|
|
|
لماذا يخافون الإيمان؟! ::
الكاتب: د. أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 22/03/2008
أتابع باهتمام ما وسعني الجهد ما يصدر عن أخي الداعية "عمرو خالد"، وأتمنى له الخير والتوفيق وسط ألغام وفخاخ كثير يضعها البعض في طريقة لعله يتورط أو يفشل، في مشهد مثير للتأمل والرثاء معا فيما يتعلق بالعمل العام في مجتمعاتنا.
وفي حواره المنشور بالمصري اليوم الاثنين 18/ 2 الكثير مما يستدعي التعليق، ولفت الانتباه، ولكنني أقتصر على السؤال الذي يوجهه إلى الحكومات العربية: إنتم خايفين من الإيمان ليه؟!
ثم تحدث عن توجيه الإيمان في سبيل البناء والتنمية، ويوسع دائرة السؤال أكثر حين يقول: لماذا نخاف من الإيمان؟! وعلى خلفية تجربة وخبرات متنوعة وممتدة أرى أن الاجتهاد في طرح أسئلة صحيحة، والبحث عن إجابات حقيقية لها، يبدو ممارسة غائبة عن حياتنا ـأقصد السؤال والإجابةـ وأجتهد هنا في محاولة الرد على هذا السؤال.
أما الحكومات فالمعادلة عندها واضحة، السلطة لا تريد إزعاجا ولا محاسبة جادة، لا تريد اعتراضات على سياسات، ولا معارضة لتوجهات، ولا تريد أن يدرك كل مواطن أن إيمانه يوجب عليه أن يأمر بالمعروف ـبالمعنى الواسع للمعروفـ أو ينهى عن المنكر بأشكاله وأنواعه ودرجاته!!
وهناك خبرات وتجارب سابقة حاولت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكانت جمودا أو خروجا أو تسلطا على الأفكار والأفراد، فضلا عن صراعات دامية شاهدناها لم تشفع فيها النوايا الحسنة ولم تحل دون وقوع أضرار جسيمة، وما زالت بعض هذه التجارب تتفاعل متوسلة بالإيمان، وخطواتها مخيفة للناس وللسلطان كل بحسب موقعه، والحكومات تريد بقاءً في قصور الحكم، وتضخما لثروات الكبار، وفي الإيمان قوة ترفض الظلم والتمييز، وتداخل السيف مع الذهب، والتجارب المنطلقة من الإيمان حاملة شعاراته تخيف الحكومات أخطأت أو أصابت!! ولا يقتصر الخوف على الحكومات بل إن الكثيرين من العقلاء صاروا يؤثرون الصمت، أو يتخذون موقفا سلبيا من تصاعد وتيرة مشاعر يختلط فيها الإيمان مع سموم أخرى، وأمراض صارت تعيق أية نهضة منشودة!!
ولقد تعودنا أن يأتي نقد مشاعر وتصرفات وأساليب وأخطاء المتدينين من أطراف استسلمنا واسترحنا إلى وصفهم بالعلمانيين أو غير ذلك من الأسماء لنبرر إهمال ما يقولون، وصار حتما أن نواجه أنفسنا ونعترف ونتصارح بشجاعة أن بعض الإيمان، وإيمان البعض قد صار في حالتنا حاملا لأضرار محققة ومتوقعة، وفي هذا المناخ تتوالد الفتن، وينغلق الأفق!!
استنادا إلى الإيمان واختلاطا به تتصاعد مشاعر ومواقف وممارسات ضد الحد الأدنى من العقلانية والحرية واحترام الاختلاف والتنوع، والسلام والاستقرار الاجتماعي، والتماسك الوطني!! حروبنا المذهبية والطائفية، ونزاعات اليوم والليلة في مجتمعاتنا تشهد بأن الكثيرين يفضلونها دينية!! جرائم كثيرة فادحة تتضمن ممارسات تعصب، وإزهاق نفوس، واستباحة أعراض، وضياع مصالح خلق كثيرين، وكلها جرائم ترتكب باسم الإيمان بدين أو مذهب أو فكرة أو أيدلوجية!!
