|
|
|
الفصام: الشيزوفرينيا ::
الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 24/05/2008
(الشيزوفرينيا، ورمزه في الدليل المصري صفر 7)
مرض الفصام (أو أمراض الفصام) هو مشكلة المشاكل في الأمراض النفسية فهو من ناحية.. أخطر الأمراض وأكثرها تهديداً بالتدهور والاضمحلال، ومن ناحية أخرى أكثرها غموضاً وتداخلاً مع سائر الأمراض، ومن ناحية ثالثة يحوى أنواعاً متباينة حتى ليكاد بعضها يبدو وكأنها عكس الآخر، وأخيراً فإن استجابته للعلاج تختلف من نوع إلى آخر.. بحيث يصعب التنبؤ متى يتوقف سير المرض ومتى يتدهور المريض.. وقد لجأ الدليل المصري إلى تحديد طبيعة هذا المرض بالإشارة إلى أنه يثير مظهرين مرضين: أولهما: أنه يشير إلى تطور عملية ذهانية تسبب تخلخل الشخصية وتفككها. وثانيها: أنه يشير إلى نتاج هذه العملية في صورة اختلال الشخصية... وما أصابها من عجز ونقصان وتدهور في النهاية. وبالتالي فإن اختلاف مظاهر أنواع الفصام يرجع إلى تداخل هذين البعدين بعضهما مع بعض.
ويمكن شرح مرض الفصام وصفياً بالقول بأنه مرض عقلي يتميز بأعراض متنوعة أهمها الميل إلى الانسحاب من الواقع والجنوح إلى التدهور التام للشخصية في ناهية الأمر، وهو يظهر في مجال العاطفة في صورة ثنائية الوجدان أو تناقض الشعور والوجدان، وسرعة تذبذب العواطف، ولاتوافق العواطف مع الفكر أو السلوك العملي، وأخيراً فقد الشعور واللامبالاة.
أما في مجال السلوك العملي والإرادة فإنه يظهر في شكل سلوك حركي شاذ وميل إلى الخلف، وأحياناً ذهول تام. وفي مجال التفكير والإدراك فإنه يظهر أساساً في شكل سوء تأويل المدركات والعجز عن التجريد، وتفكك الأفكار، وتكاثفها، وقد توجد هلاوس وضلالات غير منظمة في العادة.
وهكذا نجد أن شمول هذا التعريف الوصفي وغموضه في نفس الوقت يجعلنا أمام مشكلة تصنيفية صعبة بالمقارنة بمرض الهوس والاكتئاب أو البارانويا حيث يوجد اضطراب أساسي (في الانفعال أو محتوى الفكر بالتوالي) نرجع إليه سائر الأعراض. ولفظ فصام هو اللفظ الذي فضلنا استعماله عن تعبير انفصام الشخصية حتى لا يحدث خلط بين هذا المرض وبين ازدواج الشخصية الذي هو مرض هستيري انشقاقي أساساً.. (ويمكن استعمال لفظ شيزوفرينيا متبعين نفس قاعدة الاحتفاظ بالتعريب دون الترجمة إذا كان الأصل لاتينياً) والفصام يشير إلى تفكك مكونات النفس عن بعضها وتشمل ثلاثة أبعاد: 1- تفكك مستويات النفس عن بعضها: (بما تشير إليه من مستويات الأنا وحالات الأنا أو نوعيات الوجود أو مستوياته... الخ) ذلك بمعنى أن المستوى الأقدم -مثلاً- ينفصل عن المستوى الأحداث ويعمل الاثنان في نفس الوقت وفي نفس محيط الوعي; في تنافس وتضاد أحيانا فيختلط الأمر وتظهر الأعراض، من نتاج هذا التنافس والتضاد والصدام.
2- تفكك الوظائف النفسية عن بعضها: فإذا تذكرنا أن وظائف الشخصية هي التفكير والعاطفة والعمل فإن التفكك هنا يعنى أن كلاً منها يسير في واد، فالتفكير في واد، والعاطفة في واد.. والعمل قد يوافق أحدهما ويخالف الآخر أو لا يوافقهما إطلاقاًً، أو بمعنى آخر لو شبهنا الشخصية بساعة لها ثلاث تروس لأمكن أن نتخيل كل منهما يسير كيفما اتفق دون اعتبار لزميله. ومعنى هذا أن الساعة تصبح فاسدة وعاجزة عن تأدية وظيفتها، وهذا هو ما يفعله الفصام في الشخصية تماماً حين يستتب أمره.
