إغلاق
 

Bookmark and Share

انتبه من فضلك: الجرّار يرجع إلى الخلف ::

الكاتب: أ.د محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 19/05/2009


انتبه من فضلك: الجرّار يرجع إلى الخلف
(تأملات في حوادث العنف المجتمعي)

جلسنا في الأستوديو نستعد للنقاش حول ظاهرة تنامي العنف في المجتمع المصري وتزايد حوادث القتل بشكل مخيف ومتصاعد ومهدد لكل أسرة مصرية: حادث بني مزار (قتل فيه أكثر من عشرة أشخاص مع تقطيع أجسادهم), الأب الذي قتل بناته الخمسة وفرت من يده السادسة وهو يحاول قتلها (يقيم الآن في مستشفى أمراض نفسية حيث ثبت إصابته بمرض نفسي دفعه للجريمة), الأب الذي خطف ابنته الرضيعة من يد امها وقفز بها من الشرفة إثر خلاف عائلي, الخادمة التي قتلت مخدومتها لسرقة مالها ومجوهراتها, المهندس الذي قتل زوجته وابنه وبنته باستخدام البلطة والسكين المشرشرة بشكل بشع بعد خسارته في البورصة, مقتل فتاتين في زهرة الشباب (هبة ونادين) في شقة أحدهما بطعنات عديدة, حادث مقتل طفل وطفلة على يد ابن عمتهما بسبب خلاف بينه وبين أبيهما, حادث الرجل الذي قتل زوجته وأمها وأبيها واختها وخطيب اختها برشاش بسبب بعض الخلافات العائلية, الطبيب الذي قتل شخصا في عيادته بمسدسه بسبب خلافات مادية ثم قام بتقطيعه بالمنشار وتوزيعه في أكياس, مقتل هالة فائق على يد زوج خادمتها, مقتل الكثير من الأزواج على أيدي زوجاتهم لأسباب متباينة,...... وهكذا سجل طويل من الحوادث المروعة والتي لا يخلو يوم منها.

وقد تشرفت بأن يكون رفيقي في البرنامج الأستاذ الدكتور أحمد حجازي أستاذ علم الاجتماع السياسي, ونائب رئيس جامعة 6 اكتوبر (وهو عالم جليل وعلى خلق رفيع), ويدير الحوار الإعلامي الناجح واللامع والجاد جمال عنايت, والذي استأذننا في بداية البرنامج أن يعرض خبرا عن "جرّار" (قاطرة منفردة) انحدر على القضبان وتحرك بسرعة كبيرة إلى الخلف وهو بلا سائق لمسافة عشرة كيلومترات (حيث نزل السائق ليطمئن على الحرارة وترك الجرّار في حالة تشغيل فتحرك بلا ضابط) ليصيب عددا من عابري أحد المزلقانات بالإسكندرية فيموت اثنان ويصاب عدد كبير من الأشخاص وتتحطم سياراتهم. واتصل مقدم البرنامج برئيس هيئة السكك الحديدية (أو ربما نائبه) يستفسر منه عن ملابسات الحادث وظروفه, فطمأنه الأخير بأن الأمور تحت السيطرة وأن اللجنة المختصة تعمل على تقصي الحقائق وسينال المقصر جزاءه, وأن الذين ماتوا أو أصيبوا كانول مخطئين حيث عبروا المزلقان أثناء مرور الجرّار المنفلت. وهنا انفجر الأستاذ جمال غاضبا ومتهكما ومتسائلا ومحتجا على ما يجري وعلى ما يقال (خاصة وأن المتحدث كان يتناول الموضوع بأعصاب هادئة وكأن الذين ماتوا ليسوا بشرا), فعاجله الرئيس (رئيس الهيئة) بقوله بأن هذه أخطاء بشرية واردة, وأن سكك حديد مصر هي الأولى في العالم من حيث قلة عدد الحوادث بها, أي أننا أكثر سكك الحديد أمانا في العالم, وهنا انتفضنا جميعا (وليس المحاور فقط) ونظرنا إلى بعضنا في دهشة واستغراب, ودارت في رؤوسنا صور لحوادث عديدة ومروعة منها قطار الصعيد الذي احترق بركابه, وقطار كفر الدوار الذي هاجم المحطة وما حولها فدمر كل شئ بسبب انفلات الفرامل, وحادث تصادم قطارين قرب بنها, وحوادث كثيرة لا تعد ولا تحصى, إضافة إلى ما نراه من تردي الأوضاع والخدمات في قطارات السكة الحديد حتى الدرجة الأولى والثانية المكيفة فضلا عن الدرجة الثالثة.

