إغلاق
 

Bookmark and Share

تاريخ اضطراب الوسواس القهري(10) ::

الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 24/04/2007

تاريخ اضطراب الوسواس القهري(9)

فصل ومن ذلك الإسراف في ماء الوضوء والغسل

وقد روى أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال لا تسرف فقال يا رسول الله أو في الماء إسراف قال نعم وإن كنت على نهر جار، وفي جامع الترمذي من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن للوضوء شيطانا يقال له "الولهان" فاتقوا وسواس الماء.

وفي المسند والسنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا وقال هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم، وفي كتاب الشافي لأبي بكر عبد العزيز من حديث أم سعد قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزىء من الوضوء مد، والغسل صاع وسيأتي قوم يستقلون ذلك فأولئك خلاف أهل سنتي والآخذ بسنتي في حظيرة القدس متنزه أهل الجنة وفي سنن الأثرم من حديث سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: يجزىء من الوضوء المد ومن الغسل من الجنابة الصاع فقال رجل: ما يكفيني فغضب جابر حتى تربد وجهه ثم قال: قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا وقد رواه الإمام أحمد في مسنده مرفوعا ولفظه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزىء من الغسل الصاع ومن الوضوء المد، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك وفي سنن النسائي عن عبيد بن عمير: أن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيتني أغتسل أنا ورسول الله من هذا فإذا تور موضوع مثل الصاع أو دونه نشرع فيه جميعا فأفيض بيدي على رأسي ثلاث مرات وما أنقض لي شعرا.
 
وفي سنن أبي داود والنسائي عن عباد بن تميم عن أم عمارة بنت كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأتي بماء في إناء قدر ثلثي المد وقال عبد الرحمن بن عطاء: سمعت سعيد بن المسيب يقول: إن لي ركوة أو قدحا ما يسع إلا نصف المد أو نحوه أبول ثم أتوضأ منه وأفضل منه فضلا قال عبد الرحمن: فذكرت ذلك لسليمان بن يسار فقال: وأنا يكفيني مثل ذلك قال عبد الرحمن: فذكرت: ذلك لأبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر فقال: وهكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الأثرم في سننه.

وقال إبراهيم النخعي: كانوا أشد استيفاء للماء منكم وكانوا يرون أن ربع المد يجزىء من الوضوء، وهذا مبالغة عظيمة فإن ربع المد لا يبلغ أوقية ونصفا بالدمشقي، وفي الصحيحين عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمدادا وفي صحيح مسلم عن سفينة (خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسله الصاع من الجنابة ويوضئه المد. وتوضأ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق بقدر نصف المد أو أزيد بقليل.
 
وقال إبراهيم النخعي: إني لأتوضأ من كوز الحب مرتين.
وقال محمد بن عجلان: الفقه في دين الله إسباغ الوضوء وقلة إهراق الماء.
وقال الإمام أحمد: كان يقال: من قلة فقه الرجل ولعه بالماء.
وقال الميموني: كنت أتوضأ بماء كثير فقال لي أحمد: يا أبا الحسن أترضى أن تكون كذا فتركته.
وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: إني لأكثر الوضوء فنهاني عن ذلك وقال: يا بني يقال: إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان قال لي ذلك غير مرة ينهاني عن كثرة صب الماء وقال لي: أقلل من هذا الماء يا بني، وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد : نزيد على ثلاث في الوضوء فقال: "لا والله إلا رجل مبتلى". (لاحظ هنا رد الإمام أحمد رحمه الله بأن الوسواس من الابتلاء، كأي مرض عضوي أو مصيبة يُبتلى بها ابن آدم للتمحيص والاختبار من الله عز وجل في الدنيا).

وقال أسود بن سالم الرجل الصالح شيخ الإمام أحمد: كنت مبتلى بالوضوء فنزلت دجلة أتوضأ فسمعت هاتفا يقول: يا أسود عن يحيى عن سعيد: الوضوء ثلاث ما كان أكثر لم يرفع فالتفت فلم أر أحدا. وقد روى أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن مغفل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء.