ملايين العقول المتحجرة، والنفوس الضيقة، والأمزجة النكدة، والتصرفات العدوانية، والتصورات المشوهة، والأحكام القطعية، والتحليلات السطحية، والرؤى القاصرة، والأوضاع المتخلفة، والمظالم المتراكمة تملأ عالمنا وأوطاننا وهي تبدو، وتقدم نفسها مستندة إلى الإيمان، أو منطلقة منه، أو متلبسة به!!! ربما يكون الإيمان في أصله خير كله، فإذا به يتحول في حالتنا، ومع سوء فهمنا وتفاعلنا إلى وبال يعطي فرصة ذهبية لخصومه ومنتقديه بأن يشعروا بسلامة موقفهم وتقديرهم،من أن الإيمان يجلب الشر،فهم يتحسسون رؤوسهم وأعناقهم كلما سمعوا كلمة إيمان!!
الإيمان السليم في أصله يصون ولا يبدد، يجمع ولا يفتت، يحمي ولا يهدد، يدعم ويعضد، بينما في أحيان كثيرة تحول عندنا إلى مدخل تمزيق وتمييز وتغييب وإقصاء وتناحر وفوضى وتسيب وتسلط!!!
والمسألة ليست بعيدة عن الحكومات، ولكنها أكثر تتعلق بتراكمات ذهنية ونفسية واجتماعية ممتدة، وخلاصة المشهد تخيف من له عقل يدرك، أو كان له قلب يشعر، أو يستشعر مسئولية أن يشهد على واقعنا.
الجميع متورط ومدان، ولا أبرئ نفسي، والظن بأن الكرة في ملعب الحكومات وحدها حتى ننتظر موافقتها، أو نتوهم فنعتقد أن مقاليد هذه الأمور بيدها، وأنها هي العائق في وجه النهضة بالإيمان، أزعم أن هذا من التبسيط الذي لا أحسب أن أخي عمرو يقصده!!
كثير من الإيمان المتصاعد مخيف لا للحكومات وحدها، لكن لأطراف عديدة إما لأنها متضررة فعلا، أو متوجسة، وأزعم أن المشهد مخيف فعلا وبعمق!!
إن أي مراقب منصف سيكتشف بسهولة أن الإيمان قد ربح جولة المعركة التي خاضها ضد أعدائه حين سقطت كل محاولات التأسيس على الإلحاد، مع الاختلاف في الأسماء والتفاصيل، وأزعم أن تلك كانت معركة سهلة!!
تبقى الجولة الأهم والمعركة الأخطر، وهي تلك التي صارت تفصلنا عن النهضة، وهي معركة بين إيمان وإيمان، إيمان أصيل لا تستغني عنه فطرة ولا نهضة ولا إنسانية، وإيمان مغشوش ينتج فسادا وجمودا واستبدادا وتخلفا أو يتعايش معهم فتصبح حياتنا الجحيم الذي نراه!!!
اقرأ أيضا: إدمان الجنس / كاريزما الإمام الشهيد: مقدمات قراءة نفسية / الشذوذ الجنسي انحراف أم تنوع / ثقافة الفضيحة / دافوس ببساطة / مصر مريضة: محتاجة كونسلتو / عمرو خالد: على خطى الحبيب / في الحياة الزوجية.. هكذا يخطئ الرجال / نحو حركة اجتماعية جديدة / أحمد زكي.. كادر مختلف / لماذا يخون الرجال؟! / هل الخيانة الزوجية مرض نفسي أو اجتماعي ؟!! / قراءة في كتاب: سيكولوجية الشائعات / خائنات الديجيتال / مصر ولادة وأولادنا متفرجون ومتفجرون / الجنس في حياة الفتاة العربية! / رمضان: ملاذ الأرواح / كيف تدفع عصابة بوش الثمن فادحًا؟! / الذوق العام الاستعمار، والقابلية له : هل يعيد التاريخ نفسه ؟!! / صور أبو غريب.. رؤية نفسية / البركة أم اللعنة ؟! الدين ومجتمع المعرفة / سيكولوجية الفتاه العربية / في الجنس وغيره أخطر مما يسمي / هكذا صنع الله.... مثقف خارج الحظيرة / إبحار الأجيال وتعاقب الأمواج البناءة / الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف / عالم عربي جديد يتشكل / كيف نعيش جنسياً؟! تقرير بناتي- مشاركة
الكاتب: د. أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 22/03/2008
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|