واستمر الحوار العبثي المستفز, بين مسئول يرى أن كل شيء تمام في السكة الحديد, وبين محاور احترق دمه واستثيرت أعصابه بشكل ملفت للنظر مما استدعى تدخل أحد المشاهدين لينبهه إلى تصاعد انفعاله إلى درجة الرغبة في القصاص المتعجل. وبالطبع أخذ هذا الحوار الاشتباكي جزءا كبيرا من الوقت المخصص لظاهرة العنف المجتمعي في مصر, وكان علينا أن نتحدث على عجل نظرا لضيق الوقت. وفي بداية الحوار لفت نظر الأستاذ جمال عنايت إلى أن طبيعة الحادث وما نتج عنه بالإضافة لتصريحات رئيس الهيئة جعلاه في حالة استفزاز وغضب شديدين, وأن شيئا مثل هذا (بل أكثر منه بكثير) يحدث للمصريين كل يوم, فالمواطن المصري يعيش حالة استفزاز دائمة بسب الضغوط الحياتية وبسبب عشوائية القرارات وبسبب انعدام الرعاية الصحية, وبسبب التعقيدات الروتينية في المصالح الحكومية وبسبب نقص الاحتياجات الأساسية, وبسبب إهدار حقوقه الإنسانية, وبسبب تهميش أو إلغاء دوره السياسي, ونتيجة لكل هذا تتراكم شحنات من الإحباط والغضب في نفس الشخص لكي تنفجر في أي لحظة ومع أي استثارة, وقد يكون الإنفجار موجها نحو شخص ساقته الأقدار وليس له علاقة بجذور العنف لدى المعتدي فتخرج الشحنة فيه طبقا لمفهوم "إزاحة الغضب", خاصة إذا كان توجيه الغضب نحو أصحاب الشأن الأصليين صعبا أو محفوفا بالمخاطر, وهنا يتجه الشخص بغضبه وعدوانه نحو شخص أضعف أو في ظروف تجعله أضعف فيصب عليه عدوانه المتراكم عبر السنين.

ومن هنا نفهم كيف أن الاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي يمكن أن يزيدا من العنف البيني (بين الناس وبعضهم) حين يستحيل على الشخص تغيير واقعه أو التعبير عن غضبه تجاه من استبدوا به أو قهروه. وكان من الأشياء الإيجابية مداخلات المشاهدين والتي تنم عن وعي عميق بالمشكلة ودواعيها وطرق حلها وتعكس تنامي ما يمكن أن نسميه "الديموقراطية الإعلامية" (بديلا للديموقراطية السياسية المفقودة), وأيضا طريقة إدارة الحوار بواسطة محاور ذكي ولمّاح ومشاغب أحيانا...... وقرب النهاية سألني عن الحل على المستوى الفردي, وتساءل مداعبا أو ساخرا إن كانت هناك نصائح بممارسة الإسترخاء والتنفس العميق المنتظم, أو أن يعد الجاني من واحد لعشرة قبل الإقدام على جريمته لعله يتراجع عنها بعد أن تهدأ ثائرته, وقد اعتبرت هذا مزاحا أو ربما يكون سخرية مما يقوله بعض أنصاف المتخصصين في مثل هذه المواقف, واستنكرت مازحا (أنا الآخر) فكرة حل المشكلة على طريقة عبدالمنعم مدبولي بتكرار عبارة "أنا مش قصير ومكير أنا طويل وأهبل", واستبعدت (بعد أن فرغنا من المزاح العابر والمقصود وعدنا إلى الجدية القاتمة) إمكانية نجاح الحلول الفردية أو الحلول الطبية وحدها في هذه المشكلة, وحاجتنا إلى إصلاح حياتي شامل, وهنا خشيت أن أتورط في الحديث بعبارات ضخمة وشعارات كبيرة لا يتحقق منها شيء فتوقفت. وفي نهاية البرنامج الذي استمر حوالي نصف ساعة (للجرّار ورئيس الهيئة والضيوف والمشاهدين وتقرير حوادث القتل ونقلات المحاور والفواصل الإعلانية) اعتذر الأستاذ جمال للمشاهدين عن تلك الموضوعات التي سببت لهم كآبة وشكرنا على الحضور والمشاركة (في ماذا؟) وانتقل بهم إلى الفقرة التالية للحديث عن التجميل, وفعلا بدأ الكلام الجميل في التجميل.