فإذا قرنت هذا الحديث بقوله تعالى: إن الله لا يحب المعتدين [البقره:190] وعلمت أن الله يحب عبادته أنتج لك من هذا أن وضوء الموسوس ليس بعبادة يقبلها الله تعالى وإن أسقطت الفرض عنه فلا تفتح أبواب الجنة الثمانية لوضوئه يدخل من أيها شاء.

ومن مفاسد الوسواس: أنه يشغل ذمته بالزائد على حاجته إذا كان الماء مملوكا لغيره كماء الحمام فيخرج منه وهو مرتهن الذمة بما زاد على حاجته ويتطاول عليه الدين حتى يرتهن من ذلك بشيء كثير جدا يتضرر به في البرزخ ويوم القيامة.
 
فصل ومن ذلك الوسواس في انتقاض الطهارة لا يلتفت إليه
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. وفي الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال: شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.

وفي المسند وسنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها فيرى أنه قد أحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ولفظ أبي داود: إذا أتى الشيطان أحدكم فقال له: إنك قد أحدثت فليقل له: كذبت إلا ما وجد ريحا بأنفه أو سمع صوتا بأذنه. فأمر عليه الصلاة والسلام بتكذيب الشيطان فيما يحتمل صدقه فيه فكيف إذا كان كذبه معلوما متيقنا؟! كقوله للموسوس: لم تفعل كذا؟ وقد فعله!.

قال الشيخ أبو محمد: ويستحب للإنسان أن ينضح فرجه وسراويله بالماء إذا بال ليدفع عن نفسه الوسوسة فمتى وجد بللا قال: هذا من الماء الذي نضحته لما روى أبو داود بإسناده عن سفيان بن الحكم الثقفي أو الحكم بن سفيان قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بال توضأ وينتضح وفي رواية: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم نضح فرجه وكان ابن عمر ينضح فرجه حتى يبل سراويله وشكا إلى الإمام أحمد بعض أصحابه أنه يجد البلل بعد الوضوء فأمره أن ينضح فرجه إذا بال قال: ولا تجعل ذلك من همتك واله عنه.. (أي حاول أن تنسى نضح الفرج ولا تفعله إن استطعت ، وذلك دفعاً وصرفاً للوساوس وسئل الحسن أو غيره عن مثل هذا فقال: اله عنه فأعاد عليه المسألة فقال: أتستدره لا أب لك الْهُ عنه.

فصل ومن هذا ما يفعله كثير من الموسوسين بعد البول
وهو عشرة أشياء: السلت والنتر والنحنحة والمشي والقفز والحبل والتفقد والوجور والحشو والعصابة والدرجة، أما السلت فيسلته من أصله إلى رأسه على أنه قد روي في ذلك حديث غريب لا يثبت ففي المسند وسنن ابن ماجه عن عيسى بن داود عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال أحدكم فليمسح ذكره ثلاث مرات.
 
وقال جابر بن زيد: "إذا بللت فامسح أسفل ذكرك فإنه ينقطع" رواه سعيد عنه.
قالوا: ولأنه بالسلت والنتر يستخرج ما يخشى عوده بعد الاستنجاء.
قالوا: وإن احتاج إلى مشي خطوات لذلك ففعل فقد أحسن والنحنحة ليستخرج الفضلة، وكذلك القفز يرتفع عن الأرض شيئا ثم يجلس بسرعة والحبل يتخذ بعضهم حبلا يتعلق به حتى يكاد يرتفع ثم ينخرط منه حتى يقعد، والتفقد يمسك الذكر ثم ينظر في المخرج هل بقى فيه شيء أم لا، والوجور يمسكه ثم يفتح الثقب ويصب فيه الماء والحشو يكون معه ميل وقطن يحشوه به كما يحشو الدمل بعد فتحها، والعصابة يعصبه بخرقة، والدرجة يصعد في سلم قليلا ثم ينزل بسرعة والمشي يمشي خطوات ثم يعيد الاستجمار. قال شيخنا: وذلك كله وسواس وبدعة فراجعته في السلت والنتر فلم يره وقال: لم يصح الحديث قال: والبول كاللبن في الضرع إن تركته قر وإن حلبته در.

