السلام عليكم، دكتور محمد؛ ما أخبار حضرتك؟ أنا هدى التي كانت عند حضرتك البارحة، الثلاثاء 12 أغسطس مع والدتي. اسمح لي أن أقتبس جملاً من كلام حضرتك؛ "المحبون ليسوا متعجلين على الجنس كهدف... وإنما يصلون إليه كتطور طبيعي لمشاعرهم الفياضة".
"الرغبة الجنسية بين الزوجين قد تذبل أو تموت في حالة المرض أو الشيخوخة، ولكن الحب لا يتأثر كثيراً بتلك العوارض في حال كونه حبًا أصيلاً".
" في وجود الحب الحقيقي وفي ظل العلاقة الزوجية المشروعة لا يصبح لعدد مرات الجماع أو أوضاعه أو طول مدته أو جمال المرأة أو قدرة الرجل الأهمية القصوى، فهي أشياء ثانوية في هذه الحالة ". "الأهم هنا هو الرغبة في الاقتراب والالتقاء والذوبان".
"حين يغيب الحب تبرز هذه الأشياء كمشكلات مُلحّة يشكو منها الزوجان مُرّ الشكوى، أو يتفنن فيها ممارسي الجنس للجنس؛ ويشاهدون المواقع الجنسية بحثًا عن اللذة الجسدية الخالصة، ومع ذلك فهم لا يرتوون ولا يشعرون بالرضا أو السعادة لأن هذه المشاعر من صفات الروح".
"لو قدر أن أحد هذين الزوجين المتوافقين ترك الآخر بسبب الموت فإن الطرف المتبقي منهم لا يستطيع إقامة علاقة زوجية جديدة مع آخر لأن موجته انضبطت مع موجة شريكه ولا يستطيع (أو لا تستطيع) تغييرها مع آخر. وهذا يفسر لنا عزوف زوجات أو أزواج عن الزواج بعد موت شريك الحياة ر غم كونهم صغار السن". والله يا دكتور أنا أتكلم عن هذه الفكرة كثيراً، لكن المشكلة أنها أفلاطونية مثالية نادرة التحقق، مع أن ندرتها في حد ذاتها ليست مشكلة ولكن استنكار الأغلبية لها وهجومهم عليها هو المشكلة الحقيقية. إن الرّد الذي أتلقاه عند حديثي في هذا الأمر محبط، فأنا أسمع رداً من قبيل: "الحمد لله الذي شفانا"! وهذا حال معظم الأمور الروحانية كالتصوف مثلاً، لأنها أمور صعبة على الأذهان الغليظة فلا تستوعبها.
القيم الروحية أسمى وأبقى من الأمور المادية والحسية، وتجرّد البشر من الروحانيات يمحو عنهم التميز عن الكائنات والمخلوقات الأخرى. قال عبد الوهاب: "عشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني"، وذكر أستاذ خيري رمضان في بريد الجمعة نموذجاً عن رجل متقاعد، زوجته مصابة بالزهايمر ومع ذلك هو حريص على الذهاب لها في دار المسنين في موعده، وهي لا تعرفه أصلاً ولكن لأنه يعرفها فهي زوجته وحبيبته ورفيقة عمره.
ليست بالمشكلة عندي أن أخسر دعم وآراء أغلبية الناس لأتمسك برأيي الشخصي، وليست مشكلة أيضاً أن أحتفظ برأيي لنفسي داخل دائرتي وأتعايش مع الآراء والدوائر الأخرى سلمياً -إذا أمكن- دون سيطرة من أي من الطرفين على الآخر، ولكن المشكلة الحقيقية في حالة طغيان هذه الآراء على دائرتي الشخصية ومحاولة فرض نفسها على حياتي!.
السؤال هو: - هل مبدأ كل شيء أو لا شيء مبدأ صحيح؟. - وإذا كان مبدئي هو كل شيء أو لا شيء، فهل أكون مخطئة أو مذنبة من الجانب الديني لو لم أقبل بغير مثالياتي؟. - وإذا اخترت مثالياتي، ماذا عليّ أن أفعل لأتعايش مع وأواجه من لا يفهم ولا يحترم شيئاً منها؟. - وهل الفتاة أقل حرية وقدرة أن تختار شكلاً معيناً لحياتها؟. - هل الاستقلالية والحرية الفكرية والشخصية (في عدم وجود استقلالية مادية) يمكن أن تمكن صاحبها من فرض آرائه فيما هو من خصوصيات حياته؟.
أرجو الرد، وشكراً جزيلاً دكتور محمد على وقتك وعلى كلامك وعلى مقالاتك وعلى أفكارك، شكراً لأن وجود شخص مثلك في حد ذاته يعني لي الكثير من التشجيع والدعم والمؤازرة. عندما أرى أفكاراً دافعت عنها نظرياً متجسدة واقعياً في شخص ناجح وعظيم مثلك، فكأنها قبلة الحياة لغارق في بحار الظلمات.
14/8/2008
الأخت العزيزة هدى، شكراً على تعليقك وتقديرك وعلى تداعياتك على هذا الموضوع. ولا أعتقد أنني بحاجة إلى الرد أو الإجابة فتعليقاتك وتساؤلاتك تحمل في طياتها الردود والإجابات، كما تحمل المزيد من التساؤلات التي أتمنى أن تظل تساؤلات محفزة ومحرضة على التغيير والارتقاء.
البشر عموماً يعيشون على مستويات مختلفة فمنهم من يظل ملتصقاً بالأرض ومنهم من يحلّق في السماء على قدر استطاعته ومنهم من يتحرك في مرونة ورشاقة بين الاثنين فيعيش حياة متكاملة. ومن حسن حظنا كبشر ومن كرم الله علينا أن أفكارنا ومشاعرنا لا سلطان لأحد عليها ولذا فهي تسرح في فضاء نفسي وكوني حر حتى ولو كان الجسد محاط بألف قيد، وليس هناك فرق بين رجل وامرأة في هذه المساحة من الحرية لأنها هبة من الله.
أشكرك مرة أخرى وأدعو لك بالتوفيق والسعادة والرقي فأنت جديرة بكل هذا.
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com