وبعيدا عن البرنامج وظروفه وآفاق تأثيره وجدواه وجدوى الكثير من البرامج الحوارية (والتي ربما تكون مجرد تنفيس أو ربما تشارك في ترسيخ الأمر الواقع من خلال التعود على فتح الموضوعات الساخنة ومناقشتها كبديل عن حلها, ومع الوقت يتعود المشاهد على ذلك ويشارك بفاعلية في المداخلات وينسى في كل مرة أن يخفض من صوت التليفزيون) راح شريط حوادث القتل يدور في رأسي خاصة وأن اغلب تلك الحوادث كان يحمل قدرا هائلا من العنف والتشفي والانتقام حيث كان الجاني يقطع الضحية تقطيعا أو يمثل بها (أو به), وهذا من الناحية النفسية دليل على رصيد الغضب الهائل المتراكم في نفس الجاني, وأن تعدد الحوادث وتكرارها بهذا الشكل ينبئ عن اتساع مساحة الغضب والعنف لدى عدد كبير من الناس, أو بمعنى آخر يدل على تعدد براكين الغضب في أكثر من مكان بما يهدد سلامنا جميعا بشكل مخيف, فنحن وأبناؤنا وزوجاتنا وكل من نحب معرضون لهذا الزحف العشوائي العنيف في أي لحظة على يد شاب غاضب أو عاطل محبط أو خادمة طامعة أو عامل مضطهد أو فقير دفعته الحاجة للسرقة أو ناقم على نفسه وعلى الناس, إذ يبدو أننا نعيش حالة انفلات للعنف, وأن قطار المجتمع المصري ينحدر للخلف على القضبان (أو خارج القضبان) بلا ضبط أو توجيه, وعلى الرغم من هذا يعتقد رئيس الهيئة أن الأمور ما زالت تحت السيطرة!!!!!!!.

ولا نبالغ إذا قلنا بأننا أصبحنا أمام ظاهرة وجود عدد هائل من القنابل البشرية القابلة للانفجار في لحظة, تلك القنابل التي تكونت بفعل تراكم مشاعر الإحباط والغضب والإحساس بالظلم وفقد القدرة والحيلة وفقد الأمل في المستقبل وفقد الأمل في انصلاح الأحوال, وعاشت تلك القنابل البشرية في بيئة عشوائية قذرة ومزدحمة وخانقة وتنفست هواءا ملوثا, وسمعت أغاني هابطة, وتجاوزت مراحل التعليم بالغش, وتسربت من المدارس واتجهت إلى التعليم البديل في الدروس الخصوصية فافتقدت الدرور التربوي الذي كان يجب أن يصاحب الدور التعليمي فلا هي تعلمت أو تربت, وفقدت الأب بسبب سفره للعمل في الخارج أو بسبب إرهاقه في أكثر من عمل في الداخل, وحين تخرج هؤلاء بعد رحلة عناء عبثية اكتشفوا أنهم يحملون ورقة (شهادة) لا تسمن ولا تغني من جوع, وأن المجتمع خدعهم ولم يمنحهم مهارات حقيقية تساعدهم على كسب العيش وتحقيق الأحلام والطموح, فانسابوا في الشوارع يبحثون عن أي شئ فلم يجدوا, وصاروا الآن يهددون أمن المجتمع بأعدادهم المتزايدة خاصة حين يتعاطون مخدرات أو مسكرات تضعف قدرتهم, ويجلسون ساعات طويلة أمام ألعاب الكومبيوتر والبلاي ستيشن وتعودوا على رؤية الدم وأجساد الضحايا الممزقة فقلت حساسيتهم لكل ذلك, بل ربما شعروا بنشوة لمشاهدة الأشلاء والدماء كتلك التي أحسوها وهم يمارسون الألعاب العنيفة على الكومبيوتر أو يشاهدونها على شاشة التليفزيون (ملحوظة: الأطفال والمراهقين والشباب لا يشدهم في التليفزيون أكثر من أفلام العنف والرعب). وهؤلاء فقدوا الأمل في التغيير وعزفوا عن المشاركة في الإنتخابات حين علموا أن نتائجها محسومة مسبقا (بلطجة أو تزويرا) فساد لديهم إحساس بفقد القدرة والحيلة وضعف الانتماء.