قال: ومن اعتاد ذلك ابتلي منه بما عوفي منه من لها عنه.
قال: ولو كان هذا سنة لكان أولى الناس به رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه وقد قال اليهودي لسلمان: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخرأة فقال: أجل فأين علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك أو شيئا منه بلى علم المستحاضة أن تتلجم وعلى قياسها من به سلس البول أن يتحفظ ويشد عليه خرقة.
(والعشر أعراض تلك لوسواس الطهارة من البول، والتي ذكرها ابن القيم لهؤلاء الموسوسين لن تجدها في أي كتاب غربي حديث عن الوسواس القهري أياً كان مؤلفه مهتما أو متخصصاً أو عالماً في اضطراب الوسواس القهري!!).

فصل ومن ذلك أشياء سهل فيها المبعوث بالحنيفية السمحة
فشدد فيها هؤلاء فمن ذلك المشي حافيا في الطرقات ثم يصلي ولا يغسل رجليه فقد روى أبو داود في
سننه: عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلت: يا رسول الله إن لنا طريقا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا تطهرنا قال: أو ليس بعدها طريق أطيب منها قالت قلت: بلى قال: فهذه بهذه وقال عبد الله بن مسعود: كنا لا نتوضأ من موطىء.

وعن علي رضي الله عنه: أنه خاض في طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن الرجل يطأ العذرة قال: إن كانت يابسة فليس بشيء وإن كانت رطبة غسل ما أصابه.
وقال حفص: أقبلت مع عبد الله بن عمر عامدين إلى المسجد فلما انتهينا عدلت إلى المطهرة لأغسل قدمي من شيء أصابهما فقال عبد الله: لا تفعل فإنك تطأ الموطىء الرديء ثم تطأ بعده الموطىء الطيب أو قال: النظيف فيكون ذلك طهورا فدخلنا المسجد جميعا فصلينا.

وقال أبو الشعثاء: كان ابن عمر يمشي بمنى في الفروث والدماء اليابسة حافيا ثم يدخل المسجد فيصلي فيه ولا يغسل قدميه.
وقال عمران بن حدير: كنت أمشي مع أبي مجلر إلى الجمعة وفي الطريق عذرات يابسة فجعل يتخطاها ويقول: ما هذه إلا سودات ثم جاء حافيا إلى المسجد فصلى ولم يغسل قدميه.
وقال عاصم الأحوال: أتينا أبا العالية فدعونا بوضوء فقال: مالكم ألستم متوضئين قلنا: بلى ولكن هذه الأقذار التي مررنا بها قال: هل وطئتم على شيء رطب تعلق بأرجلكم قلنا: لا فقال: فكيف بأشد من هذه الأقذار يجف فينسفها الريح في رؤوسكم ولحاكم.

فصل ومن ذلك أن الخف والحذاء إذا أصابت النجاسة أسفله أجزأ
دلكه بالأرض مطلقا وجازت الصلاة فيه بالسنة الثابتة نص عليه أحمد واختاره المحققون من أصحابه قال أبو البركات: ورواية: أجزأ الدلك مطلقا هي الصحيحة عندي: لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وطىء أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور وفي لفظ: إذا وطىء أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب رواهما أبو داود.

وروى أبو سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال: لم خلعتم قالوا : يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ثم لينظر فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما رواه الإمام أحمد وتأويل ذلك: على ما يستقذر من مخاط أو نحوه من الطاهرات لا يصح لوجوه:
أحدها: أن ذلك لا يسمى خبثا
الثاني: أن ذلك لا يؤمر بمسحه عند الصلاة فإنه لا يبطلها
الثالث: أنه لا تخلع النعل لذلك في الصلاة فإنه عمل لغير حاجة فأقل أحواله الكراهة
الرابع: أن الدارقطني روى في سننه في حديث الخلع من رواية ابن عباس : أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما دم حلمة والحلم كبار القراد.

