إغلاق
 

Bookmark and Share

الوصاية على السفيه من فتح الباري1 ::

الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 11/06/2008


الوصاية على السفيه: من سنن البيهقي الكبرى

من كتاب فتح الباري للعسقلاني1
الوصاية على السفيه: من كتاب فتح الباري للعسقلاني
باب من رد أمر السفيه، حديث جابر أن "النبي رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه"، في مسند عبد بن حميد من طريق محمود بن لبيد عن جابر في قصة الذي أتى بمثل البيضة من الذهب أصابها في بعض المعادن، ورواه أيضاً أبو داود وابن خزيمة وأبو يعلى، وفي روايته عن ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر عن محمود حديث النهي عن إضاعة المال موصول عنده قبل بابين من حديث المغيرة، وحديث الذي يخدع في البيوع موصول عنده بعد من حديث ابن عمز. باب الملازمة، رواية الليث عن جعفر بن ربيعة وصلها الإسماعيلي. باب إذا وجد خشبة، رواية الليث تقدمت. باب إذا وجد تمرة في الطريق، رواية يحيى القطان عن السفيان في مسند مسدد ومعاني الطحاوي، ورواية زائدة عن منصور عند مسلم. باب كيف تعرف لقطة أهل مكة حديث طاوس في الحج عند المؤلف، وحديث خالد عن عكرمة عنده في أوائل البيوع، وحديث أحمد بن سعيد وهو أبو جعفر الدارمي لم أجده. باب قصاص المظالم، رواية يونس بن محمد عن شيبان في الإيمان لابن منده. باب ما جاء في السقائف. قوله: "وجلس النبي في سقيفة بني ساعدة" هو طرف من حديث سهل بن سعد وصله المؤلف في كتاب الشرب. باب أفنية الدور.

قوله: قالت عائشة فابتنى أبو بكر مسجداً الحديث، هو طرف من حديث وصله المؤلف في الهجرة. باب إماطة الأذى، رواية همام في الصلح. باب النهي بغير إذن صاحبه، حديث عباس في الديات ووفود الأنصار. باب إذا كسر قصعة لغيره، رواية ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب لم أجدها. باب شركة اليتيم وأهل الميراث. رواية الليث عن يونس أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره.

حديث: "من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله"، وصله المؤلف من حديث أبي هريرة في باب الاستقراض. حديث "نهى النبي عن إضاعة المال"، هو طرف من حديث المغيرة بن شعبة وصله المؤلف في الصلاة. قوله: "قال كعب قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة" الحديث، هو طرف من قصة توبة كعب بن مالك وقد وصله بتمامه في المغازي في غزوة تبوك.
قوله: كفعل أبي بكر حين تصدق بماله وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، أما قصة أبي بكر فوصلها أبو داود والترمذي والحاكم من حديث عمر بن الخطاب ورويناه بعلو في مسندي عبد بن حميد والدارمي.

فتح الباري جزء 4
ومن تصدق وهو محتاج أو أهله محتاج أو عليه دين فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو رد عليه، ليس له أن يتلف أموال الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله"، إلا أن يكون معروفاً بالصبر فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، كفعل أبي بكر رضي الله عنه حين تصدق بماله. وكذلك آثر الأنصار المهاجرين. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فليس له أن يضيع أموال الناس بعلة الصدقة. "وقال كعب رضي الله عنه: قلت يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. قال: أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك. قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر".

حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خير الصدقة ما كان عن ظهر غنىً، وأبدأ بمن تعول".
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا هشام عن أبيه عن حكيم بن حزام رضي الله "عنه عن النبي قال. اليد العليا خير من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله".

وعن وهيب قال: أخبرنا هشام عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه بهذا.
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم. وحدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف والمسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى. فاليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة".

قوله: "باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى" أورد في الباب حديث أبي هريرة بلفظ "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" وهو مشعر بأن النفي في اللفظ الأول للكمال لا للحقيقة، فالمعنى لا صدقة كاملة إلا عن ظهر غنى، وقد أورده أحمد من طريق أبي صالح بلفظ إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى وهو أقرب إلى لفظ الترجمة. وأخرجه أيضا من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة بلفظ الترجمة قال "لا صدقة إلا عن ظهر غنى" الحديث. وكذا ذكره المصنف تعليقاً في الوصايا، وساقه مغلطاي بإسناد له إلى أبي هريرة بلفظه، وليس هو باللفظ المذكور في الكتاب الذي ساقه منه، فلا يغتربه ولا بمن تبعه على ذلك.

