|
|
|
وسواس قهري من العيار الثقيل- عقد اتفاق1 ::
الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 01/08/2007
أرسل لنا من الأردن طالب في التاسعة عشر من العمر يقول:
أساتذتي الكرام مسئولي موقع مجانين؛ سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته؛ يعجز قلمي عن الشكر لكم على هذا المجهود المميز والعمل المبدَع. كل ما أستطيع أن أقوله لكم: شكر وتقدير منقطع النظير لكم على هذا الموقع الخطير... إلى الأمام.... وفقكم الله.
أنا شاب في الـ19 من عمري، سوري الأصل، مقيم في السعودية، أدرس حاليا في الأردن (سنة ثانية هندسة حاسوب). على قدر جيد إن شاء الله من التمسك بالدين، ومستوى متوسط أقرب إلى العالي من الذكاء،ولدي موهبة شعرية جيدة بدأت تضعف. أسكن في شقة مع شابين في نفس عمري تقريبا، غالبا ما يكونان خارج البيت للعب بالورق،وإن جاؤوا فإنهم يجيئون مع شباب آخرين ليلعبوا معهم.
لن أذكر هنا مشكلتي كاملة، فمشكلتي تحتاج إلى مجلدات لشرحها فما بالكم بحلها، لكن لدي بعض المشاكل الطارئة، التي زادت همي هما وجعلت من مشكلتي المعضلة، معضلةً قاتلة.
أنا مصاب بالوسواس القهري منذ ما يقارب الخمس سنوات وهذه السادسة، وسواس وضوء، وصلاة، وقضاء حاجة، واغتسال، وبعض أفكار الشذوذ الجنسي الخفيفة. أتذكر من الأدوية التي أخذتها (سيروكسات) و(أنفرانيل) و(فافرين) وذلك في سنوات مختلفة وتوقفت عنها جميعا دون استشارة بسبب ما تسببه من نعاس شديد. وهذا ما تذكرته فربما أكون قد أخذت غيرها ولكني نسيت.
أنا الآن آخذ (أوكستين 20) حبتين يوميا، ومفترض أن آخذ معه (إكسانس) نصف حبة مساء لكني أتجاهله بسبب ما يسبب من نعاس شديد فصلت بسببه وبسبب (الفافرين) سابقا من مادة في الجامعة لكثرة الغياب كما سأذكر في النقطة الثالثة.
مشاكلي الطارئة الجديدة هي أنني: 1) أستخدم دون إرادة مني قاعدة (كل شيء أو لا شيء). مثال: بقي ثلث ساعة على أذان المغرب، وأنا لم أصل لا الفجر ولا الظهر ولا العصر. في مثل هذه الحالة أقوم بتقدير 10 دقائق للوضوء خمس دقائق للفجر و5 للظهر و5 للعصر.هذه 25 وعشرين دقيقة في حين أن المغرب لم يبق له إلا 20 دقيقة.هنا ينتابني اليأس ولا أستطيع الوضوء، ولو حاولت فإنني أبقى أمام المغسلة أنظر إلى المرآة وأعبث بلحيتي وأفكر في كل شيء إلا الوضوء حتى أذان المغرب. مع أن المفروض (حسب علمي) أن أتوضأ وأصلي ظهرا وعصرا (لأنهما تجمعان) وأصلي الفجر بعد ذلك (لأنها ضائعة ضائعة في كل الأحوال). أو على الأقل أن أتوضأ وأصلي العصر وحدها إن لم يبق وقت. أو أقل من ذلك أن أتوضأ ثم يقضي الله أمرا كان مفعولا إن بقي وقت صليت وإن لم يبق قضيت. لكن شيئا من هذا لا يحدث، وإنما الذي يحدث خاصة بعد أن عرفت من نفسي استخدام هذه القاعدة- أني أنتظر أذان المغرب في فراشي وأعبث هناك بلحيتي، أو أني أدور في المنزل وأفكر في كل شيء إلا في الوضوء.