ولأنه محل يتكرر ملاقاته للنجاسة غالبا فأجزأ مسحه بالجامد كمحل الاستجمار بل أولى فإن محل الاستجمار يلاقي النجاسة في اليوم مرتين أو ثلاثا.
 
فصل وكذلك ذيل المرأة على الصحيح، وقالت امرأة لأم سلمة: إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطهره ما بعده رواه أحمد وأبو داود وقد رخص النبي عليه الصلاة والسلام للمرأة أن ترخي ذيلها ذراعا ومعلوم أنه يصيب القذر ولم يأمرها بغسل ذلك بل أفتاهن بأنه تطهره الأرض.

فصل ومما لا تطيب به قلوب الموسوسين
الصلاة في النعال وهي سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأصحابه فعلا منه وأمرا فروى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه متفق عليه.

وعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في خفافهم ولا نعالهم رواه أبو داود.
وقيل للإمام أحمد: أيصلي الرجل في نعليه فقال إي والله. وترى أهل الوسواس إذا بلي أحدهم بصلاة الجنازة في نعليه قام على عقبيهما كأنه واقف على الجمر حتى لا يصلي فيهما.
وفي حديث أبي سعيد الخدري: إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى على نعليه قذرا فليمسحه وليصل فيهما.

فصل ومن ذلك: أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة حيث كان وفي أي مكان اتفق سوى ما نهي عنه من المقبرة والحمام وأعطان الإبل فصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فحيثما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فليصل وكان يصلي في مرابض الغنم وأمر بذلك ولم يشترط حائلا.

قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم إلا الشافعي فإنه قال: أكره ذلك إلا إذا كان سليما من أبعارها.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
وروي الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل أو مبارك الإبل وفي المسند أيضا من حديث عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين.

وفي الباب عن جابر بن سمرة والبراء بن عازب وأسيد بن الحضير وذي الغرة كلهم رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم وفي بعض ألفاظ الحديث: صلوا في مرابض الغنم فإن فيها بركة، وقال: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام رواه أهل السنن كلهم إلا النسائي فأين هذا الهدي من فعل من لا يصلي إلا على سجادة تفرش فوق البساط فوق الحصير ويضع عليها المنديل ولا يمشي على الحصير ولا على البساط بل يمشي عليها نقرا كالعصفور فما أحق هؤلاء بقول ابن مسعود: لأنتم أهدى من أصحاب محمد أو أنتم على شعبة ضلالة.

وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على حصير قد اسود من طول ما لبس فنضح له بالماء وصلى عليه ولم يفرش له فوقه سجادة ولا منديل وكان يسجد على التراب تارة وعلى الحصى تارة وفي الطين تارة حتى يرى أثره على جبهته وأنفه. وقال ابن عمر: كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك رواه البخاري ولم يقل: وتبول وهو عند أبي داود بإسناد صحيح بهذه الزيادة.

فصل ومن ذلك: أن الناس في عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يأتون المساجد حفاة في الطين وغيره.
قال يحيى بن وثاب: قلت لابن عباس: الرجل يتوضأ يخرج إلى المسجد حافيا قال: لا بأس به.
وقال كميل بن زياد: رأيت عليا رضي الله عنه يخوض طين المطر ثم دخل السمجد فصلى ولم يغسل رجليه.
وقال إبراهيم النخعي: كانوا يخوضون الماء والطين إلى المسجد فيصلون.
وقال يحيى بن وثاب: كانوا يمشون في ماء المطر وينتضح عليهم.

رواها سعيد بن منصور في سننه، وقال ابن المنذر: وطىء ابن عمر بمنى وهو حاف في ماء وطين ثم صلى ولم يتوضأ قال: وممن رأى ذلك علقمة والأسود وعبد الله بن مغفل وسعيد بن المسيب والشعبي والإمام أحمد وأبو حنيفة ومالك وأحد الوجهين للشافعية قال: وهو قول عامة أهل العلم ولأن تنجيسها فيه مشقة عظيمة منتفية بالشرع كما في أطعمة الكفار وثيابهم وثياب الفساق شربة المسكر وغيرهم.

