واحد تعرض لتلفيات في سيارته، ورفض من كان السبب تعويض صاحب السيارة أن يلجأ إلى القضاء ضامناً حصوله على حقه. يعقب صلاح منتصر قائلاً: كلام جميل ولكن تنقصه معلومة صغيرة وهي أن القضية أقيمت عام 2001، ومنذ ذلك الوقت ورافعها ينظر حتى حكم له بعد خمس سنوات وهي كما تبدو قضية بسيطة لو نظرت في الخارج لحكم فيها في أول جلسة ولو أعتذر المدعي عليه وتحجج يتأجل نظر الدعوة للجلسة التالية ويتم حسمها دون تأخير في هذه الجلسة، ولكن الدعوى انتظرت خمس سنوات حتى تم الحكم فيها وهذا ما يفسر لماذا يستعوض البعض ربهم فيما أصابهم ويريحون أنفسهم من اللجوء إلى القضاء والذهاب إلى محام وتحمل تكالفه والجلسات ومتابعتها وربما حضورها وفي النهاية من يدرى...
ويري صلاح منتصر (نفس المصدر السابق) أن هذا يفسر تصرفا أصبح يحدث من البعض، كتب عنه أسامة هيكل في صحيفة الوفد، عندما شاهد سيارة صدمت أخرى في مدينة نصر وكسرت فوانيسها الخلفية.. فأوقف صاحب السيارة التي كسرت فوانيسها في لمح البصر السيارة، ومدّ يده في مكان في داخلها، فتح بابها وهو يمسك بشومه وقام بتحطيم فوانيس السيارة التي صدمته ثم قال لصاحبها بمنتهي البساطة: خالصين يا باشا...!!) كانت الشومة جاهزة مع السائق داخل السيارة، محدداً القانون الذي سيحترمه، قانون الفانوس بالفانوس والإكصدام بالأكصدام، والرفرف اليمين بالرفرف الشمال (قانون أن ما صدم في الزحمة لا يسترد الا بالشومة..!).
ومن المؤكد كما يري الكاتب أن حامل الشومة سبق له إن جرب وتعرض لإصابات في سيارته لم يستطع أن يعوضها فأشهر لنفسه هذا القانون الخاص الذي أصبح عاماً... لقد وجد أنه لن يحصل على التعويض المطلوب لما أصابه لهذا فأن كل الذي فعله، هو أنه أصاب الآخر بنفس ما أصابه.. بس خلاص.
(اللواء حمدي عبد الكريم مساعد وزير الداخلية) أما عن كلبشة السيارات المخالفة في الشوارع لتعطيلها حركة المرور يقول رد الداخلية (لعلكم تعرفون أن ظاهرة الانتظار الخاطئ أهم أسباب مشكلة الانسياب المروري، خاصة وسط المدن والقلب التجاري بها وذلك مع زيادة أعداد المركبات والتي لها العديد من الجوانب السلبية المتمثلة في الوقت المهدر والطاقة المُبّددة وارتفاع نسبة التلوث البيئي لمحركات المركبات وهذه المشكلة ليست مناطا بإدارات المرور فقط وإنما يجب إن تتكاتف لها الجهات العديدة ذات الصلة، كما يشار في هذا الصدد إلى انه تعاملاً مع المرور مع تلك المشكلة يتم اتخاذ الإجراءات التي تتفق مع قانون المرور على جواز رفع المركبة من الأماكن الممنوع فيها الانتظار أو من الأماكن التي من شأنها وجود المركبات فيها.. إلى إعاقة المرور أو تعرضها للخطر. وتفعيلاً لذلك النص تقوم إدارات المرور باستخدام الكلابشات كإجراء تحفظي مع وضع فرد مرور بجوار المركبة لحين حضور قائد المركبة أو حضور الونش، أيهما أقرب لرفع المركبة من مكان الانتظار الخاطيء وإيداعها في المكان المخصص مع أخطار مالك المركبة بمكان إيواء المركبة مع الزامة بتسديد قيمة رفع المركبة وإيوائها والتي يحدد قيمتها المجلس الشعبي المحلي بالمحافظة وذلك بما لا يتجاوز خمسة وعشرين جنيها).