وليس الفقر وحده وراء انطلاق نزعات العنف بهذه القوة والقسوة والانتشار, فقد عاش المصريون ظروف فقر أكثر من ذلك بكثير في الماضي, ولكن الفارق هو انعدام العدل والشعور بالظلم, وأيضا ذلك التفاوت الطبقي الهائل مع الوعي المؤلم به (وما ينتج عنه من حقد طبقي), فالخدم والعمال البسطاء وسكان المقابر يرون طبقات مترفة تعيش بالقرب منهم أو على التماس معهم وتملك كل شئ بينما هم لا يملكون أي شيء, وفي تقديرهم أنهم يستحقون حياة أفضل خاصة حين تطالعهم فرص الثراء والرفاهية والاستهلاك على شاشات التليفزيون في كل لحظة.

وحين تغيب القيم الحقيقية وينتشر التدين الظاهري الطقوسي الخالي من الروحانيات والجوهر الإيماني, هنا تغيب معاني الصبر والرضا ويلجأ الفقير إلى التعدي ليحصل على ما يريد من أقصر طريق خاصة حين يفتقد القدوة في كبار المجتمع من حوله سواء كانوا رجال سياسة أو رجال دين أو قادة اجتماعيين, فالكل ملهوف على الاستحواذ والامتلاك والرفاهية والاستهلاك بأقل جهد ومن أقصر طريق. وهكذا يتحول الأمر من حوادث عنف فردية إلى ثقافة عنف مجتمعي يمارسه كل شخص بأسلوبه وعلى قدر استطاعته, فالبعض يمارسه بشياكة من خلال تزوير الانتخابات وحصد الأصوات والمناصب والفرص, والبعض الآخر ممن يفتقدون هذه المهارات يتورطون في أحداث تزوير بطاقات شخصية أو جوازات سفر, أو يقومون بعمليات سرقة خائبة وغير متقنة, أو يهاجمون الضحايا في الشوارع أو البيوت بحثا عن قطعة مجوهرات أو عدة مئات من الجنيهات. وبما أن الفئات الفقيرة والهشة تفتقد للمهارات الإجتماعية والحياتية لذلك حين تشعر بالضغط الاجتماعي وانعدام الرعاية تلجأ إلى أساليب عنف بدائية وفجة لتحل مشكلاتها.