قال أبو البركات ابن تيمية: وهذا كله يقوي طهارة الأرض بالجفاف لأن الإنسان في العادة لا يزال يشاهد النجاسات في بقعة بقعة من طرقاته التي يكثر فيها تردده إلى سوقه ومسجده وغيرهما فلو لم تطهر إذا أذهب الجفاف أثرها للزمه تجنب ما يشاهده من بقاع النجاسة بعد ذهاب أثرها ولما جاز له التحفي بعد ذلك وقد علم أن السلف الصالح لم يحترزوا من ذلك ويعضده أمره عليه الصلاة والسلام بمسح النعلين بالأرض لمن أتى المسجد ورأى فيهما خبثا ولو تنجست الأرض بذلك نجاسة لا تطهر بالجفاف لأمر بصيانة طريق المسجد عن ذلك لأنه يسلكه الحافي وغيره.

قلت: وهذا اختيار شيخنا رحمه الله، وقال أبو قلابة: جفاف الأرض طهورها

فصل ومن ذلك: أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن المذي فأمر
بالوضوء منه فقال: كيف ترى بما أصاب ثوبي منه قال: تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أحمد والترمذي والنسائي، فجوز نضح ما أصابه المذي، كما أمر بنضح بول الغلام، قال شيخنا: وهذا هو الصواب لأن هذه نجاسة يشق الاحتزاز منها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الخف والحذاء.

فصل ومن ذلك: إجماع المسلمين على ما سنه لهم النبي صلى الله عليه وسلم من جواز الاستجمار بالأحجار في زمن الشتاء والصيف مع أن المحل يعرق فينضح على الثوب ولم يأمر بغسله.

ومن ذلك: أنه يعفي عن يسير أرواث البغال والحمير والسباع في إحدى الروايتين عن أحمد اختارها شيخنا لمشقة الاحتراز.
قال الوليد بن مسلم: قلت للأوزاعي: فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه كالبغل والحمار والفرس فقال: قد كانوا يبتلون بذلك في مغازيهم فلا يغسلونه من جسد ولا ثوب.
ومن ذلك: نص أحمد على أن الودي يعفى عن يسيره كالمذي وكذلك يعفى عن يسير القىء نص عليه أحمد، وقال شيخنا: لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المدة والقيح والصديد قال: ولم يقم دليل على نجاسته، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه طاهر حكاه أبو البركات وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا ينصرف منه من الصلاة وينصرف من الدم وعن الحسن نحوه.
 
وسئل أبو مجلز عن القيح يصيب البدن والثوب فقال: ليس بشيء إنما ذكر الله الدم ولم يذكر القيح. وقال إسحاق بن راهويه: كل ما كان سوى الدم فهو عندي مثل العرق المنتن وشبهه ولا يوجب وضوءا، وسئل أحمد رحمه الله: الدم والقيح عندك سواء فقال: لا الدم لم يختلف الناس فيه والقيح قد اختلف الناس فيه وقال مرة: القيح والصديد والمدة عندي أسهل من الدم.
ومن ذلك: ما قاله أبو حنيفة: أنه لو وقع بعر الفأر في حنطة فطحنت أو في دهن مائع جاز أكله ما لم يتغير لأنه لا يمكن صونه عنه قال: فلو وقع في الماء نجسه.
وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى جواز أكل الحنطة التي أصابها بول الحمير عند الدياس من غير غسل قال : لأن السلف لم يحترزوا من ذلك.
وقالت عائشة رضي الله عنهما: كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر.
 
وقد أباح الله عز وجل صيد الكلب وأطلق ولم يأمر بغسل موضع فمه من الصيد ومعضه ولا تقويره ولا أمر به رسوله ولا أفتى به أحد من الصحابة.
ومن ذلك: ما أفتى به عبد الله بن عمر وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وطاوس وسالم ومجاهد والشعبي وابراهيم النخعي والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري والحكم والأوزاعي ومالك واسحق بن راهويه وأبو ثور والإمام أحمد في أصح الروايتين وغيرهم أن الرجل إذا رأى على بدنه أو ثوبه نجاسة بعد الصلاة لم يكن عالما بها أو كان يعلمها لكنه نسيها أو لم ينسها لكنه عجز عن إزالتها : أن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه.
 