2) أستجيب لحلول الهرب المؤقت بسرعة ودون مقاومة. مثال: بقي 15 دقيقة على أذان العصر، بإمكاني أن أتوضأ في 10 وأصلي في 5. لكن،إذا طرأ في بالي (مجرد طروء) قبيل الوضوء أو أثناء (تمرينات الإحماء) والخاصة بالوضوء أن أجمع بين الظهر والعصر للحرج، فإني لا أتردد في ذلك ولا أقاوم بل أنطلق مباشرة إلى فراشي منتظرا أذان العصر وإقامته حتى أردد هناك (يا حظكم يا معشر العقلاء). وكثيرا ما يحدث هذا إذا نمت عن صلاة الفجر وقضيتها قبل الدوام الجامعي، فإنه لو طرأ في بالي أن لا أذهب إلى الجامعة اليوم فإنني نادرا ما أقاوم هذه الفكرة وأستسلم لها مباشرة لأرتاح من مواجهة الوضوء وخاصة بداية الوضوء.
3) متبلد الإحساس، ولا أتحمل القلق. مثال: أنا طالب جامعي، ودراستي متدهورة كثيرا، رغم أنني على قدر متوسط من الذكاء. عندما أقدم امتحانا من الامتحانات فإنني أكون باردا جدا جدا في حين أن بقية الطلاب تكاد عقولهم أن تطير من رهبة الامتحان، وأدخل الامتحان دون أي خوف أو رهبة (رغم أن استعدادي يكون ليس جيدا بالنسبة لجامعة مثل جامعتي)، وحين أستلم ورقة الامتحان أحل ما قدرت عليه وأحاول فيما لم أقدر عليه ثم لا ألبث أن أسلم الورقة (أو أضغط على زر الانتهاء إذا كان امتحاني على جهاز الحاسوب) وليس عندي استعداد أن أراجع الفقرات أو أنتظر إلى أن ينتهي وقت الامتحان الذي هو ساعة واحدة فقط... وإنما أريح رأسي من كثرة التفكير وأسلم، وأخرج من القاعة راميا ورائي كل هموم الامتحان.
وعند مجيء النتيجة فإني لا آبه لها أبدا حتى وإن كنت راسبا، مع العلم أن معدلي لم يقل عن ال91 في المدرسة ولكنني في الجامعة رسبت في مادتين حتى الآن وفصلت من مادة بسبب الغياب. أختم هذه النقطة بقولي: أتوقع أن يكون هذا البرود بسبب توقع سوء النتيجة الناتج من قلة الدراسة التي أصبحت إحدى سماتي.
4) تعودت على القذارة، أنا أعيش في منزل جيد، بل يعد راقيا إذا ما قورن ببيتي القديم، ولكن اهتمامي بنظافة المنزل عامة لا أعطيه أكثر من (5من10)أما نظافة غرفتي خاصة فقد أعطيه (3 تحت الصفر من 10). غرفتي تشبه كل شي إلا غرفة إنسان، بل إن وصفها بالـ(مزبلة) ليس بعيدا.إنك تحتاج إلى (جوجل إيرث) لكي تتنقل في نواحيها من كثرة الهضاب والمرتفعات والحواجز والعثرات.
لم أكن راضيا عن هذا الو ضع إطلاقا، بل كنت نظيفا جدا، لكن لا أدري ما سبب هذا الإهمال، هل هو المرض أم غيره من الانشغال بأمور الدراسة. كنت أتمنى أن أجد الوقت المناسب لكي أرتب غرفتي، لكني الآن أجد نفسي قد تأقلمت مع الوضع ولم يعد لدي ذلك الشعور الذي يحفزني إلى ترتيبها.
5) مدمن إنترنت، بسبب عدم وجود أحد في البيت غالبا، وإن وجد فإني لا أرتاح معهم، أصبحت مدمن إنترنت. فمتعة ذهابي لمقهى النت على ما فيه من روائح الدخان والقرف لا تقارن بمتعة... ووقت فراغي أستغله في النت ولا أستغله في ترتيب الـ(مزبلة). على أنني لست من جماعة الدخول إلى مواقع الدردشة، وإنما غالبا مواقع شرعية ومواقع مفيدة كموقعكم الرائع، ومنتديات ترفيهية، ومواقع أدبية لتنزيل قصائد فصيحة ونبطية، ومواقع للدراسة وهذا قليل.