وإذا كنا نتحدث عن دوافع العنف المجتمعي فلابد لكي تكتمل معادلة العنف أن نتكلم عن ضوابط العنف, تلك الضوابط التي ذابت وغابت حين غاب رجل الشرطة من الشارع, وأقصد به رجل الشرطة الذي يحافظ على الأمن الاجتماعي (وليس الأمن السياسي), والذي يجوب الشوارع ليلا ونهارا للحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم. هذا الشرطي لا تجده في شوارعنا منذ سنوات طويلة ولكنك تراه محشورا في عربات الأمن المركزي المتراصة بأعداد كبيرة أمام الجامعات والنقابات والتجمعات الشبابية والعمالية, وتراه في كمائن المرور التي تخنق الطرق السريعة والشوارع الرئيسية لهدف لا نعلمه ولا نشعر بجدواه. وكذلك تضعف الضوابط حين يتأخر تنفيذ العدل في قضايا تأخذ سنين طويلة قبل أن تصل للحكم فلا يرتبط الجرم بالعقاب في وعي الشخص المذنب أو في وعي الناس, فينعدم الردع الخاص والردع العام. وحين يكتشف المواطن من تجاربه الشخصية ومن مشاهداته العامة أنه لن يستطيع الحصول على حقه عن طريق القانون, هنا تتكون لديه قناعة أنه لابد وأن يحصل على حقه بيده, وهنا تبدأ الكارثة حين يتحول الناس إلى قضاة ومنفذي أحكام بطريقتهم الخاصة ووفق معتقداتهم وميولهم الشخصية فيضربون ويقتلون ثأرا أو احتجاجا أو عقابا, وستكون قدوتهم في هذا الأمر الطبقة العليا من المجتمع والذين اعتادوا على تنفيذ ما يريدون بالقوة بعيدا عن الشرعية أو الحوار.

إذن فنحن أمام ظاهرة عنف شديدة الخطورة, وهي تحتاج لأن نفزع منها, ونفزع لها, ولن تفيد فيها الحلول الجزئية قصيرة المدى, ولن يفيد فيها العقاب وحده (في حالة وجوده أصلا بشكل فعّال), ولن تحلها عدة مقالات هنا أو برامج (طق حنك) هناك, بل تحتاج إلى إصلاح سياسي حقيقي يتيح تبادل السلطة من خلال انتخابات حقيقية غير مزورة تأتي بأناس يختارهم الشعب وينتمون إليه وبالتالي يعملون على تحقيق مصالحه وتحسين أحواله وتكون أعينهم مصوبة نحو رضاه ورعايته وحل مشاكله حلولا حقيقية لا حلولا فهلوية أو تلفيقية. وحين يتحقق ذلك تتم السيطرة على الفساد الذي توحش وأصبح مستفزا للجميع, وهنا فقط يصبح الطريق ممهدا لعودة العدل الغائب, ولعودة الشعور بالانتماء للوطن وللناس, وتتاح الفرصة للحوار الصحي والإيجابي بين كل الفئات وعلى كل المستويات, وتعود الثقة المفقودة بين الناس والسلطة المنتخبة, ويصبح التصالح المجتمعي ممكنا, ويصبح السلام والأمان هدفا واقعيا يسعى الجميع لتحقيقه.

وفي هذا الجو الإيجابي تلتفت الحكومة ومعها الجمعيات الأهلية (المخلصة وليس الباحثة عن الجهات المانحة) إلى الفئات الهشة في المجتمع من الفقراء والمعدمين والمهمشين فتمد لهم يد العون وتساعدهم على تجاوز وتحمل الضغوط الحياتية وتمدهم بمهارات الحياة اللازمة وتهئ لهم مسكنا مريحا ودخلا معقولا وتعليما هادفا ومرتبطا باحتياجات سوق العمل. ويتم في هذا الجو الدفع بالعلماء العاملين المخلصين ليعلموا الناس جوهر دينهم القائم على الإيمان العميق, وعلى المحبة والتسامح, والرحمة والرفق واللين والصبر والرضا, والتكافل الاجتماعي, ومراعاة حرمة النفس البشرية بل ومراعاة حرمة الحيوان والنبات والجماد, ومقاومة الاستبداد والظلم والتزوير والتزييف وأكل حقوق الشعوب. وفي مجتمع مستنير كهذا سيتم التعامل مع الاضطرابات النفسية بوسائل علاجية طبية فعّالة بعيدا عن النصّابين والدجالين والمشعوذين ومخرجي السحر والجان, وهذا سيؤدي إلى تعافي الحالات النفسية التي ربما تكمن وراء عدد غير قليل من حوادث العنف الأسري بالذات دون أن ينتبه إليها أحد. ربما يكون كل هذا حلما رومانسيا يراود كاتبا محبطا في لحظة صدق وأمل, وربما يعلن القائمون على البرنامج (أي برنامج) – كالعادة – التحول عن موضوع العنف المجتمعي نظرا لضيق الوقت والانتقال إلى فقرة التجميل.