فصل ومن ذلك: أن النبي: صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها متفق عليه.
ولأبي داود: أن ذلك كان في إحدى صلاتي العشي، وهو دليل على جواز الصلاة في ثياب المربية والمرضع والحائض والصبي ما لم يتحقق نجاستها.
وقال أبو هريرة: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العشاء فلما سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فلما رفع رأسه أخذهما بيديه من خلفه أخذا رفيقا ووضعهما على الأرض فإذا عاد عادا حتى قضى صلاته رواه الامام أحمد.
وقال شداد بن الهاد: عن أبيه خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حامل الحسن أو الحسين فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها فلما قضى الصلاة قال: إن ابني ارتحلني فكرهت أن اعجله ورواه أحمد والنسائي.
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه رواه أبو داود.
وقالت: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث حائض فإن أصابه منى شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه رواه أبو داود.

فصل ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس الثياب التي نسجها المشركون ويصلي فيها، وتقدم قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهمه أن ينهى عن ثياب بلغه أنها تصبغ بالبول وقال أبي له: مالك أن تنهى عنها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبسها ولبست في زمانه ولو علم الله أنها حرام لبينه لرسوله قال: صدقت.
قلت: وعلى قياس ذلك: الجوخ بل أولى بعدم النجاسة من هذه الثياب فتجنبه من باب الوسواس ولما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية استعار ثوبا من نصراني فلبسه حتى خاطوا له قميصه وغسلوه وتوضأ من جرة نصرانية، وصلى سلمان وأبو الدرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية فقال لها أبو الدرداء: هل في بيتك مكان طاهر فنصلي فيه فقالت: طهرا قلوبكما ثم صليا أين أحببتما فقال له سلمان: خذها من غير فقيه. (أعتقد بعد هذا الغيث المنهمر والفيض الطاغي من الأدلة النقلية المتواترة الصحيحة فليس هناك حجة لموسوس في وسوسته بالنسبة لأحكام الطهارة من النجاسات).

فصل ومن ذلك: أن الصحابة والتابعين كانوا يتوضئون من الحياض والأواني المكشوفة ولا يسألون: هل أصابتها نجاسة أو وردها كلب أو سبع، ففي الموطأ عن يحيى بن سعيد: أن عمر رضي الله عنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر رضي الله عنه: لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا، وفي سنن ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال: نعم وبما أفضلت السباع.
 
ومن ذلك: أنه لو سقط عليه شيء من ميزاب لا يدري هل هو ماء أو بول لم يجب عليه أن يسأل عنه فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولم علم أنه نجس ولا يجب عليه غسل ذلك
ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما فسقط عليه شيء من ميزاب ومعه صاحب له فقال: يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أو نجس فقال عمر رضي الله عنه: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا ومضى ذكره أحمد.
 
قال شيخنا: وكذلك إذا أصاب رجله أو ذيله بالليل شيء رطب ولا يعلم ما هو لم يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو واحتج بقصة عمر رضي الله عنه في الميزاب وهذا هو الفقه فإن الأحكام إنما تترتب على المكلف بعد علمه بأسبابها وقبل ذلك هي على العفو فما عفا الله عنه فلا ينبغي البحث عنه.

فصل ومن ذلك: الصلاة مع يسير الدم ولا يعيد.
قال البخاري: قال الحسن رحمه الله: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم.
قال: وعصر ابن عمر رضي الله عنه بثرة فخرج منها دم فلم يتوضأ وبصق ابن أبي أوفى دما ومضى في صلاته وصلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجرحه يثعب دما (أي ينزف بغزارة).
وقال الزهري أيضا: إذا ولغ الكلب في الإناء وليس عنده ماء للوضوء غيره؛ فلييتوضأ به ثم يتيمم.
قال سفيان: هذا الفقه بعينه يقول الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا [المائده:6] وهذا ماء وفي النفس منه شيء يتوضأ به ثم يتيمم، ونص أحمد رحمه الله: في حب زيت ولغ فيه كلب فقال: يؤكل. (فليقل الموسوس لنفسه كنوع من العلاج المعرفي: إذا كان مُباحاً لنا أن نأكل من طعام أكل منه كلب أفليس الأولى بنا أن نأكل من مكان أكل الآدميين بلا وسوسة وبلا اشمئزاز).