أصبحت أعد ذهابي للنت 3 ساعات أمرا عاديا في حين أني سابقا لم أكن أفعل هذا إلا آخر يوم في الفصل الدراسي.
6) جبان للغاية، لا أعني هنا رهابا اجتماعيا، وإنما أعني الخوف من الوضوء أو الصلاة، وهذه مشكلة قديمة جديدة، فقد زادت في الفترة الأخيرة وأصبحت أحتاج إلى 4 أنواع من الجهاد. الجهاد الأول حتى أدخل دورة المياه لأبدأ الوضوء. والثاني حتى أبدأ الوضوء. والثالث حتى لا أقطع الوضوء. والرابع حتى لا أزيد عن المشروع في الوضوء سواء في العدد أو الكيفية. والذي زاد عن وضعي السابق. هو الجهاد الأول فلم أكن أحتاج إليه لكنني الآن في حاجة ماسة إليه وكثيرا ما يُغلب جيشي وكثيرا ما أنسحب من المعركة قبل بدأها وأذهب إلى فراشي (راجع النقطة الثانية).
7) أود أن أذكر أخيرا أن اليومين الماضيين كانا من أسوء الأيام في تاريخي المرضي، إذ أنني لم أصل فيهما صلاة واحدة (وهذا ما لم يحدث من قبل)، والسبب أنني خائف من الدخول إلى دورة المياه من أجل الوضوء، رغم أني أدخل لقضاء حاجتي أو لتغسيل وجهي ولكنني أتردد كثيرا إذا كنت أريد أن أدخل للوضوء.
ولم أبدأ الوضوء إلا اليوم صباحا، وقد استطعت الوضوء بعد محاولتين فاشلتين فقط، وقد صليت كل الصلوات الفائتة علي بعد جهاد مضنٍ استمر من السابعة والنصف صباحا (وقت استيقاظي) إلى الواحدة والنصف ظهرا.وقد لاحظت تحسنا نسبيا في آخر الصلوات التي صليتها يبدو أن سببه أنني رأيت أنه لا حل إلا أن أصلي صلوات باطلة في نظر الوسواس، وإلا فإني سأبقى بلا صلاة كما حصل معي في هذين اليومين لا أعادهما الله. ولم أذهب إلى الجامعة اليوم.
شكر جزيل معطر بالفل والزنجبيل للمسئولين عن هذا الموقع الجميل على تحملي وقراءة ما سطرته هنا.... متمنيا أن أجد لديكم جوابا كافيا. وأعتذر إليكم عن الإطالة الشديدة ولعلني أرسل لكم مأساتي كاملة إذا أنهيت كتابتها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حرر في 4_5_2007م مساءً وعُدل عليه وأضيفت له النقطة السابعة في ظهر يوم الأحد 6_5_2007م
الحواشي: &1) أي قلم يا هذا؟؟ هذه لوحة مفاتيح!!. &2) قال تعالى{أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير} ولم يقل أن اشكرني!!. &3) يبدو أن هذا الفتى لا يفرق بين مشكلته وكتاب البداية والنهاية لابن كثير. &4) أقصد هنا بتمرينات الإحماء ما أقوم به من تصرفات غبية قبل الوضوء كتحريك الفخذين من أجل التأكد من عدم وجود ريح وكذلك النظر إلى المرآة والعبث باللحية. &5) جمع النبي صلى الله عليه وسلم من غير سفر ولا مطر ليرفع الحرج عن أمته، فيجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كان هناك حرج وإن لم يكن المصلي مسافرا، هذا ما حداني إلى التفكير بالجمع وإن كان تقديري للحرج قد لا يكون صحيحا. &6) هذا في السعودية، وأتوقع أن هذه النسبة يستطيع أن يأتي بها طالب من طلاب مصر نسبته (بين الـ80 والـ85). &7) إضافة إلى قراءتي لكتاب (دع القلق وابدأ الحياة) الذي جعلني أردد كلما أخفقت (انكسرت كأس اللبن). &8) خاصة أني أسكن مع أناس وجودهم وعدمهم واحد، ولا يهتمون بتنظيف ما يوسخونه. &9) غرفتي أوسخ من بقية بيتي، لا لأني أرتب البيت وأتركها ولكن لأنها أكثر مكان أجلس فيه، وإلا فالحمام والمطبخ كانا وسخين للغاية لم ننظفهما إلا عن طريق شركة تنظيف. &10) أية دراسة؟؟ وأنا لا أكاد أجلس إلى كتابي ساعة. &11) وإن كنت لا أعرف ما هو الرهاب الاجتماعي. &12) هذه الإطالة، وأنا لم أذكر إلا الأمور المستجدة. ألم أقل لكم أن شرح مشكلتي يحتاج إلى مجلدات؟؟!!. &13) مع أني لا أظن أنني سأتفرغ لها. &14) أي عندما كان قد مضى علي يوم من غير صلاة.