واقرأ أيضًا:
حقوق المريض النفسي بين الرعاية والوصاية/ التحليل النفسي لشخصية صدام حسين/ أنماط التدين من منظور نفسي إسلامي / برنامج علاجي لحالات الشذوذ الجنسي  / قلق الامتحانات /  فن المذاكرة / حيرة مريض نفسي بين الطب والغيب / المازوخية  / الصحة النفسية للمرأة / نوبات الهلع عند المرأه  / الطفل البَك‍اء / المرأة في القرآن والسنة / صلاح جاهين وثنائية الوجدان / الصمت الزوجي / سعاد حسنى والجرح النرجسي
البراجماتيزم ... دين أمريكا الجديد / شخصيةالطاغية / العلاج بالقرآن من راحة سلبية إلى طمأنينة وجودية / الثانوية العامة .... مرحلة دراسية أم أزمة نمو؟ / الكــــــــــذب / كيف نمحو أميتنا التربوية؟ / سيكولوجية التبني.. الكفالة.. الأسرة البديلة / المكتئب النعّاب / سيكولوجية التعذيب / اضطراب العناد الشارد / الحوار وقاية من العنف  / النضج الوجداني / الدردشة الالكترونية وحوار الأعماق/ سيكولوجية الاستبداد (الأخير) / السادو- ماسوشية (sado-masochism)  / الجوانب النفسية للعقم عند النساء / الدلالات النفسية لزواج الأمير تشارلز من عشيقته / ستار أكاديمي.. وإزاحة الستر  / العلاقة الحميمة بين الجسد والروح (4) / ضرب الزوجات للأزواج( العنف العكسي ) / فن اختيار شريك الحياة (5) الشخبطة السياسية  / الزوج المسافر(4)  / قادة العالم واضطرابات الشخصية(2)  / قراءة في شخصية زويل(2) / سيكولوجية الرجل // هل فعلها المجنون في بني مزار / ظاهرة العنف في المجتمع المصري(3)  / بين الإبداع والابتداع / الذوق والجمال في شخصية المسلم المعاصر / الجانب الأخلاقى فى شخصية المسلم المعاصر / أسباب فشل الحياة الزوجية / كيف تعاملين زوجك / الدوافع ودورها في النجاح والتفوق / العادة السرية بين الطب والدين(2) / حين يصل الفساد لمواطن العفة(1) / المعارضة.. من النفس إلى الكون(2) / الباشا والخرسيس / الجنسية المثلية بين الوصم والتفاخر / الانتصار البديل في الساحة الخضراء / التحول الجنسي بين الطب والدين / شيزوفرينيا / الفهلوة اللغوية العصبية / من المحلة إلى مارينا وبالعكس / الطلاق المتحضر (تسريح بإحسان) / من أين تأتي الأحلام؟ / جغرافية الجسد... بين الفورسيزونيين والدويقيين / تفسيرالأحلام بين العلم والخرافة / التحليل النفسي لوصية سوزان تميم / السنة والشيعة.. فتنة السياسة أم فتنة العقيدة؟ / قراءة نقدية لمشروع قانون الصحة النفسية الجديد / الفلوس والنفوس / مشاعر أرملة عصرية / سيكولوجية المرأة / جمال حمدان: المحنة... العزلة... العبقرية / إعادة القراءة على كعب الحذاء / الاحتباس النفسي / لماذا يقتل المصريون بوحشية؟ / سيكولوجية النصب والاحتيال2  / المصريون والشعوذة / لو لم أكن مصريا... لحمدت الله على ذلك / غريزة التلصص .



الكاتب: أ.د محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 19/05/2009