فصل ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب من دعاه فيأكل من طعامه وأضافه يهودي بخبز شعير وإهالة سنخة وكان المسلمون يأكلون من أطعمة أهل الكتاب، وشرط عمر رضي الله تعالى عنه عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين وقال: أطعموهم مما تأكلون وقد أحل الله عز وجل ذلك في كتابه ولما قدم عمر رضي الله عنه الشام صنع له أهل الكتاب طعاما فدعوه فقال: أين هو قالوا: في الكنيسة فكره دخولها وقال لعلي رضي الله عنه: اذهب بالناس فذهب علي بالمسلمين فدخلوا وأكلوا وجعل علي رضي الله عنه: ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل، وكان النبي عليه السلام يقبل ابني ابنته في أفواههما ويشرب من موضع فم عائشة وضي الله عنها ويتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيها وهي حائض. وحمل أبو بكر رضي الله عنه الحسن على عاتقه ولعابه يسيل عليه.

وأتى رسول الله عليه السلام بصبي فوضعه في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله. وكان يؤتي بالصبيان فيضعهم في حجره يبرك عليهم ويدعو لهم. وهذا الذي ذكرناه قليل من كثير من السنة ومن له اطلاع على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يخفى عليه حقيقة الحال.
 
وقد روى الإمام أحمد في مسنده عنه صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة فجمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة فهي حنيفية في التوحيد سمحة في العمل وضد الأمرين: الشرك وتحريم الحلال وهما اللذان ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: إني خلقت عبادي حنفاء وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. فالشرك وتحريم الحلال قرينان وهما اللذان عابهما الله تعالى في كتابه على المشركين في سور تي الأنعام والأعراف.

وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم المتنطعين في الدين وأخبر بهلكتهم حيث يقول ألا هلك المتنطعون ألا هلك المتنطعون ألا هلك المتنطعون، وقال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامه عن مسعر قال: أخرج إلي معن بن عبد الرحمن كتابا وحلف بالله أنه خط أبيه فإذا فيه: قال عبد الله : والله الذي لا إله غيره ما رأيت أحدا كان أشد على المتنطعين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا رأيت أحدا أشد خوفا عليهم من أبي بكر، وإني لأظن عمر رضي الله عنه كان أشد أهل الأرض خوفا عليهم وكان عليه الصلاة والسلام يبغض المتعمقين حتى إنه لما واصل بهم ورأى الهلال قال: لو تأخر الهلال لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم كالمنكل بهم.

وكان الصحابة أقل الأمة تكلفا اقتداء بنبيهم صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد كانوا أفضل هذه الأمة: أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ولإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

وقال أنس رضي الله عنه : كنا عند عمر رضي الله عنه فسمعته يقول نهينا عن التكلف. وقال مالك قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمور بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها ولا النظر فيما خالفها من اقتدى بها فهو مهتد ومن استنصر بها فهو منصور ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا.

وقال مالك: بلغني أن عمر بن الخطاب كان يقول: سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تميلوا بالناس يمينا وشمالا وقال صلى الله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. فأخبر أن الغالين يحرفون ما جاء به والمبطلون ينتحلون بباطلهم غير ما كان عليه والجاهلون يتأولونه على غير تأويله وفساد الإسلام من هؤلاء الطوائف الثلاثة فلولا أن الله تعالى يقيم لدينه من ينفى عنه ذلك لجرى عليه ما جرى على أديان الأنبياء قبله من هؤلاء.
                                                       
وللحديث بقية............



الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 24/04/2007