3- تفكك داخل الوظائف ذاتها: بمعنى أن التفكير ذاته -مثلاً- بعد أن يكون متسلسلاً ذا فكرة رائدة وهدف واضح يتفكك ويفقد هذه الفكرة المركزية Central Idea وتصبح الأفكار غير مترابطة، ومتداخلة، وعشوائية وغير هادفة كما أن العاطفة تتفكك في داخلها بمعنى أنها قد تحلل إلى أصولها فيختلط الغضب بالخوف بالفرح الطفلي في آن واحد أو بالتبادل السريع بينها. كما أن العمل تتفكك وحداته، فيصبح غير متصل ولا هادف وتصبح الحركات مكررة أو مبتورة.
وبديهي أن هذه الدرجات من التفكك يلحق بعضها بعضاً; فالدرجة الأولى نراها في بداية العملية الفصامية والدرجة النهائية نراها عند استتباب المرض.
الأسباب (أ) الوراثة: 1- لوحظ حوالي 50% من عائلات الفصامين عندهم تاريخ إيجابي للمرض العقلي. 2- لوحظ أن التوائم المتماثلة تصاب بنسبة 60 إلى 80% بالفصام إذا أصيب أحدهما به.. حتى لو نشأوا بعيداً عن بعضهم. 3- لوحظ أن أشقاء الفصامين يصابون بالفصام بنسبة حوالي 14% وأن الأخوة غير الأشقاء بنسبة 7% وأن أطفال الفصامين يصابون بنسبة حوالي 16%، ماذا قارنا هذه النسبة بنسبة تواتر الفصام في عامة الناس وهي 1% تقريباً تبينا كيف أن هذا المرض له أسباب وراثية واضحة. 4- اختلف العلماء في نوعية الوراثية ما بين مورث متنح، أو متعدد والمهم هنا هو الإشارة إلى أن هذا المرض شائع (حيث يعتبر المرض شائعاً إذا زادت نسبته في الناس عن 1 في 10.0000) وفي نفس الوقت هو خبيث تطورياً (لأن مدى عمر من يصاب به أقل من العمر العادي كما أن خصوبته وقدرته على الإنجاب أقل من الشخص العادي). وهذا التآلف مستحيل نظريا بمعنى أنه لو صدقنا أن هناك مرض شائع وخبيث في نفس الوقت لقضى على البشرية وانقرض الإنسان.
ولقد قدم فرض يقضى بأن الفصامي لا يرث المرض وإنما يرث الاستعداد له وتحدث المرض إذا صادف هذا الاستعداد مرسبات تربوية أو بيئية وهذا الافتراض يعتبر الفصام أحد التفاعلات المرضية Reaction لصعوبات الحياة وهناك تفسير آخر وهو أن الموروث هو خاصية تطورية مفيدة (مثل الطاقة الخلاقة أو مقاومة الأمراض والصعوبات) وأن الفصام ما هو إلا الطفرة السيئة لهذا المورث الجيد، بمعنى أن التطور الذي تم نتيجة لهذا الاستعداد الموروث حدث في اتجاه سلبي هو المرض وليس في اتجاه إيجابي ناحية الابتكار والإبداع.
وقد استدل أصحاب هذا الرأي على ذلك بأن أقارب الفصامين الذين لا يصابون بالفصام تكون لهم ميزات جسمية وعقلية عن الشخص العادي لهذا فإن الفرض يفتح أبواباً آملة لتطور الإنسان حيث تصبح مهمة التربية هي توجيه هذه الطاقة إلى التفوق والإبداع. بدلاً من توجيهها سلبياً إلى المرض.
وتصبح الوراثة ليست سبة دامغة وإنما هي إمكانية علينا مسئولية توجيهها.. وتحتم هذه النظرة المتفائلة إلى طبيعة المرض وإمكانيات المريض مزيداً من العناية بالمرضى وأقاربهم على أمل الحصول منهم على قدراتهم الابتكارية في خدمة المجتمع.