ونحن مع أ.صلاح منتصر نتفق مع الداخلية في شرحها الوافي لكن إدارة المرور العبقرية لا تنتبه لمفاجآت (الشارع المصري) واتفق معه فيما قاله لكنني أشير إلى فصاحب السيارة الغلبان "المزنوق" الذي ركن سائق السيارة المخالف بجواره وزنقه وزادت زنقته عندما جاء المرور وكلبش السيارة المخالفة وأصبح لا يستطيع الخروج قبل وصول صاحب السيارة للإفراج عنها على الشارع المصري أن يتعاطف مع السائق المزنوق بدون كلابشات. 152 حادثة منذ إنشائه متي يعلنون وفاة.. كوبري الحوادث؟! (كوبري السيدة عائشة) وزير التنمية المحلية: إعادة تخطيط منطقة السيدة عائشة بالكامل.. ضرورة. خبراء التخطيط العمراني: المنطقة عقدة مرورية ضخمة.. ولا بديل عن إعادة تخطيطها أساتذة النقل والطرق: خطأ فادح في تصميم الكوبري للاتجاه من القلعة إلي الملك الصالح تحقيقات الأهرام ـ 6 ديسمبر 2006 ـ أمل إبراهيم سعد
عندما أنشئ كوبري السيدة عائشة كان الهدف منه تحقيق سيولة مرورية بشارع صلاح سالم الذي يعد من أهم الطرق السريعة في العاصمة.. وخلال25 عاما هي عمر الكوبري وقعت حوادث تتجاوز152 حادثة بمعدل6 مجازر بشرية سنويا يروح ضحيتها أبرياء بجانب الإصابات القاتلة والخسائر المادية الفادحة للسيارات وجسم الكوبري نفسه الذي طالب الخبراء بإحالته إلي المعاش فورا وتحويل المرور إلي السطح وإقامة أنفاق لسحب الكثافة المرورية مع منع مرور سيارات النقل التي تحمل مواد قابلة للاشتعال فضلا عن النقل الثقيل.
يشير الدكتور حسانين أبو زيد أستاذ التخطيط العمراني بكلية الهندسة بجامعة الأزهر إلي أن المنطقة كانت في أساسها مقابر وكانت خارج كردون الكتلة العمرانية للقاهرة القديمة, وقد أصبحت الآن مركز القاهرة الحديثة وهي تعاني من الازدحام والتكدس حيث يوجد بها أكبر تجمع لحرف البناء في مصر وأسواق تجارية يومية وأسبوعية وحركة سكانية مستمرة ومرور قادم من شرق القاهرة ومتجه إلي غربها وجنوبها وتتوافر بها جميع أنواع المواصلات السريعة والبطيئة في حين أنها علي محور سريع.. ومن هنا فهي تعد بمثابة عقدة مرورية ضخمة في حين أنها المدخل الشرقي للقاهرة القديمة وتشرف علي أجمل مناطق القاهرة التاريخية فعلي هذا القوس نجد القلعة ومسجد السلطان حسين والسيدة نفيسة وعلي الأطراف نجد القاهرة القبطية ومنطقة الكنائس.
وبالتالي فإن إعادة تخطيطها أمر لا بديل عنه بالشكل الذي يتناسب مع أهميتها وقدسيتها وكذلك إعادة دراسة النقل في ميدان السيدة عائشة بالشكل الذي يمنع اختلاط النقل السريع بالبطيء.. وأولي الخطوات الإستراتيجية نحو إعادة التخطيط نقل المقابر من هذا المكان والمساكن العشوائية والنظر إلي هذه المنطقة باعتبارها مدخلا للقاهرة التاريخية والأماكن الأثرية المهمة.