قوله: "ومن تصدق وهو محتاج إلى آخر الترجمة" كأنه أراد تفسير الحديث المذكور بأن شرط المتصدق أن لا يكون محتاجاً لنفسه أو لمن تلزمه نفقته. ويلتحق بالتصدق سائر التبرعات. وأما قوله فهو رد عليه فمقتضاه أن ذا الدين المستغرق لا يصح منه التبرع، لكن محل هذا عند الفقهاء! إذا حجر عليه الحاكم بالفلس، وقد نقل فيه صاحب المغني وغيره الإجماع، فيحمل إطلاق المصنف عليه. واستدل له المصنف بالأحاديث التي علقها. وأما قوله "إلا أن يكون معروفا بالصبر" فهو من كلام المصنف، وكلام ابن التين يوهم أنه بقية الحديث فلا يغتر به، وكأن المصنف أراد أن يخص به عموم الحديث الأول. والظاهر أنه يختص بالمحتاج، ويحتمل أن يكون عاماً ويكون التقدير إلا أن يكون كل من المحتاج أو من تلزمه النفقة أو صاحب الدين معروفاً بالصبر.

ويقوي الأول التمثيل الذي مثل به من فعل أبي بكر والأنصار، قال ابن بطال: أجمعوا على أن المدين لا يجوز له أن يتصدق بماله ويترك قضاء الدين، فتعين حمل ذلك على المحتاج. وحكى ابن رشيد عن بعضهم أنه يتصور في المدين فيما إذا عامله الغرماء على أن يأكل من المال فلو آثر بقوته وكان صبوراً جاز له ذلك وإلا كان إيثاره سبباً في أن يرجع لاحتياجه فيأكل فيتلف أموالهم فيمنع. وإذا تقرر ذلك فقد اشتملت الترجمة على خمسة أحاديث معلقة، وفي الباب أربعة أحاديث موصولة. فأما المعلقة فأولها قوله "وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس" وهو طرف من حديث لأبي هريرة موصول عنده في الاستقراض.

ثانيها قوله كفعل أبي بكر حين تصدق بماله هذا مشهور في السير، وورد في حديث مرفوع أخرجه أبو داود وصححه الترمذي والحاكم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه "سمعت عمر يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله". الحديث تفرد به هشام بن سعد عن زيد، وهشام صدوق فيه مقال من جهة حفظه.
 
قال الطبري وغيره: قال الجمهور من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه وكان صبوراً على الإضافة ولا عيال له أو له عيال يصبرون أيضاً فهو جائز، فإن فقد شيء من هذه الشروط كره. وقال بعضهم: هو مردود. وروي عن عمر حيث رد على غيلان الثقفي قسمة ماله. ويمكن أن يحتج له بقصة المدبر الأتي ذكره، فانه في باعه وأرسل ثمنه إلى الذي دبره لكونه كان محتاجاً. وقال آخرون: يجوز من الثلث ويرد عليه الثلثان، وهو قول الأوزاعي ومكحول. وعن مكحول أيضاً يرد ما زاد على النصف. قال الطبري: والصواب عندنا الأول من حيث الجواز، والمختار من حيث الاستحباب أن يجعل ذلك من الثلث جمعاً بين قصة أبى بكر وحديث كعب والله أعلم.

ثالثها قوله "وكذلك آثر الأنصار المهاجرين" هو مشهور أيضاً في السير، وفيه أحاديث مرفوعة،: منها حديث أنس "قدم المهاجرون المدينة وليس بأيديهم شيء، فقاسمهم الأنصار". وسيأتي موصولاً في الهبة. وحديث أبي هريرة في قصة الأنصاري الذي آثر ضيفه بعشائه وعشاء أهله، وسيأتي موصولاً في تفسير سورة الحشر.

رابعها قوله "ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال" هو طرف من حديث المغيرة، وقد تقدم بتمامه في آخر صفة الصلاة.
خامسها قوله وقال كعب يعني ابن مالك الخ، وهو طرف من حديثه الطويل في قصة توبته وسيأتي بتمامه في تفسير سورة التوبة. وأما الموصولة فأولها حديث أبي هريرة "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" فعبد الله المذكور في الإسناد هو ابن المبارك، ويونس هو ابن يزيد. ومعنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أولمن تلزمه نفقته. قال الخطابي: لفظ الظهر يرد في مثل هذا إشباعاً للكلام، والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية، ولذلك قال بعده وابدأ بمن تعول. وقال البغوي: المراد غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه. ونحوه قولهم ركب متن السلامة. والتنكير في قوله غنى للتعظيم، هذا هو المعتمد في معنى الحديث. وقيل: المراد خير الصدقة ما أضنيت به من أعطيته عن المسألة، وقيل عن للسببية والظهر زائد، أي خير الصدقة ما كان سببها غنى في المتصدق. وقال النووي: مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون، وبكون هو ممن يصبر على الإضافة والفقر، فان لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه. 
                                  وللحديث بقية.......... 



الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 11/06/2008