(ب) السن: يبدأ المرض عادة في سن المراهقة والشباب، فلقد لوحظ أن ثلثي الحالات تحدث بين سن 30 - 15 كما أن أكثر سن يحدث فيه المرض هو حول 25 سنة، ولكن بعض أنواع الفصام (مثل بعض حالات الفصام التصلبي - الكاتاتوني - أو الضلالي) تحدث في سن متأخرة نوعاً. (ج) التكوين الجسمي والشخصية: لوحظ أن الفصام تحدث فيمن يتصفون بالنحافة أو التكوين الجسمي غير المنتظم، كما لوحظ أنه يحدث للأشخاص ذوى الشخصية الفصامية الاتجاه الشيزويديين وخاصة الذين يتصفون بالمثالية والإصرار على تحقيق المطلق دون سعى يومي واقعي إليه.. أو حتى إلى ما دونه.. على أن التكوين الجسمي قد يتغير في الحالات المتدهورة من الفصام، إذ قد يصبح النحيف بديناً ذا تكوين غير منتظم وهذا في ذاته علامة سيئة لو حدثت فإنها تدل على سرعة التدهور.
(د) التغيرات الجسمية (الكيميائية.. والهرمونية... والتركيبة): وقد لاحظ كثير من الباحثين أن هناك اضطرابات في أجهزة الجسم المختلفة تصحب مرض الفصام ومن ذلك: (1) اضطرابات الغدد الصماء: فالفصام يحدث نادراً قبل البلوغ، وقد يكون العامل المرسب فيه هو النفاس أو انقطاع الطمث مؤقتاًً كما أن مرضى الفصام يفتقرون عادة إلى اكتمال النضج الجنسي ولذلك، فقد تظهر صفات الرجولة في الإناث والأنوثة في الرجال.. ويكون هذا دليلا على مصير سيئ للمريض وهناك ملاحظة أخرى بالنسبة لقشرة الغدة الكظرية (فوق الكلوية) وهي أنها تكون أضعف من المستوى الطبيعي في استجابتها للضغوط وذلك لأن إفرازاتها في هذه الحالة تكون أقل من المعدل الطبيعي.
وقد وجد الباحثون في علم الأمراض بعض التغيرات الميكروسكوبية في خلايا الخصيتين والمبيضين وكذا الغدة النخامية ونخاع الغدة فوق الكلوية ولكن الربط بين هذه التغيرات وبين مرض الفصام كان -ومازال - موضع شك من كثير من الباحثين.
(2) اضطرابات في التمثيل الغذائي: عزى بعض الباحثين قتامة لون بشرة الفصامي إلى اضطرابات في التمثيل الغذائي، وقد وجد أن متوسط مقاييس الفصامي تكون دون الطبيعي من حيث وزن الجسم. وسريان الدم وسرعة النبض وضغط الدم الانقباضي. واستهلاك الأكسجين وحركة الأمعاء، وسرعة التمثيل القاعدي. كما لوحظ أن استجابة المريض للمثيرات أقل من غيره ومن أمثلة المثيرات. الأدرينالين والانسولين والثيروكسين وغيرها.
كما وجد أن قيم مستويات التمثيل الغذائي في الدم (مثل الجلوكوز. والمواد النيتروجينية غير البروتينية والكرياتين وثانى أكسيد الكربون) غير مستقرة. وقد وصف بعضهم اضطرابات دورية في المواد النيتروجينية غير البروتينية وتتبعها بانتظام فوجدها تساير أطوار الفصامي التصلبي.
وأخيراً فهناك من يعتقد أن اضطراب التمثيل الغذائي في الفصام يتمثل في إفراز مادة سامة مثل الهستامين أو مادة متوسطة منتثيل الأدرينالين هي الأدرينو كروم أو مشتقاته، وآخرون يعتقدون أن اضطراب الكاتيكولامينات، أو إنزيمات الأمينات، أو السيروتونين وبصفة عامة الموصلات العصبية.. يعتقدون أنها تتغير بشكل معين وأن هذا هو السبب في حدوث الفصام.