أخطاء فادحة خبراء الطرق والنقل لهم آراؤهم في المشاكل الناجمة عن كوبري السيدة عائشة نفسه حيث يقول الدكتور أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة جامعة عين شمس إن هناك اتجاهين علي هذا الكوبري القادم من الملك الصالح وهو لا يعاني من أية مشكلات والقادم من القلعة ومتجه إلي الملك الصالح ويعاني من مشاكل وهناك خطأ فادح في تصميم الكوبري بالنسبة لهذا الاتجاه حيث يوجد منحدر شديد وتتعرض السيارات لسرعة عالية واندفاع شديد نتيجة هذا الانحدار في حين آن الميل طفيف علي مطلع الكوبري ولا يحد من السرعة وطول المنحدر قليل وبالتالي فإن السيارات تصل إلي المنحني فوق الكوبري بنفس سرعتها بالإضافة إلي عدم وجود ميل عرضي في المنحني كما تنص علي ذلك المواصفات وبالتالي فإنه كنتيجة طبيعية للقوي الطاردة المركزية يفقد قائد المركبة السيطرة عليها ولا يستطيع التعامل مع المنحني فتكون النتيجة إما أن تسقط, وبالتالي لا نبالغ إذا قلنا إن كوبري السيدة عائشة يعاني من أعلي معدلات الحوادث نتيجة أخطاء في تصميمه حيث تحدث مابين3 إلي4 حوادث قاتلة سنويا وأي حادثة فيه تعادل تكلفتها تكلفة إصلاح المشروع بأكمله!!
وهو ما أدي إلي إطلاق تسمية نقطة سوداء'blackspot' علي هذا الكوبري ومن المعروف أن النقاط السوداء ينبغي معالجتها علي الفور. ويوضح أن الكوبري أنشئ بمنحة من تشيكوسلوفاكيا ويصل عمره الآن إلي مابين22 إلي25 سنة وكان الهدف منه تحقيق سيولة مرورية علي طريق صلاح سالم وعدم تعرضه لأي ارتباك أو عطل مروري عليه.. وهو يقع في منطقة محورية حيث يقع في امتداد صلاح سالم كما أنه أكبر محور (شمالي جنوبي) في القاهرة.. والحل الأمثل هو إعادة تخطيط المنطقة وتحويل المرور بعيدا عنها وإذا لم يحدث هذا فالاقتراح هو إعادة تخطيط الكوبري بطريقة علمية سليمة ويتم توسعة المنحني علي حساب جزء من سور المقابر الموجودة قبل سور مجري العيون. ويضيف: من الأمور المتعارف عليها منع سير السيارات التي تحمل مواد خطرة أو قابلة للاشتعال أو سامة فوق الكباري فهذه السيارات لها مسارات أرضية سطحية في كل دول العالم المتقدم.
النقل فوق الكباري! الدكتور عيسي عبد الله أستاذ الطرق بهندسة عين شمس يري أنه من الضروري الالتزام بمنع صعود سيارات النقل تماما أعلي الكباري نظرا لأن لها مواصفات خاصة في المنحنيات والدورانات وتأخذ حيزا أكبر أعلي الكباري, ولذلك يجب اللجوء إلي إنشاء حواجز تحديد الارتفاعات فوق الكباري بحيث تمنع صعود سيارات النقل إليها.. ولاشك أن محور صلاح سالم من المحاور المرورية المهمة حيث يمر به50 ألف سيارة يوميا وهناك عيوب هندسية في تخطيط كوبري السيدة عائشة أهمها المنحنيات الحادة ومسافات الرؤية ضعيفة بحيث لا يتمكن قائد المركبة من اتخاذ قرار سليم في الوقت المناسب وكذلك فهو لا يتحمل السرعات العالية أو المركبات الكبيرة.
اقرأ أيضا: سيكولوجية المنافق، الضلالي.. والبلطجي / نفسية المصريين: الزواج:أهم الاحتياجات العاطفية / سر الخلافات الزوجية المتكررة / المصريون والعفاريت(1) / المصريون والعفاريت(2) / المصريون والعفاريت(3) / المصريون....والتربص الاجتماعي / المجتمع المصري وظاهرة رجل الأسرة الطيب / نفسية المصريين (المنتحرون.. لماذا؟) ـ (1) / عفة اللسان ونظافته، ضرورة حضارية / المصريون وبانوراما النفس والجسد / المصريون وبانوراما النفس والجسد(2) / المصريون والتعليم / السيكودراما الحديثة في القاهرة / التعصـــب ... وفلسفـــة الإنكــــار / الخــوف مــن الحميميــة..... لمــاذا؟! / الإدمـان... نحـو استراتيجيــة اجتماعيــة جديــدة / لغز مذبحه بني مزار / تحليل علمي للتجارب المصرية واللبنانية / صالون خليل فاضل الثقافي / صالون خليل فاضل الثقافي، خاتمة
الكاتب: د. خليل فاضل
نشرت على الموقع بتاريخ: 07/06/2007
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|