عزيزي سهم؛ هذا هو ما كتبته في بريدك الإلكتروني ولم تكتب لنا ولو اسم حركي أو حتى كُنية مثل "أبو عبد الله" مثلاً، على العموم أهلاً ومرحباً بك على موقعك أيا كان لقبك أو اسمك، وأتمنى لك من قلبي تحسناً من هذا الوسواس القهري ذي العيار الثقيل، سامحني يا بني فهذا واضح جداً من الأعراض التي ذكرتها في رسالتك الطويلة ذات الخمس صفحات.
ونظراً للأدوية التي أخذتها من الماس والماسا "كالأنافرانيل والسيروكسات والفافيرين والأوكستين" 40 ميلليجرام يوميا، والذي أظن غالباً أنه فلوكستين "أو عالميا يسمى بروزاك"، وأظن أنك بحاجة لزيادة جرعة الأوكستين إلى 60 ميلليجرام (بعد أن تتأكد من أن المادة الفعالة به هي فلوكستين) من غدا بعد الإفطار، ولمدة أسبوعين ثم أرسل لي رسالة عن مقدار كل من: 1- الوقت الذي تقضيه في الوضوء يومياً: فجر – ظهر – عصر – مغرب – عشاء (في جدول). 2- هل قمت بجمع الصلوات كلها كالعادة؟ حدد يوميا تلك الصلوات التي جمعتها وأرسلها لي في جدول (ضروري أيضاً في جدول مُهندَم على مزاج واحد موسوس). 3- لا تذهب إلى النت كافيه إلا في نهاية الأسبوع، وذاكر حتى يمر باقي هذا العام بنجاح. 4- أجبني عن تلك الأسئلة بتركيز وباختصار: علاقتك بوالدك، علاقتك بوالدتك، علاقتك بإخوانك،
من هو الشخص الموسوس من أقاربك؟ وفي أي شيء يوسوس؟ وما العلاج الذي يأخذه وتحسن عليه لحد ما أو تماما؟ ولو حدث له الوسواس فقط في فترة ما من فترات حياته؟ مثل أب، أم ،أخ، أخت، جد، خال ،عم، ابن خال، ابن عم،................................. الجنس والعلاقات في حياتك، باختصار وتركيز من فضلك. ما هي المادة الفعالة في عقار إكسانس الذي ذكرته في رسالتك؟؟؟!!
السيد سهم؛ من فضلك، نفذ فقط ما طلبته منك، وأنا في انتظار رسالة منك بعد أسبوعين من اليوم على التمام، وتذكر أن للموسوس ضمير حي فهو لا يكذب فيما يكتبه أو يقوله !!!، ولنتفق أخي العزيز: إن نفذت ما طلبته منك فسأكمل معك، ومن المحتمل أن أراك في جدة هذا الصيف إن أتيت بإذن الله، أما إذا لم تنفذ فهذا فراق بيني وبينك، لأن كل ما طلبته منك يسير وليس عسير، وأنا أضعه كاختبار حقيقي لرغبتك الحقيقية في الشفاء، واستعن بالله ولا تعجز.
واقرأ أيضاً: تاريخ اضطراب الوسواس القهري(12) ببغاء مصاب بالوسواس والاكتئاب
الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 01/08/2007
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|