ولابد أن نقف هنا وقفة قبل أن يضطرنا غموض مسببات الفصام وطبيعته إلى التسليم لأول ظاهرة كيميائية أو عضوية على أنها السبب وإلا فإننا نكون قد جاوزنا العلم خوفاً من تحمل الغموض، وسعياً إلى التحديد المتعجل فنسير على غير هدي، ونورد في هذا الصدد عدة ملاحظات هامة.
(أ) إن وجود هذه المواد زيادة أو نقصاً هي ظواهر جزئية وأن علاقتها بوظيفة المخ من ناحية وبسائر المواد التي لم تختبر من ناحية أخرى لابد أن تؤخذ في الاعتبار، وهي غير معروفة حتى الآن. (ب) أن كثيراً من نتائج الأبحاث الكيميائية التي نتحمس لها سرعان ما تظهر نتائج الأبحاث اللاحقة مضادة لها.. وهذا لا يمنع أن نأخذ الحقائق الحالية ولكن علينا أن نتواضع إزاءها، ونعتبرها ظاهرة محدودة أو مجرد فرض حتى يتم التيقن منها. (جـ) أن العلاقة السببية بين هذه المواد المكتشفة وظهور مرض الفصام غير واضحة، بمعنى أنه لا يوجد دليل يؤكد أيهما النتيجة وأيهما السبب.. ولقد يثبت (وهذا محتمل جداً) أن الفصام هو سبب ظهور هذه المواد وليس العكس أي أن هذه المواد لا تحدث الفصام. وإنما تنتج عنه!! (د) أن الأبحاث المعملية.. (على غير الأحياء.. وعلى الحيوانات) لا يمكن تعميمها بسهولة على الإنسان. (هـ) أن الحماس لهذه الحقائق الجزئية قد يكون مهربا من مواجهة الفصام كمشكلة وجود وظاهرة نفسية تدهورية قد نتعلم من التعمق فيها ما يساعد مسيرة الإنسان بصفة عامة مريضاً وسليماً. وعلى ذلك فإننا ينبغي ألا نهمل هذه الحقائق وعلينا أيضاً.. أن نأخذها بحجمها الحقيقي ونضعها في الإطار الشامل للأسباب والنتائج لهذه المشكلة الخطيرة. (هـ) الجهاز العصبي المركزي: حاول بعض المشتغلين بطب الجهاز العصب أن يفسروا مرض الفصام بما يصيب الجهاز العصبي المركزي من تغيرات فرأى بعضهم أن اضطراب الغدد الصماء وكذا اضطراب النوم والأعراض التصلبية تشير جميعاً إلى تغير في وظيفة المخ الأوسط Diencephalon. ووصف آخرون تغيرات مجهرية في خلايا القشرة المخية Cerebral Cortex وقد ذهب بعضهم - بعد دراسة مكان تأثير العقاقير التي تحدث تسمم.
شبيها بالفصام والمسماة: محدثات الذهان Psychotogenic drugs ثم دراسة تأثير العقاقير التي تحبط مفعول محدثات الذهان وهي العقاقير المهدئة العظيمة Major Tranquilizers ذهب هؤلاء إلى أن مصدر الهلاوس والضلالات يوجد في المنطقة الحاجزية Septal area ومجاوراتها. على أن كل ذلك -مع الأسف- لم يثبت صحته بصورة نهائية حتى الآن ومازال في مرحلة الفرض الذي يلزم تحقيقه.
وقد ذهب البعض إلى القول بأنه كما يؤثر اضطراب النفس على أي جهاز من أجهزة الجسم بما يسمى الأمراض السيكوسوماتية، فإن اضطراب النفس يؤثر على المخ بنفس الطريقة، وذلك في المراحل المتأخرة لمرض الفصام، وقد وصفت تغيرات شديدة في تنظيم خلايا المخ وتدهورها في هذه الحالات المتأخرة وقيل أنها نتيجة لاضطراب عمل مستويات المخ وعدم تآلفها طوال سنوات طويلة. وهنا يلزم ثانية مراجعة أيهما السبب وأيهما النتيجة.
(و) الأسباب النفسية: 1 - ويرى بعض الباحثين أن الفصام ليس سوى تجمع عادات سيئة نتيجة للتفاعل الخاطئ مع البيئة فتصبح هذه العادة من صفات الإنسان الثابتة فإذا زاد الضغط الخارجي اشتدت عادات الهروب وظهر المرض، ومن أمثلة هذه العادات الخاطئة: العجز عن تقبل الواقع، والانطواء، والمثالية النظرية، والاستغراق في أحلام اليقظة.. الخ.
2 - وقد أرجع آخرون الفصام إلى أن النضج توقف بشكل عنيف عند المراحل الأولى من الحياة (الشهور الأولى) فتجمد الوجود عند الذاتية المطلقة (النرجسية الأولى، أو الموقف الشيزويدي البارنوي) وأن الأم لم تحط الطفل إذ ذاك بقدر من الحنان والتفاعل يسمح بتكوين علاقة مطمئنة مع الآخرين وبالتالي فإن الضغوط اللاحقة في سن المراهقة أو بعدها قد تدفع بالمريض إلى الانسحاب إلى هذا الموقف الأولى المتجمد، بطبيعته الانعزالية التي تلغى وجود الآخرين، ومن ثم تظهر الأعراض نتيجة لفشل العلاقة بالواقع واضطراب الوظائف العقلية الحديثة (مثل التفكير المنطقي) تحت وطأة انسحاب الطاقة بالنكوص إلى هذا المستوى المتقدم.
3 - ذهب مؤلفا هذا الكتاب في عمل سابق A.B.C. of Psychiatry إلى أن الاضطراب الأساسي في الفصام معان عامة فإن المريض يستعملها بلا جدوى الاجتماعية، لأنها لا توصل ما يريده إلى الآخرين, كما أنه يسمع.. (ولا ينصت) لكلام الآخرين، وبالتالي فإن وسائل الاتصال الحقيقية بينه وبين الآخرين تتقطع. فيتزايد انطواؤه النفسي، وتضمر عواطفه الحقيقية، وينهار تحت ضغوط البيئة المختلفة وينسحب بالتالي.
4 - ذهب آخرون (أرتين) إلى أن اختفاء المنطق العام وإحلال المنطق البدائي والانفعالي والذاتي محله، مع وجود تخيلات حول الذات الداخلية المشوهة الخائفة.. كل هذا هو المسبب الحقيقي للانسحاب من الواقع وبالتالي إلى التفكك المتناثر.. ومن ثم ظهور الأعراض.. وبديهي أن حجم هذا الكتاب لا يتسع إلى مزيد من التفاصيل وإنما نريد أن نشير إلى أن كل هذه النظريات لا تتعارض حتماً وإنما تكمل بعضها بعضاً، حتى أن النظريات النفسية تكمل أيضاً النظريات العضوية بلا تعارض حاد إلا في الظاهر وفي ترتيب السبب والنتيجة.
ونستطيع أن نوجز ذلك فيما يلي: فالفصام، هو نتيجة لاستعداد وراثي، قد توجهه التربية والبيئة إلى مسار تطوري حسن، وقد تسهم في تجميد نمو صاحب هذا الاستعداد عند مرحلة بدائية من الوجود، وبتزايد العجز عن التواصل والدفء العاطفي والتفاعل الاجتماعي النشط يزيد عبء الواقع عليه. وقد تفقد اللغة وظيفتها الاجتماعية، وبظهور سبب مرسب، أو نتيجة لتراكم الإنهاك من الاحتكاك بالواقع تنسحب الطاقة (اللبيدو أو القوة النفسية أو الطاقة الفسيولوجية الخ) إلى مستوى بدائي من الوجود، ويعجز المريض عن الاستمرار.. فتتفكك مستوياته ووظائفه ومقومات هذه الوظائف ويظهر المرض، وقد يصاحب ذلك كله تغيرات كيميائية مختلفة قد تكون هي المسبب الحقيقي لكل هذا الموقف السلوكي كما قد تكون أحد النتائج الكيميائية الحيوية له. وللحديث بقية........
الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 24/05/2008
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|